(( كلمة سعادة الكاتب والصحفي فاروق باسلامة ))
|
في مثل مسائنا الجميل هذا، يحلو الحديث عن الأدب والثقافة والعلم والمعرفة والفكر والبيان. |
ويحلو من خلال الحديث، التكريم السخي، والتقدير الزكي، لشخصية مثل شخصية المُكرَّم في هذه الليلة. إذْ عرفت الأستاذ الأكاديمي الأديب الباحث محمد بن مريسي الحارثي، بعد استوائه دكتوراً في كلية اللغة العربية بجامعة أم القرى بمكة المكرمة في ربيع عام 1402 للهجرة النبوية الشريفة. |
عقب تعيينه رئيساً لقسم الأدب مباشرة، كان الدكتور -في ذلك العهد- شاباً، أديباً ومعلماً. يجلس في مكتبه برباطة جأش، واعتدال بدن، وخفة روح، ويستقبل الطلاب والقُصَّاد، بأريحية وترحيب، فلَفَتَ انتباهي اسم مكتبِه داخل رحاب الكلية فقصدته باعتبار عملي الصحفي بمكتب صحيفة "المدينة"، بمكة المكرمة شرفها الله وكنت في الوقت نفسه منتمياً لقسم الدراسات العليا العربية: فرع الأدب، في سنتيها التمهيديتين. |
حياني وقدمت إليه نفسي فرحب بي. وبدأنا الحديث. وسرعان ما ارتسم تصوري فيه: رجل صافي الذهن، أديب مسؤول، ومسؤول أديب، ثم هو متخصصٌ علميًّا في الأدب واللغة هكذا وجدته من خلال حديثه وصوابه، وسؤالي وجوابه. |
وقد أعددتُ سلفاً محاورَ لقاءٍ صحفيٍ معه في شؤون الأدب وطِلابه، وشجون الفكر وصِعابِه. خصوصاً جانباً محوريًّا مهمًّا جداً. |
ذلكم جانب الأدب أسميه الأدب الأكاديمي كدراسة لطلاب كلية اللغة العربية، وحيثية تعليمه وتدريسه التخصصي في الإطار الجامعي. |
وكتب في ما بعد، جواباً مُسْهَباً، في أسلوب وافٍ، وفكر واضح. نظراً لما يتطلبه هذا المحور من إجابةٍ مُباشرةٍ تضع النقاط على الحروف، في قضية علمية هي من صميم الأدب العلمي والتعليمي الجامعي. وانطلاقاً من هذا الجانب، كان اللقاء قد مثَّل مقدمةً أدبية في الصحافة التي تسري وسط الجمهور ويعني من أمر طلابه الشيء المهم، والشأن الكبير. |
|
وقد مَارَسَ الدكتور محمد بن مريسي الحارثي، الإنتاج الأدبي بعدما ظل يتسلق دوحة الأدب، طالباً فمعلماً فأستاذاً جامعيًّا في عوالم المجتمع والجامعة والنوادي ووسائل الإعلام، يحرر من خلالها بحوثه ودراساته ومؤلفاته وكتاباته في شؤون الحياة المعنوية والفكرية، ويبدو لي تحرير الكلام لديه وأدب الحديث عنده في فنين عظيمين رائعين مُذَهَّبيْن اثنين هما: فن التأليف والكتابة والتصنيف والتحقيق وإنشاء الإبداع، وابتكار الأفكار والآداب. |
|
والآخر: فن التحرير الرسمي لمعاملات صحبه بالكلية من مصاعب الروتين، دعماً لزملائه وتلاميذه. |
ويعني هذا أسلوباً علميًّا أدبيًّا من الرئيس للقسم ثم العميد للكلية. |
في ما يعني الفن الأول أدبيَّ الجانب، ثقافيًّا وفكريًّا، وهما في تصوري ككفَّتَيْ ميزانٍ مُعتدَليْن: |
|
وإن كان ذاك جانبٌ عمليٌّ، فإن جانب التأليف والتصنيف في الأدب واللغة، جانبٌ فاعلٌ أيضاً لدى الدكتور محمد بن مريسي الحارثي. وسأذكر نموذجاً واحداً على سبيل المثال لا الحصر للجانب الأدبي والعلمي هذا: ففي عام 1413هـ كتب الدكتور محمد دراسةً بعنوان "عبد العزيز الرفاعي أديباً" نشره في كتاب النادي الأدبي بجدة، ضمن تكريمه الأدبي والفكري للأستاذ الرفاعي رحمه الله. |
|
وكان الكتاب استقراءً مطولاً ومُعمَّقاً ينم عن الباع الطويل في البحث والتنقيب والبحث والتحقيق لدى الدكتور باعتباره العلمي، وعلى الرغم من سرعة إنجازه، فقد سدَّ فراغاً عريضاً في مكتبة الأدب السعودي وقتئذ؛ نظراً لقلة ما أُلف عن رُوَّاد مثل عبد العزيز الرفاعي؛ قبل ذلك، وشخصيًّا أرى في كتاب الدكتور الحارثي هذا، نموذجاً قياسيًّا في الدراسات الأدبية، لا في زمنيته من حيث الإصدار والنشر، بل في الأسلوب وطرق البحث التي حوتها الدراسة من مواضيع ثقافية وفكرية وأدبية ذات أبعاد علمية وتاريخية، جَلاَّها الدكتور المؤلف، تجليةً بديعةً رائعة، حول خلفيات إنتاج ونشاط الأدب والتراث والثقافة وما تمتع به الأستاذ الرفاعي من ريادة علمية وعملية في تاريخ الأدب السعودي الحديث. |
|
هذه لمحات أدبية وددت رسمها للدكتور المُحتَفى به في هذه الاثنينية الجميلة، عبر منبرها الأدبي وصالونها البهي، بشيء من الإيجاز غير المخل والمُقل، ورُبَّ قليلٍ خيرُ من كثير. |
تحيةً للمحتفى به الأستاذ الدكتور محمد بن مريسي الحارثي. |
وشكراً للمُحتَفِي أستاذ الصوالين الأدبية، وصاحب الاثنينية التكريمية عبد المقصود محمد سعيد خُوجه. |
|
عريف الحفل: فضيلة الدكتور محمد بدر الدين ليتنا نستمع إلى ما خطه قلمه: |
|
|