سلامٌ على الــدنيا تؤول وتُدبرُ |
وتبدي لك الأيامُ ما كنت تحذرُ |
ويأتيك رغماً عن أنوفٍ كثيرةٍ |
أمورٌ قضاها الله في اللوح تُقدرُ |
ومهما بلغــت الحرصَ ممن توده |
فلا بدَّ من يوم لِخِلك يــغدرُ |
قضى الله ألاّ راحة في حياتنا |
بلاءٌ وكربٌ في الحياة ومنظرُ |
تزاهى بها الأنظار حتى إذا انبتتْ |
تهشمَ ذاك النبتُ فالروض يقفرُ |
وما هي إلا لمحةٌ وانصرافها |
وما هي إلا نزوة ليس تغفرُ |
سيكتب تاريخ الوجود ملاحماً |
ويعرك قوماً في رحاه تبطروا |
ويُعْلى أناساً كان أخفضَ ذكَرهم |
ويخفض قوماً في علاه تجذروا |
سلامٌ على دارِ الخلافةِ جهرةً |
على مسمعٍ من فاسقٍ يتكبرُ |
سلامٌ على صوتِ الأذانِ مجلجلاً |
تُرَدِّدُ ذكرَ اللهِ تلكَ المنابرُ |
سلامٌ على استنبول ما قال شاعرٌ |
وما زُفَّ من معنى جميل وناثرُ |
عليكِ أمـان الله يا دوحةَ الهوى |
تطيبُ بها نفسٌ وتزهو مشاعرُ |
ويا مقصدَ العشاق هذي قصائدي |
يسير بها الــحادي فتُهْمِي مشاعرُ |
فما أنا إلا شاعر صاغه الهوى |
أطوف بليلي مسهد أتذكرُ |
جُبِلتُ على حُبِّ المعالي رفيعةً |
وما النفسُ إلا حيثُ ما تتخمرُ |
لُهفت بهذا العشق منذ يفاعتي |
وجئتكِ أسعى شاعراً يتحسرُ |
سلامٌ على هذي المآذن في الربى |
سـلام على هذي الجسور تواصرُ |
سلام على الإسلام أيامَ عزه |
يَدُّكُ حصون الكافرين ويعمرُ |
سلام على دينِ السمـاحةِ رحمةً |
بفضل من المولى يشعُّ ويظَهرُ |
وتبقين يا دار الخلافة منبراً |
يضيء أوروبا نوره ويذكرُ |
تذكرت والذكرى تؤرق شاعراً |
وتلقيه في بحرٍ من الهم غامرُ |
وإني لأرجو أن يعودَ بريقه |
كما كان سيفاً حيدرياً يغامرُ |
غداً يعتلي الإسلام ربوةَ عِزّهِ |
وتزهو بمجد الفاتحين الحرائرُ |
وتورق بعد الجدب كل ربوعنا |
ويسمو لنا حالٌ بئيس ومظهرُ |
سلامٌ على استنبول رغــم تحررٍ |
ورغم الذي يبدو من الخيرِ ظاهرُ |
ورغم "التعلمن" سوف تبقين خصبةً |
ويورق منك الغصن زهراً ويثمرُ |
وتبقيْن يا دار الخلافة نفحةً |
تبوحُ عبيراً طيّباً وتعطرُ |
وتبقين للإسلام أسمى شهادةٍ |
لدين إلى أرقى الحضارة يأمرُ |
سلامٌ على استنبول من نفح مكة |
ومن طيبةِ الفيحاءِ نورٌ يبشرُ |
ومن رحبات القدس جاءتك زفرةٌ |
من الأَسْر باتت في سديم تُحَاصَرُ |
ومن ألف مليون على دين أحمدٍ |
رسائلُ شوقٍ في هواك تسطرُ |
لك الحب يـا استنبول يـا دوحـة الهوى |
يبوح بها الوجد الحثيث ويمطر |
أودعك هذا اليوم والقلب نازفٌ |
ودمعيَ ملء العين يجري ويعبرُ |
لعليَ بعد اليوم ألقاك مرةً |
مكرَّمة في عزةٍ ليس تهدرُ |
يظلك الإسلام ديناً وتنجلي |
غياهبُ كفر بالمحجة تُدْحرُ |
ويقوى بك الصف الذي بات ركنه |
ضعيفاً لعلَّ الله يرضى وينصرُ |
وداعاً أيا استنبول إني لراحلٌ |
ومثلي من العشاقِ يُعفَى ويعذرُ |
ولا تعتبي فالشوقُ أمسَى حنينُه |
يشق على نفسي ومثلي يكابرُ |
أنا الشاعرُ المفجوعُ في زمن الردى |
أنا الشاعرُ المكلومُ والجُرحُ غائرُ |
متى ترفع الرايات تُشفى سريرتي |
وتنزاح آلامي وروحي تبادرُ |