وادي الأحبة هلاّ كنتَ مرعانا |
إن الحبيبَ حبيبٌ حيث ما كانا |
ويا أخا البُعدِ هل تشفيك قافيةً |
تبوح بالروح أنفاساً وأشجانا |
أُفٍ على الشعر والدنيا بأجمعها |
ما لم تُقَرِّب إلى الأخوان إخوانا |
هوِّنْ عليكَ فذاك الشملُ مجتمعٌ |
والنجع لاقى على التحنان خلانا |
إن الحمائم قد عادتْ مُغردةً |
فوق الغصون وعادَ البانَ نشوانا |
أما رأيتَ طيورَ البحرِ حالمةً |
في أُفقْنا ترسم الأفراح ألوانا |
فسلْ مُعللة الأنخاب هل نسيت |
بعد الرحيق كؤوساً كُنَّ هجرانا |
وسَلْ أحباءك الآتين كيف أتَوا؟ |
وكيف ناموا على الهجرانِ أزمانا |
وشائج الأرض أقوى من نوازعنا |
والحر ينسى طباع الحرِ أحيانا |
أحبابنا الأهل مرحى يوم مقدمكم |
هذا لقانا فهل تنضم أشلانا |
هذا لقانا.. فهل آمالنا انعتقت |
وهل نسيم ربيع الوصل قد لانا |
نريده صفعة للأمس توجعه |
إذا الغد الأبلج البسّام وافانا |
نريده غرسةً للمجدِ واحدةً |
دوحاً يكلل عُري الأرض تيجانا |
ولا نريد مواثيقاً مطرزةً تعيش |
في الورقِ المنسيّ أدرانا |
ولا نريد ابتسامات مؤقتة |
تغشى الوجوه وتغدو بعدُ نُكرانا |
قبل اللقاء أحرف التاريخ ما عرفت |
وجه الصباح ولم تطلبه عنوانا |
كأن طارقَ أوصانا بأندلسٍ |
شراً وعقبةُ لم يَحلُلْ بمغنانا |
نروي لأبنائنا مجد الجدود |
ولا نبدل الشوك عبر الدرب ريحانا |
وكيف ينفعنا عزُّ الأوائل ما |
دمنا بُغاثاً وطير الغير عُقبانا |
حار الأدلاء والبيداء تبحث عن |
نجم الطريق ولم تعرف له شانا |
وإنما نفحات الضاد تُسعِفُنا |
نوراً إذا الليل في بلواه أعشانا |
وللرياح تراتيل بغير هدىً |
تسبي الذي يعبر الأمواج وسنانا |
وتسرق البرقَ من أحشاء سطوته |
وتترك الغيم في علياه ظمآنا |
يا غرسة المجد هل تسقيك أغنيةٌ |
من وحي أوراس تبري الكون ألحانا |
وهل تجود عليك الدهر ماطرة |
من القلوب تُحيل الصخر وجدانا |
نَبِّه لها عمرَ المُختارَ وادع لها |
عبد الكريم بما صانَ وما زانا |
وناد شنقيط واستنثر معالمها |
والقيروان وتطوانَ وفَزّانا |
فالكَرْمُ قد عانقَ الزيتون في مرحٍ |
والطلح يزهو عساليجاً وأغصانا |
بُشرى البشائر مُدِّي ألفَ مَعْلَمَةٍ |
فوق السموات تُحيي عهدَ لُقيانا |
وسائلي عن بريد القدسِ هل وصلت |
خيوله البيضِ تستسقي روايانا |
وعن مآذِنِها الثكلى فإن لنا هناك |
أهلاً ضحاياهم ضحايانا |
تزوبعت هُمم الأطفال عندهمو |
وأنبتت لعيون الورد أسنانا |
لو أن سيوف أبي بكر ويوسف لم |
نغمده فينا تخطى اليوم بيسانا |
ومض الحجارة يزهيه فيسألنا |
متى تطاول سيلُ الدمع بُركانا |
ما أروع الجرح تجفوه ضمائده |
حيا ويرمي وجوه الظلم نيرانا |
أحبابنا الأهل لا شَطَّ المزار بكم |
بعد التداني ولا مَلَّته دُنيانا |
لولا المرابع والذكرى لما انطفأت |
بعض الجروح التي تشوي حنايانا |
فيمَا التفرقُ والأهداف تجمعنا |
لا يعلم السرَّ إلا اللَّه مولانا |
كم ذا أخاصم قلبي حين أهجركم |
وامتري منه سلوانا ونسيانا |
ويرفض القلب أن ينأى قلوبكمو |
إن الحبيبَ حبيباً حيثما كانا |