شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه يلقيها بالنيابة عنه معالي الأستاذ الدكتور محمود بن محمد سفر ))
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي علم الإنسان ما لم يعلم, والصلاة والسلام على نبيه المصطفى الأكرم, وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
يسعدني أن نلتقي مجدداً على ضفاف اثنينيتكم التي تزهو بكم دائماً, ضمن المسار الذي درجت عليه في استضافة وتكريم أسماء لها إسهامات مميزة في مجال عطائها، فنلتقي الليلة لنحتفي بواحد من النوابغ الذين أنجبهم هذا الوطن المعطاء, المهندس الشاب وائل أمان الله مرزا بخاري الذي بصم اسمه في ميدان الأعمال الإلكترونية وتقنية المعلومات. باسمكم جميعاً أرحب به أطيب ترحيب, وأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم جميعاً.
يأتي هذا التكريم انطلاقاً من الدور الأساسي الذي رسمه لنا رسول الهدى صلى الله عليه وسلم في فجر الإسلام لتعليم الأمة قيمة الاعتماد على الشباب لتحمل المسؤولية وتنفيذ أكبر المهام, فعقد بيده الشريفة لواء سرية أسامة بن زيد إلى غزو الروم, ولم يزل أسامة في غضارة الشباب, وقد انتدب في تلك الغزوة كبار الصحابة من المهاجرين والأنصار منهم عمر بن الخطاب, وأبو عبيدة بن الجراح, وسعد ابن أبي وقاص, وأبو الأعور سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل, وقتادة بن النعمان, وسلمة بن أسلم بن حريش.. وغيرهم رضي الله عنهم.
وعندما التحق النبي صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى, وأسامة بن زيد لم يزل معسكراً بجنده في حدود المدينة المنورة, مشى أبو بكر الصديق رضي الله عنه إلى أسامة في بيته, وكلمه أن يترك عمر بن الخطاب, ففعل أسامة, وجعل أبو بكر يقول له: أذنت ونفسك طيبة؟ فقال أسامة: نعم.
وكان عمر بن الخطاب يقول لأسامة بن زيد (رضي الله عنهما): مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت عليَّ أمير.. وحتى بعد أن ولي الخلافة كان إذا رأى أسامة قال: السلام عليك أيها الأمير فيقول أسامة: غفر الله لك يا أمير المؤمنين تقول لي هذا!.. فيقول عمر: لا أزال أدعوك ما عشت, الأمير, مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت عليّ أمير.
كلكم يعلم تفاصيل هذه المدرسة النبوية العظيمة, التي طبقها الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم فظهرت في أبهى صورها وأعمق تجلياتها لتكون نبراساً يهدي السالكين وفيها من الدروس والعبر ما لا يخفى على جمعكم الكريم.. وحسبي من القلادة ما أحاط بالعنق.
إن "الاثنينية" عندما كرمت من قبل الشاب الأستاذ عصام أمان الله مرزا بخاري عام 1415هـ/1995م.. كانت تشير بوضوح إلى أهمية دور الشباب في الإسهام بقيادة كثير من الفعاليات وغرس الثقة بالنفس في أعماقهم, وتحميلهم المسؤولية, التي تتطلب بالضرورة التشاور مع غيرهم للوصول إلى أفضل النتائج مما يعني عدم إقصاء الآخر بأي شكل من الأشكال.. وفي هذا النهج مردود طيب على ثقافة الحوار والأخذ بيد الشباب إلى آفاق العمل المشترك مع مختلف الأجيال واكتساب الخبرة من موقع المسؤولية.. ومما لا شك فيه أن هذه مرحلة متقدمة في التفكير الإيجابي, ومنهج يختلف جذرياً عن ما تتبعه بعض المدارس التي أخذنا بها دون التفات إلى تراثنا الإداري.. فالشاب عندما يتقلد المسؤولية, مهما كانت خبرته قليلة, لا يعني ذلك وضع العربة أمام الحصان, بل يكفي أن يقتنص الشباب تلك الفرصة للإفادة القصوى من خبرة كبار القوم في جو مفعم بالمسؤولية, وإتاحة الفرصة لهم لحضور كل مراحل صنع القرار بحكم تسنمهم ذروة السلم الإداري عسكرياً أو مدنياً.. وبالتالي فإن القيادات الشابة عندما تعزز مواقفها بمرور الوقت تكون قد تشربت تماماً الخبرة تدريجياً وبعيداً عن مراكز صنع القرار, والتريث سنوات طوالاً قبل الوصول إلى طرف قصي من الإدارة الفعلية, ويكون التقاعد هو المآل الأخير في الوقت الذي تصل الخبرة إلى أقصى درجات توهجها الحقيقي.
إن المتتبع لمسيرة ضيفنا الشاب يقف بتقدير على مسار متألق خطّه لنفسه, والذي جعل منه مفخرة للوطن ومثالاً يحتذى للشاب الطموح المتطلع إلى تسنّم أعلى المراتب وبلوغ أعلى الدرجات. فقد استطاع أن يوظف نبوغه الرفيع وذهنه الوقاد في التحصيل العلمي الذي نقش فيه اسمه بالتفوق المستمر. ومما لا شك فيه أنه قد أدرك بنفاذ بصيرته وهو بعدُ في ريعان الشباب, وانفتاحه على ما يعتمل على الساحة الدولية من تطورات باهرة متلاحقة في هذا الميدان, أن المعلوميات باتت تشكل في العصر الراهن أحد البوابات الرئيسة نحو عوالم التقدم والتنمية والتحديث, وأنه لا مكان اليوم لمن يعاني أمية التكنولوجيا, باعتبار أن معيار الإلمام بالتقنية والمعلوميات أضحى المقياس الذي تقاس عليه الأمية أكثر من أمية الحرف المتعارف عليها. فكان ذلك أحد العوامل التي حدت به إلى الانكباب على محاولة سبر أغوار هذا العلم وورود حياضه وارتياد آفاقه وعوالمه. فاستطاع, متسلحاً بذكائه وطموحه الوثاب واختياره طريق الجد والتفوق, أن يقتحم هذا الميدان الحيوي بكل جرأة وتميز, وثقة في النفس. فظلّ إلى اليوم صاحب عطاء مشكور يضيف إلى صرحه في كل مرة لبنات تلو أخرى, وكان له العطاء المميز من خلال عدد من الإنجازات التي تطبع سجلّه بكل تألق, عكسته فعاليات التكريم والحفاوة الذين يحظى بهما في كل محفل وموقع وفي كل مناسبة تقديراً لعطائه المشكور. ولا شك أن القادم أحلى وأجزل وأكثر عطاء, باعتباره أحد أعضاء فريق تطوير الأعمال الإلكترونية التابع لمركز إدارة الأعمال الإلكتروني بقطاع تقنية المعلومات بالخطوط الجوية العربية السعودية, إسهاماً منه إلى جانب الفريق, نحو مزيد من الفعالية في تنفيذ الأعمال, ولما توفره هذه التقنية من دقة متناهية وسرعة في التنفيذ؛ وقد أثبتت الأيام نجاعة تقنية المعلومات في تيسير التواصل بين المرسل والمتلقي, بما يفرز مردوداً أفضل, كما يسهم في التكامل والاندماج بين البلدان ولاسيما منها المسماة نامية, وإن كانت النتائج التي تحققت في هذا المضمار ما تزال خجولة باعتبار المحاذير والمعوقات المعروفة التي تعتور أوجه تعاملاتها كافة, والتي تحدّ من إمكانية تحقيق النتائج التي تصبو إليها.
ولو ألقينا نظرة على تجارب بعض الدول, وما توليه من أهمية وعناية وما تنفقه من مبالغ طائلة في هذا المجال, لاستبانت لنا أهميته الكبيرة ووزنه الذي يتعاظم اليوم في عالم يتجه بخطى حثيثة نحو اقتصاد المعرفة الذي يرتكز بالأساس على توظيف المعلومات في معظم نشاطاته الإنتاجية, وتشير الإحصائيات في هذا الصدد إلى أن المعرفة العلمية والتكنولوجية أصبحت تمثل 80٪ من اقتصاديات العالم المتقدم. وعلى سبيل المثال, فإن دولة اليابان قد أدركت مبكراً حيوية ميدان المعلومات ومركزيته في تحقيق فرص التنمية, وبلغت في هذا المنحى شأواً بعيداً يشكل أنموذجاً فريداً يقتدى به. ولا شك في أن ذلك يقتضي إيلاء اهتمام أكبر بالبحث العلمي والارتقاء بنوعية التعليم, وتجاوز النسب المروعة للأمية في العالم العربي, في أفق مخرجات أنجع لهذا القطاع وأجدى نحو التأهيل الأمثل للعنصر البشري الذي هو عماد أية عملية وأي نشاط باعتبار أن التعليم يمثل أهم مداخل التنمية والنهضة والحضارة كما أثبت التاريخ البشري. ولا شك أن إنشاء مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا في بلادنا يأتي كخطوة هامة في الاتجاه الصحيح, نتطلع إلى أن تتلوها خطوات أخرى بإذن الله في مختلف الأقطار العربية للحاق بالركب وتجسير الهوة التي لا تنفك تتسع أكثر بيننا وبين العالم المتقدم.
مرحباً به وبكم مجدداً, متمنين له المزيد من التوفيق والسداد في عطائه المتألق, وأن يكون لنا فيه أسوة حسنة لأمثاله, وعلى أمل أن نلتقي مساء يوم الاثنين لتكريم الحقوقي والشاعر المعروف, الدكتور أحمد بن عثمان التويجري, لنشرف معاً بالاحتفاء بمسيرته, والاستزادة من فضله وعلمه. وإلى لقاء يتجدد وأنتم دائماً بخير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
عريف الحفل: أيها السادة والسيدات كما يعلم الكثير أنه بعد أن تعطى الفرصة للأخوة المتحدثين وفارس الاثنينية يفتح باب الحوار بينكم وبينه فمن كان له سؤال فليوافنا به - شاكرين لكم, أحيل الآن الميكروفون لسعادة الدكتور محمد بخاري من كلية الطب بجامعة الملك عبد العزيز بجدة.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1693  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 229 من 235
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي

الكاتب والمحقق والباحث والصحافي المعروف.