شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة فارس الاثنينية سعادة الأستاذ إبراهيم الناصر الحميدان ))
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين..
 
أصحاب المعالي والسعادة.. زملائي الكرام.. السادة الحضور.. أيها الحفل الكريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
 
اسمحوا لي بداية أن أتقدم بالشكر الجزيل لله سبحانه وتعالى أن مكنني من حضور هذه الأمسية البهية، التي أتاحها لي عاشق الثقافة والأدب.. حبيبنا الكريم الأستاذ عبد المقصود خوجه، الذي له أفضال لا تحصى ليس عليّ شخصياً فقط بل على معظم محبي الحرف وعشاق الكلمة، مما يبذله من جهود خيِّرة ويد معطاءة لتكريس الثقافة وجمع هذه الصفوة المختارة من الوجهاء المحبين.. رجال الفكر، في منزل عامر دائماً إن شاء الله، إذ أنه جزاه الله كل خير لم يكتفِ باحتضان هذا المنتدى فحسب، وإنما شَكَّل هيئة تتولى التحرير والمتابعة للمدعوين قبل حضورهم ثم الاطمئنان على راحتهم في الإقامة والتجوال، في هذه المدينة العريقة، حتى يستمتعوا برحلة ممتعة وإقامة هادئة، مريحة في ربوع هذه المدينة التي لي معها تاريخ طويل منذ بضعة أعوام، عندما كنت أعمل لدى وزارة المواصلات، وأشرف على طباعة المجلة في مطابع الأصفهاني، مما يحتم عليّ البقاء ما لا يقل عن أسبوع شهرياً لتلك الغاية، فكانت فرصة لي للالتقاء بخيرة الأدباء من أقطاب المشهد الثقافي حين ذاك، وعلى رأسهم أستاذنا العواد وعبد القدوس الأنصاري، وأحمد السباعي، والزيدان والعطار وعزيز ضياء - رحمهم الله جميعاً-، وكذلك الدكتور عصام خوقير والخياط وأبي مدين، وغيرهم ممن تسربت أسماؤهم من ذاكرتي المثقوبة في تلك المرحلة.. الزيارة كانت لقاءاتنا تتم في الغالب من خلال مطابع الأصفهاني، حيث تُطبع جريدة "البلاد" التي كانت تستكتب كبار الأدباء ويجتمع حولها صفوة الكتّاب برئاسة المرحوم عبد المجيد شبكشي.
لقد اخترقت هذه الذكريات الجميلة التسلسل الذهني الذي كنت أحرص على مراحله لأن صديقي الكريم الأستاذ عبد المقصود خوجه ألهب خيالي إلى تلك المرحلة من فترة شبابي التي كانت مشبعة بالثقافة فلقد كانت من أمتع مراحل علاقتنا بالصحافة ووسائل الإعلام إذ كنا ننطلق من وزارة الإعلام في تلك العهود الزاهرة متزودين بتعليماتهم، وكان على رأسهم فقيد الثقافة والفكر معالي الأستاذ عبد الله بلخير ونائبه الشيباني وكذلك الأستاذ عبد المقصود والدكتور الغزاوي، نتزود منهم بالحماس والمثابرة لخدمة الوطن، فإذا أنا عدت القهقري إلى فترة سابقة أتذكر البدايات التي شكلت ارتباطي بالحرف والكلمة، فقد نشأت في قرية نجدية، هي مدينة الزبير وهناك تعلمت مبادئ القراءة، قراءة القرآن الكريم في مسجدها إلى جانب القليل من العلوم الأخرى في الدين وحب الأحاديث، وهي التي فتحت أمامي آفاق الفكر، إذ أن جدات ونساء مسنات كنَّ يمتعن الصبية "بحواديت" الأيام الغابرة وقصص المغامرات والعشق والبطولة، فكنا لا نعرف النوم قبل أن تمتلئ أذهاننا بتلك الأحداث المثيرة، مما حدا بي لاحقاً أن ألتمس المطبوعات لقراءتها منفرداً، فكانت وجهتي مكتبة جدي -رحمه الله- الذي كان يحتفظ بالمطبوعات التاريخية والحديثة أيضاً، ولأنني من أسرة متوسطة فقد تركت الدراسة عند مراحلي الأولى واتجهت للظهران حيث عزمت على الانتساب إلى البعثة الجوية لولا أنها لغتي الإنجليزية المتواضعة حالت دون قبولي فيها، وقد شكّلت هذه أول صدمة لي، مما اضطرني إلى الاتجاه نحو الشركات بقصد العمل وتأمين مستقبل وظيفي.
 
وقد كانت أسوأ ظروف العمل حين التحقت بشركة لتفريغ السفن في ميناء الدمام، فكان عملنا يتعلق بالبضائع التي ينبغي تفريغها في الميناء، مما يجعلنا ننحدر إلى مستودعات السفينة السفلية بحثاً عن تلك البضائع، وكانت الحرارة الشديدة تتصاعد كأنما هي نار ملتهبة، حتى أن ملابسنا كانت تتمزق عندما نحك ظهورنا بفعل الحرارة، إلى جانب السهر طوال الليل في تلك الظروف السيئة، مما جعلني لا أستمر طويلاً في مثل ذلك العمل.
 
وكانت المعاناة الثانية عندما انتقلت للعمل في ميناء قرية صحراوية بنيت من الخشب والخيام، اتخذتها الشركة لمد الأنابيب مركزاً لها في خط البترول عبر الصحراء على الحدود الشمالية، فكانت الرياح والأعاصير الترابية تنطلق ليلاً ونهاراً، وبما أننا كنا نقطن في خيام مساكن لنا فقد كانت الأتربة تخنق أنفاسنا حتى نكاد أن نفتقد الهواء، على أن أسوأ النتائج حدثت عندما شب حريق هائل أتى على كافة وجود تلك القرية الخشبية، وكنا نحتفظ بمدخراتنا لدى أصحاب الحوانيت فيها، فإذا بالحريق يأتي على الأخضر واليابس، وهكذا اختفت تلك القرية عن الوجود واختفت معها كافة أحلامنا وما كنا نملكه من مدخرات مادية محدودة.
على أن هذه النتائج لم تغث في عضدي لأنني إنسان متفائل، حيث لم أتوقف عن القراءة في أقطاب الفكر العالمي من أمثال مكسيم غوركي وشارل ديكنز وفيكتور هيجو، وهم وغيرهم من المبدعين في المجال الروائي خلال العصور السابقة من مختلف الأمصار، كما تعاونت مع جريدة "الخليج العربي" التي كانت تصل في الخُبَر مشرفاً على الصفحة الأدبية، وبعد حين دفعت بأول إنتاجي الأدبي، فكان عنوان المجموعة الأولى "أمهاتنا والنضال"، والثانية رواية "ثقب في رداء الليل" عام 1380هـ، ثم توالت الإصدارات لاحقاً إلى أن بلغت 13 إصداراً، وفي ذات الوقت كنت أتعاون مع معظم الصحف المحلية وكذلك وسائل الإعلام الأخرى في التمثيليات والمسلسلات الإذاعية والتلفزيونية.
إنها مسيرة والحمد لله مشرفة، حيث وضعت بصمات في طابور العمل السردي باعتراف النقاد مما جعلني أحببت الانضمام لكثير من المؤسسات الثقافية والأندية، وما اجتماعي بكم هذه الليلة إلا ثمرة ذلك الطريق الطويل.
شكراً مرة أخرى للأستاذ الصديق الشيخ عبد المقصود خوجه على هذا الاحتفاء الذي أرجو أن يكون قدوة لكافة الذين يهمهم انتشار أدبنا محلياً وعربياً، كما أشكر الزملاء الذين أغدقوا عليّ الثناء في كلمات حميمية لا سيما الذين أبوا إلا أن يرافقوني في هذا الحضور، في منزل صديقنا الكريم الأستاذ عبد المقصود خوجه، وشكراً لكم جميعاً.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :560  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 66 من 147
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج