(( كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه ))
|
بسم الله الرحمن الرحيم، أحمدك اللَّهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، والصلاة والسلام على خير خلقك، حبيبنا وقدوتنا سيدنا محمد، وعلى آل بيته الكرام الطاهرين، وصحابته أجمعين. |
الأستاذات الفاضلات، |
الأخوة الأكارم،، |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: |
يطيب لي أن أرحب بكم أجمل ترحيب في هذه الأمسية التي نتدثر فيها بدفء لقاء تاقت إليه نفوسنا طويلاً، إلا أن ضيفنا الكريم الذي أسعدنا بحضوره بعد طول انتظار -كان ولم يزل- كثير الارتباطات، ولم نتمكن من اقتناص هذه السويعات لنسعد بتشريفه إلا بعد لأي.. فأهلاً وسهلاً ومرحباً بأستاذنا الدكتور محمد غانم الرميحي، في دارته، بين أهله ومحبيه وعارفي فضله، مثمنين عالياً هذا التواصل الذي نأمل أن يستمر ويتجدد. |
ويسعدني أن أهنئكم بحلول العام الهجري الجديد، سائلاً المولى عزّ وجلّ أن يجعله عام خير وبركة على البلاد والعباد، وأن يعيده أعواماً مديدة على الأمة الإسلامية بالأمن والرخاء والاستقرار في كل مشارب الحياة. |
إن ضيفنا الكبير رقم لا يمكن تجاوزه في خارطة الثقافة العربية، فقد مد جذوره في عمق تربتها، غذته برؤاها وجمال لغتها وتراثها، ولم يبخل عليها بتكريس جديد فكره، وعلمه، وتوغله في ثقافة الآخر، مقتطفاً منها ما طاب، فيهضمه ويتَمثله، ثم يفيد منه بقدر الحاجة لصقل رؤيته لواقعنا المعاصر، وتحليل معطياته وفق منظور يعترف بأكثر من زاوية، وأكثر من رأي، وأكثر من رافد، تشكّل في مجملها أسلوب تعامله مع المواضيع الحيوية التي يتناولها ضمن طروحاته المتعددة. |
وعندما أنظر إلى الجذور الثقافية لضيفنا الكبير فإن أول ما يتبادر إلى ذهني، مدرسة غنية عن التعريف.. أعني مدرسة (مجلة العربي) التي تتلمذ على صفحاتها أجيال من مثقفي الوطن العربي من الماء إلى الماء.. حيث شَرفت رئاسة تحريرها بأعلام كبار أذكر منهم أربعة من مفكري ومثقفي العالم الأجلاء.. على رأسهم أوّل رئيس تحرير لها، العالم والأديب الأستاذ الدكتور أحمد زكي، ثم الدكتور أحمد بهاء الدين، ففارس أمسيتنا الأستاذ محمد غانم الرميحي، ثم الدكتور سليمان العسكري.. هذه الثلة من المفكرين والأكاديميين اضافت ثمرات مميزة لعناصر الثقافة العربية، ومما لا شك فيه أن الدخول في زمرتهم يمثل فخراً واعتزازاً لمن حظي به.. فهنيئاً لضيفنا الكبير بما تبوأه من مكانة رفيعة كرئيس تحرير لواحدة من أعرق المجلات العربية، وأقربها إلى قلوب القرّاء. |
إن الأستاذ الدكتور الرميحي لم يقتصر في الشأن الثقافي على تأليف الكتب، وتحبير المقالات، وتدبيج المداخلات، بل تعدى ذلك ليصبح مفكراً مرموقاً في الساحة السياسية والثقافية المعاصرة، فهو صاحب رؤية ثاقبة لكثير من المنعطفات التي مرت بالمنطقة، وجلّها أحداث ساخنة ما زال أوارها يشتد ويصل إلى مواقع لم تكن ضمن منظومة الدول المشهود لها بالتحولات والهزّات التي تلتحف بعض الشعارات والمبادئ والعبارات البراقة، بينما تضمر شرهاً وشراسة للقفز على الشرعية بمختلف الوسائل التي تبرر بها أفعالها المرفوضة جملة وتفصيلاً. |
ولعلّ أبرز ما ينبغي التوجه إليه بالدرس والتحليل ظواهر العنف والإرهاب وتجاوز كل القيّم الدينية والاجتماعية التي استشرت بقوة خلال السنوات القليلة الماضية، وإن كانت جذورها عميقة ومعروفة في التاريخ الإسلامي. |
لقد أصبحت معظم الدول -ومن بينها منطقتنا الهادئة المطمئنة- في مرمى قانون الغاب الذي يتبناه مروجو إقصاء الآخر.. لذا نجد ضيفنا الكبير معنياً بدرجة كبيرة بهذه الظواهر الخطيرة والأمراض التي انقضت على مجتمعاتنا، وله أفكار ورؤى تنسجم مع التوجه العام لدرء هذه الفتن التي تزحف علينا كقطع الليل البهيم.. وهو يرى أن الفكر الظلامي الذي يغذي الإرهاب لا بد أن تتصدى له الجهات المعنية وكل شرائح المجتمع بكل ثقة بطرح فكر متكامل الأطر ليخوض حرباً تستهدف عقول الشباب وبعض الشيوخ الذين تعرضوا لجرعات مكثّفة من الأفكار المضللة حتى يعودوا إلى حظيرة الوطن كخير ما يكون المواطن الصالح الذي يسعى لأداء ما عليه من واجبات، ويحصل على ما له من حقوق يكفلها له الشرع الحنيف، بدون ضرر ولا ضرار. |
إن وجود فارس أمسيتنا على صهوة مهر ينطلق بقوة نحو آفاق أرحب لخدمة الثقافة، يمنحنا ثقة كبيرة في غد أفضل إن شاء الله، ذلك أن رئاسته تحرير مجلة "حوار العرب" التي تصدر شهرياً من بيروت عن مؤسسة الفكر العربي، وصدر منها حتى الآن ثلاثة أعداد فقط، فهي ما زالت في بداية طريق الألف ميل، يعتبر مكسباً لحركة التنوير التي نأمل أن تسهم في هزيمة الفكر الهلامي، والانتحار الجماعي، الذي يقدمه أصحاب الفتاوى الضالة والمضلة قرابين رخيصة توصلهم إلى أحلامهم المريضة. |
وغني عن القول أن ضيفنا الكريم -كأي مفكر- يتجاذبه تياران ما بين مؤيد ومعارض لطرحه وأسلوب تناوله لقضايا الشأن السياسي والاجتماعي والاقتصادي.. وتلك سمة لا تخلو منها أية شخصية عامة، و "الاثنينية" لم يكن من أهدافها قط إقامة ميزان لتقييم عطاء من تحتفي بهم، فذلك ميدان له رجالاته، ولكنها كلمة شكر وتقدير واحتفاء بكل عمل له تأثير إيجابي في منظومة الحياة اليومية وعلى المدى الطويل.. فضيفنا الكريم أكاديمي له وزنه ومكانته العلمية الكبيرة، غير أنه أطلق إسار إبداعاته ولم يتمترس خلف سياج الأبراج العاجية، بل تراه يدلي بدلوه عبر أفق واسع يتناول من خلاله مختلف شؤون وشجون الساعة في أي بلد عربي باعتبار أن الأرضية التي تسمح بتحرك في الغرب يمكن أن تنتقل وتؤثر مباشرة في الشرق، الأمر الذي يقتضي تعزيز التعاون الفكري والثقافي بين مختلف الفعاليات لتمتين أواصر العمل المشترك واحتواء الظواهر السلبية بكثير من الحكمة وفصل الخطاب. |
وأحسب أن ضيفنا الكريم قد أنجز جانباً كبيراً من مشروعه الفكري والثقافي المميز، وبين يديه أعمال كبيرة سوف يؤديها إن شاء الله بما لديه من خبرات تراكمية وخلفية ثقافية عريضة تجعل وصوله يسيراً إلى ذهن المتلقي أينما كان لما يتمتع به من أسلوب رصين وأفكار منظمة. |
الجدير بالذكر أن أستاذنا الكبير قد تحرر من أمية العصر، فهو متمرس في التعامل مع "الإنترنت" والبريد الإلكتروني، وله موقع خاص على الشبكة العنكبوتية، بالإضافة إلى متابعته لما يدور في موقع مجلة "حوار العرب".. سعداء بضيفنا الذي قدِم إلينا من الكويت، ولا ندري محطته التالية، فهو دائم الترحال، كثير التواصل مع معظم الندوات، والاجتماعات، والمؤتمرات، ومجالس الثقافة والفكر.. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعينه على مواصلة مسيرته التي نأمل أن تسهم بقدر وافر في أمن وسلامة واستقرار المجتمعات العربية. |
أرحب مرة أخرى بضيفنا الكريم، متمنياً لكم أمسية ماتعة في رحاب فكره وأدبه وثقافته.. وعلى أمل أن نلتقي مساء الاثنين القادم لنحتفي بسعادة الأستاذ الدكتور عبد الله صالح العثيمين، أمين عام جائزة الملك فيصل العالمية، والأستاذ بقسم التاريخ بكلية الآداب جامعة الملك سعود. |
والسلام عليكم ورحمة الله. |
عريف الحفل: السيدات والسادة، درجت "الاثنينية" كما تعلمون بعد الاستماع إلى كلمات أصحاب السعادة المتحدثين وكلمة لفارس "الاثنينية" سنفتح باب الحوار إن شاء الله، فنأمل ممن لديه سؤال أو اقتراح أو استفسار أن يوافينا به، وليكن سؤالاً واحداً حتى نترك الفرصة للجميع. أحيل الميكروفون الآن لأول المتحدثين وهو سعادة الأديب الأستاذ الدكتور عبد المحسن القحطاني أستاذ الأدب والنقد بجامعة الملك عبد العزيز بجدة. |
|
|