قُمْ شاعر المجد، في أعلى منابره |
وعَزِّزِ الدين واهتف باسم ناصرِهِ |
وأرسل الشعر آياتٍ مفصَّلَةً |
كأنَّها الوحي أو من فيض ماطِرِهِ |
واقْدَحْ شعورَك وانْشر من أَشِعَّتِه |
على الوجود ليُجْلى من دياجِرِهِ |
حَلّقْ بأجواء آفاق الخيال تَجِدْ |
بنات عَبقَر تلهو في مَقَاصِرِهِ |
وصُغ معانيك من أزهار جنتِهِ |
وسرِّح الفكر في باهي مناظِرِهِ |
وافحص عن الدرّ في أصفى معادِنِه |
وانْقُدْ قوافيك من أغلى متاجِرِهِ |
وانظم قصيدةَ مجدٍ شعَّ جوهرها |
كأنها الحسْنُ، أو من فنّ ساحِرِهِ |
وزفها لوليِّ العهدِ مالكنا |
تحيَّةً نُحِتَتْ من قلب شاعِرِهِ |
تحيةً بقدوم العام مُشْعِرةً |
بكل بشرٍ دفينٍ في ضمائِرِهِ |
* * * |
عامٌ أطلَّ على الدنيا وليس لَه |
هادٍ سواك إلى دنيا بشائِرِهِ |
فكلّ شهرٍ إلى لقياكَ في شغفٍ |
وكلّ يومٍ تجلّى في خواطِرِهِ |
وكل ساعاته ترنو إليك كما |
يرنو المحبُّ إلى حِبٍّ بناظِرِهِ |
كأنَّما كل قوسٍ من أهلته |
إشارةٌ لك تحكي سعدَ طائِرِهِ |
كأنَّما كل نجم في دياجره |
رَمْزٌ إلى أملٍ يَسْري بخاطِرِهِ |
كأنما هو طفلٌ طائشٌ جذلٌ |
وأنتَ حافظُه من كل ضائِرِهِ |
فكن له يا "وليَّ العهدِ" منتبهاً |
كيْ لا يكون شقيّاً مثل غابِرِهِ |
فكم أراق دموعاً من محاجرنا |
وكم أسال دماءً من خناجِرِهِ |
وكم أثار الرزايا من عواصِفِهِ |
وكم رمى بالمنايا من مقادِرِهِ |
وكم أذابَ نفوساً في مرابعنا |
وكم هوى بالبرايا في حفائِرِهِ |
عامٌ مضى بعد أنْ كلَّت نواظرنا |
وعُذِّبتْ بالمآسي في مناظِرِهِ |
كأنَّه عاصف طمَّتْ عجاجُتُهُ |
على البلاد فبادَتْ تَحتَ قاهِرِهِ |
كأنما هو قصَّابٌ ومديتُهُ |
مشحوذةٌ وهو عاتٍ في مجازرِهِ |
لولا أياديكَ فلَّتْ غضب أزمته |
وقلّمتْ كلَّ شرٍّ من أظافرِهِ |
لكان ما هو أنكى من مصائِبِهِ |
وكان ما هو أدهى من مناكِرِهِ |
* * * |
مولاي، مجدك بحرٌ من زواخره |
نشفي الأوام، ونَغْنَى من جواهِرِهِ |
وحدٌ سيفك سورٌ للبلاد إذا |
تحَشَّد الرعب نَستَوقي بعامِرِهِ |
وفيض جودك غيثٌ وابلٌ فإذا |
ما أجدب الغيث نَستغني بماطِرِهِ |
لولاك ما شُيِّدَت للشعب مكرمةٌ |
ولا أُقيم بناءٌ من مفاخِرِهِ |
ولا تبَلَّج في آفاق عزته |
نجمٌ، ولا فاض خيرٌ في حواضِرِهِ |
ولا ترفْرف في أجوائه عَلَمٌ |
ولا تكوّن فوج من عساكِرِهِ |
* * * |
كم شاعرٍ يتغنَّى بالهوى ثملٍ |
كأنَّما هو طير في حضائِرِهِ |
يهيم في صحراء اللهو ليس له |
هَمٌّ سوى أن يغني في قياثِرِهِ |
وشاعرٍ مثقلٍ بالهم مرتبكٍ |
كأنما هو مَيتٌ في مقابِرِهِ |
يرى بكل مكانٍ ما يُنَغِّصُهُ |
كأنه خائبٌ في سجن آسِرِهِ |
يُعَشْعش الحزْن فتَّاكاً بمهجتِهِ |
ويعبث الهمّ وخزاً في ضمائِرِهِ |
وشاعر يبعث الأنَّاتِ صاخبة |
كأنها جَمرات في حناجِرِهِ |
كأنه عاشق سالت حشاشته |
من الحنين نشيداً في مزاهِرِهِ |
ينوح بالشعر والآلام تعصف في |
فؤاده، وتنزَّى في مشاعِرِهِ |
سخريةُ الدهر من قوم حياتهم |
كأنَّما هي شوكٌ في نواظِرِهِ |
وأنتَ يا زينةَ الدنيا وبهجتها |
كهفٌ لكل حزين القلب حائِرِهِ |