(( كلمة سعادة الأستاذ فهد محمد العريف ))
|
حق لي الآن أن أقول لا طيب بعد عرس، الحمد لله رب العالمين الواجب على كل ذي مقالة أن يبتدئ بحمده قبل استفتاحها، كما بُدئ بالنعمة قبل استحقاقها، الحمد لله الذي علَّم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، الحمد الله الذي رفع بالعلم أقواماً تأخر بالجهل عنهم قوم آخرون: قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون (الزمر, الآية: 9). |
والصلاة والسلام على رسول الله، محمد ابن عبد الله النبي الأمي الذي بعثه الله للأميين رسولاً، فهداهم وعلمهم وأضاء لهم إلى الحق سبيلاً، وبشرهم بفضل من الله ومنة فقال: ما من رجل يسلك طريقاً يلتمس فيه علماً إلا سهل الله له طريقاً إلى الجنة.. صلى الله وسلم عليه وآله وصحبه تسليماً كثيراً أما بعد.. |
سعادة الأستاذ الغائب الحاضر عبد المقصود خوجه.. كاتبنا وأديبنا ومثقفنا سعادة الأستاذ عبد الله الثقفي.. مساعد المدير العام للشؤون التعليمة، الأخوة المشرفون.. الأخوة الضيوف.. الأخوة المعلمون المربون.. أيها الجمع الكريم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. |
في هذه الأمسية الجميلة وفي هذه المناسبة العزيزة وفي هذا الحضور البهيج أجدها فرصة سانحة لأقدم لمعشر المعلمين تهنئة خاصة على هذه الحظوة وهذا التكريم، هذا التكريم الذي يجسد مشاركة المجتمع متمثلة في استضافة الأستاذ عبد المقصود خوجه الذي فتح قلبه وبيته وخص هذه الاثنينية بتكريم المعلمين، والحفاوة بهم، إنه إحساس غامر بالمعلم وتقدير كريم لدور إنساني، إنه لمسة وفاء من قلوب مخلصة تحفظ المعروف وتجزي به، إنه لوحة جميلة تمتزج فيها ألوان جذابة هادئة تريح النفس وتبعث الإحساس بالشعور الجميل، إنه نجم لامع يأنس إليه المعلم في سُرى رحلة العطاء والعناء.. إنه بشرى بمؤازرة المجتمع للمعلم، وتعبيد الطريق أمامه ليسهل عليه قيامه بمسؤولياته. |
ألا وإن هذا التكريم غيث أتمنى ألا ينقشع غمامه وينقطع سجامه.. ولكن أيها المعلم يا صاحب المهمة العظيمة والمسؤولية الجسيمة يا من يرعى ويتعهد غرس المستقبل ويستأمن على أذهان وعقول الناشئة ليصوغها أشكالاً واضحة متكاملة تصنع تفكيراً سليماً مستنيراً.. وتوكل إليه نفوس بريئة فيملؤها إيماناً وخيراً وبراً ومعروفاً.. |
إليك رجائي أيها المعلم أن تدرك بوعيك ورشدك هذه الغاية وتسعى بإخلاص وتجرد لامتثالها لتكون على ضوئها الانطلاقة والبداية.. |
واسمح لي أيها المعلم الفاضل أن أقدم لك تلك الوصية التي ألقاها عتبة بن أبي سفيان لعبد الصمد مؤدب ولده فقال: ليكن أول ما تبدأ به من إصلاح بنيَّ إصلاح نفسك فإن أعينهم معقودة عليك، فالحسن عندهم ما استحسنت والقبيح عندهم ما استقبحت، علمهم كتاب الله ولا تكرههم عليه فيملوه ولا تتركهم منه فيهجروه، ثم روهم من الشعر أعفَّه ومن الحديث أشرفه، ولا تخرجهم من علم إلى غيره حتى يحكموه.. فإن ازدحام الكلام في السمع مضل للفهم، وتهددهم بي وأدبهم دوني وكن لهم كالطبيب الذي لا يعجل بالدواء قبل معرفة الداء. وروِّهم سير الحُكماء واستزدني بزيادتك إياهم أزدك. وإياك أن تتكل على عذر مني لك فقد اتكلت على كفاية منك وزد في تأديبهم أزدك في بري إن شاء الله تعالى.. انتهى كلامه.. |
والحقيقة أنها ليست وصية فقط بل أتصور أن قراءتها ودراستها تتوافر على أسس تعليمية مهمة تترجم حاجة الفرد والمجتمع من العملية التعليمية والتربوية، كم أتمنى أن تقتبس التربية والتعليم من ضوء هذه الوصية. |
أخي المعلم تمر بأمتنا أمواج متلاطمة ذات اليمين وذات الشمال وفتن كقطع الليل المظلم تذر الحليم حيران، فما أحوجنا في مثل هذه الظروف بالاعتصام بكتاب الله وبسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن نتكاتف ونتآلف حول قيادتنا وولاة أمرنا لكي نكون جسداً واحداً قوياً صامداً لا تزعزعه الصعاب ولا تشتهي لحومه الذئاب، وما أجدر بنا أن نجسد هذه الأمانة والمسؤولية وهذا المعنى في قلوب الناشئة بأسلوب الحوار والإقناع، لننأى بهم عن الانحراف عن المنهج السليم والله الهادي إلى سواء السبيل . |
ختاماً أتقدم باسمي وباسم زملائي المعلمين بالشكر الجزيل للأستاذ عبد المقصود خوجه على حفاوته وتكريمه لنا كما أتقدم بالشكر للإدارة العامة للتعليم بمنطقة مكة المكرمة ممثلة في مدير تعليمها الأستاذ عبد الله الهويمل ومساعديه، وأخص بالشكر الإشراف التربوي على حسن ظنهم وترشيحهم لنا، سائلاً الله العلي القدير أن يجعلنا عند حسن ظنهم وأن يوفق الجميع. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. |
|
|