شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه ))
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خير من تعلم وخير من أعلم بالرسالة والكتاب.
أخي سعادة الأستاذ عبد الله محمد الهويمل مدير التعليم بالمنطقة الغربية.. الأخوة الأساتذة الكرام.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بادئ ذي بدء لي كلمة هامشية، بِداية هذه الدار، هي دارة الجميع، فهي دارتكم تحلون بها في أي وقت. مُرحِّباً بكم، مستشعراً فضل زيارتكم وحلولكم بهذه الدار، وجودكم بهذه الدار أحس فيه وبه تكريم لصاحبها، وصاحبها أنتم، فليس لي فيها أكثر من مقعدي هذا، وإنني لسعيد جداً وأنا أرى هذه الوجوه النيرة أمامي، ولي من تعبير حجازي استعملناه دائماً ويسعدني أن أقوله في هذه الأمسية (على بيتنا نور) الله نور، والمحبة نور، قلت إنها كلمة هامشية في الحقيقة هذه الجزئية ليست هامشية وإنما هي واسطة العقد.
الكلمة الهامشية أحب أن أوضح ولا أقول أصحح أن الاثنينية قد مر عليها عشرون عاماً بفضل الله ونعمته، وفضل من أكرمونا بإعطائنا الفرصة لتكريمهم، وبفضل من الله سبحانه وتعالى قد أصدرنا طباعة فعالياتها أولاً بأول، وقد مَنّ الله عليّ بما كنت أحلم به بحيث أن تكون فعالية السنة الماضية بين أيدي رواد الاثنينية وهم من يتفضلون بحضورها مُكرَّمين أو مُكرمِّين. فقد صدر الجزء التاسع عشر وكان مع الاثنينية الماضية، كما رُصد مع ما سبقه على الإنترنت، لنكون مع واقع التقنية، والتقدم، والإنترنت، ومن يتعامل معه، وليَّ الآن أن تتفضلوا عليّ بدقائق، قبل ذلك.. الاثنينية كرّمت ما يقرب من ثلاثمائة عالم ومفكر، وإن شاء الله نحن على الطريق سائرون، وهذا لا يتم إلا بالمؤازرة، وإخاء وود، أصحاب الفضل من الإخوة الذين يتفضلون ويُكرِّمون من يُكرِّم، ويسعدونا بمداخلاتهم وتكريم المحتفى به، فإن شاء الله أن يكرمنا المولى سبحانه وتعالى بالالتقاء بكم في الاثنينية، وفي أي مقام كهذا.
ما أسعدنا اليوم ونحن نرى هذه الوجوه المكتسية بنور العلم، تضيء جنبات هذا المكان الذي تعددت فيه لقاءات الوفاء والتكريم، غير أن هذا اللقاء له تميزه وفَرادته التي اكتسبها من مكانه المحتفى بهم في قلوبنا جميعاً، مشاعل النور وحملة رسالة العلم والتعليم في بلادنا الغالية.
إن الاحتفاء بالمعلم في مناسبة يوم المعلم يعتبر منارة خير، وعملاً مبروراً، يؤكد المكانة السامية التي يحظى بها في قلوب الناس على اختلاف مشاربهم ومواقعهم الاجتماعية، لقد ظل المعلم دائماً وعلى امتداد التاريخ مكان تقدير وإعزاز واعتزاز، وهذا لا يحتاج إلى دليل إلا إذا احتاج ضوء الشمس إلى دليل، لذا سأتجاوز هذه الجزئية لأتحدث عن المعلم كضلع مهم وأساسي في مثلث العملية التربوية، التي تلتقي عند المدرسة كوعاء يضم المعلم من جهة، والطالب من جهة أخرى، والمنزل كرافد يؤدي دوره في نجاح العملية التعليمية والتربوية.
ومما لا شك فيه أن المعلم أيضاً في تكوينه نتاج هذه الدورة، فهو جزء من المجتمع باعتباره واحداً من أبناء هذا الوطن المعطاء وله أسرة ومنزل، وهو المعلم في موقعه التعليمي والتربوي بالمدرسة، هو الطالب سابقاً بصفته اقتعد مقعد الدرس قبل أن يتأهل تأهيلاً كاملاً لأداء رسالته. ومن هذا المنطلق نرى أن المعلم قد جمع الأضلاع الثلاثة في شخصه، الأمر الذي يلقى عليه مسؤولية جسيمة في أداء الرسالة المناطة به، ذلك أن كل ألوان الطيف تنعكس عليه، تلتقي عنده وتنبع من بين جوانحه، وبالتالي تمنحه موقعاً فريداً وفاعلاً وإيجابياً في العملية التعليمية والتربوية. وقد يقول قائل: إن نظرة سريعة على واقع الحال تشير إلى تقلص مكانة المعلم الاجتماعية، فلم يعد يحل مكان الوالد المرهوب، وليست له اليد الاجتماعية التي تمنحه حق التدخل في بعض الشؤون الخاصة المتعلقة بالطلاب وأسرهم، واختلّت مساهمته في الهم الاجتماعي بصفة عامة إلى أن اختصر دوره بين جدران المدرسة، وأحسب أن كل هذه الملاحظات لها ما يبررها فقد اختلفت التركيبة السكانية التي كانت تمثل رافداً أساسياً أهَّلَ المعلم فيما مضى لأداء رسالته على نحو تعليمي وتربوي متكامل.
فبالرغم من أن المدرسة كمبنى ومقر ووعاء للعملية التعليمية كانت متواضعة جداً، إلا أن دفع تلك الجدار البسيطة كان كافياً لإحداث أثر لا يمحى في وجدان الطالب، إذ يجد المعلم نفسه محاطاً بمن يعرفه ويعرف والده وجده وأخواته وإخوانه، لأنه جزء أصيل من بوتقة صهرت المجتمع في سبيكة متجانسة، وبطبيعة الحال كان تأثير المعلم إيجابياً وعميقاً في تلك الظروف، كما أن مقولة ولي الأمر للمعلم (لك اللحم ولي العظم) كان لها مدلولات عميقة وهي لا تعني إطلاقاً المعنى الحرفي للعبارة بما تحمله من صرامة وقوة، ولكنها تشير إلى أسس التعامل التربوي الذي يشترك فيه البيت والمدرسة لتقديم نمط خاص أدى إلى نتائج مشكورة، وساهم في تخريج أجيال تحملت مسؤولية العمل الخاص والعام، وأدت دورها على خير ما يؤديه الرجال، الموفون بعهودهم الحافظون لأماناتهم.
أما اليوم فقد اختلف الوضع كما تعلمون، وأصبح الجار لا يرى جاره، ناهيك عن معرفته والاطمئنان عليه. لقد كان كل الكبار آباءً وأعماماً، وكل الكبيرات أمهات وخالات، والنظراء أخوة أشقاء، وعندما اختلّت واختلفت تلك التركيبة لظروف نعلمها جميعاً، كان لابد أن تفرز نوعاً جديداً من التعامل على كافة المستويات، فأصبح المعلم في وضع لا يمكن مقارنته بما سبق، وإذا تمت المقارنة فإنها حيف وظلم كبير في حق معلم اليوم، غير أن ذلك في تصوري لا يعفيه من محاولة التشبه بأسلافه، ذلك أن التشبه بأولئك الكرام فلاح في حد ذاته، وعلى المعلم أن يحاول ويكرر المحاولات لفرض شخصيته وإيجاد توازن لتهيئة أفضل ظروف ممكنة لأداء رسالته السامية، وبحمد الله أن بذرة التعليم في هذا البلد الطيب بذرة خيّرة، لأنها نبعت من مهد الرسالة فانبثق العلم بين حصاوى الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، ثم جاءت منارات الهدى للتعليم النظامي، ممثلة في مدارس الفلاح بمكة المكرمة، وجدة ومدرسة تحضير البعثات، أنا أحد أولئك الطلبة في ذلك الزمن الغابر وأحد الطلبة الذين جثوا على ركبهم أمام رجالاتٍ في حصاوى الحرم المكي وأروقته، وكم أتمنى لو كان لتلك الأروقة صوت يسمع، لرددت صدى ما كان يلقيه أساتذتنا الكبار قامة وقمة.
لقد ذهب الفضل بذويه، ولكن الخير فيكم، مما لا شك فيه هي تجربة تعليمية غضة، إذا قيست بعمر الزمن، وخلال فترة وجيزة -لقد خرجت عن النص بما قلت عن جثوي على الرُكَبْ مع زملائي في حصاوى الحرم المكي الشريف- استطعنا أن نحقق ولله الحمد الكثير من الإنجازات الطيبة.
وأذكر بهذه المناسبة عندما كنت مديراً عاماً للمديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر ولي زميل هنا بجانبكم كنا نسير على تلك الدرب، الأستاذ الكبير عبد الله الحصين أستاذ العلم والتعليم، بداياته كانت في الإذاعة العامة للصحافة والنشر قبل أن تصبح وزارة للإعلام، وكان من رجالها المرموقين علماً، وقد منّ الله عليه بكرمه فكان من الذؤابة الذين نذروا نفسهم للتعليم، وكم أنا سعيد وأنا أرى اليوم عن يميني الأستاذ الكبير عبد الله بوقس، أعرفه منذ زمن طويل.. طويل، كلنا أصبحنا كباراً في السن، ولكن صغاراً إن شاء الله بصحتنا وإن شاء الله بلقاءاتنا الجميلة كالشباب. عرفته وهو مديراً لإدارة التعليم في جدة، كان ذلك ما يقرب من خمسين عاماً.
كنا نشعر بزهو وفخر كبيرين، عند إذاعتنا أو نشرنا ونحن في المديرية العامة بالإذاعة والصحافة والنشر آنذاك، بعبارة نرددها نشراً وإذاعةً أننا نبني مدرسة كل يوم، وبالتأكيد فإن العدد قد تضاعف عدة مرات في الوقت الراهن ولكن يبقى الشوط طويلاً والطريق شائكاً، ويحتاج إلى تصميم وجهود كبيرة، لمواكبة المسيرة نحو مستقبل مشرق بمشيئة الله، ومن ناحية أخرى، أعتقد أن المجتمع بكافة فئاته، مدعوٌ أكثر من أي وقت مضى لإعطاء المعلم حقه كاملاً من العناية والرعاية وتأمين المناخ الملائم، خاصة الإسكان المناسب له ولعائلته أسوة بكثير من العاملين في قطاعات أخرى، لا أقلل من شأنها ولكنها لا تنشئ أنفساً وعقولاً كما يفعل المعلم.
وبموجب هذه الحوافز وحفظ الحقوق يستطيع قطاع التعليم أن يجتذب أفضل الكفاءات إلى صفوفه، والمحافظة عليها من التسرب إلى مواقع الإغراءات الأخرى، فالمعلم بشر فواجبنا كمجتمع يضم البنوك والشركات.. والمؤسسات الصحفية.. ووسائل الإعلام المختلفة أن نعمل وفق آلية واستراتيجية مدروسة للخروج بمشروع يخدم تطلعات المعلم المشروعة، ويخدم في ذات الوقت العملية التعليمية والتربوية، بما يحقق الأهداف المرجوة إن شاء الله.
هذه مجرد أفكارٍ عَنَّتْ لي بهذه المناسبة الطيبة، مرحباً بتناولها من قِبل كافة المهتمين وأصحاب الاختصاص وإخضاعها للدراسة والحذف والإضافة، إلى أن تتبلور في شكل يحقق آمال وتطلعات المعلم، ومما لا شك فيه أن معالي أخي الدكتور محمد بن أحمد الرشيد وزير المعارف والكفاءات التي حوله سيكونون خير سند وعضدٍ ونصير، لما سوف تتمخض عنه هذه الأفكار، إلى أن تصل بحول الله إلى طور التنفيذ الفعلي، على أرض الواقع، ولا بد لي من وقفة صغيرة، قبل أن أختتم كلمتي، وقد أطلت عليكم وأشير بكثير من التقدير إلى ما تحقق من إنجازات في حقل التعليم العام، لا أقول إن تجربتنا منزهة عن الأخطاء، والكبوات، غير أنها أخطاء مهدت الطريق إلى إيجاد وعيٍ يسهم في رفع مستوى الأداء، وقد صاحب الفترة الأخيرة بعض الشوائب، التي لا يخلو منها أي مجتمع ، ونحن جزء من منظومة عالمية مترابطة، وبالتالي فإنها ليست غريبة على مجتمعنا كما يشير البعض، لأنها إفراز طبيعي لتطور أخذ مجراه بين الناس، وهنالك جزئيات إيجابية كثيرة، وجزئيات سلبية ينبغي أن لا نغض الطرف عنها ونكتفي بشجبها والقول بأنها غريبة على مجتمعنا، بل ينبغي أن ندرسها بدقةٍ، ونضعها تحت المجهر لنعرف حجمها، وعمقها وأسباب نشوئها ثم البحث عن العلاج الناجع الذي يقطع دابرها، وأحسب أن للمعلم دوراً بارزاً في هذه القضية، لأنه رمز للتحدي وخط الدفاع الأول بالنسبة للوطن والمواطنين، والمؤهل علمياً وعملياً للوقوف في وجه أي مدٍ أو آفات غير مرغوبة.
كما أن بعض السلوكيات التي تسيء إلى المعلم وتبدر من قلة من الطلاب تحتاج إلى وضعها تحت المجهر لتحجيمها قدر الإمكان وهي على العموم لم تصل بحمد الله إلى مرحلة تشكل ظاهرة، ولكنها نبت شاذ متطفل يمكن إبادته بقليل من الحكمة والصبر، ومن الإفرازات الإيجابية مواكبة العصر وإيجاد وسائل للتخاطب والدراسات والبحوث لما يتوفر لها من مراجع بالمكتبات أو شبكة الإنترنت، وكلما أسرعنا في التعامل معها في مراحل التعليم الابتدائي وربما التمهيدي كانت النتائج أفضل وأكثر مدعاة للاستمرار والتوسع في تعلمها.
ولن يؤثر ذلك بإذن الله في ثوابتنا الدينية وعاداتنا وتقاليدنا لأن الدين بحمد الله يحثنا على طلب العلم بل جعله فريضة على كل مؤمن، هنيئاً للمعلم بحب الناس، وهنيئاً لنا بهؤلاء الأفاضل، شموساً تسطع في حياتنا كل يوم، وأركاناً تُبنى عليها دعائم الوطن ومستقبله، ذلك أن التعليم هو أشرف مهنة على ظهر الأرض، تستمد شرفها من الأنبياء والرسل الذين أرسلهم الحق سبحانه وتعالى، مبشرين ومنذرين، وسيلتهم في ذلك التعليم، وسلاحهم الحكمة والموعظة الحسنة، والله المستعان. إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عريف الحفل: شكراً، سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه على هذه الكلمة الضافية التي أعتقد أنني وزملائي في اللجنة العليا للتخطيط في فعاليات يوم المعلم سنحتاجها أن تكون وثيقة من وثائق فعاليات جدة لتكريم المعلم.
أيضاً أريد أن أقف عند نقطة هامة جاءت في ورقته وأعتمدها إن شاء الله نحاول أن تكون توصية من توصيات هذا الملتقى أو هذه الفعالية، وهي قوله: أن يكون هناك حافز للمعلمين وهو إيجاد الإسكان المناسب أسوة بغيرهم من القطاعات ومثل المعلم يستحق هذه التوصية.
أيضاً أقول لأخواني المعلمين الذين يحضرون هذه الليلة والذين سيسمعون عن خبر هذه الليلة أن يكون شرف كبير لنا أن يشارك هؤلاء الرواد لتكريمكم بالكلمات، لتكريمكم بالحضور، لتكريمكم بهذا التواجد بيننا الشيخ عبد الله بوقس ومعنا الأستاذ عبد الله الحصين ومعنا كما تعرفون زملاؤنا في الإدارة العامة للتعليم الذين ترجلوا عن أعمالهم القيادية وكلهم يحضرون معنا لكي يكرموا المعلمين وليشدوا على أيديهم.
الكلمة الآن لسعادة مدير عام التعليم الأستاذ عبد الله محمد الهويمل فليتفضل.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1297  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 128 من 147
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

جرح باتساع الوطن

[نصوص نثرية: 1993]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج