تلفَّتَ الشعرُ إلى الشاعرِ |
يسأل عنه أين ولَّى وسارْ؟ |
وأين ربّ النغم الساحرِ؟ |
أين هزاري يا ترى؟ أين طارْ؟ |
وأي روضٍ فاتنٍ زاهرٍ |
في ساحة بات يناجي مناهْ؟ |
يحمل عبء القدر القاهرِ |
ظمآن يشكو لليالي صداهْ؟ |
يا حُسْنَ لحنٍ كان يشدو به |
فترتوي أكبادنا الظاميَهْ |
ويرسل الأنغام عن قلبه |
فتحتسيها فكرٌ واعيهْ |
فحدثوني اليوم ما شأنه؟ |
وأي روضٍ بعد روضي سباهْ؟ |
وكيفْ يطفح وجدانه؟ |
وهل يرى ما كان عندي يراهْ؟ |
من مهجٍ والهة هائمة |
تَثْمَلُ إن غنّى شجِيَّ القصيدْ |
وأنفسٍ من حوله حائمة |
لا شيء تهوى غير رجع النشيدْ |
أظنّه اليوم يغنّي وحيد |
يشدو فيرتدّ إليه غناهْ |
لا سامع من حوله يستعيد |
كأنه زنبقةٌ في فلاهْ |
يبيتْ في الليل يناجي النجومْ |
فينصت الليل، ويُصغي القَمَرْ |
وتارةً يطْغى عليه الوجوم |
فيفرغ الكأس ويلقي الوتَرْ |
يستقبل الفجر بقلب عميدْ |
ويستقي أنغامه من سناهْ |
ويرمق الشمس بطرف شريد |
كأنما يرمق فيها هواهْ |
يا حيرة الشاعر عند الأصيل |
والكون باكٍ لفراق الحبيبْ |
هناك يذكو فيه وجدٌ دخيل |
هناك تنهل دموع الغريبْ |
عد أيها الشاعر عُدْ إنَّنا |
في جنة الشعر وأزهى رُباهْ |
نعيث بالدَّهر ونُزجي المنى |
ما أعجب الشعر وأحلى مناهْ؟ |