شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الأستاذ أحمد العرفج ))
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
كلمتي ستستغرق أربع دقائق، لذا سيكون لي في ذمة الشيخ عبد المقصود خوجه دقيقة واحدة أستفيد منها في اثنينية قادمة...
لا يسعك إلا أن تكبره وتحترمه كثيراً لأنه مثل النهار الذي يسلط ضياءه على الموجودات،
والمفقودات، والمذكورات، والمنسيات من أوجاعنا وآلامنا وتخلفنا، تحبه لأنه يدخل عليك من خلال حروفه، وقد خلع عادات المجاملة، ونزع عنه طقوس المديح التي أضاعت الأمة قروناً وقروناً، تحبه لأنه صريح مثل ضوء النهار وسواد الليل، يقبل عليك هذا الإبراهيم مودة ليست بينك وبينه إلا دعوة بهية لأيام مقبلة أكثر معقولية ودفئاً وحداثة واعية، يحمل بين جنبيه شجاعة الطرح وجسارة القلم، ولهذا لم يطرح خياراته القليلة في الفعل، بل وازن بين خياراته وخيارات الظروف والواقع، متكئاً على ثقافته الموسوعية من غير تبرم أو انكسار، إبراهيم البليهي هذا بوصفه موظفاً يعمل في جسد المدن وممرات القرى لم يكتف بهم المدن الظاهري ووجها الأسمنتي الجاف المتمثل في تشجير المدن ورصف الطرق وتخطيط الأزقة، بل جاوز ذلك إلى تلمس فكر المدينة، وهمومها الثقافية، ومعالم تخلفها، فعمد على معالجتها يداً بيد مثلاً بمثل سواء بسواء، لقد كتب لي ذات مراسلة وهو أستاذي كتب قائلاً: أرجو أن تشغل نفسك بعض الوقت بدراسة مصدر الخلل الجذري في الثقافة العربية وهو كونها مؤسسة على التعصب وأنها معادية للحقيقة لأنه متى تبصّر الناس بهذه الحقيقة الكبرى فسوف تتغير طرائق التقييم إلى الأفكار والأشخاص والأشياء، وتتبدل مناهج التفكير وترتقي أساليب التعامل وتتمحص الآراء على أسس موضوعية أمينة، أما بدون تصحيح هذا الخلل الأساسي، فلم يجدِ أي عمل ولم ينفع أي فكر ولم يثمر أي نقاش، وما زال الكلام للأستاذ إبراهيم البليهي، ولم أتوصل إلى هذه النتيجة عفو الخاطر وإنما كنت مشغولاً بالبحث عن مكمن الخلل في الثقافة العربية منذ أن كنت في المرحلة الإعدادية، بل قبل ذلك حين رأيت أن ثلاثة من الخلفاء الراشدين الأربعة ماتوا قتلى، وأن عمر بن عبد العزيز مات مسموماً، وأنه لم يتخاصم في التاريخ العربي طرفان إلا انحاز الناس للأبعد عن الحق والأقرب إلى الهوى، وتأكدت بذلك أن ثقافتنا هي ثقافة مصالح وليست ثقافة مبادئ، ولقد أمعنت النظر في التاريخ والأشخاص والأحداث والأفكار والأوضاع، واستقرت عندي قناعة تامة بأن قيام الحياة العربية على العصبية قد جعل ثقافتها تقوم على معاداة الحقيقة وتسويق استخدام المبادئ لبلوغ المآرب الخاصة، واقتنعت أن هذا هو السبب الرئيسي لكل ما اعترى الحياة العربية والإسلامية من أخطاء جسام سواء كان في الماضي أو الحاضر، ماذا أقول بعد هذا النص الرائع الذي اختصر أوجاع الثقافة وحصر مرضها، هنيئاً لنا يا إبراهيم للأمة التي تضم أمثالك، شكراً لأنك علمتنا كيف نجرح أدواتنا التي انتفخت إعجاباً ومديحاً وسروراً، شكراً لأنك جئت إلينا لتعلمنا كم هي المسافة بين النمو والتنمية، شكراً لأنك عصي الفكر شيمتك الصبر...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عريف الحفل: الكلمة الآن لسعادة المهندس رأفت محمود زيني.
 
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :563  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 139 من 145
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء التاسع - رسائل تحية وإشادة بالإصدارات: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج