(( كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه ))
|
بسم الله الرحمن الرحيم، أحمدك اللَّهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على خير خلقك، سيدنا وحبيبنا وقدوتنا محمد، وعلى آل بيته الكرام الطاهرين وصحابته أجمعين. |
الأستاذات الفاضلات، |
الأساتذة الأكارم |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: |
يسعدني أن أرحب بكم أجمل ترحيب في اثنينية تختلف في مضمونها عن سائر فعاليات هذا الموسم، حيث جرى تكريم علم بعينه في كل أمسية، إلا أننا نحتفي هذه المرة بعالم جليل، وأكاديمي بارز، ومفكّر معروف، وذلك من خلال كتاب قيّم أنجزه مؤخراً.. فمعالي أخي الأستاذ الدكتور محمود بن محمد سفر، ليس طارئاً على الساحة الثقافية، وكم سعدنا ببره وتواصله مع هذا المنتدى الذي شرّف بتكريمه بتاريخ 28/3/1409هـ الموافق 7/11/1988م، ونلتقي به مجدداً ضمن فعاليات الاثنينية ولكن عبر بوابة كتابه الذي نشر مؤخراً في بيروت بعنوان (الإسلام وأمريكا وأحداث سبتمبر) عن دار النفائس ببيروت عام 2004م. |
قصاصة صحفية صغيرة أشارت إلى تكريم النادي العربي ببيروت لمعالي ضيفنا الكريم بإقامة ندوة فكرية ناقشت الأفكار التي تضمنها كتابه الذي يضيء جنبات هذه الأمسية.. عندها تمنيت لو أنتفض من فراش المرض وأنا في أمريكا وأطير بجناحي محبة ووفاء لأكون بجانبه في تلك المناسبة العزيزة على نفوسنا جميعاً.. غير أن ما لم تحققه الأمنيات في حينه، أكرمنا الله سبحانه وتعالى بمعايشته واقعاً بين أيدينا الآن، وهو ما يقوي في ذات الوقت هذا المنحى الذي أحبه كثيرون في فعاليات الاثنينية بالتكريم من خلال قراءة كتاب، كما حدث بالنسبة لكتاب (الخطيئة والتكفير) للأستاذ الدكتور عبد الله الغذامي عام 1406هـ/1986م، وكتاب (أبو هريرة الصحابي الجليل) لمعالي الدكتور محمد عبده يماني عام 1419هـ/1998م، وكتاب (الجواهري صناجة العرب) للدكتور زاهد زهدي رحمه الله عام 1420هـ/2000م.. وهو كما ترون تيار متقطع في نشاطات الاثنينية ونأمل أن يقوى ويزداد مع كل إصدار يثري الساحة ويسهم في حل بعض المعضلات التي تبدو كالجبال الراسيات أمام أقدارنا ومقدراتنا. |
إن احتفاءنا اليوم بمعالي المفكر الأستاذ الدكتور المؤلف، وكتابه القيّم، ينبعان من أهمية الحدث (الأسطورة)، فالكتاب الذي نحن بصدده ليس رصداً إخبارياً ولا تاريخاً جامداً، لكنه رسالة إلى من يهمه الأمر (كما جاء في صفحة الغلاف الخارجي).. فما أبلغ كلمة رسالة في وقت عزّ فيه أدب الرسائل، حتى شارف الانقراض، إذن فنحن أمام كتاب يمثل حالة خاصة في تحليل الحدث الأضخم على مستوى العالم، وما رافقه من ضجيج إعلامي، وما أعقبه من تطورات سياسية وعسكرية واجتماعية أعادت صياغة كثير من المفاهيم، وأثرت بصورة سلبية من وجهة نظر كثير من محبي الخير والعدل والحق والسلام.. وما كان للاثنينية أن تخوض غمار هذا الحدث لنأيها الطبيعي عن السياسة، والمذهبية، والعرقية، وتصفية الحسابات.. إلا أن الأمر يفوق المحاذير، ويدخل دائرة الصراع من أجل البقاء في عالم تلاشت حدوده وضاعت معالمه، وليس أمامنا إلا التمسك بهويتنا وقيمنا حتى لا تذوب أيضاً مع ما ذهب من أصالة كنا نحسب ألا تهزها رياح التغيير. |
لقد بذل فارس أمسيتنا جهداً كبيراً في إعداد كتابه القيّم، وحشد له الكثير من الأسئلة التي تتسم بالصدق والشفافية، وعادة ما يكون أسلوب التساؤل أكثر استثارة لحفيظة الإنسان من الكتابة التقريرية.. وبما أن الكتاب كما أشار مؤلفه (رسالة إلى من يهمه الأمر) وهم من حددهم بروّاد الإصلاح، والمؤمنين المهتدين الثابتين على الحق، والرافضين للغلو والتطرف والملتزمين بالوسطية، والمستبشرين بمستقبل الأمة.. فإننا ندرك حجم المعاناة التي تكبّدها معالي الضيف الكبير لإنجاز هذا العمل ليس من ناحية المعلومات التي تضمنها، فهذه متاحة عبر أكثر من مصدر لكل من أراد أن يطلع عليها، ولكن من حيث محاولة مقاربة الفكر الأمريكي، وصانع القرار الأمريكي، والباحث الأمريكي الذي يهيئ ويقولب الرأي العام على مستوى العالم. |
لقد وضح معالي فارس أمسيتنا أهم الخطوات التي يجب اتخاذها لمعالجة الموقف مهما كان مؤلماً بحيث يبدأ الأمر من ترتيب البيت من الداخل، ومن أهمها ما يتعلق بالمناهج الدراسية، وبحث موضوع التطرف الديني، وما يتعلق به من جوانب ثقافية وفكرية تعضده وتغذيه وتحمله لاتجاهات غير مرغوبة، تضر بالوطن في المقام الأول، كما توهي النسيج الاجتماعي وتؤثر فيه سلباً بدرجة كبيرة.. بالإضافة إلى عدة مفاهيم تتعلق بالحوار مع الداخل أو الآخر ولا تنفيه بأي شكل من الأشكال.. كل هذه الإشارات وغيرها كفيلة برسم صورة محددّة المعالم يمكن السير على هديها والتفرغ لإعادة البناء بما يخدم الصالح العام، ويهيئ الأرضية الملائمة للانطلاق نحو مستقبل مشرق إن شاء الله. |
يبقى بعد هذا الجهد المقدّر، أن نرى ترجمة تليق بهذا العمل إلى جميع اللغات الحية، وليست اللغة الإنجليزية فقط، لأن أمريكا تحاول أن ترمي العرب والمسلمين بكل السلبيات التي تخطر على البال.. وعلى رأسها تهم الإرهاب والتخلف وإغفال حقوق الإنسان وضعف الديمقراطية وغيرها من المثالب، تخاطب كل العالم وتجيشه للوقوف في صفها شاء أم أبى.. ومما لا شك فيه أن مخاطبة (من يهمه الأمر) تستدعي بالضرورة خطابه بلغته أينما كان، وبالأسلوب الذي يفهمه، وتكريس الجهود لعقد ندوات متعددة من خلال جميع القنوات الإعلامية المتاحة، وعن طريق السفارات، وغيرها، للوصول إلى الآخر، وأعني ملايين العرب والمسلمين المقيمين في أمريكا وأوروبا وغيرها من دول الاغتراب، والتأثير في توجهاتهم، ولجم الفكر المضلل الذي استشرى في غياب الآراء الرصينة والتحليلات العلمية التي تخاطب العقل والوجدان، دون أن تجنح إلى العاطفة، وتنسى في غمرة ذلك بعض الحقائق الأساسية التي يستند إليها مروجو كراهية العرب والمسلمين، في حملتهم الشعواء التي تنسج خيوطها بليل، وترسِّخ التشويه المتعمد، ولعلّنا نمدهم بغير قصد بكثير من الوقود الذي يسهم في تأجيج عناصر الحقد والكراهية، وذلك بموجب تصرفات أقل ما يقال عنها إنها مرفوضة لأنها لا تمثل الإسلام من قريب ولا بعيد، بل هي نقيض تعاليمه السمحة.. فالطريق شائك وطويل لإنجاز مشروع حضاري يستأصل التشوّهات التي أحاطت بنا في كل مكان، ولم يبق طرف قصي أو قريب إلا وكانوا له بالمرصاد بغرض تركيعه والانقضاض عليه بافتعال منظومة من المشاكل التي تأخذ بتلابيب بعضها البعض، مما يستدعي بحسب الخطط المرسومة التدخل الدولي تحت مظلة حقوق الإنسان، والإغاثة، وحل النزاعات الطائفية والعرقية.. وهي بلا شك أمور تحتاج منا إلى نظرة صدق وشفافية لتعمل الشعوب المعنية بأمورها على حلها وإغلاق أبواب ونوافذ الشر التي يتقافز منها المتمسحون بالفضيلة، وحملة رايات الديمقراطية، وغيرها من شعارات الخير التي يراد بها الباطل. |
والشكر موصول للأساتذة الأفاضل الذين سيقدمون قراءات مختارة لهذا الكتاب القيّم الذي نحتفي به هذه الأمسية.. متطلعاً أن نلتقي مجدداً إن شاء الله الأسبوع القادم لنسعد بتكريم الصحفي الكبير معالي الأستاذ المهدي بنونة، الذي سيأتيكم من المغرب الشقيق خصيصاً لنقف عن كثب على تجربته الصحفية وغيرها من مجالات العمل الإنساني بصفته نائباً لرئيسة جمعية الهلال الأحمر المغربية سمو الأميرة للامليكة.. يسعدني أن أرحب بسماحة الشيخ محمد علي الجوزو مفتي جبل لبنان الذي شرفنا وصحبه في هذه الأمسية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً به وبكم. فإلى لقاء يتجدد دائماً وأنتم بخير. |
والسلام عليكم ورحمة الله. |
|
عريف الحفل: أيها السيدات والسادة يسرني أن أحيل لاقط الصوت إلى فارس اثنينية هذا الأسبوع معالي الأستاذ الدكتور محمود بن محمد سفر المفكّر والكاتب الكبير. |
|
|