الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

(( كلمة الأستاذ الدكتور محمود حسن زيني

عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى ))

بسم الله الرحمن الرحيم، نحمدك اللهم ونصلي ونسلم على خاتم أنبياءك ورسلك سيدنا ونبينا محمد معلم البشرية وهادي الثقلين، اللهم صلي وسلم وبارك عليه، على آله الطيبين وعلى صحابته الغرّ الميامين. سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وبعد.

مع عميد هذه الاثنينية نحتفي الليلة بعلم من علماء تونس البارزين، الذين طبقت شهرتهم الآفاق، وغدت سيرته هو عاطرة مثل علماءها الكثيرين، الذين جابوا الآفاق في رحلاتهم إلى العلم والعلماء وإلى الحرمين الشريفين، وإذا كانت هذه الاثنينية بفضل الله قد أصبحت مورداً عذباً كثير الزحام كُرِّم في جنباتها أعلام ورجال سطَّروا بأحرف من نور سيرهم بما قدَّموه من إبداعات وبما حققوا من أمجاد لبلادهم مثل سماحة الشيخ الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة مفتي الديار التونسية الأمين العام للمجمع الفقهي العالمي لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وفضيلة الدكتور شاكر الفحَّام، كثير من العلماء الذين في هذه الاثنينية جاءوا وقُدِّروا تقديراً، ولقوا عناية وترحيباً وتكريماً من عميد الاثنينية الأستاذ الأديب أبومحمد سعيد عبد المقصود خوجه، فإن فضيلة الأستاذ الدكتور محمد بن الهادي أبو الأجفان وهو الأستاذ بقسم الدراسات العليا الشرعية التي شَرُفت في كلية الشريعة بأن تكون قد درست فيها وعملت وكيلاً لها وعميداً لها في جامعة أم القرى، أشرُف بأن تكون مع هؤلاء الصفوة المباركة من الرجال في هذه الاثنينية المباركة أن نُكرِّم هذا الرجل مع عميد الاثنينية ضيفاً مكرَّماً في هذه الاحتفالية العالمية بالمعلمين، وأشرف بالمشاركة مع هذا الجمع في الترحيب والتقدير لجهود هذا الرحالة الذي كان له من اسمه وكنيته النصيب الأوفى، فلقد رحل في عالم التأليف والتحقيق قرابة ثلاثة عقود أربت مؤلفاته كما ذكر مقدم السيرة على المائة والعشرين مؤلفاً منذ عام 1973م، ولقد وهب الله هذا الأخ الحبيب عيناً بصيرة نقّب في التراث الإسلامي واختار من الرحلات ما نال به أولى الجوائز في رحلة القلصادي الأندلسي، وجعل من رحلات السلف وتقييداتهم برنامجاً صوّر به مثل علماء ومحققي المغرب العربي تاريخ حضارتنا العربية الإسلامية وأحيوا بنشرها هذا التراث الفكري عبر القرون.

واهتم هذا العالم الجليل ابن القيروان تلك جامعة التي كانت مع مثيلاتها من جامعات المسلمين في العصور الوسطى منارات إشعاع وتنوير لأوروبا في عصورها المظلمة، فلقد اهتدوا بهديها ونهلوا من معين علمها وأدبها وخيرها، اهتم هذا العالم بكتب السلف وعاد إلى مؤلفاتهم الذهبية فأخرج منها أو مخرج ما فيها من أسرار دفينة وكنوز معرفية جمة يقرؤها المتأخرون فيروا فيها إبداعات السابقين وما فيها من فضل وعلم ونور، وضيف الاثنينية لم يُعنى بالتحقيق فحسب بل ضم إلى جانب التحقيق في المكتبة العربية مؤلفات جسدت من خلال النظرات المتأنية في كتب التراث الذي يقرأه كثيرون في عصرنا الحاضر ما يصور الحياة الاجتماعية من خلال كتب الحسبة، وشارك هذا العالم الفقهاء في ما ألفوا في المذاهب الفقهية في أمور العبادات والمعاملات والعلاقات. وضم إلى مكتبة علماء في أصول الفقه والأحكام مؤلفات يغبط على بذل الجهد الكبير فيها بما يغني المكتبة الشرعية، ويبين مدرسة الفقه المالكي الذي عرفه المغاربة في المغرب العربي كله، وإن أنسى لا أنسى هذا التميز الذي عُرف عن علماء المغرب كلهم ألا وهو حبهم للرحلة وللرحالة، حتى إن صاحبنا لم تهدأ له نفس، ولم يتوقف كلمُهُ عن التحبير والتأليف والتحقيق، حتى جعل نفسه بما مَنَّ الله عليه واحداً من أولئك الرحالة الذين هاجرت نفوسهم إلى البقعة الطاهرة مكة المكرمة، التي جعلها الله مثابة للناس وأمناً، وكأنني أتصور أولئك الرحالة المغاربة والأندلسيين من السابقين واللاحقين منهم هذا العالم الجليل الرحالة أبو الأجفان الذي عرفته من سنين عديدة في أم القرى تتوق نفوسهم وأرواحهم إلى هذا البلد الأمين ليعطروا سيرهم وليُجاوروا في البيت تحقيقاً للأحلام التي تراودهم في رحلة العمر، لتكون تعطيراً ونفحاً شذياً وسعادة لنفوسهم لينعموا برؤية البيت والطواف فيه والسعي والوقوف بعرفات، وهي رحلة العمر الجملية التي أسعدت العلماء والباحثين والزائرين وحجاج بيت الله الأمين، فبارك الله الليلة لهذا الضيف ولمضيفه الكريم الذي نال رضا الله بتكريم هؤلاء الرجال الأفذاذ، وجعل الله اثنينيته معلماً حضارياً تُذكر فيُشكر صاحبها ويُدعى له بالخير والله حسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

عريف الحفل: أيها الأخوة جزء من التكريم هو ما تتفضلون به من طرح الأسئلة، ونرجو أن تكتب الأسئلة وتقدم لسعادة الشيخ عبد المقصود وأن يُذكر الاسم حتى نُعرِّف به عند قراءة الأسئلة.

الكلمة الآن لسعادة الأستاذ الدكتور حسين الحياني وأرجو أن يصحح الاسم عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى فرع الطائف، تفضل مشكوراً.