عريف الحفل: شكراً لضيفنا العزيز على هذه الكلمة التي حاول أن يلخص فيها حياته العلمية والعملية في محاور ثلاثة كانت عامرة بالجهد والعمل والاتقان والإخلاص إن شاء الله، نسأل الله سبحانه وتعالى أن تكون خالصة لوجهه الكريم، وأن يجازيه خير الجزاء، الأسئلة كثيرة وفيها طول يصعب عليّ أن أقرأها حرفيّاً، فيسمح لي السائلون إذا اختصرت وحوّرت في أسئلتهم، لكن كما جاءت إن شاء الله. |
عريف الحفل : الأستاذ عبد الحميد الدرهلي يسأل: |
عن الصحوة الإسلامية ماذا تعني؟ وعن الحركات الإسلامية الأخيرة أو الجديدة وما يدور فيها من تكفير للمسلم وتضييق على المرأة المسلمة، ويسأل ما هي الوسيلة الناجحة لوقف هذا التطرف عند حده؟ |
|
الدكتور محمد أبو الأجفان: الحقيقة هذا الموضوع واسع جداً من منّا يمشي مع التطرف، من منّا يؤيد المتطرفين والذين يسارعون ويبادرون إلى تكفير الناس، فقيمنا.. مبادئنا.. كلها معروفة، وكثير من العلماء يقومون بإيضاحها، ليس علينا إلا أن نقنع أخواننا بالتي هي أحسن ونجلبهم إلى الطريق المستقيم، ونحاول أن نقنعهم بأهمية الوحدة، وحدة الهدف، وحدة الاتجاه، ونبين لهم الحقيقة، هذا أشار إليه أخونا الشيخ عبد المقصود عندما بيّن أنه يتصدى للأمر من ليس أهلاً له، وينظّر وهو دون المستوى ويجتهد أو يفتي وهو بعيد عن حذق الثقافة والآلات التي تخوّل له الاجتهاد، إذا أُعطيت القوس لغير باريها يحصل مثل هذا، لو قامت المؤسسات الثقافية الإسلامية بدورها ونجحت في دورها أعتقد أنها تخفف من آثار هذه المشكلة، فليس علينا إلا أن نشجع المؤسسات الثقافية على ذلك بما فيها الرسمية وغير الرسمية، حتى المنبر كمنبرنا هذا له دور في توضيح الحقائق. |
عريف الحفل: الدكتور غازي زين عوض الله أستاذ الصحافة المساعد بجامعة الملك عبد العزيز، يقول: |
ما رأيكم في تقنين نصوص الفقه الإسلامي بمذاهبه الأربعة، ثم نقوم بجمع هذه الأصول وترجمتها للغات الحية حتى يتعرف الغرب على أصول فقهنا الإسلامي بصورته الحضارية؟ |
|
الدكتور محمد أبو الأجفان: هو التقنين اليوم المعاصرون والشيوخ اختلفوا فيه منهم من يميل إليه ومنهم من لا يميل إليه، أنا من الأشياء التي تركتها في كلمتي أني اكتشفت أول من قنّنَ واتبعه آخر، الذي وجدته أول من قنن هو صاحبنا هذا الإمام المقّري الجد، توفي في الحدود ثمانية وخمسين ، وتبعه ابن غازي المكناسي تسعمائة وتسعة عشر هجري، وهذه المحاولات طيبة وحتى غير هؤلاء كان لهم شبه تقنين عندما يقولون ما جرى به العمل في فاس وتقنن هذه الأشياء، يجري العمل بالحكم بكذا وكذا وكذا، هذا الحكم في الأصل أن يكون معترضاً على المشهور، لكن ما يجري به العمل يترك المشهور ويذهب إلى إحياء قول ضعيف لأنه رُوعِيَ فيه أنه يحقق المصلحة، يعني يحييون الأقوال الشاذة استثناء لأنها تحقق المصلحة، أليس هذا ضرب من التقنين؟ مع ذلك بعض إخواننا –سامحهم الله- ولهم نظرتهم أنهم لا يريدون تقنيناً يقولون إذا قنّنا فإننا نحصر القاضي في فصول معينة لا يتجاوزها، بينما منذ عهد ابن المقفع رسالته رسالة ابن المقفع في قضية التنويه بالتقنين، على كلٍّ أنا مع التقنين والمحاولات في التقنين حصلت، خاصة في مجال أحكام الأسرة، سبقنا علماء مصريون بعد مجلة الأحكام العدلية التركية، وقعت حركة تقنين أنتجت قوانين دقيقة جداً مضبوطة مهمة في أحكام الأسرة. |
في أحكام المعاملات هل يمكن أن نقنن مثل ما فعلنا في أحكام الأسرة؟ طبعاً يمكن، بل أقول إنها حصلت، كانت لجنة تجتمع في تونس عندما كانت الجامعة العربية في تونس، وكان ضمنها شيخنا مصطفى الزرقاء، والشيخ صالح اللحيدان، وغيرهما العبدلاوي من المغرب، وجمع حتى من تونس فيها أعضاء وأعدوا تقنيناً، كنت أجتمع بأستاذنا مصطفى الزرقاء في الفندق أقول له: هل سيعملون بهذه التقنينات الإسلامية؟ يقول لي : الله أعلم، حسب إيمانهم بجدواها. وهي في النهاية أتمموها وأعطوها جهة معينة في الجامعة العربية على أساس أن الجامعة العربية تعطيها لجميع الدول وتطبق باعتبار تقنين عصري بُذِلت فيه أموال وجهود، فالله ييسر لنا أن نصبح مؤمنين بالقضية، إذا آمنا بالقضية يسهل العمل، أما إذا جاء عمل والمسؤولون غير مؤمنين بجدواها أو عقبات أخرى.. مع الأسف. |
عريف الحفل: لو سمح لي فضيلة الشيخ بإضافة بسيطة، لدينا الشيخ الدكتور محمد الظافري وهو قاضي في جدة، لديه رسالة الدكتوراه عن تقنية الشريعة الإسلامية وينادي بها، وأنا أدعو من هذا المقام دور مجمع الفقه الإسلامي أين يكون في مثل هذه المسائل التي يمكن أن يكون متفق عليها؟ |
عريف الحفل: السائل محمد الدوغاني يقول: |
عُرفت تونس بتاريخها العلمي المجيد، وما أخرجت الزيتونة من علماء أفذاذ، ما رأيكم في الوضع العلمي الحالي في الزيتونة وهل تقوم بدورها المطلوب؟ |
|
الدكتور محمد أبو الأجفان: هذه قضية شائكة، ومؤلمة، تؤلم النفس وتحز في النفس وتبعث خنجر في القلب، لا أستطيع أن أتحدث فيها، وهي معروفة، من يشاهد.. من يرى؟ حتى إخواننا المسؤولون اليوم، أنا أنتهز هذه الفرصة لأقول لهم لا نغطي أعيننا أمام المشاكل، المشاكل موجودة ندرسها دراسة دقيقة، دقيقة جداً بحدب وبرغبة في الإصلاح يأتي الخير، كل الخير، وهذا الصوت الذي أعلنه من على هذا المنبر رغبة في الإصلاح، أنا أعلنه بحسن نية وبدون أن أقصد المعارضة أو أقصد التشويش، لأنه قد يُتهم الشخص ويُحمَّل ما لم يقل أبداً، أنا أمامكم جميعاً وأنتم شهود أقولها بكل صدق وإخلاص أنه لو وجدت العناية لإصلاح هذه المؤسسة لقامت بدور مهم جداً ليس في منطقة المغرب العربي فقط، بل في العالم الإسلامي كله، وأستطيع أن أكتب في هذا التقرير مفصل، حتى كتاب، وأستشهد بكثير من الأشياء وأبرهن على كثير من الحقائق. |
عريف الحفل: المحامي والمستشار القانوني عدنان محمد حسن فقي يسأل: أين نحن من تطبيق شريعة الفقه الإسلامي في حياتنا العامة والخاصة؟ |
الدكتور محمد أبو الأجفان: تطبيق الشريعة؟ |
عريف الحفل: الفقه الإسلامي. |
الدكتور محمد أبو الأجفان: تطبيق الفقه، البلاد الإسلامية تتفاوت فما هو موجود من تطبيق الشريعة في المملكة حسب معرفتي، هو قدر لا بأس به، نحن نتمنى أن تحتذي بقية الدول.. على كل الرواسب الإستعمارية لا ننسى تأثيرها، لولا هذه الرواسب لقطعت كل البلاد شوطاً كبيراً في تطبيق الأحكام الفقهية، أعاننا الله على إزاحة هذه الرواسب والعقبات والصعوبات. |
عريف الحفل: الأخ عبد العزيز حمد يتمنى أن نرشده أو أن ترشده إلى الكتب المعتمدة في فقه المالكية. |
الدكتور محمد أبو الأجفان: هي كثيرة، وكثيرة جداً، لكن لا بأس أن نذكر أهمها: معتمدة المدونة، إذا أخذت بعض شروحها ممتاز: كتب القاضي عبد الوهاب من المعونة ومن أشبه ذلك، كتاب ابن شاس (عقد الجواهر الثمينة) ثم أنا كثير ما أقول لطلبتي قل لي ما هو المستوى الذي تريد؟ ما المستوى الذي تقصد؟ ما المستوى الذي تكون فيه؟ أقول لك ما هو الكتاب الذي ينفعك، أما ما ذكرته الآن لكبار الباحثين أو للمتعمقين، لو كان مبتدءاً لقلت له: بعض شروح الرسالة كشرح أبي الحسن على الرسالة، أو شرح ابن ناجي على الرسالة، أو شرح زرّوق على الرسالة، المسألة ترجع للمستوى حسب المستوى. |
عريف الحفل: الأخ عبد المجيد الزهراء يسأل: |
عن السبيل الأقوم لشد أو لحث الشباب المعاصرين إلى تراثنا العظيم، وخاصة المذهب المالكي؟ |
|
الدكتور محمد أبو الأجفان: كيف يكون شدهم إلى ذلك؟ أما في مستوى الدراسات العليا وفي إعداد الرسائل الجامعية، ماجستير ودكتوراه، فقد وقع الشد لكثير من طلبتنا والحمد لله، منهم من يحقق التوضيح، منهم من حقق كتاب "الجامع" لابن يونس، والتوضيح لخليل، ومنهم من حقق المعونة، ومنهم من حقق أجزاء من شرح التلقين للمأزري وهو أحسن كتاب مالكي، وأخونا جمال عزّون من بينهم، فهذا الشد كأنه حصل في الجامعة الإسلامية بالمدينة في جامعة أم القرى، وانتهى أمره ورأيت طلبة وطالبات في سبيل تحقيق جزء من المخطوط، يبذلون أموالاً للحصول على المخطوطات لتوثيق المسائل، واجتهاد وهمة تُحمد وتُشكر. |
إن أردت شدّ البعيدين عن هذا المستوى شد الناس العاديين، نقول لهم قراءة الكتب البسيطة، رسالة ابن أبي زيد القيرواني، التفريع لابن الجلاّب، وما أشبه ذلك. |
عريف الحفل: الدكتور عبد الغني أنس عبد اللطيف يسأل: |
عن الاختلاف في بعض الفتاوى بين الأقطار العربية والإسلامية وما تتركه من بلبلة في نفوس بعض المسلمين، هل من وسيلة لتوحيد هذه الفتاوى؟ |
|
الدكتور محمد أبو الأجفان: هذه أيضاً مشكلة شائكة، لكن نقول باختصار هناك جانب من الثقافة الدينية.. أدنى جانب.. أقل جانب.. ينبغي أن يتوفر عند جميع الناس، ينبغي أن يتوفر حتى عند السائلين، من هذا الجانب أسباب الاختلاف، وضرورة الاختلاف، والفرق بين الاختلاف الممدوح والاختلاف المذموم، لو أن هذه القضية اتضحت لكان الناس لا يعتبرون الاختلاف أمراً مُشكِلاً، على أن الصحابة اختلفوا وعمر بن عبد العزيز قال: ما أحب أن أصحاب رسول الله يتفقون في كل مسألة وكان الاختلاف رحمة وهذا أمر لا شك فيه، وأقرَّ الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه على الاختلاف هذا أمر عادي. |
من محاسن المناهج في التربية الإسلامية التي كانت في المعاهد الثانوية بتونس في العهد (البورقيبي) أن كان هناك درس كنت أعطيه حظاً كبيراً هو أسباب الاختلاف بين الفقهاء، عندما أدخل لهذا الدرس أكون قد استعددت وبينت بالأمثلة الكثيرة أن هذا الاختلاف مشروع، وإذا لم يكفي الوقت أُعيدها في الدرس القادم، فيخرج الطلبة مقتنعين بأن الاختلاف أمر عادي، أما في جامعاتنا في الدراسات العليا فإننا نبين لهم أنه لا يمكن لهم أن يأخذوا موضوعاً ليس فيه اختلاف إذا أخذ دراسة لا بد أن يأخذ دراسة في موضوع فيه اختلاف ليستعمل الأدلة والترجيح ويبدي رأيه وينقضه ويعمل عمل المجتهد، تتعجبون إذا قلت عمل المجتهد، من تعجب أقول له يرجع إلى مقدمة كتاب "النوادر والزيادات" لعبد الله بن أبي زيد القيرواني، قال في مقدمة هذا الكتاب: لا يسعد بقراءة كتابي هذا "النوادر والزيادات" إلا من أوتي ملكة يستطيع أن يرجح بها بين الأقوال، فهي ليست مرتبة سهلة، ولذا أنا أقول لطلبتي أنتم مطالبون بهذا الترجيح، أي أنتم بلغتم مستوى من الاجتهاد أو تتدربون على بلوغ هذا المستوى، وكل الأساتذة عند المناقشة يحرصون على أن الطالب يكون قد رجح بين الأقوال، وإذا لم يرجح يُعد ذلك عيباً في رسالته، على أني وجدت بعض الطالبات وبعض الطلبة في بعض المسائل يقول: لم أستطع الترجيح بين هذين القولين، فكنت أنوه بالطالبة وأقول لها أحسنت لأنك لم تستطيعي أن ترجحي فعبَّرتِ عن ذلك لأنه أمر ليس بالسهل، إن كان لديك معطيات رجِّح، إذا لم يكن لديك معطيات أخذت هذا الموقف الذي كأنه سلبي، لا بأس بذلك. |
لكن على كل هناك تدريب على الترجيح، أي هناك تدريب على الاجتهاد، لأن الاجتهاد درجات خمس درجات ذكرها ابن رشد وغيره، من بين درجات الاجتهاد (الترجيح)، وهل هناك ترجيح بدون اختلاف؟ فالاختلاف مشروع، لكن لو كان الوقت يسمح كنت أحدثكم عن الاختلاف الذي ينبغي أن لا يُعتد به، الذي هو من قبيل، أقولها ولا خوف، فإذا كان الخلاف من قبيل زلة العالِم فلا ترجيح وقوله يُترك والذي أطنب في الكلام على هذه الجزئية الحطَّاب في مقدمة كتابه "مواهب الجليل" من أراد أن يتوسع في هذه الجزئية يرجع إلى هذا الكتاب، مقدمة شرح الحطَّاب على خليل المسمى مواهب الجليل. |
عريف الحفل: بقي طبعاً لدينا أكثر من ستة أسئلة: |
فهل نلقيها أو نختصر الإجابات لو سمحتم؟ |
|
الدكتور محمد أبو الأجفان: سنختصر الإجابات، وإذا كان بعضها يرتبط اربطهم مع بعض. |
عريف الحفل: الأخ محمد أمين الوصابي: |
من مجلة "بلقيس" وطننا العربي والإسلامي يعيش أصعب أوقاته ما هو الدور الغائب الذي لم تسلكه الأمة العربية والإسلامية حتى الآن؟ |
|
الدكتور محمد أبو الأجفان: في الحقيقة عدة أدوار غائبة لن نتحدث عن دور دون دور، معروف الأدوار، أدوار في الجانب السياسي، أدوار في الجانب العلمي، ففي تكوين الهمة. |
عريف الحفل:سؤال من الأخ خليل عبد محمد: أحد علماء أمريكا تطاول على رسولنا صلى الله عليه وسلم ووصفه بالإرهابي. |
ماذا فعل علماؤنا للرد على هذا؟ |
|
الدكتور محمد أبو الأجفان: أنا ما استقرئت، إذا قلت ليس هناك مَنْ رَدَّ أكون مجازفاً بالقول، لأنه يحتمل أن يقع الرد في باكستان في الهند في مكان ما ونحن لم نطَّلع فلا نجيب عن هذا، لكن نقول قضية الحوار بين الأديان، وقضية مهاجمة الإسلام هذه كانت مألوفة في قرون تاريخنا كلها لا يكاد يخلو منها عصر، والدليل على ذلك ما قام به أبو دريد الباجي عندما رد على الراهب الفرنسي، ورده مشهور ومطبوع، وكتاب المعيار المعرب "الذي نُشرَ" فيه كثير من الردود التي رد بها بعض المسلمين على بعض الرهبان، أو على بعض النصارى، أو على بعض اليهود، هذه حكم العمل الذهني هذه داخلة في نطاق الأعمال والمؤلفات وأنواع التأليف وأنواع الدفاع، ومن تصدى للدفاع بنية طيبة وبجهد له الأجر من الله ولا شك، نعم. |
عريف الحفل:الأستاذ غياث عبد الباقي يسأل: |
عن بعض الاتجاهات والتيارات التي تدعو إلى اللامذهبية والتي تدعو للتعصب المذهبي، هل نسمع من فضيلة الشيخ توضيحاً لذلك ورأياً سديداً وجزاك الله خيراً؟ |
|
الدكتور محمد أبو الأجفان: كيف يأتي سؤال يستدعي المحاضرة في هذا الوقت، بحكم ممارستي للمذاهب، بحكم ممارستي لتاريخها وتدريس تاريخ التشريع، وبحكم ما درسته عن شيوخي ككل، أنا من الذين يعتبرون أن للمذاهب دورٌ، ودورٌ مهم، ما يُستنكر هو التعصب للمذهب إذا رأيت فيه قولاً صاحبه لم يرَ دليلاً قوياً أو سنةً صحيحة فخالف السنة الصحيحة، ومع ذلك أنت تتمسك بهذا الرأي نقول لك لا، لا تتعصب وانتقل إلى قول.. إلى الحديث أو إلى مذهب آخر. ولا تعصب، أما أصل فكرة.. لو آمن الناس بما قدمته المذاهب، لو عرف الناس بما قدمته المذاهب لعصورها ولأحداثها ولمستجداتها لما ثار هذا المشكل تماماً، الآن.. الآن إخواننا من الباحثين الذين يلقون بحوثهم في مجمع الفقه يرجعون إلى هذه الثروة الغزيرة جداً جداً جداً، في مختلف المذاهب وهذه الثروة لا تقتصر على الفروع، بل فيها من الفروع.. فيها من الضوابط.. فيها من القواعد.. فيها من النظائر.. فيها من المبادئ.. فيها من الأصول ما يضفي المرونة حتى على تلك الفروع، فلهذا أقول هذه المشكلة بصراحة لا يستطيع أن يفهما إلا من تقدم شوطاً في دراسة تاريخ المذاهب وأصول المذاهب وبعض فروعها. |
عريف الحفل: الأخ عبد الرزاق الغامدي يسأل يقول: |
سمعنا من سيادتك كلمة (الأفخالستي). |
الدكتور محمد أبو الأجفان: الأفخاليستي؟ |
عريف الحفل: فهل هذه كلمة عربية أرجو توضيح ذلك؟ |
الدكتور محمد أبو الأجفان: هذا في التاريخ لما تقرءون تاريخ تونس وتقرءون ما حصل في ألف وتسعمائة وواحد وثلاثين هذا المؤتمر المشهور وإن كانت محاسن بورقيبة قليلة فإن من هذه المحاسن القليلة أنه كان يخطب مشنعاً لهذا المؤتمر الذي عمل أصحابه على الافتخار بانتصارهم على الإسلام في تونس، وأرادوا أن تصبح تونس مسيحية وعقدوا أكبر مؤتمر لما يخرج المؤتمرون إلى شوارع تونس يملئونها لا أبالغ عندما أقول يملئونا، لأن تونس في ذلك الوقت كان حجمها صغيراً، فتحدوا الشعور الوطني، تحدوا شعور المسلمين، وبيَّتوا لهم أنهم جاءوا هنا يحتفلون بمسيحيتهم ويغيظون المسلمين ويكيدون لهم، ويشعرونهم بأنهم سينشرون دينهم وسيزيحون الإسلام من البلاد. |
لكن هذا كان يعطي طاقة من رد الفعل، أنا لما أتكلم في كلمتي عن الأشياء التي كانت بالنسبة لي شخصياً هي ردود فعل، هي آثار لأحداث سواء كانت الحالة الاقتصادية أو الحالة السياسية أو الحالة الاجتماعية، كوَّنت ردود الفعل هذه، بقي بالنسبة للعبارة نفسها وأصلها وكذا لا يحضرني شيء إنما كأنها أصبحت عَلَمْ عَلَمْ عن ذلك المؤتمر، المؤتمر الإفخاريستي وقع في كذا وكذا وكذا، المهم ما حدث فيه هو هذا ولا شك أنه يؤلم نفوسكم كما يؤلم نفسي، لكن تم الانتصار على الاستعمار لم يتحقق غرضهم في أن تصير البلاد مسيحية، والآن هناك جهود من نوع آخر تسعى لبث المسيحية في كثير من البلدان. |
عريف الحفل: الأستاذ عجلان بن أحمد الشهري يسأل: |
عن أحداث الحرب العالمية الثانية ونتائجها التي كنتم شاهداً عليها وكنتم من شهودها، هل ما تعيشه منطقتنا العربية الآن قريبة من تلك الحقبة التاريخية، وما هي النتائج التي ستعيد المنطقة إليها؟ |
|
الدكتور محمد أبو الأجفان: لا.. لا هذه يلزمها محلل تاريخي يحلل ويقارن بين الاثنين. |
هذا ليس اختصاصي، لكن أنا الذي عشته من ضنك ومن ضيق حتى الخبز لا نجده، كل بيت يأخذ يسمونه "بونه" بطاقة، يشتري بها خبزاً، وإذا أخذ هذه الخبزة بثمن بخس هي لأسرته كلها، إذا كانت الأسرة في ذلك اليوم طبخت شيئاً آخر وتريد أن تبيع هذه الخبزة تبيعها بثمن غالٍ، هذا لترون التأثير في الناحية الاقتصادية، أنا حضرت في الشوارع ناس في الشتاء البارد ملقون على الأرض، ويتسولون ويطلبون بأنين يمزق القلوب، وكثيراً ما يطلع الصباح ونجد بعض الأموات من بين هؤلاء المتسولين، مع ذلك كان هنالك محل كبير يسمى "التكية" يأوي إليه كثير من الفقراء والمتسولين لكنه لم يكفِ والمتسولون يموتون جوعاً في الشوارع. |
عريف الحفل: السؤال الأخير للأستاذ عبد الله بن فرّاج الشريف يسأل: |
عن تجربتكم في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ولحصولكم على درجة الماجستير والدكتوراه وأعرضت عن ذكر الأسباب التي أدت إلى فشل إنشاء علاقة بين الجامعة المذكورة والجامعة الزيتونية؟ |
|
الدكتور محمد أبو الأجفان: لا.. تلك الأسباب عديدة، لا تجرونا إلى حديث يشدنا إلى الصباح، أما تجربتي فهي سعيدة، وجدتُ حُسنَ القبول والتفهم والمعونة من بعض الطلبة، ومن كثير من الأساتذة، لا أنسى فضلهم وهم بحق يريدون أن يعينوا من جاء منكسر الخاطر من بلاد لم تجد فيها بضاعته رواجاً، فهؤلاء الإخوان في الرياض جزاهم الله خيراً ولم ينس لهم هذا الفضل، أما عقد الصلة وربط الصلة فحديثه طويل قد يأتي يوم نكتب فيها شهاداتي بالنسبة لهذه الأحداث. |
|
|