أفلَتْ، ولكن لا تؤوبُ |
شمسٌ مشارقها القلوبُ |
أفلَتْ، فلا صبحٌ يُنير |
بها ولا عيشٌ يطيبُ |
فالدَّهر ليلٌ موحشٌ |
والكون مسودٌّ كئيبُ |
ما كنت أحسبُ والزَّمانُ |
له سهامٌ لا تخيبُ |
أن البدور النيِّرات |
الزُّهر في حُفَرٍ تغيبُ |
حتَّى رأيتُ أتمها |
يهوي وتصرعُه شَعوبُ |
أوّاه، قد جلَّ المصا |
ب، فأيّ قَلْبٍ لا يذوبُ؟ |
وتقلَّص الظلُّ الظليل |
وأجدب المرعى الخصيبُ |
وبشاشة الدنيا ذوت |
فبدا بصفحتها الشحوبُ |
وتقوَّضَتْ عمد العُلا |
وتهدّم الشرف المهيبُ |
فالعلمُ باكٍ طرفُهُ |
والمكرمات لها وجيبُ |
وبكلّ نفس لوعةٌ |
وبكلّ خفّاقٍ ندوبُ |
وبكل طَرْف مزنَةٌ |
بالدمع ساريةٌ سكوبُ |
* * * |
أ "علي" يا من كان |
مشهدُه جميلاً، والمغيبُ |
من كان أثبت منك عز |
ماً لا تزعزعه الخطوبُ! |
من كان أسمح منك نفـ |
ساً، إن عتا الزمن الحزيبُ |
من كان أطهر منك؛ |
لا خلُقٌ يشين ولا يُريبُ |
ولَّيت فرداً في الكمال |
يحفّهُ مجدٌ ذهيبُ |
وذهبتَ مبكيّاً، كما |
يبكي على الشفق الغروبُ |
بُعْداً ليومك في الزمان |
فإنه يومٌ عصيبُ |
يومٌ به فزع الأنا |
م عليك شبَّانٌ وشيبُ |
خرجوا بصنعا والأسى |
بين الضلوع له وجيبُ |
يمشون من حول الجنا |
زةِ خُشعاً، ولهم نحيبُ |
وكأنهم بحرٌ ونعشُكَ |
فوقَهُ فلكٌ يجوبُ |
أبكيك بالدمع الذي، |
فيه أسى قلبي يذوبُ |
أبكيك بالشعر الذي |
يُذكيه من ألمي لهيبُ |
شعرٌ مذابٌ من دمي |
وبدمع آمالي خضيبُ |
شعرٌ عصرتُ مدامعي |
فيه فأحرفه تصوبُ |
* * * |
ما أحقر الدنيا، محا |
سنها وإن سرَّت عيوبُ |
ما أخدع الدنيا، وميضُ |
وعودها برقٌ خلوبُ |
ما أكذب الدنيا لذيد |
وصالها حُلُمٌ كذوبُ |
بسماتها زورٌ، وما |
حسناتها إلاَّ ذنوبُ |
والموت حادٍ للأنام |
ووردُهُ منهم قريبُ |
كُتِبَ الفناء على الورى |
كلٌّ له منه نصيبُ |