شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الأستاذ الدكتور زغلول راغب محمد النجار ))
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، أيها الأخوة والأخوات الأعزاء أحمد الله تعالى وأصلي على خاتم أنبيائه ورسله وأحييكم جميعاً بتحية الإسلام، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
وبعد فأشكر لأخي الكريم سعادة الأستاذ عبد المقصود خوجه هذه السنّة الطيبة التي أسَّسها. فقليل من رجال الأعمال هم الذين يهتمون بالعلم والعلماء، ويهتمون بالأدب والأدباء وبالفكر والمفكرين، وهذه السنّة الطيبة التي أسسها منذ أكثر من ربع قرن من الزمان، أسأل الله تعالى أن يجعلها ثقيلة في موازين حسناته يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، ثم أشكر للأخوة الكرام والأخت الفاضلة الذين تحدثوا عني، بما لا أستحق، ولا أملك حيال ذلك إلا أن أكرر على مسامعكم مقولة سيدنا أبي بكر الصديق، عليه رضوان الله حينما مدح من قبيل بعض الصحابة فقال كلمته الكريمة، اللَّهم إنك أعلم بي من نفسي، وأنا أعلم بنفسي منهم فاغفر لي ما لا يعلمون ولا تؤاخذني بما يقولون واجعلني خيراً مما يظنون. كل الأخوة والأخت الكريمة الذين تحدثوا عني أسأل الله تعالى أن يجزيهم جميعاً خير الجزاء.
وأبدأ بتعليق صغير على الكلمات التي قيلت، فكلمة الشيخ عبد المقصود خوجه، كلمة باقية تدل على علم غزير وأدب رفيع احتوت كثيراً من القيم والمعاني التي أسأل الله تعالى أن يجزيه عنها خير الجزاء، كلمة أخي الكريم الأستاذ الدكتور - رضا عبيد وتجمعني به أخوة قديمة وصلة تعود إلى الخمسينات من القرن العشرين أسأل الله أن يجزيه خير الجزاء.
أخي الدكتور عبد الله عمر نصيف أيضاً معرفتي به ترجع إلى عام 1958م، وكذلك أخي الكريم معالي الدكتور محمد عبده يماني ويعلم ربي مدى حبي له وتقديري لما وهبه الله سبحانه وتعالى من مواهب منذ أن كان طالباً في السنة الأولى في كلية العلوم في جامعة الملك سعود في الرياض، وقد سعدت سعادة غامرة، بأن أجد بين طلابي من وهبه الله سبحانه وتعالى هذا النبوغ وهذه اللغة العربية السليمة وهذا الاعتزاز بالإسلام منذ نعومة أظفاره فكان مثلاً طيباً للطالب المسلم، الذي لا زلت أذكره بكل خير وأغبطه على ما وهبه الله سبحانه وتعالى من إيمان عميق حرصاً على خدمة الإسلام في كل ساحة وفي كل ميدان، فاسأل الله أن يجزيه عني وعن الإسلام خير جزاء.
الأخت الكريمة، الأستاذة فريدة فارسي، تكلمت عن عوامل إصلاح النفس البشرية وهى قضية مهمة للغاية، وأطمئن هذه الأخت الكريمة أنه على الرغم من اهتمامي الشديد بقضية الإعجاز العلمي في كتاب الله وفي سنّة رسوله صلى الله عليه وسلم. إلا أنني لم أغفل هذه القضية قط.
فقد كتبت كتاباً عن قضية التعليم وأزمة التعليم المعاصر وحلولها.
كتبت هذا الكتاب في السبعينات للقرن العشرين وكان الدافع لكتابته أني حضرت مؤتمراً عن التعليم في الكويت واندهشت شديداً أن كثيراً من أساتذة التربية يتحدثون عن التربية في الحضارة اليونانية وعن التربية في الحضارة الرومانية، ثم نقلة سريعة إلى التربية في عصر النهضة يغفلون أكثر من عشرة قرون كاملة، كانت الأمة الإسلامية هي حاملة لواء المعرفة في كل منحى من مناحي الحياة. وعجبت لذلك وتكلمت مع بعض الأخوة التربويين، ولكن أدركت أن ذلك هو أثر التعليم الذي يغفل دور الحضارة الإسلامية وإسهام علماء المسلمين الأوائل في تأسيس قواعد هذه الحضارة، فوالله خرجت من هذا الاجتماع مصمماً على أن أكتب كتاباً في التربية، أوضّح فيه دور الإسلام في تربية الناشئة. كتبت هذا الكتاب "أزمة التعليم المعاصر وحلولها الإسلامية". وطبع عدة طبعات ونشر على هيئة مقالات في مجلة المسلم المعاصر، ثم نشرت مقالات في كتب أو كتاب صدر في الكويت ثم نشر في كتاب عن مركز أو المعهد العالمي للفكر الإسلامي في واشنطن وطبع عدة مرات في مصر وغير مصر، وكنا في مؤتمر في الأردن في مؤتمر عن الإسلام والمسلمين في القرن العشرين فلقيني أحد كبار أساتذة التربية في مصر إن لم يكن في العالم العربي فأخبرني أنه استفاد من هذا الكتيب استفادة كبيرة في كتاباته عن التربية، وحمدت الله تعالى على ذلك حمداً كثيراً، لي كتاب عن إسهام علماء المسلمين الأوائل في تطور المعرفة، نُشر في مكتب التربية العربي لدول الخليج، وآثرت به أن أحيي في قلوب وعقول الناشئة أن الأمة الإسلامية لم تكن عبر التاريخ أمة من الدرجة الثالثة، لقد كانت لفترة زمنية طويلة تعتبر أطول فترات في تاريخ الحضارة الإسلامية، وأسست حضارة تعتبر أكمل الحضارات لأنها أخذت بالدنيا والآخرة في معادلة واحدة. بينما أكثر الحضارات الإنسانية ركّزت على جانب واحد من جوانب العمران أو الجوانب العسكرية، وأهملت الآخرة إهمالاً كبيراً بما في ذلك الحضارة المادية المعاصرة.
فأنا لم أهمل قضية التربية، ولي كتابات عديدة في البيت المسلم والأسرة المسلمة وتنشئة الشاب المسلم، سألت الأخت الكريمة عن قضية تزويد تراجم معاني القرآن الكريم بجوانب الإعجاز العلمي في كتاب الله وأنا أضم صوتي إلى صوتها، وأقول إن من أضعف القضايا في تراجم معاني القرآن الكريم إلى اللغات الأجنبية هي الآيات الكونية، لأن الذين ترجموها ليست لديهم خلفية علمية، وترجموها ترجمة حرفية وحتى في التفاسير من أضعف النقاط في التفاسير التي بين يدينا العديدة، تفسير الآيات الكونية، أنا لا ألوم بذلك المفسرين القدامى فقد بذلوا أقصى جهدهم لخدمة هذا الكتاب العزيز، ولكن علينا أن لا نعيش عبر التاريخ على جهود القدامى، علينا أن يخرج من بين أبناء هذه الأمة في كل جيل من يتزود بالأدوات اللازمة لتفسير كلام الله، ثم يوظِّف جهده في نقل هذه المعاني إلى لغة العصر الذي يعيشه تحقيقاً لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم في وصفه لكتابه العزيز إن هذا القرآن لا تنتهي عجائبه ولا يخلق على كثرة الرد.
العمل المؤسسي أنا أنادي منذ فترة طويلة أنه من أخطر الأمور أن التعامل مع قضية الإعجاز العلمي في القرآن الكريم وفي السنّة النبوية المطهرة -تطفو على السطح ثم تنطفئ- تظهر ثم تموت قضية الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنّة النبوية المطهرة، ليست قضية جديدة، قضية قديمة في القرن الهجري الثاني ولكن المشكلة أنها كانت تظهر على أيدي أفراد وبموت هؤلاء الأفراد تنتهي القضية، وظلت القضية متوالية حتى القرن الهجري الثاني وحتى زماننا هذا، فناديت بأعلى صوتي بضرورة تدريس الإعجاز العلمي للقرآن الكريم ولو في قسم من أقسام التفسير في كلية من كليات الدعوة، ولجأت في ذلك إلى كل الجامعات المتاحة لي في العالمين العربي والإسلامي وللأسف الشديد لم أجد صدى لهذه الدعوة، وتعلمون جميعاً أن أغلب المشتغلين في قضية الإعجاز العلمي في القرآن الكريم وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم من كبار السن مثلي ويعني إذا انقضى هذا الجيل والله لا أدري ماذا يمكن أن يحدث لهذه القضية، ولذلك أرجو كل قادر على تأسيس منهجية صحيحة لدراسة الإعجاز العلمي للقرآن الكريم والسنّة النبوية المطهرة، ولنبدأ بالجامعات ثم المدارس المتوسطة والثانوية ثم الابتدائية، لأن طفلاً ينشأ على حب كتاب الله وحب سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم. لا يمكن أن تؤثر فيه كل تيارات الترغيب التي يتعرض إليها المسلمون هذه الأيام.
تتحدث الأخت الكريمة عن قدرة أبنائنا على الإتقان والاختراع وأنا زرت بفضل الله أغلب جامعات ومراكز البحوث في العالم فلم أجد جامعة واحدة أو مركزاً واحداً يخلو من فرد من أبناء المسلمين على أعلى مستوى من التخصص، فالمشكلة ليست في قلة الكفاءات العلمية في العالم الإسلامي، ولكن المشكلة في الظروف البيئية الطاردة للكفاءات، كتبت كتاباً منذ سنوات بعنوان "قضية التخلف العلمي والتقني في العالم الإسلامي المعاصر". ونشرته مجلة الأمة التي تصدر في قطر صدر في الثمانينات من القرن العشرين وفي هذا التاريخ، وآخر إحصائية من اليونسكو تقول إن عدد العلماء والتقنيين الذين يهجرون دول العالم الثالث أغلبهم من المسلمين يقدرون بأكثر من 1000 عالم وتقني كل يوم، هذا النزيف البشري هو الذي ساعد ضمن عوامل كثيرة على تخلفنا الحالي علمياً وتقنياً، وأدى إلى أن الهوة الفاصلة بيننا وبين الدول الصناعية تزداد يوماً بعد يوم اتساعاً وعمقاً.
سعادة أخي الكريم، الدكتور سعود المختار جزاه الله عني خير الجزاء على كل ما قال وعرض، وأؤكّد أن كل ما قاله عن عبادة التأمل من أعظم العبادات، لأن بالتأمل يصل الإنسان إلى قيم إيمانية كثيرة ولذلك يلوم علينا القرآن الكريم عدم التدبر. أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً (النساء: 82)، أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالها (محمد: 24).
تربية هذا الجيل مهمة هذه الأمة، خاصة وأننا نتعرض هذه الأيام لحملة شرسة من كل قوى الشر في العالم هدفها الرئيسي إخراج المسلمين من الإسلام إلى الضياع.
ولا أنسى كلمة قالها القس صامويل سومير حين عقد أول مؤتمر عالمي لتنصير مسلمي العالم سنة 1904م. وقال في هذا المؤتمر نحن لا نريد أن نخرج المسلمين من دائرة الإسلام إلى المسيحية, لأنه كما قال وادعى إن في ذلك تشريفاً وتكريماً لهم ولكننا ينبغي أن نخرج المسلمين من دائرة الإسلام إلى دائرة الضياع حتى يذلوا ويضعفوا ويصبحوا لقمة سائغة للعالم الغربي. وعقد المؤتمر العالمي الثاني لتنصير مسلمي العالم في القاهرة.
وعقد منذ سنوات المؤتمر العالمي لتنصير مسلمي العالم في إحدى المدن الأمريكية في هذا المؤتمر جُمع أكثر من (1000 مليون دولار) ألف مليون دولار في ليلة واحدة وأسس بها معهداً لتنصير مسلمي العالم والمعهد في كاليفورنيا، وزاره بعض الأخوة المسلمين، ويؤكد بعض الأخوة الذين زاروه أن كل الهجوم الحالي على الإسلام وكل التحولات الدولية على الإسلام كل الحكومات المعادية للإسلام وعلى رأسها حكومة (بوش) الحالية هي من نتاج هذا المعهد ومن تخطيط هذا المعهد، والمؤامرة على الإسلام كبيرة، وعلينا أن نربي أبناءنا على الاعتزاز بالقرآن الكريم، وإظهار فضله على غيره من الكتب، والاعتزاز بالإسلام العظيم وإظهار فضله على غيره من العبادات، فإننا كما نعلم أن إلهنا واحد، فرسالة هذا الإله للبشرية واحدة وكلها كانت الإسلام من آدم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما تكلم بعض الأخوة أن هذا القرآن هو الصورة الوحيدة من كلام رب العالمين المحفوظة بين أيدي الناس اليوم بكلام اللغة العربية، محفوظة بحفظ الله كلمة كلمة وحرفاً حرفاً - وإشارة إشارة لا بمهارة العرب ولا بشطارة المسلمين ولكن تحقيقاً للوعد الإلهي الذي قطعه ربنا تبارك وتعالى على ذاته العليا.
فقال خير من قائل: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون (الحجر: 9).
وأنا أقول دائماً لإخواني وأخواتي إن مجرد حفظ القرآن الكريم على مدى أربعة عشر قرناً أو يزيد بنفس لغة الوحي دون أن يضاف إليه حرف واحد أو ينتقص منه حرف واحد, هو من أعظم جوانب الإعجاز الشاهدة لهذا الكتاب الخالد بأنه كلام رب العالمين، وكان المصطفى صلى الله عليه وسلم يجهد نفسه الشريفة في متابعة جبريل عليه السلام، فنزل الأمر الإلهي مطمئناً قلبه الشريف بأن الله تعالى هو حافظ هذا الكتاب، فيقول له ربنا سبحانه وتعالى لا تحرك به لسانك لتعجل به إنا علينا جمعه وقرآنه (القيامة: 16-17) فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إنا علينا بيانه (القيامة: 18-19).
الأخ الكريم الدكتور حسان شمسي باشا. جزاه الله عني خيراً وله علي أفضال كثير قال فيّ ما لا أستحقه، وقد ركّز على قضية الدعوة إلى هذا الدين العظيم بكل وسيلة ممكنة لأن أعداءنا قد أسقطوا من أيدينا كل سلاح نستطيع الدفاع به عن دمائنا وأعراضنا - ومقدساتنا وأراضينا، ولكن بقي في أيدينا سلاح واحد لو أحسنا توظيفه والله لفتح الله تعالى الدنيا من أطرافها هو (سلاح الدعوة على بصيرة)، إننا خلال القرنين الماضيين قصَّرنا تقصيراً كبيراً وفي قضية الدعوة إلى الله فوصلنا إلى ما وصلنا إليه، تركنا الساحة مفتوحة لغلاة الحركة الصهيونية العالمية. ولغلاة الصليبية الدولية وللإساءة إلى صورة الإسلام وتشويهها، وإلى صورة المسلمين وتحذير الناس منهم وإخافتهم من أي وحدة إسلامية أو أي عمل إسلامي كبير أو أي صحوة إسلامية حقيقية فوصلنا إلى ما وصلنا إليه.
سعادة الأخ الكريم د. سراج ملائكة يقول هو يعرفني من التلفاز وأنا عرفته في الخمسينات وهو طالب في البعثة العسكرية للسعودية في القاهرة، وكان معه الكثير من الأخوة السعوديين الذين عرفتهم في معيته، وكل ما تحدث به سبقت الإشارة إليه في هذه التعليقات البسيطة، عندي الكثير ولكن حرصاً على وقتكم الكريم وحرصاً على الإجابة عن تساؤلاتكم أتوقف عند هذا الحد سائلاً الله تعالى أن يجزي سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه خير الجزاء على هذه السنة الطيبة التي أسس قواعدها، فقليل من رجال الأعمال هم الذين يهتمون بالعلم والعلماء بالأدب والأدباء والفكر والمفكرين والعلم والعلماء، وجزاه الله عني خير الجزاء وجعل ذلك ثقيلاً في ميزان حسناته يوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وأشكر لكم جميعاً حضوركم وتشريفكم وأسأل الله أن يجزي كل من تكلم عني بكلمة طيبة خير الجزاء - وأدعو الله إلى أخي الكريم الشيخ عبد المقصود خوجه الشفاء العاجل إن شاء الله وفي أحسن الأوقات, وفي الفردوس الأعلى إن شاء الله بعد عمر طويل مديد. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلَّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
عريف الحفل: الأسئلة التي وردتنا من الأخوة الحضور وسنعطي الفرصة أيضاً للأخوات الحاضرات ليلقين أسئلتهن.. أهلاً وسهلاً..
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :583  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 170 من 235
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور عبد الكريم محمود الخطيب

له أكثر من ثلاثين مؤلفاً، في التاريخ والأدب والقصة.