شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة فارس الاثنينية سعادة الأستاذ الدكتور عبد الكريم بكار ))
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إلهي نعمتني فلم أشكر، وبلوتني فلم أصبر، فلا أنت للنعمى مع قلة الشكر سلبت ولا أنت مع البلوى مع قلة الصبر أدمت، فلك الحمد ملء السموات وملء الأرض على ما يليق بالشأن الكبير وفضلك العميم، لا يسعدني إلا أن أوجه خالص شكري وتقديري لسعادة الأستاذ عبد المقصود خوجه ومعالي الدكتور رضا عبيد الذي ناب عنه في تكريمي، وإن كانت هناك فروض حضارية فالشيخ عبد المقصود ينوب عن بعض الأمة في أداء فرض كفاية حضاري في تكريم بعض من يظن بأنهم قدموا للأمة شيئاً ينفعها ويعود عليها بالخير والفائدة، أسأل لله تعالى أن يبارك في جهوده وأن يجعل عمله في طاعته وأن يجزيه خير الجزاء عن العلم وأهله، كما أشكر إخوتي الكرام الذين شرّفوني بكلماتهم، وأسأل الله تعالى أن أكون عند حسن ظنهم، وأشكر الأخوات الكريمات على الجميل وعاطر الثناء الذي سمعته منهن.
أيها الأخوة الكرام ربما كانت البداية قبل نصف قرن من الآن حينما مرضت مرضاً ليس بالخطير لكن الطبيب وقتها أخطأ التشخيص فما كان من جدتي أم والدتي رحمها الله ورحمنا إلا أن نذرت لله عزّ وجلّ فقالت: ربِّ إن شفيت هذا الولد فلك علي صيام سنة، وصامت تلك السنة مستمرة بصيفها وشتائها لم تفطر إلا أيام العيدين، أما والدي رحمه الله وأجزل له المثوبة فقد قال إن شفيت هذا الولد فسأعلمه العلم الشرعي، وكان هذا، فحين نجحت في الصف الرابع تركت المدرسة الابتدائية وانتقلت إلى المعهد العلمي الشرعي في حمص، وتخرجت في المعهد والتحقت بمعهد ثانٍ في دمشق وهو معهد الفتح الإسلامي فدرست فيه أيضاً خمس سنوات أخرى وهذا المعهد ربما أستطيع وأتجرأ وأقول إنه من أفضل المعاهد الشرعية في العالم الإسلامي، والدليل على هذا أنني حين تخرجت في ذلك المعهد قبلت في الأزهر في السنة الرابعة مباشرة، الأزهر كان يقدّر تقديراً عالياً لهذا المعهد، لذلك فكل من يتخرج في هذا المعهد يلتحق بالسنة الرابعة إما في كلية أصول الدين أو الشريعة أو اللغة العربية، وأنا اخترت الالتحاق بكلية اللغة العربية، بعد أن تخرجت نلت درجة الماجستير من كلية أصول الدين قسم اللغة العربية وتعاقدت مع جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض كما ذكر الأخوة وبعد ذلك نلت درجة الدكتوراه، لو تحدثت عن التعليم لأمكنني أن أقول إن هذا القطاع يشكل لكل الأمم مفتاحاً للنهضة ومفتاحاً للتقدم هناك شيء يحدث الآن في العالم ربما لا ينتبه له كثير من الناس، كان في العالم رأس مال قديم، والآن يتشكّل رأس مال جديد، رأس المال القديم -وأرجو أن نأخذ هذه الفكرة بمنتهى الجدية لأنها تمس كل واحد منا- رأس المال القديم كان لدى الأمم ما تملكه من طاقة ما تملكه من معادن، ما تملكه من مساحات واسعة من الأرض، ما تملكه من أنهار عذبة، ما تملكه من موقع جغرافي متميز، هذا هو رأس المال القديم لدى الأمم وسيظل مهماً وستظل له قيمته المقدرة، لكن رأس المال القديم الآن يزاح إلى الحافة ويحل محله رأس المال الأممي، رأس المال الجديد هو -وهذا الكلام ينطبق على الأمم وينطبق على الأفراد أيضاً- رأس المال الجديد هو الآن ما تملكه الأمة من أهداف من دوافع، من مثل، من نظم، من مؤسسات تعليمية متقدمة، من مؤسسات تقنية ممتازة، هذا هو رأس المال الجديد، الأمم الفقيرة برأس المال هذا ستظل فقيرة، وستشعر مع الأيام أن رأس مالها القديم صار بمثابة عملة تنخفض قيمتها باستمرار على أن تصبح عديمة الفائدة ويقال كان لها قيمة والآن لا تُقْبل، أنا آمل أن نفكر في هذا، والشواهد على هذا كثيرة، سنغافورة عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة تقريباً في النصف الأول من عام 96 كانت صادراتها 35 مليار دولار، وهم ثلاثة ملايين، هذا هو رأس المال الجديد، ما تصدره إسرائيل من بتروليات فقط يتجاوز 4 مليارات دولار سنوياً، ودخل الفرد في حدود 20 ألف دولار في السنة، وهذا يماثل الدخل في دول أوروبا، وليست عندهم أرض ولا ماء للشرب، هناك أهداف، هناك مبادئ، هناك نظم، هناك دوافع، هنالك مؤسسات تعليمية ممتازة وأطر تقنية ممتازة، هذا هو رأس المال الجديد وإذا لم ننجح في تكوينه والمساهمة فيه فستعاني الأجيال القادمة أكثر مما نعانيه الآن مرات ومرات، هذه نقطة في غاية الأهمية، وأنا بصفتي مدرساً درست تقريباً ثلاثين سنة منذ أن كنت طالباً في الجامعة وعملت ستة وعشرين عاماً أشعر أننا نملك طاقات هائلة، نملك نماذج متقدمة من الأساتذة والطلاب، لكن هؤلاء ليسوا هم القاعدة هؤلاء يشكلّون الشذوذ عن القاعدة، القاعدة أيها الأحبة وأنا أعترف وأنا شخصياً فشلت وأعترف أمامكم أننا فشلنا أن نحبب الكتاب لأبنائنا نحن أخفقنا -وكلمة "فشلنا" أجازها مجمع اللغة العربية في القاهرة مع أنها دلالة على الجبن، لكن قال تستعمل للدلالة على الإخفاق- نحن أخفقنا في جعل أبنائنا يحبون الكتاب وهذه حقيقة، وهذا الحب كان يجب أن يزرع في البيوت ولكن البيوت لم تتمكن من زراعته بسبب الأمية وأسباب أخرى، المدارس أيضاً لم تستطع أن تقوم بدورها، في المدارس أيها الأحبة هنالك أيضاً مشكلة، نحن دائماً نقول نحتاج إلى المال، لا شك في مدارسنا مشكلات كثيرة لا تحتاج في حلها إلى أي مال وعلى رأس هذه المشكلات أسلوب التلقين الذي نتبعه في مدارسنا، هذا الأسلوب أدى إلى إفساد أخلاق الشباب وإفساد عقولهم، ولهذا تحليل وقاعدة معرفية لا أريد أن أتعرض إليها، لم يتلق التعليم من المجتمع الدعم الكامل لم يتلق الدعم الكامل من رجال الأعمال، نحن الآن نتحدث عن عمل الخير فقط لكن الأمم الأخرى التي نعدها دنيوية تعمل في سبيل الخير وتدعم الأعمال الخيرية أكثر منا، والأرقام تقول ذلك في عام 2003م جمع في أمريكا للأعمال الخيرية مائتان وسبعة مليارات دولار، أنفق جزء كبير منها على التعليم، جامعة هارفارد أوقافها التي تنفق منه على مشاريعها تسعة مليارات دولار، هذا رقم قديم ربما الآن وصل إلى اثني عشر مليار دولار، مرة تنفق على الطلاب الفقراء مرة تنفق على البحث العلمي، تنفق على التطوير، فماذا فعلنا نحن؟ المجتمع لم يقدم أيضاً الدعم للمدارس لأنه ليست لدينا مجتمعات علمية، نحن دائماً نظن أن المجتمع العلمي هو المجتمع الذي يبني المدارس والجامعات، كل الأمم تبني المدارس والجامعات، المجتمع العملي هو الذي يكيّف حياته ويتبع القيم والأساليب والعلاقات التي يلقنها لأطفاله في المدارس، البيوت لا تفعل هذا، ما يقال في المدارس شيء وما يفعل في البيوت شيء آخر على المستويات كافة، ولذلك قطاع التعليم عندنا يعاني من ذلك مثل قطاع الزراعة قطاع هش لا يستطيع أن ينهض إلا إذا دعمته الدولة، وميزانية التعليم في بعض الدول حوالي 27٪ كما هو الحال في المملكة، ليس من المعقول أن يكون أكثر من هذا، لكن البيوت والأسر والأثرياء والآباء لم يدعموا التعليم كما ينبغي، أن تدعم مدرسة حكومية بشكل ممتاز كل سنة بألف و ألفين ريال أفضل من أن تضع ابنك في مدرسة خاصة تدفع له كل سنة أكثر من عشرين ألفاً، المدارس الخاصة بعضها ممتاز ولكن بعضها أساء، وأنا في تصوري أن التعليم يحتاج إلى دعم من الخارج، وهو أيضاً يحتاج إلى أن ينفض الغبار الذي على أكتافه، مصيبة المؤسسات التعليمية، وهذه مشكلة عالمية، أنها هي بطبيعتها جامدة ومحافظة أكثر من اللازم، هي يعهد إليها المجتمع بأن تطوره لكنها عاجزة عن تطوير نفسها، وطالما تجادلنا في الجامعة عشر سنوات أن نغير كتاباً ونضع مكانه كتاباً آخر كنا نخفق في ذلك، هذا يحدث في العالم كله، جامعة أكسفورد وكيمبردج بقيت مناهجهما جامدة إلى القرن السابع عشر إلى أن جاء رجال الأعمال وقالوا إذا أردتم أن نوظف خريجيكم دعونا نشارك في وضع المناهج فتغيرت المناهج وتحسّن الحال، أنا أريد فقط أن نلفت النظر إلى هذه القضية وأن نجعلها قضية وطنية ليست قضية رجال أعمال بل هي قضية عامة، علينا جميعاً أن نتعاون والمصلحة لجميع أبنائنا وللأجيال القادمة، فطالما شاركت في لجان في اختيار المعيدين وقبول الطلاب، نحن أحياناً لا نبذل من الوقت لاختيار المعلم الذي يعلم أربعين سنة، والله لا نبذل الوقت الذي نبذله عندما نريد أن نشتري ثلاجة، بعض الناس إذا أراد أن يشتري ثلاجة ينزل هو وزوجته وأولاده حتى يختاروا الثلاجة المناسبة، ونحن إذا جلسنا في اللجنة عشر دقائق نناقش طالباً هل يصلح أن يصبح معيداً أو يصبح معلما ً نقول (طولتم علينا) هذا سيتولى التعليم أربعين سنة هذه قضية لا علاقة لها بالمال، علاقتها بالاهتمام، علاقتها بالنظم التي نضعها في الحسبان، أتمنى على أصحاب الثراء تشجيع القراءة، في زوايا بيوتكم افتحوا باباً على الشارع، افتحوا غرفة، ضعوا فيها مكتبة سيأتي الناس يقرؤون ويتعلمون، نحن أمة كما قال كثير من الأخوان قد هجرت الكتاب، أمة إقرأ لا تقرأ، نحتاج إلى دعم للكتب، نحتاج إلى دعم للمؤلفين، إيجاد صالات لمطالعة الكتب، سلاسل لتبسيط المعرفة وتقديمها بأسعار مناسبة، نحتاج إلى إجراءات كثيرة وهذه تعجز عنها أي دولة ويعجز عنها طلاب العلم، لا بد أن نتعاون جميعاً لأن هذا في النهاية يصب لمصلحة الوطن والأجيال، تجربتي في التعليم، أنا يؤسفني أن بعض الذين تحدثوا عني ربما -هم مشكورون- ربما ما عرفوا الشيء الذي كرّست حياتي فيه في بادئ الأمر -أنا بفضل الله عزّ وجلّ ألفت ستة كتب في اللغة العربية، وترقيت إلى درجة أستاذ منذ اثنتي عشرة سنة تقريباً، ومارست التدريس طيلة فترة عملي بالجامعة، لكن بعد أن ترقيت لدرجة أستاذ رأيت أن المعرفة التي لا تتصل بالمسلم هي معرفة زائفة، العلم الذي لا يخدم الناس لا يطور المجتمع هو علم لسنا بحاجة إليه، وبالتالي منذ ذلك الوقت- أي منذ خمس عشرة سنة تقريباً وأنا أكتب في القضايا الفكرية والقضايا الدعوية والإصلاحية، فأنا لست نحوياً من أعلام هذا العصر ولا مرجعاً في النحو، مع أنني ألفت فيه، ليست هذه شخصيتي، أنا لست ذلك الرجل، تجربتي في التأليف كانت خارج التخصص كانت أشبه بالسباحة في الفضاء، أشبه بالمشي في الظلام، أن تخرج من كل أطرك، من كل معلوماتك، من كل مراجعك لكي تدخل حقولاً جديدة وبعضه بكر، كتابي "فصول في التفكير" أول عنوان في العربية يعالج هذه القضية في حدود 300 صفحة، لكن الكتابة خارج التخصص أشبه برحلة خارج الوطن، أشياء كثيرة في الدنيا لا تستطيع أن تراها إلا إذا رحلت، وأنا رأيت هذه الأشياء الكثيرة من خلال رحلتي من تخصصي إلى التخصصات التي كتبت فيها، وحين كتبت في القضايا الفكرية كان اسم "مفكر" وحده مستنكراً، أذكر أن أحد طلاب العلم سئل قبل اثني عشر عاماً ما معنى "مفكر" فقال هذه كلمة مستحدثة، المفكر عالم أم جاهل، فإن كان عالماً قولوا عالماً، وإذا كان جاهلاً فقولوا جاهلاً، فوجئت قبل سنة تقريباً كان يتكلم في إحدى الفضائيات وقال "فلان مفكر إسلامي" فقلت سبحان محول الأحوال، فصار الآن لدينا اعتراف بالفكر الذي هو دائماً الفكر والتفكير هو فن صناعة المفاهيم هو فن اكتشاف العلاقات، هو فن فهم منطق الأشياء، هو فن فهم طبائع الأشياء، هو فن فهم الاتجاهات العامة التي تسير فيها الأشياء، هو دائماً يبحث في الكليات ويعرض عن الجزئيات بينما العلوم دائماً تهتم بالجزء وتهتم بالفرعيات، وفي هذا السياق يؤسفني أن أقول إن الساحة الإسلامية فقيرة بالمفكرين العظام، اسمحوا لي من أبناء هذه الساحة ومن المدينين لها ومن الذين يغذونها بالفكرة بعد الفكرة، ولكنني أقول بكل أسف ساحة الصحوة الإسلامية بالتحديد فقيرة بالمفكرين العظام الذين إذا كتب الواحد منهم كتاباً يترجم إلى عدة لغات في سنة واحدة، أو يطبع منهم مليون أو يكون بمثابة حجر في بركة ماء راكدة، هذا قليل لدينا، لا يتناسب الموجود أبداً مع الممكن، نحن نستطيع أن نفعل أشياء كثيرة، لكن لو كان الأمر سهلاً حتى يصبح الإنسان مفكراً لكان كل الناس مفكرين، ولو كان البحث سهلاً لكان الناس باحثين، ولو كان وصف العالم سهلاً لكان كل الناس علماء، القضية تحتاج إلى عمل، أنا لا أدعي ولا أشعر -وأنا أتكلم بصدق- بأنني أملك قدرات عقلية متميزة، ولا أشعر ولا أدعي أنني تلقيت تعليماً ممتازاً، لكن من خلال تجربتي الصغيرة والمتواضعة استفدت فوائد كثيرة، منها ألزمت النفس بساعات محددة كل يوم بالقراءة، وهذا الإلزام كان صارماً فإذا نقصت ساعة أو ساعتان في يوم من الأيام قضيته في اليوم الثاني وأنا لا أترك هذا إلا في حالتين، إذا كنت مسافراً أو كنت في حالة مرض، الاستمرار في التعلم، وأنا ما زلت في أول الطريق وما أجهله أكثر بكثير مما أعلمه، وأنا لا يخطر في بالي أبداً ولا أحب أن يخطر في بالي لحظة التوقف عن التعلم، ولا أحب أبداً أن أنظر إلى الوراء، مرة كتبت موضوعاً في مجلة المعرفة: أنا والفشل ذكرت فيه محطات من الفشل في حياتي وقلت أنا فشلت في أن أحب كتبي، فأنا لا أحب كتبي، لا أحب أن أستمع إلى المحاضرات التي ألقيتها، وقلت وقتها عبارة "لن أقرأ كتبي ولو سجنوني معها" هكذا طبعي، أنا أحب دائماً أن أنظر إلى المستقبل، وإذا مرّ عليّ يوم ولم أقرأ فيه أشعر بضياع، أشعر بفراغ وبضيق نفس، ولا أعرف كيف يمر علي ذلك اليوم ولم أقرأ فيه شيئاً أستفيده، شيئاً يتصل ببرنامج للتأليف والبحث والتعلم، وأنا هنا أحث أبنائي الشباب خاصة على كسر رقبة الخطوة الأولى، أقول لهم لا تحتقروا أنفسكم أنتم شيء كبير، والواحد فيكم إذا انطلق سوف يندهش من الإمكانات التي يملكها، وليعمل وليكن شعاره دائماً العمل والمزيد من العمل والله سبحانه وتعالى لا يضيع أجر العاملين، يقولون إن النجاح مدين بثلاثة أشياء الرغبة ثم القدرة ثم الفرصة، وهذا نجاح الأشخاص العاديين، لكن أنا في نظرتي للحياة إذا توافرت الإرادة الصلبة فإنها تكشف الممكن الحضاري المستتر الذي لا نراه، تكشفه الإرادة الصلبة، بل إن الإرادة الصلبة والعزيمة الماضية تصنع الفرصة، ومن خلال تجربتي الصغيرة، خير الفرص ليست تلك التي نقع عليها أو تقع علينا، خير الفرص التي نصنعها نحن، نصنعها من خلال العمل ولو كان صغيراً، ولكن من خلال المتابعة من خلال الاستمرار والمثابرة نصنع فرصاً كبرى هي أكبر بكثير من تلك التي نصادفها في حياتنا.
اسمحوا لي أيها الأخوة أن أنتقل بسرعة إلى بعض رؤيتي الحضارية والإصلاحية فقد ذكر الأخ الأستاذ خالد السريحي بعضاً منها، أنا شخصياً أحب النجاح، وأكره الإخفاق كراهة تحريمية، ليس لأننا نخفق لكن لأن الإخفاق حينما يتراكم يهزم النفس البشرية، يحوّلك من إنسان مقبل على الحياة إلى إنسان مدبر، ومن إنسان واثق إلى إنسان متشكك، النجاح في نظري ثلاثة أقسام: نجاح حقيقي ونجاح مؤقت ونجاح موهوم، النجاح الحقيقي له صفة واحدة وهي ذلك النجاح الذي نحققه على صعيدنا الشخصي على صعيدنا الأسري، على صعيدنا الاجتماعي أي نجاح، النجاح الحقيقي في هذه الحياة هو النجاح الذي يساعدنا على النجاح الأخروي، كل نجاح في هذه الحياة الدنيا يقربنا خطوة من الله تبارك وتعالى فهو نجاح حقيقي، أما النجاح المؤقت فهو ذلك النجاح الذي يتم بطرق مشروعة لكنه نجاح من الدنيا وللدنيا، بمعنى لا يساعد صاحبه على شيء مثل الذي يكسب ماله من حلال وينفقه في المباحات وليست له نية صالحة، هذا نجح أن كسب مالاً لكن هذا النجاح سيظل مؤقتاً وما دامت الحياة مؤقتة ستظل نجاحاتها في النهاية نجاحات مؤقتة طالت أم قصرت، أما النجاح الموهوم، النجاح الخادع فهو ذلك النجاح الذي يتم بطرق غير مشروعة، الأموال التي تجمع عن طريق الربا والغش وأكل الحقوق والتحايل والخروج عن الأنظمة، والجاه الذي يصنع صناعة من غير لب حقيقي، كل هذه النجاحات هي نجاحات موهومة، نصفق للناجحين كثيراً ولكنهم يجدون عتمة في صدورهم، عتمة في أرواحهم حين يخلون بأنفسهم ويعرفون أنهم نالوا من التقدير ما لا يستحقونه، هذه هي أقسام النجاح، وعلى كل منا أن يختار القسم الذي يحب، وعليه بعد ذلك أن يتحمل العواقب التي تترتب على ذلك الاختيار، في حياتنا أيها الأحبة جدلية التحدي والاستجابة، كان العالم في الماضي ينظر إلى النكبات إلى النكسات على أنها كوارث، تغيرت النظرة الآن صرنا ننظر إلى التحدي على أنه وسيلة لبلورة الذات، وأنه وسيلة لحشد الطاقات، وأنه وسيلة لتعظيم الوعي، وبالتالي فكل أزمة تمنحك فرصة إذا كنت في الموقع الصحيح وفي الموقف الصحيح، نحن علينا أن ننظر إلى الأزمات هذه النظرة، لو سألني سائل وأنا هنا، سأتكلم من سيرة ذاتية، ما أجمل لحظات حياتك؟ لقلت تلك التي أكون فيها في مناجاة مع ربي جل وعلا، وحين يفتح الله علينا بصيغة في الثناء عليه أشعر بأن هذه الصيغة تظل أحياناً مصدراً لمسرات روحية لا توصف، أحياناً تستمر شهوراً - وأحياناً لا تبلى تبقى سنوات وأنا كلما ذكرتها شعرت بحالة جديدة وبألق روحي جديد، حين أقصر في العبادة حين أغفل حين أسهو، حين أعصي تفقد الأشياء طعمها في فمي ويصبح الإنسان مثل الذي يعلك جلده، قطعة من الجلد لا طعم لها ولا رائحة ولا فائدة، كل مسرات الحياة حينئذٍ عندي تفقد طعمها، ومن خلال خبرتي أيضاً أن من الأخطاء الكبرى التي نرتكبها أننا نجعل السعادة هدفاً نسعى إليه، يقول إذا أخذت الشهادة الله أعلم كيف ستكون حالتي وسأكون كذا وكذا، وإذا تسلمت المبلغ الفلاني، وإذا رزقت بولد، وإذا نلت المنصب الفلاني، وهكذا يجعل السعادة هدفاً لديه، ومن خلال خبرتي وخبرتكم أن كل الأشياء التي تمنيناها طويلاً وجدناها حين وجدناها أقل مما كنا نتوهم، وبعد مدة قصيرة تفقد قدرتها على الإثارة وقدرتها على بعث المسرات، بعض الناس أيها الأحبة جعل الشطر الأول من حياته في اشتهاء الشطر الثاني وجعل الشطر الثاني في التأسف على الشطر الأول، ما الحل؟ استمتع بكل لحظة موجودة الآن بذكر الله عزّ وجلّ بالثناء عليه استمتع بالإدراك بالتخيل، استمتع بالأشياء القليلة التي بين يديك، استمتع بالرضا، حتى الابتسامة مجانية، ابتسم يا أخي وهذه الابتسامة أنت المستفيد الأول منها، أنت لا تستطيع أن تجمع بين الابتسامة والاكتئاب، فبمجرد أن تبتسم يذهب جزء من الاكتئاب لديك وتنفتح آفاق للروح آفاق للنفس جديدة، لنستمتع بالقناعة، لنستمتع برضوان الله تبارك وتعالى لنستمتع بما نتخيله وننتظره من مثوبة الله تعالى.. تجربتي من الأخطاء الكبرى أن نجعل السعادة هدفاً نسعى إليه، والسعادة بين أيدينا، نستطيع الآن أن نسعد وأن نستمتع وأن نسر ولا نؤجل شيئاً ربما يحدث في المستقبل.. تعلمت من تجربتي أن الإنسان المسلم يحاول دائماً أن يحقق مصالحه في إطار مبادئه، وفي الحقيقة ليس الإنسان المسلم فقط بل كل الناس حتى غير المسلم يحاول أن يحقق مصالحه في إطار رغباته حتى اللصوص، لص جاء إلى منزل ليسرق الذهب لا يقتل إذا استطاع أن يسرق من غير قتل، إذا استطاع أن يحقق مصلحته بأقل قدر ممكن من مبادئه، لكن أيها الأحبة إن اعتقدنا أننا نستطيع أن نحصّل مصالحنا على الوجه الأكمل ونلتزم بمبادئنا على الوجه السامي والمتكامل فنحن حينئذٍ واهمون، في لحظة ما وهذه اللحظة أحياناً تتكرّر يومياً، في لحظة ما سنجد أنفسنا في حاجة إلى أن نضحي ببعض مصالحنا حتى نبقى على الطريق الصحيح أو أن نضحي بمبادئنا حتى ننال مصلحة من المصالح، والعاقل أيها الأحبة هو الذي يضحي بمصالحه من أجل المبادئ، هذا هو الرجل، والأمة الفقيرة -أيها الأحبة- ليست التي لا تملك المال، الأمة الفقيرة هي التي يتلفت أطفالها يمنة ويسرة فلا يرون إلا رجالاً من الدرجة الرابعة، هذه هي الأمة الفقيرة بالرجال أصحاب المبادئ أصحاب الثبات، أصحاب الوجدان أصحاب الخير والنفع للعباد، من عنيت بهذه النماذج هي الأمة ولو لم يكن لديها مال لأن هذا سيأتي بالمال في النهاية، حين نضحي بمصالحنا نضحي بشيء مؤقت، ولكن ثقوا بأن الله سبحانه وتعالى أكرم من أن تعامله نقداً، ففي اللحظة التي تضحي بها من أجله يكافئك في نفس اللحظة نوراً في قلبك وعزة واستشعاراً تماماً كما نتصدق بشيء أحياناً يكون الواحد قليل ذات اليد ومع ذلك يتصدّق، وفي نفس اللحظة يكافئه الله سبحانه وتعالى شيئاً في قلبه وبعد ذلك يضاعفه أضعافاً مضاعفة، تعلمت أن هنالك دائماً إمكانية لعمل شيء وهذا ما يشعّ من قول الله جلا وعلا إن مع العسر يسراً (الشرح: 6) إن مع العسر يسراً، إن العسر لا يأتي بعد اليسر إنه موجود في نفس اللحظة التي يوجد فيها اليسر، وعلينا أن نعلم أنه ما يغلق باب إلا ويفتح باب آخر، ولكن قصورنا التربوي والثقافي يجعلنا نشتغل في الباب الذي أغلق عن الباب الذي فتح، دائماً هناك فرص وإمكانيات وأبواب مفتوحة لكن علينا أن نتعلم كيف نطرق هذه الأبواب وكيف يمكن أن نسعى إليها، وتعلمت من تجربتي أن المرء إن امتلك ثقافة شرعية جيدة فإنه لا يخاف ولا يخشى فلينفتح على كل الثقافات وليأخذ من جميع الناس لأنه يملك الميزان الذي يزن به الأشياء وأنا شخصياً استفدت فوائد لا تحصى من جراء انفتاحي على الثقافة الغربية وعلى الثقافة العلمانية وعلى الثقافة القومية وعلى الثقافة الاشتراكية انفتحت على كل هذه الثقافات، وبحمد الله رغم كل الكتب التي نشرتها والتي تجاوزت خمسة وعشرين كتاباً ما وجّه إليّ نقد من زاوية شرعية في وجه من الأوجه مع أنني اقتبست من كل الثقافات ومن جميع الأمم، فلنتعلم ثوابتنا ثم بعد ذلك فلنتطلع ولا يضيرنا ذلك شيئاً، الآخر أيها الأحبة درجات، زوجتك آخر، وأخوك آخر، وصديقك آخر، وأمريكا آخر، وإسرائيل آخر، والصين آخر، الآخر درجات هو دائماً يشكّل تحدياً كيف نتعامل معه، كيف نستفيد منه، وكيف نهادنه ولكن مع ذلك فإن هذا الآخر يشكّل منافساً ويشكل خطراً إلا أنني أعتقد وأرجو أن تضعوا خطوطاً تحت هذا: أن الآخر يشكّل جزءاً من الحل، هذا الآخر المنافس هو جزء من الحل الذي أريده، بعض الحلول التي أريدها موجودة عند اليهود وموجودة عند الأعداء وموجودة عند أعتى العتاة، موجودة عند الأصدقاء.. فلنقم ونعطِ حتى الأعداء حقهم، ونذكر ميزاتهم، الآن هجوم ضخم على حقوق الإنسان في كل الصحف لأن أمريكا اخترقت حقوق الإنسان، دع ما تخترقه أمريكا من حقوق الإنسان، لكن خذ ما تحترمه أمريكا من حقوق الإنسان، خذ ما يحترمه الناس واستفد منه، الآخر في نظري هو مرآة لي، والوعي بالذات هو فرع من الوعي بالآخر، وأنا حينما أشوّه الآخر فإنما أشوّه المرآة التي أنظر فيها وأصبح كمن ينظر في مرآة محدبة أو مرآة مقعرة لا تريه الحقيقة، انصفه أعطه حقه، ألا تقبل فأنت حر، كن قادراً على الإنصات كن قادراً على كلمة الحق، كن قادراً على أن ترى الأشياء على ما هي عليه من غير تزوير، إن تزوير الآخر هو تزوير للذات وإساءة للذات، بل أقول أكثر من هذا إذا كنا غير قادرين على أن نعرف الآخر على ما هو عليه فإننا سنجد أنفسنا في لحظة ما عاجزين عن فهم أنفسنا، أنا والله كل ما أقوله أعتقده بدون مبالغة، وأن جزءاً من عظمة أي أمة في الأرض جزء من مكوّنات العظمة أن تعتقد أن لدى الآخرين شيئاً يمكن أن تتعلمه، يفهم من عظمة هذه الأمة الآن أن تعتقد أن في الغرب وفي الشرق أشياء يمكن أن تتعلمها وتحتاج فعلاً أن تتعلمها وأن جزءاً من عظمة أي نظام أن يبنى على أساس أنه نظام ناقص، وأنه نظام يحتاج إلى المراجعة، وأنه نظام يحتمل النقد ويحتاج إلى التطوير وأن أي نظام أعتقد أنه وصل الكمال فهو نظام غير كامل، من خبرتي أيها الأحبة مشكلات الأمة داخلية، وقصورها ذاتي وما فعله بنا الأعداء، ما نفعله في أنفسنا -أقول بصدق- لا يستطيع أن يفعله فينا أعدى أعدائنا، لماذا لا يستطيع لأنه لا يملك الوسائل التي يصل بها إلى ضررنا، كل مؤثر خارجي يظل هامشياً إلا إذا نحن بتكاسلنا بضعفنا باتباعنا لشهواتنا لأهوائنا إلا إذا حولناه إلى عامل داخلي، القناة الماجنة هي مؤثر خارجي وسيظل خارجياً وهامشياً إلا إذا فتحناها وجئنا بها ولم نراقبها ولم نتابعها حينئذٍ تتحول إلى مؤثر تخريبي داخلي، وذلك -كما استشهد أحد الأخوة- بالقرآن الكريم قل هو من عند أنفسكم (آل عمران: 165) وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً (آل عمران: 120)، أنا أؤمن بأن هناك جهوداً كثيرة ومخططات تدفع بهذه الأمة إلى الوراء، أؤمن بهذا وأعتقد ذلك، والذي يعتقد أن العالم يتصف بالبراءة الشاملة فهو غير فاهم للأمور، هناك مؤامرة على الأمة لكن ثقوا أن هذه المؤامرة لن تنجح إلا إذا كنا نحن بعض جنودها، إذا لم نكن جنوداً لتلك المؤامرة فلن تنجح وسينكفئ الأعداء على وجوههم، وفي التاريخ تجارب كثيرة تدل على هذا، الفكر الإصلاحي لدينا تأثر بما ساد في الفكر اليساري بأنه إذا دعمت الدولة وجعلت الدولة تستولي على كل شيء فإنك حينئذٍ سوف تصلح المجتمع، في روسيا هكذا فعلوا وفي الاتحاد السوفييتي هكذا فعلوا، أعطوا كل شيء للدولة ففسدت الدولة وغاب المجتمع وانتهى كل شيء، ماذا تفعل الدولة لشخص يتكلم كلاماً بذيئاً! ماذا تفعل الدولة لرجل لا يفتح المصحف ولا في الأسبوع مرة، ماذا تفعل الدولة لرجل لا يوقظ أبناءه لصلاة الفجر، ماذا تفعل الدولة لرجل لا يذكر الله إلا قليلاً، بل أقول أكثر من هذا لا تنتظروا الأبطال الكبار لا تنتظروا الفاتحين العظام، لا تنتظروا أحداً، أمة الإسلام الآن أمة هاربة وممزقة على العالم، ولا ينفعها بطل فرد يأتي في دولة، ربما يحدث تغييراً في بيئة محدودة، بطل عظيم عمري الأخلاق والصفات يظهر في السنغال ماذا ينتفع منه أهل إندونيسيا، لا ينتفعون منه شيئاً، لأن الأوضاع الدولية لا تسمح للبطولات الكبيرة، الأمة بحاجة إلى ملايين الأبطال الصغار ليست بحاجة إلى الأبطال الكبار، هذا المعلم الذي يعلم بطريقة صحيحة، هذه الأم التي تربي بطريقة صحيحة، هذا العامل الذي ينجز عمله بطريقة صحيحة، هذا المدير الذي يدير إدارته بطريقة صحيحة، وهؤلاء هم الذين يبنون الأمة، والذي يظن أن مع فساد القاعدة الاجتماعية نستطيع أن نتجاوب مع بطل كبير هو واهم، إنك لن تستطيع أن تصنع من الطحين الفاسد أي شيء صالح ولو جئت بأمهر الخبازين الذين يخبزون ذلك الطحين، لنعد إلى القاعدة الشعبية وأول هذه القاعدة نحن أنفسنا أسرنا أوضاعنا، مشكلة المسلمين ليست مع المستحيل، مشكلة المسلمين مع الممكن، ليست مع البعيد، بل مع القريب، ليست مع الصعب، بل مع السهل، مشكلة المسلمين مع غيرهم مشكلة المسلمين مع أنفسهم، هذه هي المشكلة إذا عملنا ما هو ممكن الآن، صار ما هو مستحيل الآن ممكناً غداً. هذه هي طبيعة الأشياء، داء هذه الأمة هو تلك الفجوة بين ما نقول وبين ما نعمل، هذه الفجوة هي نفس المساحة بين الصحة والمرض وهي أسوأ مساحة، العلم أيها الأخوة ثم العمل، الحقيقة اكتشفت شيئاً عجيباً وهو أن أصغر الأعمال تتسم بالخصائص نفسها التي تتسم بها أكبر الأعمال، كل عمل صغير له نفس خصائص العمل الكبير، كل عمل صغير يساعدنا على اكتشاف أنفسنا لأننا لا نعرف طاقاتنا الحقيقية إلا عندما نعمل، كل عمل صغير يغيّر في البيئة على نحو إيجابي لتكون الخطوة التالية أسهل، كل عمل ولو كان صغيراً يدلنا على الممانعة الموجودة في الأشياء، هناك سنن لله عزّ وجلّ وهناك طبائع للأشياء وهناك نظم تحكم الأشياء، هذه الطبائع والنظم تجعل الأشياء تتأبى وتجعلها تمتنع، ولن نكتشف تأبيات الأشياء وممانعاتها إلا من خلال العمل، ولذلك من أسوأ الأمور أن ننقد في الفراغ، يجب أن يكون النقد في ظل العمل، لأننا من خلال العمل سنتعلم كيف ننقد، الآن لدي كلمة قصيرة جداً، وحين تتحسن أحوالنا المادية تتحسن لكن هنالك شيئاً في حياتنا يتراجع وهو البعد الروحي الخلقي - يتراجع - أحبتي - بسبب العولمة أولاً لأن العولمة تنشر خلق الصفقة خلق المساومة، خلق كل شيء قابل للبيع إذا دفع ثمنه، وقد أثبتت الأيام أن النظام التجاري الذي تقوم عليه العولمة هو أقوى النظم الثقافية على الإطلاق، ولذلك نحن الآن تبهت أرواحنا وتتراجع القيم في أنفسنا، البعد الروحي يتراجع، التيار الشهواني الذي انفتح علينا الآن، الغرب فتح كل أبواب غرف نومه علينا، بل فعل أكثر من ذلك، ولذلك إذا كنا نظن أننا بالفكر نقاوم الشهوة نكون مخطئين، إذا كنا نظن بالفكر نقاوم الانحلال الخلقي نكون مخطئين كما تفعل بعض الجرائد والمجلات، نكون مخطئين، لا نستطيع أبداً أن نقاوم التيار الشهواني والتيار المادي والتيار الانحلالي إلا بإنشاء تيار روحي جديد، هذا التيار الروحي هو مسئوليتنا جميعاً أن ننشئ تياراً روحياً جديداً منضبطاً بتعليمات الإسلام لكنه يتوّهج من الداخل بالقيم وبالمبادئ وبالشعور بمعية الله تعالى وبمراقبته وحبه واستعطافه والتذلل إليه والسعي إلى مرضاته.
 
لا بد أن أشكر أسرتي التي وقفت معي، وخاصة زوجتي فقد تحملت عني 90٪ من عبء تربية أبنائي، فلذلك أبنائي من تربيتها وليسوا من تربيتي، وهذا ما أقوله بصدق وأنا مدين لهم، جزاهم الله عني خير الجزاء، وأنا أدعو لهم في سجودي في كل يوم، ومدين لزملائي وأصدقائي وطلابي ولجمهوري الذين دائماً يمدونني بالتشجيع وبالملاحظات وبالتوجيهات القيّمة، وأنا مدين لهذه البلاد التي وفرت لي البيئة التي أنتجت فيها ما أنتجت فأسأل الله أن يديم عليها نعمة الرخاء والأمن والاستقرار وأن يزيدها ازدهاراً في ازدهار، إنه سميع مجيب والحمد لله رب العالمين..
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :932  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 51 من 235
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

صاحبة السمو الملكي الأميرة لولوة الفيصل بن عبد العزيز

نائبة رئيس مجلس مؤسسي ومجلس أمناء جامعة عفت، متحدثة رئيسية عن الجامعة، كما يشرف الحفل صاحب السمو الملكي الأمير عمرو الفيصل