(( كلمة سعادة الأستاذ الدكتور حسن الوراكلي ))
|
عبد اللَّه الصالح العثيمين |
نفحة وجد.. سرى بها صبا نجد |
- أ - |
التقيت به غير مرة في أبهاء متوهجة بتاريخ منبته نجد اليمامة،، |
كنت كلما دخلت عليه أبهاءه ألفيته مُكِبًّا، في جد وعزم، على صحائف وأسفار، يستخرج من بطونها ما تكتنزه من أمس الجزيرة، يُضِوّئهُ، ويُضَوِّئُ به يومها. |
كنت إذا خرجت من عنده ازداد قدره في عيني سمواً وعلواً، |
أَلأَنَني رجلُ يأخذ التاريخ بلبه، ويأخذ عمل الذين يجيدون حفرياته، بلبه؟ ربما! |
لكني -أصدقكم القول- كنت أجد لكل لقاء يجمعني به في أبهاء التاريخ حلاوة لا أفتأ أتلمظها! |
لكن أحلى لقاء به وأعذبه كان يوم؛ بل أيام الاحتفال بتكريم الأمير الشاعر عبد الله الفيصل. |
كان ذلك في ربوع (أبها) البهية. |
ثمة.. |
استكشفت في عالم العثيمين أفقاً، سحر عيني! |
دنوت من أفقه مأخوذاً بمفاتنه. |
رأيته أفقه يغفو، في حضنه، منتشياً ببوح الفراشات. |
ورأيته يستيقظ في حضنه، على همس السواقي، تحلم بمودة الغائب! |
هنالك،، |
رأيت العثيمين يسكب في النفوس، قبل الآذان، سحراً حلالاً من عطر رشتـه به صباحات دمشق البنفسجية! |
هنالك،، |
ساءلت نفسي: |
كيف تعانق التاريخ والشعر في عباءة العثيمين؟ |
بعيداً عن مقولات فلاسفة التاريخ وتنظيرات نقاد الشعر أقول لكم: |
يتعانق التاريخ والشعر: |
إذ يتوهج الوجد في الحنايا،، |
إذ يأرج العشق في الطوايا،، |
من وهج الوجد بالأرض التي أقلَّت، حيث مساقطُ الغيث تعشب بها أحلام اليمامة تدفق التاريخُ في فكر العثيمين. |
من أرج العشق، عشق الجمال حيثما تجلى، فار الشعر وانبجس في وجدان العثيمين.. |
|
- ب - |
اطلع العثيمين على وقائع تاريخ منبته،، |
استقى منها، شأن أولي الألباب، عبرة حَوَّلها إلى وعي بالتاريخ يحفز على النهوض والتغيير. |
حول القصدين تمحورت قراءة العثيمين المؤرخ: |
لخطاب الشيخ عبد الوهاب الإصلاحي، |
لتاريخ نجد، ما تلألأ منه وما بهت. |
لتجربة الوحدة التي لمت شتات الجزيرة وجمعت متفرقها. |
لم يترك من الموارد، على اختلاف ألسنتها، مورداً إلا واغترف منه في بلورة تاريخ أرضه التي أنبتته، واستنطقه وحاوره: |
ما دُوِّن باللسان العربي،، |
ما كُتِب باللسان العجمي،، |
ما جسَّده باللسان النبطي شعراءُ قصيدته من صور نجد،، |
|
- ج - |
سقى الله أرض اليمامة |
هنالك،، |
حيث ريح الخزامى وسلسبيل الحجيلاء، |
هنالك، |
حيث الجبال الشم تطاول منازل القمر، وإن منها لما يتفجر منه الأنهار، فلا محل ولا جدب! |
هنالك،، |
حيث الجبال الشم تناغي السحب في عنان السماء، وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء عذباً صافياً تسيل به العيون جذلى، تخصب بعذوبتها الأنفس والآفاق. |
هنالك، حيث يشمخ (طويق) الذي: |
|
منه القوافي الفاتناتُ تبلَّجتْ |
حوراءَ رائعةً تبرج في الحلى |
|
|
تُطربك وتُرقصك إذ يشنف مسمعك الذين ضفروا أكاليلها بألوان قزح في سالف العصر والأوان: الأعشى، والحطيئة، وجرير، والفرزدق، وذو الرمة، ويحيى بن طالب اليمامي، وزياد بن منقذ، والعباس بن الأحنف.. |
وتطربك وتسبيك، الليلةَ، إذ يشنـف مسمعك وارثُ سـرِّ أولئك وحافظُ وُدِّهم عبدُ الله الصالحُ العثيمين. |
أنصتوا إليه، كما أنصتُّ إليه ليلة (أبها) البهية، بمجموع حواسكم. |
سيلقي، إذ ينشدكم من شعره، في عيونكم والنفوس، وهجه الملتهب! |
أنصتوا إليه، كما أَنصت إليه ليلة (أبها) البهية، بمجموع حواسكم. |
سيبثكم، إذ ينشدكم من شعره، بَوْحَه اللاهث، بهواه المكتوم! |
أنصتوا إليه، كما أنصت إليه ليلة (أبها) البهية، بمجموع حواسكم،، |
سيترع أحناءكم بريح الخزامى تعطَّرت بها أجواءُ اليمامة غِبَّ صَوْبِ غاديةٍ وغادية. |
وعودا على بدء: |
هذا عبد الله الصالح العثيمين،، |
درسُه التاريخيُّ مُجلَّى،، |
بوحُه الشعريُّ مُحلَّى،، |
إنه.. |
نفحةُ وَجد.. تنفَّس بها صبا نجد! |
|
عريف الحفل: ونختتم هذه الكلمات بكلمة أرسلها سعادة الدكتور عبد الرحمن الشبيلي عضو مجلس الشورى، وهي في الحقيقة تحمل إضاءات جميلة أقرأها إن شاء الله عليكم. |
|