شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الدكتور عبد الله منّاع ))
أسعد الله مساءكم بكل خير، لم أكن أتصور أن معد هذه الليلة يباكر بي على هذا النحو، فقد جئت متأخراً واستمعت إلى جزء من كلمة الأديب الأستاذ الصديق عبد الله الجفري، وهي كلمة ماتعة كُتبت بعناية وبأناة، بحيث يتعذر عليّ أن أقول بعدها شيئاً، فمعذرة إن لم أكن مستعداً على ذلك القدر أو على هذا القدر الذي حدده الأستاذ عبد الله الجفري، ولكنني منذ أن قدَّرت أنني أشارك في الأمسية وأحتفي مع المحتفين بالصديق العزيز الأستاذ خالد المالك فقد كنت أتأمل ماذا سأقول؟ والحقيقة أن الأستاذ خالد المالك رئيس تحرير "الجزيرة" العائد إليها بعد سنوات طويلة، والذي صنع منها صحيفة كُبرى حقيقية في زمانه، كنت أتصور الأستاذ خالد المالك وربما كانت هذه رؤياي فيه، أنه صحفي قادر على أن ينشئ صحيفة، ناجحة في أي وقت وفي أي زمن، وأنه إن لم يكن كاتباً عظيماً وصاحب اسم كبير في دنيا القلم والكتابة ولكنه صحفي كبير.
ولم يكن المطلوب في إقامة الصحف أو إنشاء الصحف أن يكون كل أولئك الذين ينشئونها كُتَّاباً عظاماً، ولكن الصحافة تحتاج إلى صحفيين عظام، وقد كان خالد المالك أحد هؤلاء الصحفيين العظام.
الأستاذ خالد المالك كان كياسر هواري في الصحافة اللبنانية، ليس كاتباً عظيماً ولكنه صحفيٌ عظيم، قادر على أن ينشئ صحيفة أو مجلة في كل يوم، الأستاذ خالد المالك قدَّم خلال سنوات عمله الأولى في "الجزيرة" صحافة ترضي القارئ، وقد كان القراء يبحثون في ذلك الزمان عن الأخبار التي تهمهم، واستطاع الأستاذ خالد المالك أن يقدم لهم الأخبار التي تهمهم، كان كأنه من مدرسة مصطفى أمين، تلك المدرسة التي تعتمد على السعاة وعلى كُتَّاب الآلة وعلى موظفي المكاتب الصغار، في الحصول على أهم الأخبار، فكان دائماً يحصل على أهم الأخبار، وأفضل الأخبار، تلك الأخبار التي يبحث عنها المواطنون وينتظرها القراء.
 
ودار الزمان وأطاح الزمان به كما أطاح بي، ربما في أزمان متقاربة ليجد كلٌ منا أخاه على الرصيف، كنا نسمي أنفسنا بالمعتزلة، لكن الأستاذ خالد المالك بعد تلك السنوات كانت بالنسبة للجزيرة سنوات عاصفة فقد هبطت بالجريدة وكأن خالد المالك طائر من الطيور كالصقور، كان يحمل "الجزيرة" ويحلق بها في سماوات فإذا بـ "الجزيرة" بعد خالد المالك تهبط هبوطاً شنيعاً، وتتواضع في مستواها وفي منافساتها، ومرت أيام على "الجزيرة" –أيام صعبة- جعلت منها ربما الصحيفة الثالثة أو الصحيفة الرابعة، واستطاع أهل "الجزيرة" بعد زمن أن يدركوا أن خطأهم الأول والأخير كان في تغيير ذلك الحصان العظيم والجميل خالد المالك، فسعوا سعياً حثيثاً حتى أعادوه إلى "الجزيرة"، ولكنه عاد إليها بروح مختلفة، وبرؤية مختلفة، وبخبرة مختلفة، وبقراءات طويلة، أتاحتها له سنوات الاعتزال.
لكن خالد المالك بعودته يواجه مشكلة، فالقراء يريدون تلك "الجزيرة" التي كانت في زماناتها، وخالد المالك لا يستطيع أن يقدم تلك "الجزيرة" التي كان يقدمها، تغير الزمان، تغيرت الظروف، وكان لا بد على القراء أن يفهموا ذلك، وقد بدأ يعوّض "الجزيرة" ذات الحيوية وذات الحرارة وذات الدفء والسبَّاقة بالخبر، بجملة تعويضات مختلفة سواء كانت من حيث كم عدد الصفحات من حيث كم عدد المحررين من حيث عدد الكُتَّاب الذين يكتبون فيها، ولكن ما زالت هناك مسافة بين جزيرة الأمس وبين جزيرة اليوم وأعتقد أن هذا لا يُغضب خالد المالك لأني أعرف كم هو يحمل قدراً كبيراً من السعة والديمقراطية في أن يسمع ما يقوله كل الناس فضلاً عن زميل وأخ وصديق مثلي.
أنا أعتقد أن "الجزيرة" وهي في هذه المرحلة التي تجدد فيها شبابها أن أمامها فرصاً عظيمة وكبيرة، وأن خالد المالك من خلال حكمة السنين ومن خلال التجربة الطويلة سيستطيع أن يدفع بالجريدة إلى مساحات متقدمة ترضي قراءها وترضي محبيها وترضي المعجبين بها وأنا أحدهم. وقد قُدِّر لي أن أكتب في "الجزيرة" مرات قليلة، وكان السبب في هذا ليس لأن خالد المالك بخيلاً في الاتصال ولا بخيلاً في المكافأة ولا بخيلاً في أي شيء، بل كان على العكس من ذلك تماماً، فقد كان كريماً في كل شيء إلا أن مشكلتي كانت دائماً تكمن في أنني أريد أن أكتب في تلك الجريدة التي لا تبعد عني إلا أمتار، يعني نصف كيلو.. كيلو.. اثنين كيلو، تكون قريبة مني، حتى أستطيع أن أكلمه في التليفون بين كل ساعة وأخرى وأُعَدِّل.. وأحذف.. وأضيف.. وأخاف.. وأرتبك.. وأتراجع، فبُعد "الجزيرة" عني كان أحد أسباب قلة كتابتي فيها، ولكني كنت وما زلت ودائماً أظل أكن للجزيرة ولخالد المالك كل الإعزاز وكل الحب وكل التقدير، وأهلاً به وسهلاً في هذه الاثنينية وشكراً.
عريف الحفل: الكلمة الآن لسعادة الدكتور غازي زين عوض الله، رئيس قسم الإعلام بجامعة الملك عبد العزيز.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :744  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 7 من 147
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج