شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الدكتورة أحلام محمد سعيد باحمدان ))
بسم الله الرحمن الرحيم، وبعد،
التقيت بالأستاذ الدكتور هنا في خاطري.. من خلال استفهامات كثيرة مغلقة مستعصية وأنا في صفوف دراستي الأولى..
ثم التقيته خارج المملكة في إحدى مكتباتها عبر "تجديد الوعي" كأنه يحرك كامناً لا أعرف متى كان ابتداؤه من خلال أصداء ما قرأت بل قل ما اكتشفت..
- وبعدها التقيته مع كل صفحة وعنوان.. يقول في واحد منها.. إن أمتنا بحاجة إلى عقول المهندسين ومباضع الجرّاحين وعطف الأمهات وشفافية الذاكرين وأيدي العمال الماهرين وآفاق المخططين والمنظرين.
- والأستاذ الدكتور منظر مخطط من فرع رأسه إلى أخمص قدمه، يطل على الدنيا في فترة حرجة فيرى الحياة والأحياء بعين الناقد.. يوجه الأشخاص في ذواتهم ويوجه التيارات.. ولما كان مع هذا متذوقاً للكلمة، فقد كان هذا بلا شك كسباً للغة. وأخص صفاته: النظرة الشمولية، والطرح العميق، يضع يده على الداء ويصف الدواء - وهذه صفات المنظّر الأصيل..
وتطّرد آراؤه -على هذه الأسس- في دراسة وضع المسلمين وهم يعيشون اليوم بين التحدي والمواجهة، وقبلها في دراسة الذات الإنسانية، فكراً وتجديداً سواء بسواء.. يتحدث عن اكتشاف الذات وعن "التفكير الموضوعي" وعن "تجديد الوعي". أليست هذه المنطلقات وتلك المتابعة هي التي تشكّل مجتمع المسلمين بعد ذلك، وتبرز ما هو مطلوب منهم، وتؤثر في علاقاتهم بالمجتمعات الأخرى. إن القضايا الكبيرة والهموم الكبيرة عمّا يميز الشخصيات الفذّة المسؤولة، لكن تتبع المشكلات والقضايا، والدعوة إلى الخبرات التراكمية والقياسات الصحيحة هي التي تُدخل الأبحاث في دوائرها الصحيحة. وأسمعه يؤكد ذلك حين يقول: إن مستوى "المعرفة الدعوية" المتوفر الآن لا يكفي لاستمرار قوافل الهداية إلى غاياتها المنشودة، والدليل على ذلك النكسات والنكبات التي تُصاب بها الجماعات والهيئات الإسلامية في كثير من بلاد الإسلام والعالم الخارجي، ومع أن جزءاً من ذلك شيء لا بد منه إلا أن بإمكان المعرفة الجيدة والخبرة المتراكمة أن توفر علينا الكثير من الوقت والجهد والمال والدم والعناء، وأن تحقق الكثير من النجاحات والانتصارات الباهرة بعد توفيق الله وعونه..
والذين يقرؤون للشيخ البكار يدركون أن هذه أخص خصائصه، فهو ينقد ويوجه ولكنه لا يجرح، وأسمعه يقول: "نحن نصوّر واقعاً تحكيه بلاغة الأرقام، فإننا لا نملك، إلا أن نضع بعض النقاط على الحروف، مع أن بعض الحروف ليس له نقاط".
لقد تسلل في لباقة كاملة في أول الأمر إلى أوضاع العالم يكثف الدراسات والإحصاءات والتحليل والنقد، ويوسع مجالات الرؤية والبحث في الأسباب والجذور، ويدعو إلى ذلك مؤكداً أن هذه هي المفردات التي ينبغي أن تشكل منهج معالجة المشكلات ومواجهتها.
وكان من خلال ذلك يرد عن بعض القضايا - ويترك بعضها لتستقر في الأذهان لباقة منه في ذلك إلا أنه طوال خط كتاباته لا يغير عقيدته الفكرية ولا مبدأه التربوي.
فهناك من يرقب الأوضاع من الخارج، ثم يعبر في اتجاهها، وهذا ليس بخطأ. لكن كتابات الشيخ البكار وكتبه مرآة للواقع من الداخل، وقد تهيأ له ذلك لأنه هو واحد من ذلك الواقع لا يرتفع في إحساسه عنه، ولكنه ينفعل ويستجيب، فهو متصل بهذا الواقع من الداخل، وهو يحس في صميم نفسه ما يحسه كل غيور صادق، فإذا كتب كانت كتبه صدى الحرارة الكمينة الدفينة التي يشاركه فيها كل غيور في شعوره وهي قدرة تحسب للشيخ كمنظر ومفكر ومخطط، يتكلم عن جميع المهمومين بهموم العالم الإسلامي جميعاً، ويعبِّر عما لا يقدرون على التعبير عنه.
كتاباته تلخيص جيد لموضوعات العالم الإسلامي فهي دراسة متكاملة واستخلاص أكّده بأرقام وقياسات واضحة.
وإن كنت في بعض المواضع أحتاج منه إلى شيء من التحديد والتخصيص والاستزادة. فيرد عليّ قائلاً: "إن من الوظائف الأساسية للأفكار الجديدة إثارة الاهتمام والجدل وتحفيز التساؤل، ومسّ طيوف الأفكار العميقة لدى القارئ".
وقد كان.
حفظ الله الشيخ في حله وترحاله، وبارك له في قلمه وجنانه، وزادنا فهماً وعلماً من فكِـره ونتاج بنانه.
عريف الحفل: الكلمة الآن للأستاذ خالد عبد الله السريحي مدير المركز العلمي الأول لتعليم القرآن والسنّة بجدة..
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1484  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 48 من 235
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي

الشاعر والأديب والناقد, عضو مجلس الشورى، الأستاذ بجامعة الملك سعود، له أكثر من 14 مؤلفاً في الشعر والنقد والأدب.