(( كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه ))
|
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر، والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد البشر، النبي الأمي وعلى آله وصحبه السادات الغرر. |
الأساتذة الأكارم.. |
الأخوان الأفاضل.. |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: |
يسعدني أن أحيي باسمكم جميعاً ضيفنا الكبير.. الأستاذ الدكتور فهد بن عبد الله السماري، أمين عام دارة الملك عبد العزيز، وأرحب بصحبه الكرام.. الذين تكبدوا مشاق السفر من الرياض، وضحوا بجانب من وقتهم وراحتهم، لإمتاعنا بهذا اللقاء الذي يأتي في إطار احتفاء الاثنينية وتوثيقها لمسيرة بعض الرجال، والمؤسسات الثقافية والفكرية، ذات الأثر الإيجابي في نهضة الوطن، وإثراء الساحة الثقافية بمكنونات معارفهم، وتنوع روافدهم الإبداعية. |
وفي الوقت الذي نَشرُف فيه بدارة الملك عبد العزيز وأمينها العام وبعض أركان إدارته فإنني أعتبر أن جمعنا هذا كله في ضيافة شيخ جليل، مهيب وقور هو: التاريخ.. يحفنا بعبقه وسنا أصالته، ونفوسنا تضج فرحاً واعتزازاً بهذا التمازج الذي يقرن بين منتدى الاثنينية وصحن دارة تأريخنا المجيد، فكل حاضر أبتر ما لم يقم على صروح ماضٍ تليد وعزٍّ أثيل، والحمد لله أن دارة الملك عبد العزيز قد ضمت بين جنباتها إشراقات ذلك التاريخ الذي نفخر به امتداداً لعهود موغلة في عمق الزمن، كانت في مجملها نوراً على نور. |
إن ضيفنا الكريم يمثل وجهاً مشرقاً للعالِم والأكاديمي الذي يوظِّف كل إمكاناته لخدمة أمته في واحد من أهم ميادين العطاء، فدارة الملك عبد العزيز التي يقف على رأس مجلس إدارتها صاحب السمو الملكي الأمير الإنسان سلمان بن عبد العزيز تعني الكثير بالنسبة لعدة حلقات في سلسلة العطاء الثقافي، والفكري والعلمي المنهجي، ويكفيها فخراً أن سموه الكريم يُشرف على وضع سياستها، ويتابع إنجازاتها، ويدعمها بثاقب فكره وفضله ويذلل ما قد يعترضها من معوقات، فقد عُرفَ عن سموه رحابة آفاقه الثقافية والمعرفية، وحبه العلم والعلماء، وتفاعله غير المستغرب مع سعيه الحثيث لكل ما يؤمن للكلمة ورجالاتها ما يتطلعون إليه، لذا تظل دارة الملك عبد العزيز تزهو في رحابه، وتنطلق في تطوير أعمالها، وتحديث آلياتها، وترقية إمكانياتها، بما يخدم أهدافها السامية مستفيدة من تضافر الجهود والطاقات العلمية التي تَشْرُفُ بالعمل تحت مظلة سموه الكريم. |
أهنئ ضيفنا الكبير بهذا المناخ العلمي والعملي النقي، الذي ساد هذه الدارة المميزة منذ إنشائها كمؤسسة علمية وثائقية سنة 1392هـ/1972م، لتكون منارة تاريخية تحفظ التاريخ المجيد والفكر والثقافة، ولا تكتفي بذلك فهي تمد رواقها لتشمل جغرافية وآداب وتراث مملكتنا الحبيبة، بالإضافة إلى الدول العربية والإسلامية، وفق عدة محاور من أهمها: |
أولاً:- تحقيق الكتب التي تخدم تأريخ المملكة وجغرافيتها، وآدابها وآثارها الفكرية والعمرانية وطبعها وترجمتها، وكذلك تأريخ وآثار الجزيرة العربية والبلاد العربية والإسلامية بشكل عام.. |
ثانياً:- إعداد بحوث ودراسات ومحاضرات وندوات عن سيرة الملك عبد العزيز خاصة، وعن المملكة وحُكَّامها وأعلامها قديماً وحديثاً بصفة عامة. |
ثالثاً:- المحافظة على مصادر تاريخ المملكة وجمعها. |
رابعاً:- إنشاء قاعة تذكارية تتضمن كل ما يصور حياة الملك عبد العزيز الوثائقية وغيرها، وآثار الدولة السعودية منذ نشأتها. |
خامساً: منح جائزة سنوية باسم (جائزة الملك عبد العزيز). |
سادساً: إصدار مجلة ثقافية تخدم أغراض الدارة. |
سابعاً: إنشاء مكتبة تضم كل ما يخدم أغراض الدارة. |
ثامناً: خدمة الباحثين والباحثات في مجال اختصاصات الدارة. |
إن كل محور من هذه المحاور، والأهداف يشكل تحدياً كبيراً جداً، فالكلمات قليلة لكن محتواها وأبعادها تحمل الكثير من الهواجس، والمنعطفات، فتحقيق الكتب عالم قائم بذاته، له من العلماء المختصين ذوي الدراية والعناية بالموضوع ما لا يمكن إحاطته في عجالة كهذه، والترجمة بحر لجيٌّ، وكذلك الحال بالنسبة لبقية المحاور التي تضطلع بها الدارة، ولا أملك إزاء ذلك إلا التقدير الجم لضيفنا الكبير لحمله المسؤولية المناطة به، وإنني على ثقة بأنه صاحبها، بل القادر بعون الله على الركضِ بها نحو مزيد من الإنجازات. |
ومن الأعمال التي تُذكر فتُشكر لضيفنا الكريم: الكتاب الذي ألفه بعنوان "مكتبة الملك عبد العزيز آل سعود الخاصة"، متناولاً فيه بتفصيل دقيق ما تحويه المكتبة من نوادر الكتب، خاصة المخطوطات القيمة التي ورثها عن آبائه وأجداده، إضافة إلى ما كان يأتيه عن طريق الإهداء أو الشراء، والبعض كان يأمر بطباعتها على نفقته الخاصة، والشكر موصول لضيفنا الكبير على مؤلفاته الأخرى التي أسهم في إثراء مكتبتنا الوطنية بها، والعربية بصفة عامة. |
وبمناسبة الكتب، لدي إضاءة لا بد منها في هذا السياق، فهناك رافد مهم يصب في مجرى التاريخ العريض، أعني به كتابة المذكرات التي يتحفنا بها بعض أصحاب الفضل من وقت لآخر، وآخرها كتاب (الأمير محمد الفيصل يتذكر)، الذي جمع مادته الصحفي النابه الدكتور خالد باطرفي، وفيه حشد من الذكريات التي تشكل إضافة يعتد بها في كتابة تاريخنا المعاصر، ومما لا شك فيه أن هناك الكثير الذي تختزنه الصدور، ومنها ما طويت صفحاته مع أصحابها الذين رحلوا إلى دار البقاء دون أن يتمكن أحد من رصده وتوثيقه، أمثال أساتذتنا الكِبار أصحاب المعالي المشايخ: محمد سرور الصبان، وفؤاد حمزة، والدامرجي، وخالد وليد القرقري، وأسعد فقيه، وجمال الحسيني، ويوسف يس، ورشدي ملحس الصالح، وكمال بك أدهم، وعبد الله بن عدوان، وعبد الله بالخير، ورشيد علي الكيلاني، والدكاترة: رشاد فرعون، ومدحت شيخ الأرض، وفخري شيخ الأرض، هؤلاء ممن عاصرت وغيرهم كثر ممن سطروا أسماءهم بأحرف من نور في سجل الوطن.. وعلى رأس من أدعوهم لأخذ زمام المبادرة لكتابة مذكراتهم أو تسجيلها أصحاب السمو الملكي الأمراء أبناء المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز، ومعالي صديقي وزميل طفولتي السيد أحمد عبد الوهاب نائب الحرم، والشيخ عبد الرحمن الحميدي، وغيرهم كثيرون ممن عاصروا أحداثاً مهمة، فهذا تراث أمة، وأمانة في الأعناق، ينبغي أن تؤدى في الوقت المناسب للأجيال القادمة.. وإذا رأوا أنه من غير المناسب الإفصاح عن بعضها في الوقت الحالي كما سمعت شخصياً من بعضهم، فلا أقل من تسجيلها وكتابتها في أسطوانات مدمجة أو أي وسيلة من وسائل التوثيق.. التي تضمن عدم ضياعها، ومن ثم حفظها لدى جهة مؤتمنة بحيث يصار إلى إصدارها والاطلاع عليها عند زوال مسببات حجبها. |
ويسعدني أن أغتنم هذه الفرصة لأدعو ضيفنا الكريم، بصفته العلمية والوظيفية للاهتمام بتسجيل ما في صدور الرجال والنساء الذين لهم ذكريات حية من واقع معاصرتهم لكثير من الأحداث المهمة، والتي تثري عبقنا التاريخي، فهذا مصدر لا غنى عنه لتأريخ ما أهمله التاريخ، وأحسب أن في قصصهم عِبَرٌ وشواهد عصر. |
وحتى لا أستأثر بالحديث، فإنني أكتفي بهذا القدر، وإن كان الحديث حول نشاطات الدارة.. وعن ضيفنا الكريم، والبقاء في حضرة التاريخ، ذا ألق يغري بالمزيد. |
أرحب مجدداً بضيوفنا الأفاضل، وعلى أمل أن نلتقي الاثنينية القادمة لنحتفي بالأخ الأستاذ الشاعر حمزة إبراهيم فودة، الذي تنفس الشعر في بواكير حياته، ثم صقل تجربته، وزاد عليها مؤلفات نثرية عديدة، بالإضافة إلى نشاطه في حقل النشر.. فأهلاً وسهلاً ومرحباً به وبكم في أمسية من أمسيات الوفاء. |
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. |
|
عريف الحفل: السادة والسيدات كما يعلم الكثير من حضراتكم بأنه سينقل الميكروفون بعد قليل إلى أصحاب السعادة المتحدثين في حضرة ضيفنا، بعد ذلك تعطى الكلمة لفارس الاثنينية وبعدها إن شاء الله يتم فتح باب الحوار، فمن له سؤال لسعادة فارس الاثنينية فليكن سؤالاً واحداً حتى نستطيع أن نستوعب الكثير من الأسئلة، وأرجو أن يكون حواراً ماتعاً إن شاء الله. |
وردنا فاكس من سعادة معالي المفكر الإسلامي الكبير معالي الدكتور محمد عبده يماني، وزير الإعلام الأسبق يعتذر عن الحضور لوجوده خارج جدة، ويقول في رسالته: |
|
|