شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الأستاذ الدكتور حسن الوراكلي ))
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، معلمنا وقدوتنا وحبيبنا.. سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن استن بسنته إلى بوم الدين..
حضرات السادة الأفاضل.. أحب في بداية هذا الحديث أن أشير إلى أنه أحب إلى نفسي كل ما دعتني الحاجة للحديث في مدرج الجامعة.. في منبر من منابر الأندية أو في أحاديثي في وسائل الإعلام أن أرتجل الكلام ارتجالاً، حتى أظل متواصلاً مع من يتفضل بالإنصات إلي، إلا في مثل هذه المناسبات فإنني أخشى أن يرتج عليّ، وأن يحول العي بيني وبين التعبير عما أجد من عواطف ومشاعر فياضة بإزاء الذي نكرمه والحال اليوم حال أخي وحبيبي الدكتور محمود حسن زيني، الذي يؤلف عندي وجهاً مشرق القسمات من بين وجوهٍ مكية كثيرة مشرقة القسمات وضاءة الملامح عرفتها في هذه السنوات الطويلة التي مَنَّ الله سبحانه وتعالى فيها بالجوار.
ولذلك فإني أستأذن الشيخ عبد المقصود في أن أقرأ هذه الورقة كلها أو لا أقرأها كلها، وهي قليلة..
محمود حسن زيني صبح الشبيكة ينضح بطيوب الإذخر والجليل، وكلكم تعرفون الشبيكات المضمخ بعبير النداء المزهر انطلق الفتى محمود معطرة أنفاسه بطيوب قرآن الفجر المشرود لينجز أول مواعيده الخضلة المونقة، كما الإذخر في بيته، والجليل مع مأدبة ربه تعالى، يكحل العين بالرواة يمتع الطرف بالبهاء حتى إذا خفق جنانه بآي ربه وتحركت بها الشفتان كان أجره بكل حرف عشر حسنات، وما زال الفتى محمود يتردد صباحه والمساء، على هذه المأدبة البهية الوضيئة حتى قرت به عيون طالما سهرت تحلم بيوم الشرافة، المنشود الموعود يوم تطوف بموكب بمحمود حوائر مكة تشهد أهليها أنه قد صدق ظنهم. أولم يغدُ وقد حفظ واستظهر في خير الناس الذين تعلموا القرآن ليعلموه، على مأدبة القرآن تعلم الفتى أن العلم طلبه فريضة، وبذله فريضة من يومها نذر حياته للعلم، يتتبع غيوثه حيث تهمي، اختلف إلى حلقات الشيوخ في المسجد الحرام شرفه الله فنال عندهم شبعاً ورياً، لكنه مع ذلك كان شأن المنهومين شبعهم وربهم إلى حين، ولكي لا يرمى بالعجز... لأن القناعة عندهم وعنده مع الفارق ليست كنزاً بل هي عجزٌ، ولكي لا يرمى بالعجز حمل الفتى محمود ذات صباح من أصباح الشبيكة الفينانة باب العمرة في شغاف قلبه وحمل البيت مقامه والحطيم في رموش عينيه، ثم سار على بركة الله لا ينكث لأم القرى عهداً، ولا يستبيح لها إلاًّ ولا ذمة، حتى إذا نزل عند ضفاف بحر النيل بأرض الكنانة سارع يملأ وطابه في مجالس وأخرى يتصدرها جهابذة الشيوخ, ثم دفع على بركة الله ليوسع رقعة الرحلة باتجاه بلاد الفرنجة حتى إذا نزل عند شواطئ بحر الشمال في أرض اسكتلندا سارع يملأ الوطاب في مجالس وأخرى يتصدرها كبار الأساتذة، عاد الفتى محمود من رحلته العلمية شرق فيها وغرب، وفير الزاد من معارف سمينة تلقاها وعلوم قيّمة لقنها ثم لم يكد يلتقط أنفاسه من وعثاء السفر حتى شمر عن ساعدٍ مدّه في همة وعزم ونشاط لخدمة العلم في البلدة التي وعى سمع التاريخ كما لم يعي من قبل نداء السماء الداعي إلى القراءة والعلم يتردد في أحنائها. لخدمة الدعوة في البلدة التي ضاءت طلعتها بنور آخر نداء إلهي لدعوة التوحيد، تهزم المحل واليباب بوادي غير ذي زرع عند بيت الله المحرم.
وكذلك يزيد الله الذين اهتدوا هدى، هاهو ذا الشيخ الدكتور محمود سيراً على سنن العلماء العاملين، يرد لداره بالشبيكة عروس مكة المجلوة كل صباح بأشذاء الفجر وأنداء الأذان، بل لدار النبوة والنبعة المشرفة بعد ما طوقت به من معروف، حين نشأته على هدىً وبيّنة وحين أدبته على تقوى ورضوان وحين علمته وألقت في روعه ألا علم إلا بالعمل، وحين ودّعته وظلت تترقب نجمه يتلألأ في أفقها، سأل الدكتور محمود نفسه: هل من مكافأة أسنى لدار المبعث من رعاية إرث النبوة فيها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؟ هل من مكافأة أثنى لدار المبعث من رعاية أفلاذ أكبادها يفيض عليهم مما رزقه الله من علم؟ ويحلِّيهم بما تجمل به من آداب القرآن، وكان للشيخ محمود ما أراد وكانت له في ذلك مشاهد محمودة ومواقف كذلك محمودة، أعد لكم منها ثلاثاً تجزئه وتدل على ما سواها، أولها: إذ يرفع مع أتراب له وبالذات القواعد من بيت العرفان، جامعة "أم القرى"، وإذ يرعى تارة علوم الدين الحنيف في كنف كلية الشريعة، وإذ يسهر تارة على أمر اللسان المبين نحوه وصرفه، أدبه وبلاغته، في صرح -كلية اللغة العربية- وإذ يدير حيناً مركز التعليم الإسلامي تحت قبة الجامعة، وحيناً مركز بحوث اللغة العربية، وإذ يعكف في غير ملل ولا كللٍ على إعداد سلال شذية بهية بقطاف المشيخة العلمية والأدبية بأم القرى، كانت بغية الداني من أهل العلم، طلابه.. والشيوخ، وكانت سلوة القاصي من أهل العلم طلابه والشيوخ، أيها اليوم إذا ذكر الذاكرون مجلة جامعة أم القرى فيما تصرم من عمرها لا يثني ويشيد. وثانيها: إذ يجلس بأفلاذ أم القرى ومن حولها، يعلمهم الكتاب والحكمة فيتخرجون به أرسالاً في إثر أرسال، وقد وعوا عنه ورووا، وإذ يشغل ساعة من نهاره وأخرى من ليله لتجلية عرائس وضاءة الجبين مشرقة الطلعة، تلفح بالمسك أردانها، إذا نثرتها ألفيتها من المكارم بذروتها، اسم إحداها "جمهرة أنساب أشعار العرب" وولي أمرها محمد أبي الخطاب واسم الأخرى "غاية المقصود في شرح المقصور والممدود" وهو ولي أمرها أبو البركات الأنباري واسم الرابعة شرح قصيدة "بانت سعاد" ووليها وولي سابقتها، وإذ يعكف على التأليف في الأدب الإسلامي، فيكفي وإذ يكب على التصنيف في فقه المناسك فيشفي، وثالثها وآخرها: إذ يؤم في المحارب بكرة وعشياً، يزين القرآن بصوته وإن أحسن الناس صوتاً الذي إذا سمعته يقرأ حسبته يخشى الله عز وجل، وإذ ينتصب عقب صلاة الفريضة يدعو المصلين الذين ائتموا به إلى مأدبة الله تعالى، يغرف لهم من خيراتها، يحفر لهم بركاتها يقول لهم: اتبعوا مأدبة القرآن اتبعوا مأدبة الله القرآن فإن من اتبع القرآن هبط به على غياب الجنة.
أيها الحبيب المحمود علمه.. المشهود عمله.. أتراني وفقت في تشخيص سنة أنت سرتها؟ لا أزعم ذلك، كيف لي وسنتك كالنخلة التي كلما هززت منها جذعاً تساقط عليك رطباً جنياً، لكن إذا كان كما قالوا أول رابٍ سنة من يسيرها فإننا مثلك وعلى شاكلتك غادون سنة سرتها، كيف لا؟ أولم تكن كمياه المجنة صفاءً، كيف لا؟ أو لم تكن كجبل الكعبة سناءا، كيف لا؟ أو لم تكن كصبح الشبيكة ينفحه بطيوب الإذخر والجليل.. وشكراً لكم جميعاً وبارك الله فيكم..
عريف الحفل: أترك الميكروفون الآن إلى سعادة الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان، عضو هيئة كبار العلماء والمفكر الكبير المعروف.
 
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :731  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 103 من 147
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.