(( كلمة سعادة الأستاذ الفنان محمد عبده ))
|
مساء الخير وشكراً فالأستاذ عبد المقصود خوجه من الأصدقاء الأعزاء منذ الفترة التي تحدث عنها وسررت بدعوته لي الليلة سرورين: السرور الأول أنني سمعت عن الاثنينية ولم أشاهدها، والسرور الثاني هو الاحتفاء بأستاذي إبراهيم خفاجي. |
الحقيقة أن المتحدثين قبلي من أدباء ومفكّرين لا أجد لنفسي مكاناً بينهم للتحدث، ولكن من الممكن أن أسرد وقفات لنا أنا والأستاذ إبراهيم خفاجي، وعندما كنت هاوياً في بداية الستينات الميلادية سنة 1960م كان هناك مشروع لموهبة، ولم يكن لي مكان في تلك الفترة بين الفنانين الذين كانوا يملئون السمع والبصر، ولكن أقر بأن الأستاذ إبراهيم خفاجي كان هو الحافز المهم والأساسي لي بأن أكون مشروع فنان ناجح، في تلك الفترة كان الأستاذ إبراهيم خفاجي يراهن على موهبة الفنان محمد عبده من بين الفنانين الكبار في تلك الفترة أذكر منهم الأستاذ طارق عبد الحكيم ورائد الفن والغناء الحديث الأستاذ طلال مداح -يرحمه الله- بدأت مع الأستاذ إبراهيم خفاجي بنص غنائي ليس من ألحاني بل من ألحان الأستاذ طارق عبد الحكيم وهو “لنا الله” وهذا العمل غنيته في عام 1962، وكان صوتي آنذاك لم ينضج ولم يكتمل، وكان الأستاذ إبراهيم خفاجي يصر على أن ألحن بنفسي، لأن الملحنين في تلك الفترة كانوا قلّة كالأستاذ طارق عبد الحكيم والأستاذ عبد الله محمد، وذلك كان حافزاً كبيراً لألحن لنفسي، لأن الملحن الأستاذ طارق عبد الحكيم والأستاذ عبد الله محمد كانا يذهبان بالتلحين إلى الصوت الجاهز، وصوتنا هو الفارس، والكلمة واللحن هما الخيل التي توصله لنقطة النجاح، وكان الأستاذ إبراهيم خفاجي يراهن على أن أكون ملحناً ناجحاً وأعطاني نصاً عام 1963م يقول: |
ما في داعي من حنانك |
كل يوم عاذل جديد |
ما في داعي من ملامك |
كم في حبك من شهيد |
|
|
وكان ذلك من أنجح الألحان واعترف أيضاً بأن محمد عبده بدأ مشروع ملحن قبل أن يكون صوتاً مكتملاً وناجحاً وناضجاً في تلك الفترة، بعدها تغنينا بالوطن وهذه من أهم المراحل التي تميّز مرحلتنا أنا والأستاذ إبراهيم خفاجي، التغني بالوطن وليس الغناء بالوطن. كيف؟ يخرج الأستاذ إبراهيم خفاجي من تشنج الأغنية الوطنية وتصنعها وجعلها أغنية عاطفية، فألف لي نصاً هو: |
أوقد النار يا شبّابها |
وصمة العار ما نرضى بها |
دمنا في أرضنا |
وسعدنا في وعدنا |
جنة الخلد يا طلابها.. |
|
|
وكان ذلك في حرب شرورة في تلك الفترة، وفي عام 1965م ألّف لي كلمات غاية في التطور، وهذه الألحان نسمعها اليوم وكأنها جديدة والنص هو: |
أشوفك كل يوم وأروح |
وأقول نظرة ترد الروح |
أعيش فيها عشان بكره |
عشان ليلي اللي كله جروح |
صحيح النظرة ما تكفي |
ومن الآلام ما تشفي |
ولكن عذرنا الحاضر |
نراعي الوقت والخاطر |
وما دام النظر مسموح |
أشوفك كل يوم وأروح |
|
|
من الأغاني الجميلة التي أيضاً تتغنى بالوطن، ألّف لي الأستاذ الخفاجي أغانٍ كثيرة جداً منها الأغنية التي تقول: |
مثل صبيا في الغواني ما تشوف |
ناشرات الفل والنقش اليماني في الكفوف |
والعيون الدعج من تحت المقالم فيها خوف |
خوف يسبي الناظرين |
يبعث الحب الدفين.. آه.. يا معين.. |
|
|
بعد ذلك ابتدأنا في عمل أوبريتات فنية، "عرائس المملكة" وكتب أيضاً "مولد دولة" والتي ألّف على غرارها فيما بعد "مولد أمة" ومن الأغاني الأخيرة التي أعتز بها الأغنية الإسلامية الجميلة "كوكب الأرض". |
كوكب الأرض عزيز في المدار |
وبلاد النور درة كوكب |
بعث المختار فيها واستدار |
زمن الأرض بتاريخ النبي |
هذه هي بلادي في الحواضر والبوادي |
مهبط الوحي الأمين وأمان الخائفين |
|
|
في الحقيقة أن الأستاذ إبراهيم خفاجي من ذكائه الذي تعلّمنا منه لأن في فترة ظهوره كانت هنالك أعمال ضخمة للشعر الفصيح كشعر الأساتذة حمزة شحاته، محمد حسن فقي، محمد حسين عواد، طاهر زمخشري هؤلاء عاصرتهم وأعرفهم، فإبراهيم خفاجي عندما بدأ كان شاعر الفصحى ولدي الكثير من القصائد الفصحى التي غنيتها له وهي من المجسّات والموالي، وله أيضاً قصائد غناها له الأستاذ طارق عبد الحكيم بصوته من القصائد الفصيحة المقفاة الموزونة، ولكن عندما وجد أنه من المستحيل مجاراة هؤلاء العمالقة في وقتهم فاتجه نحو الأغنية البينية ما بين الفصحى والعامية ولكن ليست العامية المستوردة ولكن من العامية الناشئة من الفصحى، وكما نعلم بأن لسان العرب على سبعة ألسن التي لم تنشر وأدخلها في قالب جميل جداً بخلاف ما نسمعه من المؤلفين الغنائيين من بعده، حقيقة وهذا رد على أستاذي الدكتور عبد الله منّاع، إن الأستاذ إبراهيم خفاجي جعل المهمة صعبة جداً لمن بعده مثل ما ترك بيرم التونسي مهمة ثقيلة جداً لمن بعده، وحقيقةً شعر هؤلاء العمالقة لا يعوّض أبداً، وأعتقد أن الأغنية في الحجاز أخذت وقتها وانتشارها وكانت قاعدة لها في الانطلاق وقاعدة لها في المملكة العربية السعودية بشكل واسع للأغنية العربية المثقفة، كان النص النجدي يأتي في مرحلة ثانوية بعد النص الحجازي، فمن البديهي عندما يضعف هذا الخط يظهر الخط الثاني، وعموماً فنحن خدمنا الأغنية السعودية أينما كانت سواء في الحجاز أو نجد، هذه مهمتنا، فعندما نجد نصاً جميلاً حتى وإن كان من أي مكان في الجزيرة العربية عندما قدمنا أغنية بلهجة يمنية، وأغنية بلهجة خليجية وبلهجة نجدية نكون قد حققنا التوحيد في معظم ثقافات المملكة ولهجاتها وحضارتها الفنية، أشكر لكم حسن الإصغاء، وأرجو المعذرة لأنني تكلمت أمام هؤلاء العمالقة عمالقة الفكر والأدب. |
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. |
عريف الحفل: السيدات والسادة، المتحدثون كثر، ومن هو جديد على هذه الاثنينية لا يعلم، أما روّاد الاثنينية فيعلمون أننا نحاول أن نختصر قبيل منتصف الليل حتى نراعي ظروف الأخوة الكثيرين الذين يأتون إلينا من مكة المكرمة، ومن أماكن بعيدة. |
طُلبت كلمات ولكن درجت الاثنينية على أن من يريد أن تتاح له فرصة الحديث عليه الاتصال بسكرتارية الاثنينية قبل وقت كافٍ ليتم ترتيب وتنظيم الكلمات والوقت المتاح، فنعتذر لمن لم نستطع إتاحة الفرصة له، وأنتم مثلي وكل الحضور وكذلك السيدات يتمنون الاستماع إلى فارس هذه الاثنينية الأستاذ الكبير إبراهيم خفاجي.. |
|
|