(( كلمة سعادة الأستاذ الدكتور حسن الوراكلي ))
|
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين. |
السيدات الفاضلات.. |
السادة الأفاضل.. |
يسعدني في هذه الليلة أن أشارك في هذا التكريم الذي خصَّ به صاحب الاثنينية أخونا العزيز الأستاذ عبد المقصود خوجه صديقاً وأخاً له في النفس وفي القلب مكان خاص، وكما قلت غير مرة في مناسبات مثيلات يعجبني مع أنني قد أؤثر التحدث هكذا بتلقائية وعفوية، لكن يعجبني في مثل هذه المناسبات أن أكتب قبل أن آتي إلى المنتدى أو إلى الجمع الكريم كلمات أودعها لا أتحدث عن حياة المحتفى به، ولا أُترجم به، ولا أعرض لأعماله وآثاره في هذه الكلمات، ولكنني أودعها من فيض إحساسي ودق شعوري ما تجمّع بطول المعاشرة أو باتصال صحبة أو بموصول الصداقة، فهذه إذا تكرمتم بسماعها كلمات تفيض بهذه المعاني، على أنني قبل ذلك أحب أن أضع السادة الكرام والسيدات الفضيلات في الصورة، عنوان هذه الكلمة يتضمن بعض الأسماء وهي عبارة عن مصطلحات هذه الكلمة بعنوان عمر بن قينة عرّابة الأوراس يتلقى راية البصائر باليمين. |
والعرّابة رجل من الأنصار، والبصائر: هي المجلة التي كرّست قيم الإسلام والعربية في الجزائر فعمر بن قينة هذه الليلة هو الذي عناه الشماخ في قوله: |
إذا ما راية رُفِعتْ لمجد |
تلقّاها عرابة باليمين |
|
|
قبل لقائي بعمر أول مرة، كانت بيننا على بُعد الشقة وشط المزار مكاتبات ومخاطبات تعارفت عبرها أرواحنا فائتلفت! أوليست الأرواح جنوداً مجندة، ما تعارف منها ائتلف وما تنافر منها اختلف؟ |
وما ظنكم برجلين معنيين بِهَمٍّ ثقافي واحد، مسكونين بهاجس إبداعي واحد؟ يرى وأرى الثقافة معرفة تفرز سلوكاً وأن مورد الثقافة الإسلامية -أي معرفتها- هو الإسلام بصفته شرعة ومنهاجاً تتحدد وفقهما أخلاقيات أصحابها وسلوكياتهم، وما خالف ذلك في النظر والفعل والمنطق فهو رد! |
يرى وأرى الأدب خطاباً يستأصل قيم الإكباب في الصدور ويستنبت قيم العدل والخير والجمال، يهزم بها الدياجي في الأنفس ويفجر أنوار الفجر في الآفاق! من ثم كان محور ما يكتب وأكتب رفع الإصر عن الأمة التي تحدق بها مخاطر الانسلاخ عن الذات والتماهي في عباءة (الآخر).. |
من ثم توحد المقصد مما يخط وأخط: أن هلموا يا بني الإسلام، إلى عقيدة الاهتداء وثقافة الاستواء تهتدوا وتعودوا، إلى موقع الصدارة في الركب الحضاري للبشرية. |
لكن ما بالي أقحم نفسي في حديث ينبغي أن أُفرد به مكرَّمنا ليلتنا الرائقة هذه، فلأثن عناني، ولأرسم لكم، وسعي، صورة المحتفى به، الدكتور عمر: عرّابة الأوراس، يتلقى راية (البصائر) باليمين! |
حين ظن الغزاة القراصنة القادمون من وراء البحار، أنهم بعد جهد جهيد قدّروا على أن يكتموا أنفاس الفريسة ويسلخوا جلدها، (المقصود الشعب العربي في المغرب العربي والجزائر بالذات). |
حينئذٍ.. |
أترى أمر ربك.. |
رفعت راية البصائر.. |
رفعت من أول يوم لمجد.. |
هو مجد دين الإسلام، وهو مجد لغة القرآن، |
انشرحت بطلعتها صدور قوم مؤمنين، |
خفقت لها قلوبهم.. |
خَفَّ عرابة.. |
بل ألف عرابة، يتلقونها باليمين! |
هذا كان في طليعتهم. |
خف، في فتية آخرين، إلى حيث رفعت الراية.. |
ثمة، كانت عيون وينابيع تتدفق بعذب نمير سلسبيل.. |
أكب عليها، ومن معه، ينهل، ويعل! |
استمرأ ما غرف من يد الإبراهيمي، وابن باديس، والعقون، وسحنون، |
والغسيري، ومحمد العيد آل خليفة.. |
ثم مضى،، |
ومن معه، وأفئدتهم مترعة بحلاوة ما نهلوا، وألسنتهم رطبة بعذوبة ما علّوا: |
|
|
شعب الجزائر مسلم |
وإلى العروبة ينتسب |
من رام إدماجاً له |
رام المحال من الطلب |
يا نشء، أنت رجاؤنا |
وبك الصباح قد اقترب |
خذ للحياة سلاحها |
وخض الخطوب ولا تهب |
|
|
الذين نهلوا وعلوا من عيون (البصائر).. |
الذين آمنوا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبلغة الضاد منطقاً ولساناً، |
كانوا فريقين: |
فريقاً أعلن فتيته للدنيا، من فوق شاهقات الأوراس، جهاد الإيمان، |
يرهبون به عدو الله وعدوهم.. |
وأشعلوا القمم، والوهاد، والوديان، والسهول بالتكبير والتهليل.. |
وفريقاً خلف من بعد الأول.. |
واصل فتيته بالقلم جهاد فتية السلاح.. |
يذودون عن حمى المعتقد واللسان، لا يكلّون ولا يملّون! |
هذا عمر بن قينة،، |
كان في طليعتهم! |
ودونكم الشاهد على ذلك يتلوه الشاهد، |
أنصتوا إليه إذ يقول: |
(.. فهؤلاء القوم لم يكن لهم شأن (يعني الجزائريين) إلا بالإسلام، وهو الإطار نفسه الذي تحددت فيه لأول مرة في التاريخ هوية الشعب الجزائري واستقرت بعد ما قاوم جميع المحتلين، ثم احتضن الإسلام وحمل رايته وقد نضجت هويته بمضمونيها، العربية لغة جامعة بين سائر أفراده، والإسلام عقيدة توحيد ونظام. |
أولا ترون ابن قينة، عرابة الأوراس يرفع بهذه الكلمات راية (البصائر) باليمين؟ |
ثم أنصتوا إليه إذ يقول: |
(الاعتصام بالإسلام ديناً ولغته العربية لساناً في مواجهة البغي الاستعماري العسكري، والثقافي، والديني عكس حدة الصدام الحضاري بين حضارة الإسلام وحضارة النصرانية). |
أولا ترون ابن قينة، عرابة الأوراس يرفع بهذه الكلمات راية (البصائر) باليمين؟ |
ثم أنصتوا إليه إذ يقول: |
(تكبر اليوم الهجمة المحمومة على العربية والعروبة تحدوها الأصوات الناعقة في محيط الردة المشبع بالفكر الفرانكوفوني الحاقد، تحركت اليوم كل المحطات التي رعاها الاحتلال وتعهدها بالنماء سراً وعلانية، ومنه دعوة الأمازيغية التي ترفع اليوم في الظاهر كمطلب ثقافي تراثي بريء، وفي السر والهدف كما يخطط مخططون تتقدم استراتيجياً كخط دفاع أول لحماية الفرنسية التي تصارع في صمت ومكر ودهاء دفاعاً عن موقعها المتميز في جزائر ابن باديس وابن مهيدي. |
أولا ترون ابن قينة، عرابة الأوراس يحمل بهذه الكلمات راية (البصائر) باليمين؟ |
ثم أنصتوا إليه، مـرة أخرى وأخيرة، يؤكد على ثوابت الهوية الثقافية لشعبـه من قديم تاريخه إلى يومه: |
(انطلق أبناء الجزائر يعضدون الإسلام وينشرونه، ويبدعون بلغة القرآن في الوقت الذي شرعت فيه الملامح الثابتة للهوية الجزائرية تتحدد بوجهها العربي الإسلامي، فآي الذكر الحكيم حببت في لغة القرآن (العربية) التي لم تناهض (البربرية) ولا (البربرية) أبدت ضيقاً بها، بل من كتّاب (البربرية) من مارس الكتابة باللغتين: بربرية وعربية القرآن قبل أن ينصرف للكتابة بالعربية وحدها طواعية وحباً اقتناعاً تاماً بأنها اللغة الحديثة الأكثر قوة وثراء ودقة في التعبير عن النفس، وعن العلم، ومقاصد الشرع، وإدارة السياسة، وطموح الرسالة المحمدية فضلاً عن أنها لغة القرآن). |
أولا ترون ابن قينة مثلما رأيته من قبلكم: |
عرابة الأوراس، يتبقى راية (البصائر) إذ رفعت لمجد، باليمين؟ |
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. |
|
عريف الحفل: الآن تتوالى الكلمات ورجاء أن تكون الكلمات بين خمس وسبع دقائق، كسباً للوقت، الكلمة الآن لسعادة الأستاذ الدكتور جميل مغربي. |
|
|