شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عريف الحفل: الأسئلة التي وردتنا وإن كان ضيفنا تعوّد أن يلقي الأسئلة، فالله يعينك الليلة، الأستاذ محمد الأسئلة التي وردت من الجمهور الكريم شاكرين لهم ومقدرين، هذا السؤال الأول من الأخ أشرف سيد سالم يقول:
بين زحمة من المحاورين على الشاشة من عماد الدين أديب إلى سامي حداد إلى أحمد منصور وغيرهم كثير، نجد مناهج متعددة في المحاورة من المجاملة إلى المحاصرة، من الاستدراج إلى الاستنطاق، ومن الاستفاضة إلى التكبيل، ويبقى نصر الله صاحب منهج متميز له السلاسة والتركيز والهدوء، ولكن نريد أن نعرف المزيد من معالم هذا المنهج، هل هو وليد، تَبَني، دراسة، أم موهبة فطرية؟
الشيخ عبد المقصود خوجه: لاحظ يا أستاذ نصر الله حتى الآن تلقيت ستة عشر سؤالاً، والبقية على الطريق.
الأستاذ محمد رضا نصر الله: أنا في الواقع لا أستطيع أن أُحدد شكل هذه التجربة هي متروكة للمراقبين أو الدارسين، أو المشاهدين، أنا من الممكن أن أتحدث عن تجربتي في إجراء المقابلات، أولاً أدرس هذه الشخصية، وأتعرف إلى ملامحها الأساسية، أدرس ما أنجزتْ أو معظم ما أنجزتْه، وحينما آتي لاستنطاق هذه الشخصية فأنا كما لاحظتم لم أكن أحمل ورقة ولا قلماً، أنسى أنني قد قرأت لهذه الشخصية، أبدأ معه بداية ودية، وأحاول من خلال هذه المقدمة أن ألتقط الخيط الذي يجسد ملامح هذه الشخصية الأدبية أو الفكرية أو السياسية، وبعدها أجري حواراً معه، وغالباً ما أُشَكِّل الأسئلة من أجوبة الضيف، ما زلت أتذكر حواراً أجريته مع الدكتور مراد وهبة وهو أستاذ فلسفة ضليع، كنت قرأت تجربة هذا الأكاديمي المتفلسف منذ وقت طويل وحينما واتتني على غير موعد فرصة اللقاء معه جلست أحاوره بشكل ودي، فإذا بالحديث يستفيض وأخرج منه بساعتين مكثفتين.
أنا شخصياً ضد الأساليب الاستفزازية، بإمكانك أن تستدعي المعلومة وتستنطق الضيف بأسلوب ودي ينبغي أن يرتاح إليك، أن يشعر بأنه صديقك لا عدوك، وعبر هذا الأسلوب تستطيع محاكمة أفكاره، وبالتأكيد سوف يقبل محاكمة هذه الأفكار حينما يكون الأسلوب ودياً، وشكراً.
عريف الحفل: الأخ علي المنقري يقول:
هل تعتقدون أن الأدب والصحافة في الوقت الحاضر يعيشان حالة طوارئ؟ وكيف الخروج منها؟
الأستاذ محمد رضا نصر الله: حالة طوارئ كيف؟ لم أفهم السؤال، إن كان يريد القول بأن الأدب قد وصل أو يعيش اليوم حالة أزمة بفعل هذه التقنيات المعلوماتية والاتصالية المعاصرة، فأنا من الذين يقولون بأن الأدب والإبداع الإنساني لا تقتلهما لا التقنيات ولا كل هذه الوسائل الاتصالية بل هو الذي يحييها، الأدب الحقيقي هو الذي يحيي هذه الوسائل والتقنيات المعاصرة.
عريف الحفل: الأستاذ عبد الحميد الدرهلي يقول:
هل يمكن الاعتماد على الأنظمة والقيادات العربية في تحقيق الطموحات التي يتم طرحها حول القضايا العربية المعاصرة، وإذا كان التوجه إلى القيادات والحكومات بالحلول والمقترحات لا يكفي بل ولا يجدي في كثير من الأمور المصيرية، فما هو البديل؟
الأستاذ محمد رضا نصر الله: أنا هنا الحقيقة أتذكر تجربة قديمة، تجربة مصرية هيَ يبدو في ذلك الوقت في بداية عصر النهضة، وجدنا أحد الأمراء المصريين يهتم ببعض النوابغ في الأدب والفنون التشكيلية، وقد أرسل هذا عدداً من الفنانين المصريين للدراسة في فرنسا، لا تستطيع أي أمة لا في الشرق ولا الغرب المراهنة على الحكومات في تفجير مواهبها، دائماً تكون المبادرات الأهلية عاملاً محفزاً ومشجعاً، ونحن اليوم نرى الكثير من الأنشطة الأكاديمية والبحثية تدعمها مؤسسات صناعية واستثمارية إذا كان في هذه المؤسسات مديرون مثقفون، أما إذا كان يقف عليها مدراء غير مهتمين بالثقافة أو مدراء يحاولون إكساب هذه المؤسسات الربح المادي لأصحابها فإنها لا تقوم بمثل هذه الأعمال الخيرة للفكر والثقافة، وأريد حقيقةً هنا أن أشير بأن مثلاً العديد من الجامعات العالمية الكبرى تقوم أنشطتها البحثية والأكاديمية على موارد من الأوقاف والتبرعات.
عريف الحفل: الأستاذ جميل الفهمي مذيع في إذاعة جدة يسأل قائلاً:
عملتم في الصحافة المكتوبة والمسموعة والمرئية وأنتم الرجل الأديب الدارس في الأدب العربي، فهل ترى أن الحرف المكتوب لا زال مطلوباً أو معشوقاً في هذا العصر الفضائي الكمبيوتري؟
الأستاذ محمد رضا نصر الله: أنا أعطيكم مثلاً أخيراً من الدكتور غازي القصيبي، الدكتور غازي القصيبي على حجمه الضخم، حجمه الجسمي والمعنوي والأدبي، نلاحظ مثلاً أن قصيدته الأخيرة عن الاستشهاديين أحدثت دوياً هائلاً في المجتمعات السياسية والإعلامية الأمريكية والأوروبية، هذا يعطي دلالة قاطعة بأن الحرف لا يموت ما دام مصطبغاً بهموم الإنسان فما بالك حينما يكون مضمخاً بدم الشهادة الإسلامية في فلسطين.
عريف الحفل: الأخ محمد عبد الله الشدي يقول:
أريد تعليقكم على ما يلي: برامج القناة الثانية السعودية الإنجليزية لا تهتم بنقل ما يحدث في فلسطين وتورية الحقيقة أمام المشاهد الأجنبي في المملكة، الكارثة لو قيل أن هذه القناة لا يشاهدها الأجانب في المملكة، إذاً لمن هي موجهة؟
الأستاذ محمد رضا نصر الله: أعتقد أن هذا السؤال يوجه إلى سعادة وكيل وزارة الأعلام لشؤون التلفزيون الصديق الدكتور علي النجعي.
عريف الحفل: الأخ سعيد محمد بدر يقول:
لا نشاهد الصحفي المحاور السعودي في القنوات الفضائية وبالذات المُحاور السياسي، أنت
كمثقف يدير حوارات ثقافية هل تعتقد أن ثمة أزمة في وجود مثل هذا المُحاور الصحفي السياسي؟
الأستاذ محمد رضا نصر الله: أنا الحقيقة أريد أن أكشف عن جانب، حينما بدأت في تقديم برنامج "الكلمة تدق ساعة" فوجئت حقيقة وقد يعني كما يقول الكثير أنه امتلك شيئاً من الجرأة، أنني وجدت اهتمامات من قادة هذه البلاد بالبرنامج، وحينما بدأت العمل في محطة MBC وجدت كما نقل لي الصديق الشيخ وليد الإبراهيم أن طويل العمر خادم الحرمين الشريفين كان يتابع هذه البرامج ويناقشه عليها، والحق أنني لم أكن في يوم من الأيام قد تلقيت لا تعليمات كما تأتي مثلاً إلى رؤساء تحرير الصحف أو كذا أنه اعمل كذا أو كذا، أبداً هذه التجربة التي خضتها واتسمت بشيء من الجرأة وجدت من خلال قادة هذه البلاد كل تشجيع، إذا وجدت مثلاً في مصادفة في إحدى المناسبات أو كذا بولاة الأمور أشعر بالتقدير والاحترام وخاصة من صديق الصحافة والإعلام سمو الأمير سلمان بن عبد العزيز، لم أجد يوماً من الأيام على كثرة ما قدمت وعلى كثر أحياناً الواحد يتجاوز بعض الخطوط إلا كل تقدير ما دامت النية حسنة وصادقة في خدمة تطلعات هذا المجتمع، ولذلك أنا الحقيقة فعلاً أستغرب لماذا لا يتمتع بعض مذيعينا السعوديين بالمستوى الذي ينبغي أن يكونوا عليه؟ لماذا لا يتجاوزون هذا الأسلوب الإطرائي وهذه الديباجات التي أصبح المشاهد اليوم (بريموت الكنترول) يتجاوز أداءها غير المقبول إلى برامج أخرى، وأنا واثق بأن مجتمعنا الصحفي والإعلامي السعودي ينطوي على الكثير من المواهب فقط يُراد له أن يتجاوز هذا الحاجز الموهوم بأنهم لا يستطيعون التعبير بشكل طبعاً لائق في مناقشة القضايا الاجتماعية وغيرها، وبالتأكيد كل العاملين في هذا الحقل ومعي هنا زملاء الأستاذ الغال الأستاذ عبد الرحمن الأنصاري يدركون أن العمل في هذا القطاع له ما له وعليه ما عليه، وشكراً.
عريف الحفل: هذه الحقيقة ورقة عنونت باحتجاج وهي من الأخ محمد الفايدي يقول:
جئت الليلة سعيداً وكنت متوقّعاً أن يكون عدد المحتفين بمحمد نصر الله يمتد إلى البوابة الرئيسية كثافة، وإن كان عدد الحضور الكِبار فيهم الخير والبركة، ولكن يظل هناك سؤال هل معقول أن يغيب عن هذا العرس من نتوقع أن يكون في مقدمة الحضور للاحتفاء بمحمد نصر الله من زملاء القلم وأصدقاء الحرف الذين أثبتوا أننا نقول ما لا نفعل؟ آسفاً لهذا الغياب الذي ليس له ما يبرره من زملاء الحرف سوى أن نصر الله يثير طِوال مسيرة حياته الأدبية والثقافية نوعاً من أنواع الحسد عند هؤلاء الذين أتعبهم نجاح هذا الكبير أدباً، الصغير سناً، ولهذا غابوا.
الأستاذ محمد رضا نصر الله: أستاذ محمد، الحقيقة الموجودون هنا فيهم الخير والبركة، وأنا شخصياً لم أتوقع هذا الحضور يكفي وجود من هم موجودون معنا على الطاولة والآخرين، أنا بالعكس
سعيد وسعيد جداً بحضورهم، وسعيد أكثر بهذه الكلمة أستاذ محمد أيها الصحفي والكاتب المهموم.
الشيخ عبد المقصود خوجه: هل لي من تعقيب، لقد نكأت الجراح فقد حاولت كثيراً باعتبار أن هذه الاثنينية ليست اثنينية عبد المقصود خوجه بل هي اثنينية الجميع، وأتمنى على الكثيرين من إخواني وأساتذتي وزملائي طبعاً لكلٍ منهم عذره، ولكن لو مرة واحدة في السنة مرة واحدة، لرأينا فعلاً ما قلت، تكتظ هذه الساحة بهم حتى البوابة، لكن مع الأسف يضنّون علينا حتى بهذا، ولا أُعلق..
الأستاذ محمد رضا نصر الله: الدكتور عبد الله مناع كألف..
الشيخ عبد المقصود خوجه: لا يا سيدي ما في شك، أنا لا أعني الدكتور عبد الله مناع فهو يقابلنا بكثير من التقدير الذي هو موصول للضيف الكريم ويبين وجهنا –خلنا نقول العبارة البلدية– والدكتور محمد عبده يماني ووجوه كريمة، الأستاذ السباعي، أشخاص آخرون غير موجودين بيننا، لكن مع الأسف هناك وجوه ورموز لا نتمنى عليهم الحضور دائماً لأن لكلٍ منا مشاغله، لكن نتمنى مرة واحدة في السنة لو حسبنا لوجدنا الساحة هذه تكتظ بهم حتى البوابة.
الأستاذ محمد رضا نصر الله: ولكن الحقيقة هنا رموز بين يميني واحد من أبرز الأساتذة الأكاديميين والنقاد العرب الأستاذ الدكتور منصور الحازمي، الأستاذ السباعي وهو من أبرز الأسماء الصحفية، الرائد المسرحي الدكتور عصام خوقير هذه رموز معدودة في سماء الأدب، الأستاذ عبد الله فراج الشريف الذي حقيقة أثلجني حضوره رغم مرضه وتعب قلبه جاء إلينا ليحتل قلوبنا جميعاً.
الشيخ عبد المقصود خوجه: يا سيدي أنا من يأتينا ويشرفنا من هؤلاء لهم التقدير الكبير، فهناك رموز دائمة الحضور، من ذكرت من الأسماء.. وأنا أعرف مثل أستاذنا الكبير منصور الحازمي يأتي من الرياض إلى هنا، وبعض الرموز تأتينا، هؤلاء من يقدِّرون العلم ويقدِّرون المواقف، ولكن أحب أن أبث شجني للجميع عندما يكون لدينا ضيف من خارج المملكة هنا يُطرح السؤال وتُطرح علامات الاستفهام الكبيرة، أين مثقفو المملكة العربية السعودية؟ أين كتّاب المملكة العربية السعودية؟ والله المستعان.
عريف الحفل: إذاً نواصل طرح الأسئلة على فارس الاثنينية، هذا السؤال من الأخ عدنان عبد الله يقول:
لماذا صحافتنا غير قادرة على إيصال صوتنا للخارج؟ وهل صحيح أننا نحن أصحاب قضية محاميها فاشل؟
الأستاذ محمد رضا نصر الله: الدكتور مناع يساعدني في الإجابة عن هذا السؤال هو صحفي
عريق وأنا أرى أنه أجدر بالإجابة عن هذا السؤال مني.
الدكتور عبد الله مناع: أعتقد نعم، أصواتنا لا يسمعها الآخرون، أصواتنا كأننا نحدث أنفسنا، كأننا نكلم ذواتنا، أما الآخرون فلا يعلمون ماذا نقول، رغم أنه بجهود صحيفة كصحيفة "الشرق الأوسط" كصحيفة "الحياة" كصحيفة "الوطن" استطاعت أن تمتد إلى خارج رقعة العالم العربي وأن تصل أوروبا وإلى الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنه ما زالت أصواتنا ليست مسموعة، نعتقد أننا ربما يعني قصة أن نكون أو يكون محامينا فاشلاً ربما يعني إلى حدٍ ما صحيح، أو على الأقل إن لم يكن فاشلاً فهو خفيض الصوت، ليس جهورياً بالقدر الكافي، وإحنا يمكن أيضاً يعني جزء من تربيتنا أن تكون أصواتنا خفيضة وأن تكون كلماتنا مبتورة، وأن تكون أفكارنا نقدم بعضها، ونحتفظ بثلاث أرباعها، خشية.. خوفاً يعني لأكثر من سبب، أنا أعتقد أن أزمتنا في هذا كبيرة وطويلة وإنما يحلها الزمن إن شاء الله.
 
عريف الحفل: سؤال موجه للضيف من الأخ إبراهيم علي الوزير يقول:
 
من أهم ما أشار إليه الأستاذ عبد المقصود خوجه حول الإعلام المزيف على مستوى العالم من تزوير الحقائق وتسمية الأشياء بزخرف القول، فما هو واجب من يؤمن بالحق والعدل على مستوى عالمنا العربي والإسلامي على مستوى استراتيجية لبناء إعلام يقوم على الحقيقة وتسمية الأسماء بأسمائها بعيداً عن الباطل وزخرف القول؟
 
الأستاذ محمد رضا نصر الله: يبدو معالي الأستاذ الوزير قد استبطن الجواب في سؤاله، مشكلة الإعلام العربي أنه لا يزال يدور في نطاق التوجيه الرسمي، وإلا لو تملّك هذه الاستراتيجية لاستطاع أن يتغلغل في صميم المجتمعات العالمية، ولا أدل على ذلك ما أحدثته الحماقة الشارونية البربرية من اجتياح مدمر للمجتمع والدولة في فلسطين، من أن تُستثمر هذه العملية التي هزت الصورة، هنالك صورة نموذجية في الرأي العام العالمي عن إسرائيل واليهود كأنها قد تشكلت منذ عام، على إثر ميلاد المشروع الصهيوني عبر الوطن القومي الذي منحه لهم وعد بلفور الشهير، قبل ذلك كانت هذه الصورة التي امتزجت كانت حقيقة طافحة بالكُره للمجتمعات اليهودية المنغلقة في أوروبا، ومن يقرأ في أدبيات القرن السادس عشر ويقف مثلاً عند شكسبير في رائعته "تاجر البندقية" سوف يلمس بصيصاً من هذه الصورة الحقيقية ضد التصرفات اليهودية، هذه الصورة التي قلت عنها أنها أصبحت نموذجية في مقابل صورة مقلوبة عن المجتمع العربي والإسلامي في المكيال العالمي، حماقة شارون هزتها بفعل ما ارتكبه من أعمال بربرية.
 
وها نحن نرى الموفدين الدوليين وبعض الشخصيات الداعية للسلام، بعض الأكاديميين، الجامعات
الأمريكية التي لم تعرف اهتزازاً بالشكل الذي عرفته مؤخراً إلا حين حدثت حرب فيتنام، ومع ذلك لم يستطع الإعلام العربي أن يتغلغل إلى هذه المنافذ التي أُشرعت، لو كان لدينا استراتيجية كما أشار معالي الأستاذ الوزير استراتيجية إعلامية في مخاطبة الآخر لاستطعنا قلب هذه الصورة من أجل صالح القضايا العربية، ومن أجل تصحيح الصورة الحقيقية عن الحضارة العربية والإسلامية، ولكن مع الأسف الضرب في الميت حرام.
 
عريف الحفل: الأستاذ أحمد عايل فقيه يقول:
أخي محمد كيف نرى المسافة بين "الكلمة تدق ساعة" واللحظة التي نحن فيها، كيف هي مساحة الوعي الاجتماعي والثقافي منذ ذلك الوقت، أين نحن؟ وهل ثمة وعي حقيقي يرى بضرورة الحوار والقبول بالآخر؟
الأستاذ محمد رضا نصر الله: هذا سؤال اجتماعي مهم يا أستاذ أحمد، لا شك أن التطور الاجتماعي قد حدث في المملكة، ومن يتفرج اليوم على الفضائيات العربية سوف يلمس تعبيراً من هذا الوعي، ولكن مع الأسف أنه لا توجد مؤسسات قادرة على استيعاب التطور الاجتماعي، بلادنا عرفت قوى اجتماعية جديدة بعد الطفرة البترولية، ولكن هذه القوى الاجتماعية لم تستثمر في إطار ما يمكن أن نسميه ترسية مجتمع مدني يكون موائماً لبناء دولة حديثة، على كل حال على أمثالكم أيها الكتّاب المهتمون بالقضايا الاجتماعية تكريس مثل هذه المفاهيم والإلحاح على ضرورة إنشاء مجتمع مدني، خاصة وأن الطفل قد شبَّ عن الطوق وشكراً.
عريف الحفل: الأخ حسن الشهري من جريدة "الجزيرة" يقول:
التلفزيون كمنبر إعلامي ضخم عربياً ومحلياً لوحظ فيه أن البرامج الأدبية والثقافية الناجحة يكون خلفها أدباء من خلال الموهبة والصنعة، في حين لا نرى النجاح نفسه مع المقدمين المنتسبين للتلفزيون رسمياً، هل تعتقد أن الأدب أو الثقافة من الفنون لا يبدع فيها سوى المالكين للموهبة حتى في مسألة الحوارات والبرامج التلفزيونية؟
الأستاذ محمد رضا نصر الله: أنا لاحظت مؤخراً بعد الأحداث الأخيرة أنّ عدداً من الفضائيات العربية فتحت المجال لكتّاب كِبار وأدباء كِبار يقدمون برامج حوارية، لقد وجدت في بعضها مثلاً الدكتور ميلاد حنّا يجري حوارات معمقة مع بعض رجال الفكر والأدب، وكذلك الروائي المصري الأستاذ جمال الغيطاني، لا بد حقيقة من كسر هذه الحواجز وأنتم تعلمون بأن هناك علاقة وشيجة ما بين الأدب والصحافة منذ بداية العصر الحديث، مثلاً لم نستطع أن نتعرف إلى أفكار طه حسين التنويرية إلا من خلال الصحافة حينما كان ينشر مقالاته طبعاً قبل أن نولد في "السياسة الأسبوعية" وأيضاً الأستاذ العقاد لم ينتشر اسمه إلا بنشر مقالاته على أعمدة الصحف المصرية، وهكذا مع رموز الأدب والفكر في العالم العربي، إذاً لماذا لا يقتحم الأدباء والمثقفون يكسرون أبراجهم العاجية، ويتخذون من هذه الوسائل الإعلامية المؤثرة مجالاً لنشر أفكارهم.
عريف الحفل: الأستاذ عثمان مليباري يقول:
يَسُرُّنا أن نسمع منك العوامل الثقافية الحاسمة التي كان لها تأثيرها المباشر في تكوينك الأدبي.
الأستاذ محمد رضا نصر الله: العوامل الثقافية الحاسمة في تكويني الأدبي، أنا دائماً أستذكر أو أستحضر مكتبة والدي، ومكتبة والدي للحديث عنها الحقيقة فرصة للحديث عن الجو الثقافي في البيئة التي ولدت وترعرعت فيها، أعني القطيف، القطيف ليس لأنها مسقط رأسي ولكن هي بالفعل مدينة تراكمت في أركلوجيتها الثقافات، وأنا هنا أيضاً سوف أستدعي ما قالته الأديبة المصرية ذائعة الصيت الراحلة "بنت الشاطئ"، لقد جاءت إلى المملكة بدعوة من الأمير عبد الله الفيصل سنة ألف وتسعمائة وخمسين ميلادية لكي تعتمر هي وزوجها الشيخ أمين الخولي "رائد جامعة الأمناء"، وإذ حلت في الحجاز واتصلت بأدبائها كما كان يحدث مع كل من يفد إلى هذه البقعة الطاهرة فبعدها ذهبت إلى الرياض، يبدو أنها في جدة هنا اتصلت أو التقت بالشاعر المتنازع على نسبته أعني خالد الفرج، خالد الفرج هذا أديب وُلِدَ كويتياً وتعلم في الهند وعمل لفترة من الزمن في البحرين وبعد ذلك قضى بقية حياته حوالي ربع قرن أو أكثر في القطيف حيث عَمِل مديراً لبلديتها، وكان شاعراً وأديباً نهضوياً، له الكثير من الصلات مع رموز الفكر والأدب والسياسة في ذلك الوقت.
سألتني الدكتورة بنت الشاطئ عن كتاب أو مخطوط بعنوان "الشافي للشريف المرتضى" هذا العالم والأديب والشاعر وهو شقيق الشاعر الفارس الشريف الرضي، فنصحها بزيارة القطيف، وبالفعل بعد الرياض جاءت إلى القطيف، واحتفى بها أدباؤها احتفاءً يليق بقدرها وقد سجلت ذلك في كتابها في أرض المعجزات يبدو أيضاً أن أستاذنا الدكتور منصور الحازمي قد استخدم هذا الكتاب مصدراً من مصادر إحدى دراساته، وفيها تقول: بأنها اكتشفت في هذه البقعة النائية مجتمعاً ثقافياً يهتم بتفاصيل القضايا الأدبية والمعارك الفكرية التي كانت تدور في مصر أكثر من بعض المصريين، هكذا قالت.
في القطيف أينما ذهبت تجد المكتبات، تقريباً في كل بيت، وهي مدينة كانت تسمى أو يطلق عليها "النجف الصُغرى" نظراً لارتباطها بالنجف الكبرى، الجالس على يميني بعد الدكتور منصور الحازمي الصديق الأستاذ عبد المحسن الخنيزي هو ابن واحد من علماء القطيف البارزين، العلماء المجتهدين، وأيضاً يوجد في أسرتي العديد من ذوي الفضل من العلماء والأدباء والشعراء، حقيقةً في هذا الجو المنفتح على كل الآفاق الثقافية حيث ترعرعت وقتذاك، تفجر وعيي، ما بين الخمسينات والستينات عرفت هذه المنطقة كل ما كان يحدث في الساحة العربية من حراكات اجتماعية وسياسية، بعد ذلك كانت لي رحلة طريفة إلى البحرين، ذهبت إليها لا كما ذهب إليها زميلي الأستاذ عبد الرحمن الأنصاري، محفوفاً بعناية خاصة وإنما امتطيت سفينة ليست شراعية ولكنها قريبة من الشراعية، قضيت في رحلتي قرابة أربع ساعات، وبعد وصولي ذهبت متلهفاً للقاء أديبها الكبير إبراهيم العريض حيث كان يقضي كل مساء وقته في نادي العروبة، ونادي العروبة هذا واحد من مؤسسات المجتمع المدني التي بثت الوعي الوطني والقومي في البحرين، وهنالك كذلك تعرفت إلى ثاني رئيس المجلس التأسيسي ثم سمي بعد ذلك بمجلس النواب تقريباً، والأستاذ حسن جواد الجشي، الأستاذ حسن جواد الجشي في ذلك الموقف أخذني إلى المكتبة وكنت ما زلت طالباً صغير السن، فاشترى لي كتابين، الكتاب الأول هو "النقد المنهجي عند العرب" للدكتور وأستاذ النقاد العرب الدكتور محمد مندور، والكتاب الآخر وكان قد صدر للتو هو "شعرنا الحديث إلى أين" وقال لي: يا ولدي ينبغي لك أن تقرأ هذين الكتابين لأنهما سوف يعرفانك على الخريطة، خريطة الصراع الأدبي والثقافي في الساحة العربية المعاصرة، فعلاً كان لهذه النصيحة أثر كبير في وعيي ولا أنسى بعد ذلك تلك الرحلة التي قضيتها في الإسكندرية متتلمذاً على أقطاب الفكر والأدب والإبداع في مصر، كتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ وزكي نجيب محمود، ونعمان عاشور ويوسف إدريس، هذه الحقيقة محطات أساسية في تشكيل وعيي، وشكراً.
عريف الحفل: الشيخ فتح الجنوبي يقول:
بيئتك القطيفية تركت آثاراً على أدبائها فماذا من الناحية الإعلامية، هل لها أثر وكيف؟
الأستاذ محمد رضا نصر الله: يبدو مؤخراً فعلاً أن هناك بعض الأسماء قد كسرت ما كنت أسميه قشرة البيضة، فقست وبدأت تنمو وينبت لها ريش، وأصبح هناك بعض المثقفين والأدباء، نراهم اليوم على أعمدة الصحف السعودية وغيرها.
عريف الحفل: السائل عبد المجيد الزهراء يقول:
مَنْ مِنَ الشخصيات تمنيت محاورتها ولم تتمكن ولماذا؟
الأستاذ محمد رضا نصر الله: الحقيقة أنا من بين الذين قابلتهم وقد ورد اسمهم خطأً هو شيخ الفلاسفة العرب الدكتور عبد الرحمن بدوي، قابلته على استعجال في باريس، وكنت أطمح حقيقة لو أصبح أو كان مزاجه طيعاً وسهلاً لسجلت معه الساعات، وأيضاً من بين الذين كان في مشروعاتي التلفازية ولم أوفق كنت أود محاورة الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل وكنت أريد محاورته في جانب آخر غير الجانب السياسي، فهناك مواقف قد نتفق أو نختلف معه فيها، ولكن يبدو لي أن الأستاذ هيكل قد وُلِدَ أديباً يشعر القارئ لمقالات الأستاذ هيكل بأنها ذات طابع سردي، فلو قابلته كنت أتمنى تحريك الطاقة السردية لدى هذا الصحفي العربي الكبير.
عريف الحفل: الأستاذ سمير خوجه بَكّه، يقول:
الذين تابعوا حرفك الذي تكتبه لاحظوا التأرجح في مواقفك، فذلك الكاتب الذي كتبت عنه ذات يوم لدرجة القسوة وكشف الحقائق عن ذلك الكاتب هو نفسه الذي صفقت له وطلبت بمنحه جائزة لجهوده الأدبية، أسأل عن سبب اختلاف مواقفك بين عشية وضحاها؟
الأستاذ محمد رضا نصر الله: ليس اختلافاً في مواقفي أستاذ سمير، ولكنني حقيقةً أنا من طبعي أنني لا أستمر في خصوماتي الأدبية، وأنا دائم الإعجاب بما دار من نقد أو ملاسنة أدبية ما بين الأستاذين الكبيرين الدكتور محمد مندور، والدكتور رشاد رشدي، وأنت تعلم أن لكل واحد من هذين منهجه الأيديولوجي، فالدكتور مندور كان يدعو إلى ضرورة ربط الأدب لخدمة المجتمع، بينما كان الدكتور رشاد رشدي، يدعو إلى نظرية الفن للفن، أو الأدب للأدب، وكانت السجالات حامية الوطيس على أعمدة الصحف المصرية ولكنهما كل مساء كانا يلتقيان في كازينو النيل يشربان "الشيشة" ويدخنان "الأرجيلة" كصديقين، مشكلتنا هنا في المملكة أننا لا نتقيد بتقاليد الحوار، قد أختلف مع هذا الكاتب أو ذاك ولكن ينبغي لي أن لا أقصيه إنسانياً، ما ذكرته وأنت تعنيه هو الأستاذ الكبير عبد الله الجفري أي نعم أنا اختلفت معه في يوم من الأيام ولكن هذا لا يعني أنني لا أقدر هذا الأديب الذي يكفيه أنه يعيش من قلمه، نعم دعوت إلى تكريمه وأنا أواصل هذه الدعوة حتى اليوم، وبعد ذلك اختلاف الرأي ينبغي ألا يفسد للود قضية.
عريف الحفل: الدكتور عمر حسين عطار يقول:
ماذا عن البرنامج الناجح السابق "الكلمة تدق ساعة"، هل تنوي أن يكون هذا البرنامج في كتب أو في أشرطة فيديو، ويا ليت بدون تقطيع أو مونتاج؟ وماذا عن المقالات المتناثرة في الصحافة هل سوف نراها قريباً في كتب؟
الأستاذ محمد رضا نصر الله: الحقيقة هذا السؤال يطاردني دائماً، أنا شخصياً حتى الآن لا أرى في نفسي الأهلية الكافية لتأليف كتاب، من أراد أن يؤلف لا بد أن يقدم على مغامرة يستطيع في نهايتها أن يضيف جديداً إلى ما قدمه من كان قبله من الأدباء والمفكرين، وأنا ما زلت تلميذاً صغيراً في حـرم
الفكر والأدب الشامخ والكبير.
عريف الحفل: الأستاذ منصور حسين عطار يقول:
هل من الممكن طلب من التلفاز إعادة إذاعة وعرض مقابلة الأديب توفيق الحكيم؟ وما هي إمكانية ترتيبكم لذلك؟
الأستاذ محمد رضا نصر الله: بإمكانكم أن تخاطبوا التلفزيون السعودي حقيقة لديه ثروة، أنا أتمنى أن يكون قد حافظ عليها، من بين مثلاً الأشرطة أو التسجيلات أتذكر هنا مقابلة مع جاك بيرك هذا المستشرق الفرنسي، كان قد جاء في زيارة إلى المملكة لتقديم دراسة استشارية عن التطور الاجتماعي الذي انطلق وقتذاك، واغتنمت هذه الفرصة وسجلت معه مقابلة أنا فخور بها، لقد بدا ناطقاً للغة العربية بشكل موهوب وحينما سألته مثلاً هل قرأت بدر شاكر السياب، قال لي: وكيف وهو يذكرني بشعره، أو يذكره.. أو يذكرني شعره أو ما كتبه عن قريته "جيكور" بقريتي الفرنسية كانت إجابته تترقرق بدموع جميلة ومحبة للعرب والعروبة.
عريف الحفل: الأخ علي البحيري بعد ترحيبه بك يقول:
نريد منك بصفتك رجل الأدب والثقافة والإعلام وكذلك اللغة أن توضح لنا مفهوم العلمانية ومن هو العلماني؟
الأستاذ محمد رضا نصر الله: والله شوف إذا جيتني للرياض أنا أعطيك كتاب صدر مؤخراً هو عبارة عن محاورة ما بين مفكرين كبيرين على طرفي نقيض، الدكتور حسن حنفي الباحث في الإسلاميات، والمفكر العلماني الدكتور صادق جلال العظم لعلّك من خلال هذه المحاورة تتوصل إلى مفاهيم جديدة، ولكن إذا أردت أن تجرني إلى القول بوجود مثقفين علمانيين في المملكة العربية السعودية فأنا أقول لك لا، هناك مثقفون مستنيرون يتطلعون إلى التجديد ولكنهم لا ينفصلون عن ركائز ثقافتهم العربية والإسلامية.
عريف الحفل: الأخ حسن أحمد علي طه، يقول:
المملكة بلد العروبة والإسلام والحضارة والأدب والتقدم والازدهار، فما رأيكم بما يدور من إساءات وتهجمات على أعزِّ بلدٍ يدعم المواقف الإسلامية والعربية من قِبَل كثير من صحافات الأعداء للأمة والعروبة والإسلام؟
الأستاذ محمد رضا نصر الله: وهل تنسى ما تتعرض له بلادنا اليوم من حملات عدوانية تتبناها جهات صهيونية تُكَشِّر عن أنيابها البغيضة لكل ما يمت إلى العروبة والإسلام!؟ بلادنا هي مهد العروبة كما وصفها العلاَّمة الأدبي الدكتور عبد الوهاب عزام، وهي بالطبع مهبط الوحي، هذا تحصيل حاصل، هذه البلاد التي تحتل موقعاً أساسياً في قيادة العالم العربي والإسلامي لا بد أن تستهدفها مثل هذه الطعنات.
الشيخ عبد المقصود خوجه: أخي الأستاذ محمد رضا نصر الله، لدي الكثير من الأسئلة.
مع الأسف الوقت أصبح متأخراً وبعض الأخوة يقطنون مكة، ولأجل تكريمكم والتشرف بالحضور معكم وسيعودون، فلذلك أستميحهم عذراً عن عدم تمكننا من طرح أسئلتهم، ويبدو لي من الليلة إذا ما عندكم مانع الأسئلة التي لا يتيح الوقت طرحها نعطيها للضيف يتفضل بالإجابة عليها، ونَعِد بنشرها مع فعاليات الاثنينية، ونشير إلى أن هذه الأسئلة لم تُطرح لأنه لدينا توثيق بالصورة والصوت حتى لا نزور الحقيقة، أنا سأجري على هذا استفتاء مع أعمدة الحضور وأرى ماذا يستقر عليه الرأي، ولكنه سؤال مطروح.
أخي الأستاذ عبد الله فراج الشريف، سَلِمت وسَلِمَ قلبك أنت كبير كإنسان وكمربي وككاتب، كم أقدر خروجك من فراشك، بعد أزمتك القلبية لتحضر لتكريم هذا الرجل، إنك رجل تعرف مقدار الرجال، حيّاك الله.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :762  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 95 من 145
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.