(( كلمة سعادة الدكتور عبد الرحمن الشبيلي يقرؤها عريف الحفل نيابة عنه ))
|
سعادة الأخ الأستاذ عبد المقصود خوجه حفظه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وكل عام وأنتم بخير. |
وبعد: |
في كل مرة يُعلَن فيها عن ضيف الاثنينيّة، أُحسُّ برغبةٍ غامرة في المشاركة في التكريم فكلُّ من وقع عليهم اختيارُ الاثنينية، من سعوديين وغيرهم، كانوا أهلاً للاحتفاء، وجديرين بالاهتمام.. |
لكنني في هذه الأمسية بالذات، شعرتُ بجزعٍ عميق لتعارض مناسبتها مع ظرفٍ مُلزمٍ آخر، لم أستطع التحلل منه أو التوفيق فيه ومصدرُ هذا الشعور معرفتي الوثيقة والقديمة بالشخصية المكرّمة، وتقديري البالغ لكفاياته ومواهبه وقدراته، وما أعرفه من الإجماع على علمه وتميّزه، وحضوره الأكاديمي والبحثي والاجتماعي. |
ومن المؤكد أنّ مما يزيدُ في احترام المجتمع الثقافي له ما امتاز به من أخلاق العلماء الكبار في التواضع والبساطة ونكران الذات، وعدم التباهي بما وصل إليه من مكانةٍ علميةٍ مرموقة ومرجعيةٍ أكاديمية موثوقة. |
من هنا، أخي أبو محمد، لن أتحدث عن تخصصه وإنتاجه الفكري، ولا عن أعماله ومشاركاته ونشاطه مُتعدد الوجوه، كما لن أُطريه أمام هذا الحفل الكريم، محترِماً عزوفه عن سماع المديحِ والإطراء، ومتجنباً تكرار ما سيقوله الأخوة المشاركون، ومكتفياً بما ستعرضونه من سيرته وتطور مراحل حياته الأُسرية والعلمية والثقافية. |
لكنني أتوقّف وقفاتٍ قصيرةً عند محطاتٍ قد لا يتسع حيّزُ الليلة للمرور عليها، وكم أتمنّى لو خُصّصت ليلةٌ ثانية لاستيعاب أبرزِ الكفايات المتعدّدة، العلمية والثقافية والإنسانية، التي عُرف بها. |
الأمر الأول: أننا نقفُ الليلة أمام شخصيّةٍ أكاديمية تُعَدُّ الدراساتُ التاريخيةُ ميدانَها الأول وتخصصها الأساسِِ، ولكن بعقليةٍ خلدونيّـة تحليليّـة حديثة، تستكشفُ الأسباب وتربطُها بالنتائج، دون إغفالِ طبيعة الأحداث وأشكالها، حتى أصبح، دون مبالغة، أحدَ خَزَنةِ تاريخ هذا الوطن في مختلف أرجائه، وأحدَ المراجعِ المعتمدة في تحقيقهِ وتدقيقهِ وتوثيقهِ وتدوينه والبحثِ فيه. |
الأمر الثاني: أننا -قَبِل أمْ لم يَقبل- نقف أمام أحد الشعراء المجيدين الأصيلين، مع تاريخٍ بقرضه بدأ مع صغره، وتنوَّع مع معظم أغراضه، وإن غلبت عليه منها قصائده الوطنية والغزليّة ثم إنه من القلائل الذين جمعوا التميّز في شقّيه الفصيح والشعبي، حتى أصبحت شخصيته الأدبية والشعرية تطغى أو تكاد على تخصصه الأول، وصار الكثيرون ينظرون إليه من خلال الثاني، ومن هنا، فإنني أجزم أن ليلة ثانية من ليالي الاثنينية تخصص لنتاجه الشعري بشقيه، وبقديمه وحديثه، ستكون ليلةً ماتعةً جاذبةً ومفيدة، لكنني أحرّضكم هذه الليلة على ألاّ تتركوه يفلت دون أن يُمتعكم بنموذج من أشعاره، القومية والعاطفية بالذات. |
الأمر الثالث: أنه، في الواقع، ورغم ما قد يبدو من هيئته وسماته المشائخية، يخفي شخصية مبدعة متذوّقة في فنون الطرب الشعبي الأصيل، وعشقه والمشاركة فيه، ولعلّي أكشف سراً إذا ذكرت أنه أحد أركان السمر الشعبي الذي يُـقام في مدينتنا عنيزة واشتهرت فيه وأقامت له مهرجانات موسمية وليالي أسبوعية ثابتة وخصصت له مقار وميادين يحضرها المهتمون والمتذوّقون، وأحسب أنه لو سمع هذه الليلة بجلسة طرب من هذا القبيل عند بعض جماعته في جدة لتسلّل إليهم، وترك ثقافتكم لكم. |
الأمر الرابع: وهو ما يتفق مع ما تتوقعون أن الشيخ الدكتور عبد الله العثيمين، كان التلميذ الأول لشقيقه سماحة الشيخ محمد بن عثيمين، وهو من أكثر من سمع منه، ونقل عنه، وتأثّر به، حتى اجتمعت لديه ثقافةٌ إسلامية عميقة، ومعارف متنوّعة، تضاف إلى رصيده التربويّ والثقافي الغزير، والانفتاح الذهني المستنير. |
أخي أبا محمد: |
لا أريد أن أقتطع مزيداً من وقت، تقضونه مع شخصية موسوعية متعددة المواهب والاهتمامات، يمثل اليوم أحد منابر العلم الحديث في بلادنا، سدد الله خطواتكم، وزاد هذا المحفل ازدهاراً وتألقاً، ومتّعه في حياته على زيادة عمل صالح ينفع أمته ووطنه ونفسه وأهله، وتقبلوا تحياتي. |
|
عريف الحفل: تبقّى الآن -أعتقد وأنتم مثلي بشغف- أن نستمع إلى فارس اثنينية هذا الأسبوع سعادة الأستاذ الدكتور عبد الله صالح العثيمين فليتفضل. |
|
|