شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الدكتور عبد الله مناع ))
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله مساءكم جميعاً.
لم أكن أتخيل أنني سأكون المتحدث الأول في هذه الليلة، فلست ناقداً أدبياً يتولى بالنقد مجموعات الأستاذ محمد المنصور الشقحاء القصصية، ولستُ أديباً كبيراً يُلقي بنظرة أو بقراءة مستفيضة حول عطاء الأستاذ محمد منصور الشقحاء، وكل ما هنالك أن سكرتير الاثنينية حدثني عن هذه الليلة فرحبت أن أُشارك بكُليمة ليست أكثر من سطرين أو ثلاثة، لكن يبدو أن الأمر جرى على غير ما كنت أتوقعه.
ليست لديَّ سوى بعض النقاط، وكنت أعتقد أنها ستكون في هامش الجلسة وليس في متنها، أولى هذه النقاط: أننا نلتقي الليلة بعد انقطاع طويل عن الاثنينية، وقد ذكرتني هذه العودة بالقيمة الحقيقية لهذه الاثنينية، فأنا أعتقد أن الشيخ عبد المقصود خوجه ربما كان رجل الأعمال الأول والوحيد الذي يفتح بيته كل أسبوع ليحتفي بأديبٍ أو بكاتبٍ أو بشاعرٍ أو باحثٍ أو بعالم، وهذه ميزة يُشكر عليها الشيخ عبد المقصود، صحيح أن أباه الأديب الشيخ محمد سعيد عبد المقصود هو رئيس تحرير أول صحيفة سعودية وهي "أم القرى" ولكن ذلك يعني ليس هو كل الأمر، فهناك أبناء لآباء من رجال أعمال وقد كان لهم تاريخ صحفي كبير، ومع ذلك لا نرى أحداً منهم بالساحة، الشيخ عبد المقصود بهذه الاثنينية يتفرَّد فعلاً بوفائه ويتفرد في حرصه ويتفرد في محبته، ويتفرد في حرصه على التواصل مع أجيال من أدباء جاؤوا بعد جيل أبيه، هذه النقطة الأولى.
النقطة الثانية: أن هذه الليلة تأتي بعد ليلتين من وفاة الشاعرة الفلسطينية العظيمة فدوى طوقان، والحقيقة أنني عندما قرأت خبر وفاتها ولم أسمعه لا في التلفزيون ولا في الإذاعة شعرت بحزن حقيقي، فقد كانت فدوى طوقان وكلكم يعرفها من هي، شاعرة عظيمة ومحرومة كبيرة، فقد عاشت حياتها وكأنها ناسكة في عالم الشعر وفي عالم قضيتها القضية الفلسطينية وفي عالم حبها لمدينتها نابلس، وقد عاشت تتغنى بتلك المدينة طفلة وشابة وكهلة، ورأت بعض أحلامها في تلك المدينة، وأيضاً رأت مدينتها الحبيبة وقد غدت أطلالاً كبقية أطلال المدن الفلسطينية تحت هذا الاحتلال الجبار الذي يقوده "شارون" وتدعمه الولايات المتحدة الأمريكية.
أسفت وحزنت لوفاة طوقان، وأسفت وحزنت لأن حياتها خلت من تلك السعادات الصغيرة أو حتى الكبيرة، سواء كانت سعادات صغيرة أو كبيرة ولكنها عاشت محرومة ناسكة، ولذلك كان كتابها الجميل الذي روت فيه قصة حياتها، رحلة صعبة، رحلة جبلية، كانت تجسيداً لتلك الصعاب ولتلك الحياة التي خلت من كثير من بهجة الأيام.
النقطة الثالثة: - هي كاتبنا الأستاذ محمد منصور الشقحاء، وهو قاص مظلوم أيضاً كأدباء الطائف المظلومين، كالطائف نفسها المظلومة، كاتب قصة منذ أكثر من عشرين عاماً، وربما خمسة وعشرين عاماً، ولكن المقابل لهذا العطاء الذي امتد قرابة ربع قرن لم يكن على قدر الجهد الذي بُُذل فيه، الطائف مظلومة ومحرومة من الكثير، محرومة من وسائل النشر، مظلومة من صحافة تخرج عنها، أو تخرج منها، وكان أدباؤها يتناثرون ولا يجدون فرصاً للنشر إلا بالمراسلة عن طريق جريدة "المدينة" في جدة أو عن طريق جريدة "الرياض" في الرياض، أو عن طريق "الجزيرة" وقليل ما يذهبون إلى جريدة "اليوم"، لكن ربما يصبح دور جريدة "الوطن" أكبر لأنها المدينة الصيفية المنافسة، أو المدينة الصيفية الأخرى، يصح أنها تفتح أبوابها لأدباء الطائف بصورة أكبر، يفاجئنا الأستاذ محمد منصور الشقحاء ذات يوم بإعلانه عن رغبته في عرض مكتبته للبيع، ربما كان ذلك تعبيراً عن يأسه، ربما كان تعبيراً عن "قرفه"، وربما كان تعبيراً عن طول الطريق وصعوبته، ولم أكن أعلم أن المكتبة انتهى بها المطاف إلى أن تكون جزءاً من مكتبة الملك فهد كما سمعت الليلة بأنه تبرع بها إلى مكتبة الملك فهد الوطنية وأنه تلقى وساماً من الأمير سلمان نتيجة هذا التقديم للمكتبة، لكن الإعلان حتى بعد أن حدث ما حدث يظل لغزاً لا تُفهم دواعيه ودوافعه، وقد نفهم دواعيه ودوافعه أحياناً ولكن نتجاهلها بحثاً عن سماعها من صاحبها.
الأستاذ محمد منصور الشقحاء لحق به زميله القاص الأستاذ جار الله الحميد عندما أعلمني أحد الإخوان على رسالة على هاتفي "الجوال" بأنه هو الآخر يعلن عن رغبته في بيع مكتبته حتى يتوفر له شيء من احتياجاته، ما قصة أدبائنا الذين يذهبون على هذا الطريق حتى هذه النقطة؟ ما هي قصتهم؟ ما هي حكايتهم؟ ما موقف الأدباء؟ ما موقف الأندية منهم؟ أمعقول أن يصل الحال بأدبائنا أن يعلنوا مكتباتهم للبيع حتى يعود عائدها عليهم؟ أتذكر وأنا أقرأ في كتاب الأستاذ العقاد عن سعد باشا زغلول أنه أراد أيضاً أن يبيع الكتاب حتى يستطيع أن يعيش على عائده، ولكن الكتاب بيع بالقدر الذي بيع به ثم فكر في بيع المكتبة كالأخوين الأخ محمد منصور الشقحاء وجار الله الحميد، أعتقد أن الأدباء والكتّاب وما كان يجري عليهم في الأربعينات لا يصح أن يجري عليهم في قرنٍ آخر جديد، بعد ستين عاماً من ذلك التاريخ، ليس من شك أن الأديب يعيش أزمة، وأن الكاتب يعيش أزمة، وأن الأزمات تتعدد وتتنوع وإذا كانت الأزمة الأولى هي الحرية فإن أزمته الثانية هي لقمة العيش.
الأستاذ محمد منصور الشقحاء يسعدني أن أشارك هذه الليلة في الاحتفاء بك قاصاً وأديباً وكاتباً، تنضم إلى زمرة كتّاب القصة الكبار والمجودين من أمثال الباخشوين، وجار الله وعبده خال.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
عريف الحفل: الكلمة الآن لسعادة الدكتور سلطان القحطاني الكاتب والناقد والأستاذ بجامعة الملك سعود.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1087  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 5 من 197
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج