يا أيها الشَّاعر: قُم لا تَنمْ |
وأسمعِ اللَّيل شجيّ النَّغمْ |
فالكون غافٍ، ونجوم الدُّجى |
تطلُّ حيرى من وراء الظُّلَمْ |
وتسكُبُ النُّور على عالَمٍ |
يكاد من شقوته ينحطمْ |
* * * |
يا أيها الشاعر: قم صادحاً |
فكل حَيّ في الورى قد وجَمْ |
وليسَ إلاَّ أنتَ تبكي المنى |
وتندب الحظّ، وتذكي الألمْ |
حيران لا خلٌّ، ولا سامرٌ |
إلاَّ التياعُ وشقاءٌ وهَمّ |
وأنَّةٌ تتبعها أنَّةٌ |
وزفرةٌ مشبوبةٌ الضَّرمْ |
وذكرياتٌ لِلَّيالي التي |
مرَّتْ وأبقتْ للفؤاد الندم |
ما التفتَ القلبُ إلى ذكرها |
مناجياً إلاَّ بكى وابتَسمْ |
* * * |
يا أيها الشاعر: صبراً إذا |
ذَابت أمانيك ببحر العدَمْ |
أمسيتَ والآمال مكفوفةٌ |
والدَّهر إن ناديْتَهُ كالأصمّ |
والَهْفَ نفسي، أصحيحٌ قضَى |
حبّي، وولّى عهده وانصرمْ؟ |
انظر إلى الكون، تجد مسرحاً |
يمثِّل اللؤم به والكرم |
تجدْ صراعاً سرمدي الشقا |
بين ضعيفٍ وقويٍّ ظلَمْ |
تجدْ نزاعاً هائلاً ناشباً |
بين فقيرٍ وغنيٍّ غشمْ |
* * * |
هذا هو "الغربُ" طغَى واعتدى |
وجرَّع العالم مُرَّ النّقمْ |
لا عقل يهديه، ولا رحمة |
تشعره الخير، ولا دين زمْ |
ليس سوى شعبك في غبطة |
أصبح في هذا الورى كالحرمْ |
جداول الإِيمان فيّاضةٌ |
تغسل عنه كل خوف وغمْ |
لأيِّ شيء يا ترى قصَّرتْ |
عنه الرزايا، والزَّمان انهزمْ؟ |
وكيف والشرّ يطمُّ الورى |
والموت يطوى في القبور الأممْ؟ |
ليس سوى "أحمد" من عزمه |
عزمٌ قويّ، وعلاه أشمْ |
سعى لإِسعاد الورى باذلاً |
من أجله كل غوالي القيمْ |
مولاي أنت اليوم في قطرنا |
الملجأ الرحب وأنت العَلَمْ |
وأنت أنت القائد المرتجى |
إذا تعدّى دهرنا واحتدم |
ألهمني مجدك شعري الذي |
أنسى هزار الأيك حُرّ النغَمْ |
وأصبحت تشدو به كلَّما |
أشرق صبحٌ، أو ظلام هجَمْ |