شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه ))
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم، وأصلي وأسلم على محمد بن عبد الله خير من تعلّم وأعلم بالله عزّ وجلّ، وعلى آل بيته الكرام الطاهرين..
الأستاذات الفاضلات..
الأساتذة الأكارم..
بناتي وأبنائي منسوبي نادي الصم بجدة..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
يسعدني أن تفرد الاثنينية الليلة هذه المساحة الخضراء، لنلتقي على ضفافها بشريحة مهمة في مجتمعنا، وجزء لا يتجزأ من محيطنا، له دوره الفاعل والمتفاعل، ومكانه الطبيعي والطليعي، وصبغته الخاصة به، وعالمه المنضوي تحت خيمته، في مبادرة تعتبر هي الأولى للاثنينية لتكريم ذوي الاحتياجات الخاصة، منسوبي أندية الصم بالمملكة ممثلاً في نادي الصم بجدة، والقائمين على أمره في هذا الكيان المعطاء، توثيقاً لمسيرته كعمل إبداعي يصب في خدمة المجتمع، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بهم، لنسعد بالتواصل معهم عبر هذا اللقاء، في سياحة هادفة، وجولة ماتعة، نقف فيها وقفة المتأمل الحادب على مؤازرة هذه الفئة الكريمة، من منطلق الوطنية والمواطنة، والانتماء لهذا التراب.
إن أفراد هذه الشريحة التي ترونها أمامكم، هم أبناؤنا البررة، وإخواننا الأوفياء، هم مثلنا، لهم طموح وثاب، وآمال عريضة، وحياة حافلة ينظرون إليها وتنتظرهم، ومشاعر صادقة، وأحاسيس دفاقة، فشاء الحق سبحانه وتعالى لحكمة غابت عن البشر، أن تتعطل إحدى حواسهم المهمة، إما لعلّة مرضية صعُب تداركها، أو لحادث عارض، أو لأسباب وراثية، لم يعرها الزوجان بعضاً من اهتمامهما ساعتئذٍ، أو لم يلتفتا إلى ما قد يترتب على نسلهما من ألم ممض، ومعاناة شاقة قد تستمر ما بقي أبناؤهما على قيد الحياة، ولعلّي أشير في هذا الصدد إلى أن سيدي الوالد -يرحمه الله- كان أول من نادى بضرورة الفحص الطبي قبل الزواج، في نظرة استباقية يحمد عليها، فقد كتب في جريدة صوت الحجاز العدد السادس والعشرين، الاثنين 2 جمادى الثانية 1351هـ الموافق الثالث من أكتوبر 1932م أي قبل خمس وسبعين سنة، ما نصه: "إن أكثرنا يعتقد أن البحث أو التفتيش عن الأمراض بالكشف الطبي قبل الزواج فضيحة وعيب، وهذا اعتقاد فاسد ينبغي أن نضرب عنه صفحاً، ونتغلب عليه بقوة حديدية، ما دام في ذلك سلامة مجموعنا، وما دام في ذلك تحسين حياتنا الزوجية، وما دام في ذلك سلامة نسلنا أفلاذ أكبادنا" انتهى كلامه.. ترى لو أننا فعلنا تلك الفكرة، وطبقناها على أرض الواقع، فأصبحت جزءاً من ثقافتنا، ونقطة مضيئة في نضجنا الصحي منذ ذلك الوقت، فكم من الضحايا الذين لا حول لهم ولا قوة، وكم من الأبرياء الضعفاء الذين كنا سننقذهم بفضل من الله ثم بتكاتف الجهود مما أصابهم من عاهات!! وهل تنفع لو وليت وإذا وأخواتهن؟ وبهذه المناسبة أود أن أنوّه بالدور الكبير لصاحب السمو الملكي الأمير الإنسان سلمان بن عبد العزيز آل سعود الذي تمخضت عن ثاقب بصيرته فكرة تأسيس مركز الأمير سلمان الاجتماعي لأبحاث الإعاقة، الذي شرّفني بأن اختارني عضواً مؤسساً فيه، وهو -كما تعلمون- مركز يهتم بالبحث العلمي في أسباب ومنع الإعاقة، وكما علمت من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس مجلس أمناء المركز الذي شرفت الاثنينية بتكريمه في هذه الدارة بتاريخ 28/10/1426هـ الموافق 22/12/2003م، أن هنالك برنامج الفحص المبكر لأكثر من خمسمائة ألف مولود سعودي خلال الخمس سنوات القادمة، بهدف تقليل نسبة الإعاقة أو القضاء عليها في مهدها.. فنسأله سبحانه وتعالى أن يكلل جهود سموه والقائمين على أمر هذا المركز الذي يعد مفخرة لكل مواطن بالتوفيق والسداد، وأن تنتشر مراكز مماثلة في مدن المملكة قاطبة، بدعم مقدّر من رؤوس الأموال الوطنية الغيورة على خدمة أبناء هذا الوطن، كما أن الجميع حكاماً ومحكومين مطالبون بدعم مثل هذه المشروعات الحيوية والسهر على تطورها ونمائها.
ومما يجدر ذكره في هذا السياق، أننا كآباء وكأفراد مجتمع تقع علينا مسؤولية كبرى تجاه هذه الشريحة التي يجب أن تحظى بكامل رعايتنا واهتمامنا، والوقوف مع أفرادها دعماً وتشجيعاً، ومساندة ومؤازرة، لأنهم جزء من منظومة هذا المجتمع، ليؤدوا دورهم الطليعي في تطور عجلته، ويسهموا في نمائه وتنميته، والحفاظ على مكتسباته ومقدراته.. وأن تتاح لهم فرص التعليم الجامعي بكل تخصصاته، على أن يربط ذلك كله بمنهج علمي متكامل ومدروس للبحث في آلية توظيفهم، لينالوا دورهم الطبيعي بين أقرانهم سواء بسواء، لئلا ندع اليأس والعزلة يتسربان إلى نفوسهم، ونبعد عنهم شبح الهزيمة النفسية، والخور المستهجن، والضعف المنبوذ، مع عدم الركون إلى سياسة الأمر الواقع، بل العمل بقوة الإرادة البشرية والطموح الإيجابي الوثاب، فلدينا من الشواهد ما يؤكد ذلك، فهذا الموسيقار الألماني لودفيج فان بتهوفن (1770-1827هـ) لم يستكن لما حل به من صمم وهو في الثلاثين من عمره، بل ظل طيلة سبعة وعشرين عاماً أخرى، وإبداعه يزداد جمالاً وتوهجاً، وتأليفاً لأعمال موسيقية خالدة، أصبحت ثروة إبداعية لا تقدر بثمن، منها -كما تعلمون- تسع سيمفونيات، وخمس مقطوعات موسيقية على البيانو، ومقطوعة على الكمان وغيرها، مما أهلّه لأن يُصنّف من أبرز عباقرة الموسيقى في جميع العصور، كما قرأت أن طالباً سعودياً فقد حاسة السمع نتيجة للإفراط في علاجه باستخدام المضادات الحيوية، فلم يمنعه ذلك من دراسة العلوم السياسية في العاصمة الأميركية واشنطن، وهو يفخر دائماً بقوله "سوف أصبح قريباً إن شاء الله أول سعودي أصم يعمل في السلك الدبلوماسي بوزارة الخارجية".
كما أود أن أشير إلى مثال آخر يعبر عن إرادة التحدي، وقوة الإصرار والشكيمة التي غرسها الحق سبحانه وتعالى في الجنس البشري إلى البروفيسور محمد عبيدات الأردني الأصم الذي يجيد حالياً أربع لغات هي العربية والتركية والإنجليزية ولغة الإشارة الدولية وهو يعمل حالياً أستاذاً للعلوم الرياضية بجامعة غاليديت بالعاصمة الأمريكية واشنطن التي تعتبر من أهم وأكبر الجامعات المتخصصة في تعليم الصم والبكم في العالم، إذ تضم أكثر من 2500 طالب.. وغيره كثر حققوا أحلامهم العملية فمنهم المحامون والمدرسون والسياسيون، كما أن آي كينغ جوردان رئيس الجامعة نفسها هو الآخر أصم.. فلمثل هذا فليعمل العاملون..
ويطيب لي أن أهيب برجالات الصحافة والإعلام على جميع المستويات، مؤازرة هذه الشريحة من أبناء الوطن، وإلقاء الضوء على إمكاناتها، واستنهاض الهمم لتوفير الدعم اللازم لتحقيق الأهداف المرجوة، حتى يحقق النادي إنجازات بحجم الطموحات، تحت رعاية رئيسه الأعلى صاحب السمو الملكي الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز، أمير منطقة مكة المكرمة..
سعداء أن تستضيف الاثنينية بعد غد المفكر الإسلامي المعروف معالي الأستاذ الدكتور محمود بن محمد سفر وقراءة في كتابه الإسلام وأمريكا وأحداث سبتمبر وكما أردد دائماً فليس للاثنينية رقاع دعوة وإنما ترحب بكل من يتعامل مع الكلمة.. مرة أخرى أرحب بجمعكم الكريم، متمنياً لكم أمسية ماتعة في صحبة ماجدة، على أمل أن تمتد جسور التواصل دائماً ونلتقي على خير وفي خير وأنتم بخير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعدكم قبل أن أنهي كلمتي أن تكون بيننا وبينكم اجتماعات أخرى. فلا أكتفي بهذا الاجتماع. فإن لم تكن بيننا اجتماعات دورية فلا أقل أن يكون بيننا اجتماع سنوي نفضي فيه بما في أنفسنا جميعاً لنتدارس أمورنا فأنتم منا ونحن منكم، أنتم أبناؤنا بنات وأولاداً وأبناء. دائماً تحلون علينا في نفوسنا وفي قلوبنا، ولكم علينا من الواجبات الشيء الكثير، إنني أعترف أمامكم وأنا أول المقصرين يجب أن نعوّض ما قصَّرنا به أمامكم ولتكن لنا أيدٍ في التعاون معكم والمؤازرة لكم ليشدّ بعضنا عضد بعض.
إن لكم على المجتمع حقوقاً وواجبات يجب أن تُعطى، للدولة واجب يجب أن تؤديه، وللإعلام للأسف دور مغيّب. سأعمل جاهداً بجهودي القليلة الشأن لأدفع ما استطعت مع زملائي من رجال الثقافة والإعلام لنتبصَّر في هذا الأمر، لعلّنا نوفق بأن تُعطوا المساحة المطلوبة في الإعلام مرئياً ومسموعاً ومقروءاً، فحقوقكم أجلّ وأكبر، وإذا كانت مغيّبة فهي تعدُّ من باب المغيّب بدون قصد. وعملنا إن شاء الله هو من باب التذكير، فالتذكر فعلي، فلعلّ الذكرى تنفع المؤمنين، نسأل الله لي ولكم التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
عريف الحفل: الكلمة الآن لسعادة مساعد مدير عام التربية والتعليم بمنطقة مكة المكرمة الأستاذ عبد الله الثقفي.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1252  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 208 من 235
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الخامس - لقاءات صحفية مع مؤسس الاثنينية: 2007]

ديوان زكي قنصل

[الاعمال الشعرية الكاملة: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج