(( كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه ))
|
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، اللهم صلِّ وسلم على سيدنا وحبيبنا وقدوتنا محمد وعلى آله وصحبه الغر الميامين. |
الأساتذة الأفاضل.. الأخوان الأكارم.. |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: |
يسعدني أن أرحب باسمكم جميعاً بضيفنا الكريم الأستاذ أحمد إبراهيم العلاونة، الذي شرفنا بحضوره من المملكة الأردنية الهاشمية ليمتعنا مشكوراً بلقاءين أولهما الأسبوع الماضي إسهاماً مقدراً في الاحتفاء بأعمال وآثار علامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر -رحمه الله- والليلة إذ نحتفي بالأستاذ الباحث أحمد العلاونة، إنما نكرم في شخصه كل الشباب الذين لم يركنوا لمجريات الظروف، وتأطير الوظيفة، ومتطلبات العمل، بل نهضوا بحسهم وحسمهم الشخصي لإدارة أوقاتهم وفق طموحاتهم، فأنجزوا الكثير الذي لم يدركه بعض المختصين بالمشهد الثقافي. |
إن المتتبع لأعمال ضيفنا الكريم يعلم مدى الجهد الذي بذله لبناء مخزونه العلمي والمنهجي، والتضحيات التي قدمها بطيب خاطر ليخطو بثبات على طريق العلم، وهو طريق شائك لم يفرش قط بحرير أو ورود، فمشى خطاه بعزيمة طالب العلم الذي لا يَكِلّ ولا يمل، يحدوه في ذلك حب المعرفة، وتوقير العلماء، زاده شحيح، ودربه طويل، فخبرته العملية بدأت وانتهت بشرف الجندية، وأكرم به من شرف، ثم نازعته نفسه التي تتوق إلى دنيا الحرف نحو مجالس العلم والأدب والفضل، فوجد بغيته في تلك الرياض المثقلة بيانع الثمار، فرتع كما اشتهت نفسه التواقة إلى نعيم الفكر والأدب، وإن تكبد في سبيل ذلك الكثير من التعب والمال والجهد، غير أنه استهان بكل ذلك ليشبع نهمه للمعرفة. |
وبعد أن ملأ عيبته بطيبات قطاف مجالس العلم، وكتب التراث، وتتلمذ على كوكبة من أصحاب الفضل، أدّب نفسه بغرس قيم الخلق الكريم تجاه العلماء الأجلاء، ويظهر ذلك جلياً في قوله عن أستاذنا الكبير خير الدين الزركلي -رحمه الله- في مقدمة كتابه الموسوم "نظرات في كتاب الأعلام" (ولو كان الزركلي حياً، وأنا أدون هذه النظرات.. لخالطت الهيبة جناني، واختل نسق بياني، وتبلد قلمي عند إجرائه في مضمار النظرات والاستدراك والنقد، وذلك لإكباري علمه الغزير، وجهده العظيم، وتوقيري مكانته الجليلة، وفضله على العلماء والباحثين) إن هذه الكلمات تعكس الفطرة النقية التي تكسو ملامح شخصية ضيفنا الكريم، فالذي يجل العلماء ويجثو على الركب بين أيديهم، إنما يبني لنفسه مجداً أثيلاً. |
إن ضيفنا الكريم له صبر عجيب في التواصل مع العلماء والأدباء في أكثر الدول العربية والإسلامية، عاش جل حياته في مسقط رأسه (بلدة الطيبة في محافظة إربد) ومن هناك تواصل بالبريد مع كثير من العلماء، وأحسب أن أكثركم يعلم ما للبريد من إيجابيات وسلبيات، ولم تكن خدمة ما يسمى "الفاكس" ميسرة له، وحتى الهاتف كان عزيز المنال في تلك البقعة، إلا أن ذلك لم يثبط عزيمته، فاستمر في تواصله إلى أن أنس في نفسه المقدرة على دخول عالم التأليف والنشر، ولم يتهيب التجربة أو يخش عنت النقد ومشقة الحوارات مع من ينظرون إلى الشهادة الأكاديمية كمفتاح للارتقاء في سلم المعرفة، وما استكان لصعوبة النشر والتوزيع اللذين يمثلان النفق المظلم أمام كثير من المؤلفين، حتى أن بعض كبار الأساتذة المبدعين يحبذ الاحتفاظ بمخطوطاته في الأدراج لكي لا يجابه إحباطات هذا النفق المظلم، وقد أشرت لهذا السبب تحديداً كدافع أساسي لصدور سلسلة (كتاب الاثنينية) الذي شرفت من خلاله بنشر وتوزيع ستة وعشرين عنواناً في تسعة وثلاثين مجلداً، بالإضافة إلى طرحها بجانب سلسلة أمسيات الاثنينية التي بلغت عشرين جزءاً في واحد وعشرين مجلداً على موقع الاثنينية بالإنترنت تيسيراً لعمليات البحث والنسخ على الباحثين في كل زمان ومكان.. وهو موقع كبير يضم ما يقرب من اثنين وثلاثين ألف صفحة، بالإضافة إلى ما يقرب من ألف وخمسمائة صورة ملونة، وسوف تصدر الاثنينية أربعين مجلداً تضم إحدى عشرة مجموعة كاملة -إن شاء الله- بمناسبة اختيار مكة المكرمة عاصمة للثقافة الإسلامية عام 1426هـ - 2005م. معذرة لهذا الاستطراد.. باعتبار أنه: |
لا يعرف الشوق إلا من يكابده |
ولا الصبابة إلا من يعانيها.. |
|
|
ومن منطلق تجربتي عبر هذه الإصدارات، أثمن عالياً الجهود المقدرة التي بذلها ضيفنا الكريم لإنجاز أحد عشر مؤلفاً في زمن وجيز، حيث أصدر ثلاثة كتب في عام 1422هـ، وكتابين عام 1423هـ، ثم كتابين آخرين عام 1425هـ، ونحن لم نزل في الشهر الثاني، وأحسب أنها من جهود العام الماضي، إلا أن حصيلة إصداراته في هذه السنة تبشر بخير إن شاء الله.. وقد جاءت مؤلفاته الأخرى في فترات زمنية متفرقة وغير متباعدة. |
إن الكتاب عموماً يمر بمراحل حرجة في سائر خطواته:- تأليفاً، ونشراً، توزيعاً، ورقابة، وقراءة، فالمتلقي -الذي هو هدف كل كتاب- غالباً ما تنطبق عليه المقولة الفرنسية الشهيرة: نصف الكتب لا تنشر.. ونصف الكتب التي تنشر لا تباع.. ونصف الكتب التي تباع لا تقرأ.. ونصف الكتب التي تُقرأ لا تُفهم.. ونصف الكتب التي تُفهم يُساء فهمها!! فإذا كان هذا الحديث عن فرنسا فما بال أقوام لا يشكِّل الكتاب بالنسبة إليهم إلا عبئاً أو ترفاً؟ إن حاضرنا يصطدم بالأرقام التي نشرتها تقارير التنمية الصادرة عن الأمم المتحدة فيما يتعلق بالثقافة العربية، وهي مؤسفة جداً، والتي تذكر أن ما طُبع من كتب إسبانية خلال عام واحد يوازي ما طُبع من كتب عربية منذ عهد الخليفة المأمون إلى يومنا الحاضر، وأن ما تستخدمه دار نشر فرنسية واحدة من الورق يفوق ما تستخدمه مطابع العرب مجتمعة!! ولعل الخروج من هذه الوهدة يأتي عن طريق النشر الإلكتروني الذي أصبح محبباً لدى كثير من القراء، خاصة جيل الشباب، فهو جانب من تيار الحياة المتجدد، سوف يسهم بمشيئة الله في الوصول إلى الغاية المنشودة، وهي نشر المعرفة والثقافة والفكر بين أبناء الأمة. |
أرحب مجدداً بضيفنا الكريم، متمنياً له ولجيل الكتاب والباحثين الشباب، كل توفيق في مهمتهم التنويرية.. متطلعاً إلى لقائكم الأسبوع القادم لنحتفي بالشاعر والأديب التونسي الكبير المعروف معالي الدكتور نور الدين صمود، الذي له صِلات وطيدة مع هذا المنتدى، وسبق له حضور أكثر من أمسية، فهو من الوجوه المعروفة في المشهد الثقافي العربي، والذي سيشرف الاثنينية من تونس الخضراء ليلتقي خصيصاً بمحبيه من رواد الاثنينية.. سعيداً بالتفافكم للاحتفاء به، تقديراً وتكريماً لدوره المميز على الساحتين العربية والإفريقية. |
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. |
|
عريف الحفل: السادة الكرام الحقيقة بين يدي بيان بأسماء أكثر من ستة أو سبعة تقريباً من المتحدثين في حضرة ضيفنا الكريم، والشيخ عبد المقصود هذه المرة حرص على أن يحضر المؤقِّت وحدد الزمن بخمس دقائق، ونعِد الأخوة المتحدثين حتى إذا كانت كلماتهم طويلة فسوف نقوم بتوثيقها.. أم ماذا يا شيخ؟ دائماً تعطى الكلمات لسكرتارية الاثنينية حتى تُنزل كاملة في فعاليات الاثنينية، الآن سعادة الأستاذ الحاج محمد علي دولة، الأديب والناشر المعروف ليلقي كلمته، ومن له سؤال أو استفسار يريد أن يطرحه فسوف نفتح باب الحوار كما تعلمون بعد الانتهاء من كلمات المتحدثين بينكم وبين سعادة فارس الاثنينية، فمن له سؤال فليتفضل. |
|
|