(( كلمة سعادة الدكتور حامد الربيعي ))
|
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... |
أصحاب المعالي، أصحاب الفضيلة، أصحاب السعادة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... وبعد: |
|
يطيب لي في البدء أن أتقدم بالشكر الجزيل للقائمين على الاثنينية وفي مقدمتهم الأستاذ عبد المقصود خوجه، على ما بذلوا ويبذلون من جهود في سبيل تكريم رجالات الثقافة والأدب، وأقول: هنيئاً لكم هذا التألق، وهنيئاً لكم ما حققتموه من نجاح في هذا المجال، حتى أصبحت الاثنينية - بحق منار فكر وثقافة، وملتقى للرموز من شتى أقطار الوطن العربي الكبير... وهذا هو المتوقع، لأن قامة أدبية وثقافية، وشخصية محبة محبوبة تحتضنه وترعى فعالياته، ذلكم هو الأستاذ عبد المقصود خوجه، المثقف والرائد والمتألق دائماً. لقد تلقيت منه دعوة شخصية لأكون أحد المتحدثين هذا المساء ولست بخيركم. |
|
أيها الأحبة، لقد حبا الله هذه البلاد رجالاً ذوي همم عالية وتطلعات متوثبة يعمل كل منهم على إثراء الحركة الثقافية والأدبية والفكرية في ميادينها وساحاتها المختلفة، ومن قبل هذا وبعده تراهم يألفون ويؤلفون، يجتمعون على الخير ويسيرون في ركابه، وينتهزون الفرص لتكريس المحبة وروح التواصل الجميل، ولقاؤنا هذا المساء أكبر مثال على ذلك. |
لقد جئنا من مكة شرفها الله مشاركين في احتفاء يقيمه الكبار للكبار، في مساء تضيئه شموع الوفاء وفاء، نتعاطى فيه الأحاديث مع النخبة حول رجل كان قدره أن أدركته حرفة الأدب منذ زمن مبكر، وقد أدركت حين أدركت من عشقها، بل عاش معها في عناق دائم، حتى غدا الأديب الأريب، وحتى أصبح محترفاً بارعاً في مضمارها... أعطاها فأعطته، وحاورها فمنحته أحلى وأغلى ما فيها، فحمل ذلك أغنية ولحناً جميلاً استمتع به وأمتع من حوله. |
ذلكم هو سعادة الأخ الفاضل الأستاذ الدكتور محمد بن مريسي الحارثي، الذي يقف اليوم في شموخ حين يتصفح الذاكرة بما تكتنزه من تاريخ، وحين يستشرف مستقبلاً يمتلك زمام التعامل مع معطياته عقلاً وفكراً ومنهجاً. |
وإن الحديث ليطول عن رجل عرفته منذ ربع قرن تقريباً، لأن الحديث يتطرق -لو كان هناك من الوقت ما يكفي- إلى عدد من الجوانب من شخصية الرجل، وهي شخصية في مجمل جوانبها ذات عطاء متدفق على مختلف المستويات، إنْ صحِبته سرّك، وإن استمعت إليه أبهرك، وإن قرأته أسعدك، صادق صدوق... ذلك كله وغيره ليس بمستغرب، فله نسب في الدين والخلق والأدب ما يرشحه لذلك. |
ومع أن محمداً الحارثي بتجربته وخبرته شيخ على وقار الشيوخ وله علمهم وحنكتهم، إلا أن له وجهاً آخر يعرفه كل من يحاوره أو يجاذبه الحديث، وهو أنه يحمل روح الشباب في همته ونشاطه ودأبه في البحث، ومشاكساته المثمرة، فهو رجل مشاكس من الطراز الأول، يمتلك ناصية البيان، ويجيد الحوار وقرع الحجة بالحجة. |
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فهو تراثي متعصب، يعشق القديم ويتفانى في قراءته وتوصيله والدفاع عنه، أحب الجاحظ وابن قتيبة والآمدي والجمحي والجرجاني... وغيرهم من أولئك الرجال الذين أسسوا للنظرية النقدية العربية، وهو في الوقت نفسه متابع جيد للإصدارات الحديثة، حتى تخاله في بعض الأحيان في مقدمة دعاة التجديد... وهو كذلك فعلاً ولكن على أسس واضحة ووفق رؤية خاصة تتلخص فيما يصفه بالمنتمي، يسعى من خلالها إلى تأصيل القضايا الفكرية والنظريات النقدية، باحثاً عن مرجعياتها في تراث الأمة، فهو لا يرفض الجديد وإنما يعمل على تأصيله... وهذا ما عبر عنه وألحّ عليه في بعض مؤلفاته... يقول: "لقد كان هاجس البحث عن أسس النظرية النقدية العربية في أصولها المعرفية، وقيمها الجمالية يحاصرني كثيراً فيما كتبت من دراسات وقضايا ومفاهيم نقدية، تناولتها من منظور العرب لتلك الأصول النقدية، وحاولت ربطها بطبيعة الفكر العربي الإسلامي، من الوجهتين النظرية والتطبيقية، فكراً ولغة، دون إغفال لما يوسع النظرية النقدية حول تلك الأصول من منجزات النقد المعاصر، وأحسب أنه في تحرير المفاهيم النقدية التراثية، وبيان أصولها وحدودها الوظيفية، ومد الجسور بينها وبين المنجز النقدي المعاصر المحلي والآخر ما يساعد على وضع الخطوط الأولية لقيام هذا المشروع، إن لم يكن ذلك هو جوهر النظرية النقدية العربية... الخ..". |
ونحن هنا نهنئ صاحب هذا المشروع على ما أنجز من مشروعه، وننتظر منه المزيد، من الطرح الجادّ والمتمكن، وصولاً إلى النقد المنتمي. |
فجزاك الله أبا مشهور خير الجزاء، ومتعك بالصحة والعافية. |
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
عريف الحفل: طبعاً كما هو معروف نتلقى استفساراتكم الموجهة للضيف بعد الانتهاء من كلمات المتحدثين ثم تُعطى الكلمة لفارس الاثنينية ثم يفتح باب الحوار فمن لديه سؤال أو استفسار أن يبعثه إلينا مشكوراً.. |
عريف الحفل: الكلمة الآن لسعادة الأديب والناقد المعروف الدكتور عبد الله المعطاني عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة. |
|
|