شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الأستاذ السيد عبد الله الجفري يلقيها نيابة عنه الشيخ عبد المقصود خوجه ))
إبراهيم خفاجي.. "الألفا"!!
استرجعتُ أصداء كثيرةً من الماضي البعيد، ومن المناسبات القريبة.. وتذكرتُ آخرَ لقاءٍ سَعُدتُ فيه بتواجدِ الشاعر الكبير/ إبراهيم خفاجي، في ذلك اليوم الذي زرتُ فيه الفنان الكبير/ محمد عبده في بيته بجدة في صُحبةِ المخرج السعودي المبدع (المتأربت) الآن/ عبد الله باجسير.. لنفاوض محمد عبده في مباحثاتٍ (مضنية) معنا، تسهّلت جداً -بعد ذلك- مع مذيع أوربت (حفلاتي)، وكنا نُفاوضه لتصوير حلقاتٍ من مشواره الفني بعد أن كلّفتني إدارةُ "الأوربت" في رضائِها عني آنذاك: بأعدادِ هذه الحلقات ومحاورةِ الفنان/محمد عبده!!
الأهم في هذه (الحادثة الأوربتية): أنني فرحتُ -يومَها- بوجود الشاعر الكبير/إبراهيم خفاجي حاضراً معنا، وداعماً لفكرتنا في محاولةٍ مخلصةٍ ومُحبةٍ منه لإقناعِ الفنان الكبير بقبول العرض.. وكان "محمد" يُصر يومَها أن لا يُغني في حلقاتِ البرنامج ولا يُمسك عوداً!!
الآن.. نستمتعُ بغنائه وفنه في الحفلات العامة المتعاقبة!
ويومَها.. قلتُ للأستاذ/ إبراهيم خفاجي:
- أوحشتنا.. اشتقنا إلى صوركِ الغنائية المغموسةِ في "شيرة" الأرض والبيئة، فأين أنت؟!!
- أجاب بابتسامة خفيفة كأنها الطيف: موجود يا سيّد.. الآن في الأوبريت!
هذا "الشاعر الغنائي" الكبير.. كتبتُ عنه قبل سنوات، وقُلتُ عنه:
- يبدو أن هذا الإنسان يُعاني من الإِرهاق النفسي. ولذلك صار "مزاجهُ" مقفولاً!!
إنه "إبراهيم خفاجي".. الذي لم نَعُدْ الآن - نسمعُ الجديدَ من شعره الغنائي إلاّ نادراً أو كفاكهة سنوية أو حولية.. حتى عاد إلينا بهذا "الأوبريت"!
ولعلّنا نُطالبه اليوم بأن يُجدّد مفاتيح صدره، لِتُشرَّع أبوابُ "مزاجه" ويستعيدَ حيويتَهُ ونشاطه.. فهو فنانٌ مرهف، يحترم الكلمةَ التي يصوغها!
ولعلّنا -أيضاً- نود أن نُذكِّر "الخفاجي" بنفسه.. فهو الذي أَعطى إحساسه في كل أُغنيةٍ كتبها.. وتفوّق بالمعنى، والتصويرِ إلى الإبداع، ودورِ الكلمة!
* * *
تطور الكلمة المغنّاة:
- يؤرِّخ لتطور "الكلمة المغنَّاة" أو الشعرِ الغنائي مع بداية الخمسينات الميلادية عندما انطلق الفنان الرائد "طارق عبد الحكيم" بإيقاع الجزيرة العربية إلى أسماع الوطن العربي، وبكلماتٍ من الشعر الغنائي الذي كان فارسه في تلك الفترة: الأمير عبد الله الفيصل، وانتشرتْ أغنيتُه: "يا ريم وادي ثقيف"، والشاعر الرقيق "محمد الفهد العيسى" الذي غنّتْ له "سميرة توفيق" في البدء من ألحان الموسيقار طارق عبد الحكيم، مثلما غنّت أيضاً: نجاة الصغيرة، وفايزة أحمد.
وكان هذا المدخل.. هو المنْفذُ لِتُشرِعَ بوابةٌ كبيرةٌ يمشي عبرها موكبُ الفن السعودي الذي يمثل أرجاءَ الجزيرة العربية، وبزَغَ من هذا الموكب: "إبراهيم خفاجي"/ شاعرُ أغنيةٍ شعبيةٍ، غزليةٍ، ووصفيةٍ، ووطنية.. يواكب صوتين غِرّادين, قويين، شجيين.. هما: صوت الفنان طلال مداح، ومن بعده صوت الفنان محمد عبده.
وفي مساحة هذين الصوتين: ترعرعتْ كلماتُ "إبراهيم خفاجي"، وانتشر شعرهُ الغنائي الذي لفَتَ إليه الأسماع/ بألحان: طارق عبد الحكيم، وعبد الله محمد/ وسراج عمر بعد ذلك، وبألحان طلال مداح ومحمد عبده لمَا تغنّيا به على امتدادِ مشوارِ تطورِ الأغنية السعودية الحديثة.
كان "إبراهيم خفاجي" في الستينات هو: فارسَ الشعر الغنائي، كمن يُشكِّل مدرسةً جديدةً في صياغة الشعر الشعبي المغنَّى.. وهو في طموحهِ وتألقهِ: كان يفتح درباً لمبدعين واعدين في صياغةِ الأغنية يومها، أرادوا أن يترسّموا خطاه، حتى قال "إبراهيم خفاجي" في أيامه هذه:
- "لقد تفوّق الواعدون الذين كنتُ أمامَهم، وكانوا -بكرمٍ منهم- يعتبرونني أُستاذهم"!
وتشكَّل جيلٌ جديدٌ: مبدع في الشعر الغنائي، ومُجدِّدٌ للصور الشعرية الغنائية.. وأضاء في المقدمة: شعرُ الأمير خالد الفيصل، والأمير بدر بنِ عبد المحسن، والأمير محمد العبد الله الفيصل.. فكان هؤلاء الفرسان هم انطلاقة كلمات وصور الأغنية الحديثة في الجزيرة العربية.
وبقي "إبراهيم خفاجي": رائداً في تقييمِ هؤلاء الفرسان لهم.
وبقي "إبراهيم خفاجي": رمزاً.. يتقدم جيلاً جديداً متجدداً أحدث هذا التطور الملحوظ في كلمات الأغنية الحديثة.
- وقد اتجه الشاعر "إبراهيم خفاجي" إلى كتابة الصور الشعبية التي يمهرها الانتماء الشعبي، منطلقاً في إبداعاتِ من موهبته المبكرة، ومن معاناته الإنسانية كفنان، ومن تلمسه للصور الجمالية كشاعر.. خاصة ما يُجسد جمال الطبيعة والتّغني بها.
وتجد هذا الإبداع مكثفاً في قصائده الوصفية مما يرتبطُ بانتمائه لأرضه.
وقد أصابتْ شُهرةً عظيمةً: أغنيته التي أبدع الفنان "محمد عبده" في لحنها بحكم انتمائه هو الآخر إلى الجنوب - وهي أغنية "مِثْل صبيا".. فهو يصفُ مغاني الطبيعةِ والمكان من خلال حوارٍ مع المحبوبة وكذلك أُغنيته: "معايا.. معايا" التي طاف بها مع المستمع أرجاء الوطن.
- ومن أقوال الشاعر "إبراهيم خفاجي" للصحافةِ المحلية في إشادته بالحب، وتعبيره عن عشقه لأرضه.. قال:
- "حب الوطن: نغمةٌ في شراييني، والكتابةُ لهذا العشق: متعةٌ بحد ذاتها.. وأنا لستُ إلا واحداً ممن كتبوا وأبدعوا في مجال الأغنية الوطنية".
* * *
بكل الشجون التي سكبتْها مشاعرُنا تأثراً بكلمات هذا الشاعر وأغانيه.
وبكل ما قدمه "إبراهيم خفاجي" لوطنه من عشقٍ وهو يُصورُ في شعره: ملامحَ كلِ منطقةٍ ومميزاتها وتاريخها العريق.. حتى قلتُ عنه: إنه جمع "الأمكنة" التي وشمها التاريخ بالتراث، وبالإبداع، وبالشعور، وصوَّرها في تبلوهاتٍ غنائيةٍ رائعة.
بكل ذلك كله.. قلوبنا مع شاعر بهجتنا وفرحنا الكبير بإبداعه الشعري: "إبراهيم خفاجي".. تحوطهُ محبةُ أمّةٍ تغنَّتْ بكلماته، فكانت هذه الكلمات هي: أفراحها وتعبيرها عن عشقِ الوطن والانتماءِ للأرض.. شفاه الله.
 
عريف الحفل: أحيل الميكروفون الآن إلى سعادة الدكتور عبد الله منّاع الكاتب والأديب المعروف.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1000  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 7 من 235
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الشعرية والنثرية الكاملة للأستاذ محمد إسماعيل جوهرجي

[الجزء الخامس - التقطيع العروضي الحرفي للمعلقات العشر: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج