شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة معالي الدكتور محمد عبده يماني ))
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم، وأصلي وأسلم على سيدنا محمد خير من تعلم وأصدق من أعلم عن الله عز وجل.
وبعد.. فأنا أشعر بسعادة غامرة أن نجتمع بهذه الصفوة الكريمة التي جاءت لتساهم معنا في الاحتفاء بذكرى رجل من رجالات هذه البلاد، مضى إلى جوار ربه وبقيت تلك الآثار خالدة كشاهد على ما قدمه لتاريخ هذه البلاد، ولجغرافية هذه البلاد، ولأدب هذه البلاد، وللتحقيق في أكثر من مخطوط عن هذه البلاد، والعادة أن يُرفع الإنسان بالجاه المادي أو بالثروة أو بالجاه السياسي أو الجاه الاجتماعي، لكن الأستاذ حمد الجاسر -رحمه الله- إنما تواضع ورفعته تلك الأبحاث العظيمة التي قدمها والمشاركات النيرة التي ساهم بها في تواضع جم وأدب في الحوار، أما وقد بدأ الأخ الأستاذ عبد المقصود خوجه بالجنوح إلى موضوع الذكريات فكأنه يشدني إلى هذا المجال، فأنا لي مع أستاذنا الشيخ -رحمه الله- ذكريات عذبة، الأول: يوم ألقى محاضرة في جامعة أم القرى عام 1402هـ عن رحلة العياشي، وأن العياشي ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل أنه وُلد في مكة في المكان المعروف بالمولد النبوي وقيل أنه وُلِدَ بالرُّدَّفْ وقيل في عسفان، وقيل في الأبواء، وثارت ثائرة مجموعة من أدباء مكة وغضبوا من الشيخ وتدخلت لإصلاح ذات البين ووفقت إلى ذلك ولله الحمد، فقد أفهمت الأخوة من أساتذتنا الكرام أن هذا ليس بقول الأستاذ، إنه ينقل عن رحلة العياشي ولم يصادق حتى عليها، وإنما ذكر فيما ذكر أن العياشي ذكر هذا الأمر، وكتبت سلسلة مقالات بعنوان "بل ولد في مكة"، صلى الله عليه وسلم، فعندما قرأها كتب لي رسالة جميلة وقال: أنا أقسم أن ما قصدته هو هذا الأمر ولم أعني أن أجرد مكة من شرف المكان، ومن شرف ولادة النبي صلى الله عليه وسلم بها، وتتبعت الأمر وعرضته عليه فيما بعد ذلك وقلت له إن الذين يقولون بالرُّدَّفْ هو مكان في أعالي المدعى عندما نشأت حرب شديدة وردم وسمي بالرُّدَّمْ بعض الأحيان، ردم أناس كثر في هذا المكان كنتيجة لهذه الحرب، أما عسفان فلم يرد شيء عن هذا، وإنما عرفت بحاضرة حتى أنها لم تعرف إلا عندما سجل فيها الفرزدق بعد أن قال القصيدة المشهورة يمدح علي زين العابدين فغضب منه هشام وسجنه بعسفان، أما الأبواء فهي المكان الذي دفنت فيه السيدة آمنة والدة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وفرحت بمكالمات الشيخ العلامة حمد الجاسر وهو يقول: أريد أن أنشر هذه المقالات في مجلة "العرب"، فرحبت وقلت هذا شرف لي أن تكون في هذه المجلة، ثم قصدت الأخ الشيخ الكبير الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار وشرحت له الأمر وقلت أن هذا يجب ألا يُحدث خلاف لأنكم حمَّلتم الأستاذ حمد الجاسر ما لم يقل، فهو لم يقل بأنه يعتقد أو يؤمن بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يولد في مكة، وإنما ذكر من ضمن المراجع رحلة العياشي في ذلك، وأكرم الله بإنهاء هذه الجفوة على النحو الذي تم.
الموقف الآخر: موقف دكتور من سوريا من الأدباء ومن المهتمين بالبحث اسمه جورج جبور وهذا الرجل كان على اهتمام كبير بالتأريخ، وبحلف الفضول، وأرهق نفسه في البحث عن هذا الحلف وشَرَّقَ وغَرَّبَ يريد أن يبحث في هذا الحلف فنصحه بعض الأخوة منهم الدكتور معروف الدواليبي -رحمه الله- بأن يكتب للشيخ حمد الجاسر قال له: ستجد الجواب عند هذا الباحث، والكاتب والمهتم بشؤون الجزيرة، يقول جورج جبور: كتبت له ففوجئت بسرعة الإجابة وسرعة التجاوب ثم بالنصيحة بأن أتوجه إلى الدكتور عبد العزيز التويجري في منظمة التربية والثقافة والعلوم، وأنها كان لديها بعض أبحاثها في هذا المجال، ثم يروي الرجل كيف أنه عندما دُعي للجنادرية كيف استقبله الشيخ حمد الجاسر على الرغم من ظروفه الصحية وفرح به وقدم له كل ما جمعه في ذلك الوقت عن هذا الحلف لأن هذا الحلف يمثل بادرة أساسية في حقوق الإنسان، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرَّ هذا الحلف، وظل هذا الحلف حتى بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور التي تعتز بها الدولة الإسلامية؛ لأنه كان صورة مشرقة من صور حقوق الإنسان، تناقش حمد الجاسر -رحمة الله عليه- فتجد فيه الأدب والتواضع والتواصل، وفي بعض الأحيان فيه ظرف لا يبديه لكل إنسان، ولكن عندما كنا في بعض الرحلات ومررت به أقول له: يا شيخ حمد نحن على وشك الذهاب خلال هذا الأسبوع إلى رحلة صيد مع جلالة الملك خالد فأرى أن نهيئ لك الفرصة وأنت تحب البر وتشاهد معنا القنص والمقناص، فتبسم وقال لي: هذه رياضة المترفين يا دكتور ما لي ولها اذهب بارك الله فيك.
الأستاذ -رحمة الله عليه- كان من الرجال الذين فعلاً تحس وأنت بجوارهم بذلك الدفء الكبير وتلك الإنسانية والاحترام حتى لطلابه وأدب الحوار عندما يناقش، -رحمه الله وتغمده برحمته وأسكنه فسيح جناته- وشكراً لأخي الأستاذ عبد المقصود خوجه على هذه البادرة التي بدأت باستضافة علامة الجزيرة، وشكراً لهذه الصفوة التي جاءت تشاركنا في هذه الليلة، وشكراً للمقرئ الأخ علاء المزجاجي الذي فرحنا بصوته وقراءته الليلة، وهذا نتاج من نتاج جمعية القرآن الكريم -جزاهم الله خيرا-، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمد أستاذنا بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته وأن يطرح البركة في معن وإخوته، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
 
عريف الحفل: الكلمة لمعالي الدكتور إبراهيم العواجي، الشاعر الكبير المعروف ووكيل وزارة الداخلية الأسبق، نائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة حمد الجاسر الثقافية.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1048  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 141 من 197
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.