(( كلمة الدكتور يوسف عز الدين يلقيها بالنيابة عنه عريف الحفل ))
|
أشهد أنك رجل صبور تصل إلى الهدف الكريم بمواصلة اللطف والإلحاح بالحب، فقد نجحت في تكريم الصديق الأستاذ وديع فلسطين بعد لأي ومشقة، وكنت طرفاً فيها، لهذا زاد إعجابي بالوفاء وتقديري للأعمال الخيرة، فبورك فيك وعسى أن يتخذك بعض الناس قدوة وقليل منهم أن يجاريك في سجاياك العالية. |
عريف الحفل: طبعاً الكلام كثير والشيخ عبد المقصود خوجه لا يريدني أن أقوله لما فيه من روح وثناء على شخصه أن أقول فعلاً تصديقاً لكلام الشيخ بأنه حاول مراراً أن يستضيف سعادة فارس الاثنينية. |
الشيخ عبد المقصود خوجه: هذه شهادة أعتز بها. |
عريف الحفل: يقول الأستاذ الدكتور يوسف عز الدين: |
وديع فلسطين الأديب الموسوعي والصديق الوفي. |
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد: |
يسعدني أن أهنئ الأخ الصديق الأديب الشيخ عبد المقصود خوجه على قدرته الفائقة على الإقناع، فقد نجح في جلب الأستاذ وديع إلى بستان الاثنينية النضر وإلى ندوة الحب والخير والوفاء والتقدير، وقد سهّل صعوبات جمة ولا عجب، فقد أكرمني بلطفه حوالي السنتين، حتى سعدت بالحضور بين أهل الفكر والأدب والإخاء برعايته الكريمة، وهكذا الكرام يواصلون العطاء حتى لمن يهربون من عطائه وأُخوَّتِه ولطفه، فتحيات عاطرات له ولجميع من يسعد في حضور الاثنينية، ويَبُلُ صدى الشوق العارم للقاء الصفوة الكريمة التي يدعوها في مهرجانه الفكري وندوة التكريم. |
وديع فلسطين ليس مثل الأدباء الرواد فحسب، ولا من كبار الصحفيين، إنما هو موسوعة واسعة المدى عميقة الغور، فقد صحب قادة النهضة الحديثة وزامل ربابنة الفكر وأساطين السياسة والنقد والأدب والعلوم والفنون المتعددة، مثل: خليل مطران، وبشر فارس، والمازني، والعقاد، وعبد الرحمن شكري، وأبي شادي، وزكي مبارك، ومصطفى الشهابي، وفؤاد صروف. عاش للصحافة ولكنه كان الأديب الصحافي والصحافي الأديب، كان قلمه يساهم في أكبر المجلات والصحف كـ "المقطم" و "المقتطف"، وقابل كبار الساسة والمفكرين مثل: نهرو، ولياقت خان، والْدوس هكسلي، وويل ديورانت، وعبد الكريم الخطابي، وأمين الحسيني، وعشرات من القادة والزعماء الرواد، وبُناة النهضة الحديثة في الفكر والسياسة. |
إنه من القلة القليلة الذين لهم صلات واسعة ومعارف في كل مكان من أرض المعمورة، واسع الأفق والحب والتراسل، يحبه الكثير، ويُعجب به من عرفه وراسله وكتب إليه، لا يكاد الإنسان يُحصي أسماء الذين يعرفهم والذين يكتب لهم، فهو سيَّال القريحة حين يكتب، تُحس بالحلاوة والعذوبة، وأعجب من الرسائل الطويلة التي يُرسلها، كيف يقدر على تسطير رسالة واحدة في صفحتين كبيرتين؟ كيف يبدأ وكيف ينتهي حتى آخر مكان في الصفحة في دقة عجيبة وحساب دقيق؟. |
وديع فلسطين له خلق جميل ورقة في الطبع، فقال فيه الشاعر محمود أبو الوفاء: |
وديع صرت أسمى من وديع |
فأين تكون؟ قل لي يا وديع؟ |
صفاتك لا يحاكيــها صفات |
ولــكن قد يـحاكيها الربيع |
بوصفك يزهر الأدب المصفى |
وباسمك أينع الخلق الرفيع |
|
|
كتب عن قادة القلم ورواد الأدب ودهاقنة الفكر، كالأمير مصطفى الشهابي، وعجاج نويهض، وعبد العزيز الرفاعي، ومحمد سعيد العامودي، وأحمد زكي أبو شادي، وسلامة موسى، ومحمد عبد المنعم خفاجي، وأنور الجندي، ومحمد عبد الغني حسن، والدكتور خليل صابات، وعيسى الناعوري، ونقولا يوسف، وأبو القاسم محمد كرو، وعبد السلام هاشم حافظ، ومحمود أبو الوفا، والشيخ محمود أبو رية، وغيرهم كثير، وكنت أتمنى أن تُجْمَعَ هذه الدراسات وهذه الكلمات في كتاب ليطلع الجيل الجديد على مآثر الأديب، وليعرفوا مكانته الرائدة في عالم الفكر بعد أن انغمسوا في الأدوات الحديثة ووسائل الإعلام المتطورة التي تداعب العواطف الداخلية والمشاعر الحساسة. |
لا يمكن في هذه العجالة أن أوفي الصديق العزيز حقه، ويكفي أن أشرف بلقائكم والتحدث عن إنسان كبير القدر واسع الإخاء والود في العالم العربي، بل تعدى الأرض العربية إلى بقاع العالم. |
عندما تأتي رسائله أشعر بفيض من الآراء ومختلف الأفكار، فهو يصور لي في كل رسالة حياة الفكر والأدب والشعر، وما يحدث في العالم العربي، فأستفيد علماً ومعرفة وكأني أعيش في عالم الفكر والأدب العربي الواسع. |
أسلوبه جميل، وبيانه عذب، تنساب فيه همسات الود وأريج الخلق الرضي والعلم الواسع والتركيز المحبوب في العلوم والمعارف والآداب والصحافة، وبحلاوة أسلوبه ورقّة معانيه وتركيز المعارف كلها، أدهشتني السيدة "أمينة صبري" عندما حاورتني في الشهر الماضي في صوت العرب، عندما اختارت مقالته عني في العدد الخاص الذي أصدره الأديب البارع وديع العبيري من مجلته التي تصدر في النمسا، عندما اختارت مقالته عني وقدمتني بها في حوارها الطويل، فقد اختارته من بين أكثر من أربعين من الباحثين الذين تفضلوا وكتبوا عني في (يوسف عز الدين في مرايا الآخرين). |
عريف الحفل: الحقيقة الأستاذ عز الدين كتب.. قال كتب عدداً من الكتب وترجم بعضها وقدّم الأخرى، طبعاً هذه الكتب وردت في السيرة الذاتية لسعادة ضيفنا حتى نختصر الوقت، ويختتم رسالته بقوله: |
لست بصدد الإطالة، فقد استوفى الدكتور حسين علي محمد الجوانب الكثيرة عن حياته في كتابه "سفير الأدباء وديع فلسطين"، الذي تفضل المؤلف بإرسال نسخة لي وقد طُبع عام ثمانية وتسعين وتسعمائة وألف للميلاد. ولكن أريد أن أسعد بالمساهمة في الكتابة، وإن لم أسعد بالحضور وأروِ الغلة من لقاء رواد هذا المجلس العامر ومن أخي عبد المقصود الذي كان له فضل تكريمي في هذه الندوة، فشكراً لجدة الغالية، ولأخي خوجه عاطر التحيات ولكم مثلها. |
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
|
الشيخ عبد المقصود خوجه: أما الأستاذ سليم نصار فقد هاتفني بالأمس ولم يجدني وهاتفته اليوم وقد وجدت بين يدي فاكساً يُصِر على أن يُقرأ تكريماً لهذا الرجل الفاضل. فتفضل. |
عريف الحفل: في بدايته.. في هذا الفاكس.. فاكس الأستاذ سليم نصار من لندن يقول: |
|
|