شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه ))
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله المتفرد بصفات الكمال والجلال، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آل بيته الكرام الطاهرين، وصحابته الغر الميامين.
الإخوان الأفاضل.. الأساتذة الأكارم..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
بادئ ذي بدء.. أترحم على زميلنا وصديقنا الدكتور عبد القادر طاش، الذي انتقل إلى رحمة ربه وهو في أوج شبابه، رجلاً أعطى الكثير، تسنم مناصب عديدة، اتصفت أكثرها بالصفة الإسلامية والعمل البار الخيِّر، كان مثالاً للخُلق الدمث، لم نعرف له تصفية حسابات، ولا عداوات وكان الكل له صديقاً، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمده برحمته، ويجعله مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، وإنني أسأل جمعكم الكريم أن نهديه فاتحة إن شاء الله ينتفع بها في قبره وفي جنانه.. في عِلِّيين إن شاء الله رب العالمين.
أرحب بكم أجمل ترحيب، راجياً المولى عز وجل أن يديم اجتماعنا على طريق الكلمة والخير والمحبة والسلام والوئام، وقد رأيتُ أن أبدأ كلمتي في هذا اللقاء بما يُسمى في لغة الإخراج السينمائي والتلفزيوني بـ "الفلاش باك" (Flash Back)، حيث يتم إسقاط جزء من الماضي على الحاضر ليجلوه ويربطه بجذور لم تنفصم على مدى الأيام والسنـين، فقبـل عشريـن عامــاً وتحديداً بتاريــخ 10/2/1404هـ الموافق 14/11/1983م تحلَّق في مجلسكم هذا كوكبة من الأدباء ورجال الصحافة والفكر، حول رمز من رموز العطاء الشعري والأدبي في هذا الكيان الحبيب، كان معالي شاعرنا الكبير الأستاذ إبراهيم فوده -رحمه الله- درة الحفل، ومركز الأنظار، ومكان التكريم والاحتفاء، في تلك الأمسية كان من بين الحضور الأساتذة دولة الرئيس معروف الدواليبي، عبد المجيد شبكشي، شكيب الأموي، جعفر الرائد، يحيي كتوعة، (رحمهم الله رحمة الأبرار وأسكنهم فسيح جنانه).
هذه اثنينيتكم كما أردتموها إن شاء الله خياراً من خيار، تسعد في أمسيتها هذه بتكريم الأستاذ حمزة إبراهيم فودة سليل بيت علم وفضل وأدب، نهل من معين والده، وكانت ولم تزل له مرافئ على سواحل مكتبة الأسرة التي توارثتها عبر الأجيال، فكان بدهياً أن يسلك ضيفنا الكريم طريقاً اختطه سلفه الصالح، ونقش على صفحة طفولته وصباه الباكر حب الثقافة بمعناها الواسع، وأحسبه تمثل ذلك في استيعابه الوافي، وطرحه المبكر لكثير من القضايا التي أصبحت موضوع الساعة في وقتنا الراهن.
والحديث عن ضيفنا يستدعي التوقف عند بعض محطات مهمة في مسيرته، وهي مسيرة متاحة لكل من أراد الرجوع إليها من خلال مؤلفاته، فقد استرعى انتباهي كتابه الموسوم "المفاهيم والشباب وتحدياتُ العصر" الصادر عن دار خضر للطباعة والنشر ببيروت عام 1418/1998، ولا أريد استعراض الكتاب، وليس هذا مكان ذلك إلا إنني أود الإشارة إلى النظرة الاستباقية والفكر المتقدم الذي حفل به هذا الكتاب، فقد سبق أحداث سبتمبر 2001م بسنتين تقريباً، وسبق بوقت طويل الأحداث الإرهابية المؤسفة التي شهدتها هذه البلاد العزيزة، في الوقت الذي نجده ألقى حزماً من الضوء وناقش بعمق وهدوء أهمية ضبط حركة وإيقاع الشباب في عالم متحول، ومجتمع معرض لكثير من الهجمات التي تأتيه من كل مكان، وعمل على تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة التي تؤثر سلباً في مسيرة التنمية الاجتماعية، وهو في تصوري عمل قيم يحتاج إلى قراءة جديدة، تبعث ما فيه من آراء وأفكار هي مكان عناية كثير من الدارسين في الوقت الراهن.
إن مؤلفات ضيفنا الكريم تندرج ما بين الشعر والدراسات الاجتماعية بمدلولها الذي يشمل العلاقات الإنسانية والقانونية والاقتصادية، دون أن يبتعد كثيراً عن محور أفكاره التي تنبثق كلها من مصدرين أساسيين هما: القرآن الكريم والسنة النبوية، مستفيداً من الرصيد الثقافي الكبير الذي تغلغل في وجدانه جراء إبحاره في مختلف فروع المعرفة التي حفلت بها مكتبة الأسرة العامرة، شاكراً له فضل المحافظة عليها كما ينبغي أن يحافظ الرجال على تراث آبائهم وأجدادهم.
والمتتبع لإصدارات فارس أمسيتنا يلاحظ اندفاعه نحو الشعر في مستهل كتاباته، ولعله تأثر بموقع والده -رحمه الله- كشاعر مبدع، ورقم لا يمكن تجاوزه في مسيرة الشعر السعودي المعاصر، وذلك من حقه بالتأكيد، إلا أنه توقف لفترة تجاوزت الخمسة عشر عاماً لم ينشر خلالها شعراً، وهي الفاصلة بين ديوانيه المتقاربين "شوق وحنين" و"لحن قلب" ثم "نشوة السَحَر"، ويلاحظ المراقب أن الديوانين الأولين غلب عليهما الطابع الغزلي، في الوقت الذي تحول فيه الديوان الأخير الذي قسَّم محتوياته إلى مجموعات متجانسة منها: "من نفحات الإيمان"، و "مرافئ المراثي"، و "وطن وعروبة"، و "من نبضات الحياة" و "إخوانيات"، وكأني بالغزل ظفر بشرخ الشباب، ثم ترك المجال لأبواب أخرى فرضت نفسها على الشاعر، وبين الإطلالتين كتب العديد من المؤلفات التي تناولت مختلف شؤون الحياة التي أشرتُ إليها آنفاً، وهذا تطور طبيعي في مسيرة ضيفنا الكريم، وإنني أتطلع أن يأتي ديوانه الذي تحت الطبع نقلة نوعية تُشكِّل إضافة مميزة للمكتبة العربية بإذن الله.
إن مكة المكرمة بما حباها الله من قداسة وحب متجذر في نفوس المسلمين، وبما لها من عبق وألقٍ وأرج لا بد أن تترك وسماً ورسماً في مؤلفات ضيف أمسيتنا، والشواهد على ذلك كثيرة في شعره ونثره، فهو ابنُ هذا الثرى الذي يزهو على الثريا، والانطباعات التي تتركها وفود الحجيج والعُمَّار والزوار، والحركة الدائبة في موئل النور الذي انبثقت منه "اقرأ"، تمتزج وتتماهى مع التراث المكي العريق الذي ترسب في نفس ضيفنا الكريم، ونتج عن ذلك أسلوب مميز لم يدخر وسعاً في تطويره مع الأيام، وأحسب أنه سوف يستمر في تطويره حتى يصل إلى مستوى تطلعاته التي ترنو دائماً للمعالي في عالم الكلمة، فالبحث عن الأفضل والأحسن من طبيعة البشر التي ذكرها العماد الأصفهاني بعبارته الشهيرة، والتي أثبتها ضيفنا الكريم في بعض مؤلفاته وهي (إني رأيت أنه لا يكتب إنسان كتاباً في يوم إلا قال في غده، لو غيَّر هذا لكان أحسن، ولو زِيدَ كذا لكان أفضل، ولو تُرِك هذا لكان أجمل).
بهذه الروح الوثابة والعشق الكبير للكلمة ورجالاتها والعمل في مجال نشرها وتوثيقها، يتقدم ضيفنا الكريم بخطىً ثابتة إن شاء الله، لمزيد من العطاء المتنوع الذي نأمل أن يُسهم في إثراء المكتبة العربية، ويصل إلى الدول المجاورة والصديقة، وإلى الناطقين بالضاد أينما كانوا ليتواصلوا مع هذه الأرض التي شعت منها الحضارة، وكان أول صادراتها الكلمة والثقافة والفكر المستنير.
فأهلاً وسهلاً به بين محبيه، متمنياً لكم أمسية ماتعة مع ضيفنا الكريم، وعلى أمل أن نلتقي الأسبوع القادم للاحتفاء بأعمال وآثار علامتنا الجليل الشيخ حمد الجاسر -رحمه الله- بتعاون وثيق مع مؤسسة حمد الجاسر الثقافية، وسوف يشرف اللقاء كوكبة من رجالات المؤسسة، وعلى رأسهم معالي الدكتور إبراهيم العواجي، ومعالي الدكتور أحمد الضبيب، وسعادة الأساتذة معن الجاسر، وحمد القاضي، والدكتوران عبد الرحمن الشبيلي، وعائض الردادي، والأساتذة محمد رضا نصر الله، وسهم الدعجاني، ومن خارج المؤسسة أصدقاء علامتنا الجليل -رحمه الله- معالي الشيخ عبد الرحمن أبا الخيل، ومعالي الشيخ عبد الرحمن بن سليمان آل الشيخ، وسعادة الأستاذ سعد البواردي، وعمران بن محمد العمران، وأحمد العلاونة من الأردن -الذي سيأتي خصيصاً لهذه المناسبة-، فالوفاء حق لذوي الفضل الذين غادرونا إلى دار البقاء، لتظل أعمالهم نبراساً يضيء من بعدهم ويهدي السائرين على طريق الكلمة النيرة المشرقة.
هنا أحب أن أقف لأقول كلمة خارجة عن النص المكتوب وهي: أن اثنينيتكم ارتأت أن تنحو هذا النحو بهذه الأمسية لتكرم رجالات خدموا هذا الوطن ولم تشرف في السابق إذ لم تتح لها الفرصة بشكل أو بآخر للتشرف باستضافتهم وتكريمهم، والبعض ممن غادر الدار الفانية قبل أن تبدأ الاثنينية مسيرتها منذ ما يقرب من ثلاثة وعشرين عاماً، فلماذا السؤال الذي طرحته على نفسي وعلى بعض الأخوة الذين يدعمون مسيرة الاثنينية؟ لماذا يُترك هؤلاء؟ ولماذا لا يُكرمون؟ وجدنا أن من واجبنا أن نُكرِّم هؤلاء الأشخاص بما قدموا لوطنهم وجزاء ما تركوا من أعمال جليلة، وخصوصاً أن هناك الكثير من مريديهم ومن تلامذتهم وربما من زملائهم من يستطيع أن يلقي الضوء على مسيرة بعضهم، فإذا مرَّ الزمن ربما نكون قد ارتكبنا خطأً فادحاً إذ يندثر مع الرجال هذا التاريخ الذي يجب أن يُسجل، فإن شاء الله خطوة تتلوها خطوات، فأرجو أن يباركها الله سبحانه وتعالى وأن تدعموها بآرائكم وبما ترونه، شاكراً كل من لديه أي شأن في هذا الموضوع أن يتلطف بالكتابة إلى سكرتارية الاثنينية.. ففي ذلك بالتأكيد سيكون خيراً عميماً لهذه المسيرة، وستكون الأمسية القادمة بداية لسلسلة أمسيات خلال المواسم القادمة للاحتفاء بأعمال وآثار بعض روادنا الأفاضل ممن بجوار ربهم، روادنا الأفاضل.. تغمدهم الله بواسع رحمته، وأسكنهم فسيح جنانه مع الصديقين والشهداء والصالحين وحَسُن أولئك رفيقاً.
وقبل أن أختتم كلمتي.. أرحب بسعادة الأستاذ علي إبراهيم النخيلان، قنصل عام دولة الكويت، الذي يشرفنا لأول مرة، فأهلاً وسهلاً ومرحباً به وبكم جميعاً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
عريف الحفل: السادة والسيدات.. نود أن نُذكِّر حضراتكم بأنه بعد أن تعطى الكلمات لأصحاب المعالي والسعادة المتحدثين في حضرة ضيفنا، وبعد أن يلقي فارس الاثنينية كلمته سيُفتح باب الحوار بينكم وبينه، فمن له سؤال أو استفسار فنرجو أن يكون سؤالاً واحداً.. حتى نتيح الفرصة لأكبر عدد من حضراتكم.
يشرفني أن أحيل الميكروفون الآن إلى معالي المفكر الإسلامي الكبير وزير الإعلام الأسبق.. معالي الشيخ الدكتور محمد عبده يماني.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :972  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 128 من 197
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج