شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه )) (يلقيها نيابة عنه معالي الأستاذ الدكتور رضا عبيد)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الرسل، وإمام المرسلين، سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
الأستاذات الفاضلات،،
الأساتذة الأكارم،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
يسعدني أن نلتقي مجدداً في هذه الأمسية التي تزدهي بحضوركم ومشاركتكم الفاعلة في إثراء الحوار والنقاش لتكريم قمة تفخر بانتسابها إلى ميدان العلم من أوسع أبوابه، وبإسهامه بعطاء لا ينفك ينبوعاً غدِقاً دفوقاً.. سعداء أن نذوب في نور العلم الذي يحفّنا بسناه ويغمرنا بفيضه.. فأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم، وبضيفنا الكريم العالم الجليل الأستاذ الدكتور زغلول راغب النجار، شاكرين ومقدرين تجشّمه عناء الحضور من القاهرة ليشرفنا مشكوراً بهذا اللقاء الذي نأمل أن يسهم مع غيره من الوسائط في توثيق جانب من مسيرته وعطائه.
لقد نذر أستاذنا الفاضل نفسه لخدمة العلم بكل تفانٍ ونكران للذات، وسلخ عقوداً طوالاً في التنوير والتعليم وتنشئة الأجيال التي سيكون لها شرفُ حمل المشعل على درب العطاء ومواصلة مسيرة الإنجاز والبذل، إلى جانب التأليف في مجال لا يرتاده إلا صاحب علم وفير وفكر وقاد وبصيرة متفتّحة، فكان صاحب عطاء كبير مشكور، كخير ما يقوم به الرجال الموفون بأماناتهم، المؤدّون لعهودهم.. وإذا كانت كثير من طروحاته ومواقفه بحكم فرادتها والسبق الذي تحققه، تشكّل في بعض الأحيان موضع نقد وهجوم من بعض الأصوات والأقلام، وهو أمر طبيعي يطبع مسيرة كل شخصية بارزة، دون أن يطامن ذلك من مواقفه أو آرائه أو الخلاصات التي ينتهي إليها طالما هي قائمة على أسس متينة ورفيعة من البحث والتقصي وإعمال الفكر والمنطق، ولأنه لا يطلب سوى الحق بكل قوة وتجرّد في سبيله، لا يخشى في ذلك لومة لائم، فكأن ضيفنا الكريم استلهم وتمثَّل قول القائل: "نازعت الحق بالحق للحق"، مستمرًّا على نهجه السديد بكل ثبات وعنفوان. و "الاثنينية"، كما تعلمون، لم يكن من شأنها قطّ أن تقيم ميزاناً لتقييم عطاء المحتفى بهم، فلذلك رجالاته والمتخصصون فيه، وإنما هي وقفة توثيق وكلمة شكر نزجيها لمن أسهموا بعطاء مقدّر كلٌّ في مجال تخصصه.
لقد أعلى ديننا الحنيف، من شأن العلم وكرّم رجالاته ورفعهم إلى منزلة ورثة الأنبياء باعتبارهم الأقدر على توجيه الأمة وتبصيرها وقيادتها نحو مرافئ العلم بما ينفعهم ويفيد أمّتهم ويسهم في بناء صروح علمية تبقى كنزاً وذخيرة بين أيدي الأجيال المتلاحقة. والحديث عن ضيفنا الكريم لا ينفصل عن هذا الإطار الخيّر، فهو امتداد لسلسلة مباركة من العلماء امتدّت أفضالهم وعطاءاتهم، وفننٌ من دوحة رجال نفعوا أمّتهم بزاد غير قليل على أكثر من واجهة.. لقد ظل العلم على الدوام أساس وركيزة المجتمعات الراقية التي شيّدت نهضتها على أكتاف لفيف من رجالاتٍ كرّسوا جهدهم ووقتهم واهتمامهم لخدمة رسالة العلم.. ولم يكن الوضع الذي آلت إليه أمتنا العربية إلا نتيجة لتفريطها في مقوّمات العلم، حيث افتقدت زمام المبادرة وخطام الريادة، وتلبدت في أجوائها نتيجة لذلك غيوم كثيفة من الوهن الفكري. وبمثل هذا الفخر يُذكَر اليوم ضيفنا الكريم الذي أكرمه الله تعالى ببسطة في العلم، فكان صاحب منظومة فكرية وعلمية متكاملة. فهو من روّاد الإعجاز العلمي في الوطن العربي، بحيث ظل يتدبر آيات كتاب الله وسنّة رسوله عليه الصلاة والسلام بوعي مستنير وبصيرة ثاقبة، يستنبط منها وجوه الإعجاز ويربطها بالعلوم الكونية وعلوم الأرض والجيولوجيا التي له فيها باع طويل يتوّجه دائماً ببحوث قيّمة تمثل في جملتها معيناً ثراً من المعارف والمعلومات القيّمة والجديدة، ومراجع لا غنى عنها للدارسين والباحثين، ملتزماً بالضوابط التي ينبغي التقيد بها عند الاشتغال على قضية الإعجاز، متابعاً جيداً لما يستجد على الساحة من الأحداث والنتائج العلمية.
وفضلاً عن جهد ضيفنا الدؤوب في سبر أغوار الآيات وبواطن السيرة النبوية الشريفة، فهو مفكر إسلامي مقتدر وصاحب رؤى فكرية واعية ومنفتحة طبعت الكثير من كتبه التي توزّعت بين عدد من الأبحاث في دين الإسلام في علاقته بالأديان التي سبقته، وفي علاقته بالحضارة، والعلم الحديث، والسبيل إلى فهم القرآن، ودراسات في الإنسان وسائر المخلوقات، وله أيضاً مواقفه تجاه كثير من القضايا القومية الكبرى التي تمور بها الساحة العربية. كما أن ضيفنا الكريم داعية وعلاّمة مرشد من طراز فريد، ظل إلى اليوم يواصل جهداً مشكوراً على درب التنوير الإسلامي، وتبصير أبناء الأمة بالمقاصد الحقيقية لدين الإسلام وبجوهره الحقيقي، ساعياً إلى تشخيص مكامن الأدواء والعلل التي تلمّ بجسد الأمة بين الفينة والأخرى من جرّاء ضبابية الفكر، فكان أن أسهم بكثير من وصفات العلاج والآراء والأفكار النيّرة الجديرة بالدراسة والاعتبار ضمن الحلول المنشودة، داعياً إلى سبيل الله بأسلوب عصري مبسّط لا يجنح إلى الإغراب، ويتفق ومقتضيات العصر، ومنهج معتدل واضح قائم على الكلمة الحسنى والملاينة بحصيف الرأي وسديد القول ونصاعة الفكر، فاستطاع بفضل ذلك وبتوفيق من الله أن ينفذ إلى وجدان المتلقي ويخلّف في نفسه وقعاً طيباً كثيراً ما تمخض عن إقناعه، ويجذب السامع إلى الاستزادة من فيض علمه وسابغ معارفه. فلم يكن قطّ منعزلاً في علياء برجه العاجي الذهني، بل هو على احتكاك مباشر بهموم أمّته، وعلى تواصل دائم مع الآخر إقناعاً وجدالاً على أسس إسلامية ثابتة، وبلغة الطرف المخاطب، من منطلق كون اللغة تظل أهم جسور التواصل وتبليغ الآراء والأفكار وتضييق هوّة الخلاف في وجهات النظر. وكثيراً ما طالعتنا الأخبار عن اعتناق عدد من الأشخاص دينَ الإسلام على إثر مناظرة مع ضيفنا الكبير، أو محاضرة تعرّف بدين الإسلام أو عند إصدار كتاب جديد من ثمرات فكره المستنير وقلمه السيّال، فله الجزاء الأوفى كفاء ما قدّمه في هذا المنحى.
ولضيفنا الكبير أيضاً حضور فاعل وبارز ونشاط علميّ دائم في مختلف المحافل والمناشط على المستوى المحلي والعربي والدولي، ففضلاً عن حضوره النشيط في المنتديات والمؤتمرات، فقد استطاع أن يوظف الفضائيات، باعتبار قوة انتشارها واختراقها لعدد كبير من الشرائح، في هذا المسعى الخيّر.. فلا يبرح ينثر كنانة علمه الثرّ ومعارفه الغزيرة على أوسع نطاق، مما أهّله هذا السجلّ الحافل على مختلف المستويات العلمية والفكرية لأن يحظى بجوائز قيّمة تقديراً لعطائه الذي إذا ذُكِر شُكِر، والذي يشكل سراجاً منيراً تهتدي به الأجيال التي تأتي بعده في عصر باتت أحوج ما تكون فيه إلى أمثال فارس أمسيتنا توجيهاً وتنويراً وتعليماً.
نرحب مجدداً بضيفنا الكبير، متمنياً لكم أوقاتاً مفعمة بجديد المعرفة والنهل من سابغ علم أستاذنا الكريم، وعلى أمل اللقاء في أمسية "الاثنينية" المقبلة للاحتفاء بصاحب السمو الملكي الأمير تركي بن ناصر بن عبد العزيز آل سعود، الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة، لنتطارح مع سموه النقاش حول هذا المجال الحيوي، وحول دور الهيئة التي يقف على هرمها في التعريف بجوانب كثيرة في هذا المجال.. فإلى لقاء يتجدد وأنتم بخير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
 
عريف الحفل: كما هو معتاد سيفتح باب الحوار إن شاء الله مع سعادة ضيفنا ولكن من له سؤال فليوافنا به وليته يكون سؤالاً واحداً حتى تتاح الفرصة لأكبر عدد من حضراتكم.
عريف الحفل: الكلمة الآن لمعالي الدكتور عبد الله عمر نصيف نائب رئيس مجلس الشورى السابق.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1037  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 162 من 235
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي

الشاعر والأديب والناقد, عضو مجلس الشورى، الأستاذ بجامعة الملك سعود، له أكثر من 14 مؤلفاً في الشعر والنقد والأدب.