شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الدكتور عائض الردادي ))
بسم الله الرحمن الرحيم، الذكريات مع الشيخ حمد لها عبق، ولكن الوقت لا يتسع لأن أتطرق ولو إلى بعضها، أنا كتبت صفحات قليلة بعنوان "حمد الجاسر رائد التنوير الثقافي والاجتماعي" وهو عنوان لسلسلة كتيبات أصدرت واحدا منها وهو عناية "حمد الجاسر بالأنساب" وأرجو أن يفسح الله في الأجل لأكمل ما بدأت، قبل أن أقرأ بعض ما كتبت لأن الوقت لا يتسع، أريد أن أشير إلى نقطتين: النقطة الأولى وهي التأكيد على الشكر لمضيفنا لاحتفائه بأعمال شيخنا ووفائه له في هذه الليلة لجمعنا بكم في هذه الليلة المباركة، النقطة الثانية الحقيقة من باب الوفاء ومن باب الشكر والعرفان أريد أن أذكر شيئاً عن معالي الدكتور محمد عبده يماني هذا الرجل الفاضل الذي أعان كثيراً شيخنا -رحمه الله- حين كان وزيراً للإعلام سأذكر لكم عونه للشيخ حمد الجاسر -رحمه الله- في رحلاته في أنحاء المملكة لتأليف المعجم الجغرافي، وقد أشاد -رحمه الله- في مقدمته وفي أحد أجزاء المعجم بهذا الدعم، النقطة الثانية أنه عندما مرت مرحلة صعبة بمجلة "العرب" إبان وزارة معالي الدكتور قدَّم له دعماً مالياً أنقذ المجلة وجعلها تستمر، وإن لم تخني الذاكرة أظن أن المبلغ كان (مليون ريال)، ثم أنه في فترة وزارته دعم مؤلفات الشيخ بشرائه بعضاً منها وإيصاله إليه هذه نقطة وفاء أردت أن أذكرها أمامكم لا مدحاً لمعالي الدكتور فهو أعلى من ذلك وأنا لست بحاجة إلى أن أمدحه الآن بعد أن ترك الوزارة ولو أردت لمدحته عندما كان وزيراً وما فعلت ذلك قط ولن أفعله إن شاء الله.
موضوع حمد الجاسر رائد التنوير الثقافي سأقرأ عليكم سطوراً مما كتبته: كان الإحساس بآمال العرب وآلامهم -وبخاصة عرب الجزيرة العربية- هاجس حمد الجاسر منذ كان شاباً إلى أن أصبح شيخاً في التسعينيات، ولم يحد عن ذلك في أي مرحلة من مراحل عمره، ولم يصرفه عن ذلك إغراء مال أو جاه أو منصب، فقد آمن بأن له رسالة هي النهوض بالإنسان العربي، وتحمَّل في سبيل ذلك ما هو معروف في حياته، مما سرد شيئاً منه في ذكرياته "من سوانح الذكريات" التي نشرتها المجلة العربية، وفي رحلاته بأجزائها الثلاثة: "رحلات حمد الجاسر" و "في الوطن العربي" و "إطلالة على العالم الفسيح" وفي مقالاته ومقدمات كتبه.
إن أبرز ما ميّز حمد الجاسر وشدّ إليه أنه رائد من رواد التنوير الثقافي للنهوض بالأمة العربية، وهذا جانب العظمة عنده الذي نتجت عنه كل أعماله الثقافية في كل المجالات، فقد كافح من أجل آرائه في التنوير الثقافي الذي رآه أساساً لنهوض العرب، وبنى كل مشاريعه الثقافية على هذا، وبالرغم من عنايته بالتراث وانجذابه إليه إلا أنه لم يتقوقع عليه، بل رأى أن يؤخذ منه ما هو مفيد مما يؤدي لنهوض العرب، وكافح مكافحة الصادقين في النهوض بأمتهم في سبيل الأخذ بالعلوم الحديثة التي تنهض بالواقع العربي المتخلف، وتحمّل في ذلك مواجهة المعارضين، فهو مع العلم النافع قديماً وحديثاً مما يفتح أمام العرب آفاق التقدم والنهوض ليكونوا في مقدمة الأمم، في عصر لا حياة كريمة فيه إلا لمن ملك زمام العلم.
إن الذي يستوقف الدارس هو التساؤل عن الأسباب التي كوّنت عنده هذا الاتجاه منذ صباه المبكر مع أنه ولد ونشأ في قرية من قرى نجد التي لم تعرف ثقافة، ولم تتصل بمصادر تنوير، بل إن المجتمع الذي نشأ فيه نشأته الأولى كان يقف في معظمه ضد التنوير والتطوير، ولكنه عاند ذلك المجتمع فدعا للتنوير بلسانه وقلمه، وتحمل معارضة المعارضين لنشر التعليم الحديث وتعليم المرأة بخاصة، ومضى مطبقاً ما يراه عندما تسلم مسئوليات التعليم في نجد وفي المنطقة الشرقية غير عابئ بمعارضة المعارضين أو نيلهم منه، أو وشايتهم به، وعندما أُبعد عن التعليم لم يتخلّ عن مشروعه بل استلّ القلم، فسخّر الصحافة ثم المؤلفات التي صارت مشعلاً ينير الطريق لمن يسير على طريق التطوير للإنسان.
على أنه عندما سُئل عن سبب استنارته في مقابلة في جريدة "الشرق الأوسط"، وهل يعود ذلك إلى احتكاكه المبكر بالبيئة الحجازية أو المصرية كان جوابه "لدى أي إنسان رغبات وميول وطبيعة هذه الرغبات وهذه الميول إن وجدت ما ينميها ويبرزها نَمت، وبلغت الحدود التي بها يستفيد الإنسان، وإذا لم تجد ما ينميها بقيت خامدة كالنار إذا تركت تحت الرماد فإنها لا تشتعل، ولكن إذا أزيل الرماد ومُدت بالحطب وحُرّكت فإنها تشتعل وتتوهج".
إن السبب الذي أرى أنه قد قاده إلى مشروع التنوير هو ما كان فيه مجتمعه من تخلف ثقافي في زمن تسابقت فيه أمم العالم إلى النهوض من العامية التي ضربت بأطنابها على الشعوب، وتبارت في سلوك مسالك العلم النافع للرقي بالإنسان من حياة الجهل والعناء إلى حياة العلم والرخاء.
وأكتفي بهذا ولكنني سأشير إلى نقطة بإيجاز وهي أنني رأيت من المتحدثين الفضلاء ثناءً على صنيع الشيخ عبد المقصود في تكريم الشيخ حمد بعد وفاته أو في تكريم أعماله وأنا سعيد بتكريم شيخي حمد ويشبع رغبة في نفسي، لكن أرجو أن لا تمتد ما هو معروف في عالمنا العربي أننا لا نعرف مقامات الناس إلا بعد مماتهم، فأرجو أن تكون هذه البادرة ليست غالبة وإنما على الأقل مواربة وأتذكر في هذا قول حافظ إبراهيم عندما رأى الجنيهات المصرية ترمى على قبور الأموات في مصر قال:
أحياؤنا لا يرزقون بدرهم
وبألف ألفٍ تُرزق الأمواتُ
وشكراً لكم.
 
الشيخ عبد المقصود خوجه: لي تعقيب صغير على كلمة الدكتور الردادي: الاثنينية بدأت بتكريم الرجال في حياتهم وهذه هي المرة الأولى التي نُكرِّم فيها علماً ممن رحلوا إلى ربهم، فإن شاء الله ستستمر على نهجها خصوصاً بعد أن خرجت من ثوبي كفرد إلى عمل مؤسسي، فالنهج إن شاء الله سيكون دائماً وأبداً هو تكريم الأحياء من الرواد وهم كُثر، أما من رحلوا إلى ربهم فهناك من يذكرهم دائماً في الأمسيات في النوادي الأدبية وفي محافل كثيرة وهذا حق متاح للجميع وكلٌ ميسر لما خُلِق له، وشكراً لكم.
 
عريف الحفل: الكلمة الآن للأستاذ سهم الدعجاني مدير مؤسسة حمد الجاسر الثقافية.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :561  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 148 من 197
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .