شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الأستاذ محمد عبد الرازق القشعمي ))
بسم الله الرحمن الرحيم، الأستاذ عبد المقصود خوجه، الأخوة الحضور، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في عام 1397هـ انتقل عملي من الأحساء إلى حائل في مكتب الرئاسة العامة لرعاية الشباب وكنت أحاول أن أنشط المجال الثقافي والاجتماعي في الأندية الرياضية وأدعو بعض الأسماء المعروفة من مناطق مختلفة في المملكة لزيارة حائل والمشاركة في أمسية شعرية أو ندوة إلقاء محاضرة. وفي أحد الأيام عرفت من أحد الزملاء بالمكتب أن الأستاذ فهد العلي العريفي قد زار المكتب -وكان المكتب وقتها في شقة متواضعة وسط المدينة القديمة- ولم يجدني وعرفت أنه يزور مسقط رأسه فطلبت من الزميل أن يدلني على منزله. وهكذا كان أول لقاء لي معه، لقد كنت أسمع به وأقرأ ما يكتب أحياناً عنه، ولا أخفي أنني من المعجبين بما يقوم به من دور اجتماعي من خلال مقالاته التي يعالج بها مشاكل المجتمع. لقد كان لقاء الأستاذ وترحيبه بي كبيراً قد شجعني على المزيد من تلك الأنشطة الثقافية والاجتماعية، وافترقنا وكان كلما زار حائل زار المكتب وأبدى إعجابه بما قدم وطلب المزيد، فتطورت علاقتنا إلى صداقة، فكنت عندما أزور الرياض أسكن لديه في منزله ويعطيني سيارة لأقضي بها حاجاتي وحاجات المكتب عند مراجعتي لرعاية الشباب، وإذا أردت أن أسافر أو أذهب للمطار وفي مكان محدد أضعها وأترك مفتاحها في مكان متفق عليه، فيذهب هو أو أحد أبنائه لاستعادتها.
انتقلت من حائل بعد سنوات إلى الرياض واستمرت علاقتنا بل صداقتنا إلى الآن والتي أرجو ألا تنقطع.
 
عرفت أبا عبد العزيز مكافحاً من أجل الوطن والمواطن مهموماً بالشأن العام فهو يعد بحق من المصلحين الاجتماعيين وهو يؤمن بقول الرسول صلى الله عليه وسلم من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه. وذلك أضعف الإيمان. فكان لسانه وقلمه سلاحه، فلهذا نجده قد مر على الصحف والمجلات في المملكة وكل منهم يحاول أن يحد من حماسه أو يلطف بعض عبارات مقالته عندما يخاطب المسؤولين لإزالة الخطأ، أو تقديم خدمة لم تستكمل في منطقة ما، أو إغاثة شخص أو عائلة تعرضت لإحدى كوارث الزمن. فكلماته صادقة وواضحة، لذا هو محترم من الجميع مسؤولين ومواطنين لمعرفتهم المؤكدة ألا مصلحة شخصية له وأن هدفه المصلحة العامة.
 
في بداياته الصحفية وعندما كان مقيماً في حائل قبل خمسين عاماً كان يراسل جريدة المدينة، فكان المسؤول عندما يبرز نقصاً أو تقصيراً في أي مجال نجد ذلك المسؤول يستدعيه ويؤنبه ويهدده، فنجد أبا عبد العزيز ينتقل إلى الضفة الأخرى من خلال صحيفة أبي سهيل -الأستاذ الرائد عبد الكريم الجهيمان- في الدمام (أخبار الظهران) أو مجلة الأستاذ: سعد البواردي (الإشعاع) بالخبر ليكتب بالوتيرة نفسها ولكن باسم آخر هو ابن حائل أو فتى طي أو فهد العلي، ويعود بعد توقف تلك الصحف ليكتب من خلال مجلة (الرائد) للأستاذ أبو مدين أو من خلال مجلة (أحمد قريش) للمرحوم السباعي وغيرها، وكأن التأريخ يعيد نفسه؛ ما زال الأستاذ فهد العريفي منتقلاً بين الصحف فخلال السنتين الماضيتين نجده يكتب في جريدتي البلاد وعكاظ بجدة وبعدها في جريدة اليوم بالدمام ومجلة اليمامة أخيراً بالرياض.
وأستميحكم العذر بأن أستشهد بنموذجين من كتابات الأستاذ فهد العريفي قبل سبع وأربعين سنة.
المقال الأول نشره له الأستاذ عبد الكريم الجهيمان في صحيفة "أخبار الظهران" في العدد 40 الصادر يوم السبت 30 رجب 1376هـ بعنوان (سكان آسيا وإفريقيا في نظر المستعمرين) وموقعه باسم (فهد العلي - حائل) وقتها كان لا يفصح عن اسمه الكامل خوفاً من العقوبة. يقول في مقالته المذكورة:
في اليوم العاشر من ديسمبر احتفلت الأمم المتحدة بالذكرى الثامنة لإعلانها لحقوق الإنسان. ففي هذا التاريخ من عام 1948 أعلنت الأمم المتحدة قرارها لاحترام حقوق الإنسان. وبالطبع كان من بين المحتفلين بهذه الذكرى في هذا العام مندوبا بريطانيا وفرنسا هاتين الدولتين اللتين أبتا إلا أن تدوسا بني الإنسان تحت أقدامهما القذرة في سبيل مطامعهما الاستعمارية.
وقل لي بربك أيها القارئ الكريم: بأي وجه تستطيع بريطانيا أن تحتفل وهي التي ضربت من الجو والبحر الآمنين العزل من نساء وأطفال وشيوخ بور سعيد؟!!! كيف تستطيع وقد رأينا الصور التي التقطها المصور السويدي (أندرسون) ومن بينها صورة طفل من آلاف الأطفال الأبرياء الذين حصدتهم بريطانيا وفرنسا في تلك المدينة، رأيناه بعد أن استقرت في جوفه بضع رصاصات ينازع الموت طالباً الماء وبعد أن شرب منه جرعة أسلم الروح إلى بارئها!! ورأينا الآخر بين يدي أمه وقد صرعته رصاصات أعداء الإنسانية بعد أن كسرت يد أمه وشوهت وجهها! مناظر اقشعرت لها الأبدان ولانت لها حتى قلوب أبناء (العم سام) الذين يضطهدون الملونين ويتحاشون الوقوف بجانبهم والجلوس معهم حتى إنهم عندما شاهدوا هذه الأعمال الوحشية في (التلفزيون) شجبوها ووصفوها بالأعمال (البربرية). بل كيف يحق لها وهي التي قتلت ولا تزال تقتل وتزج في السجون آلافاً من المطالبين بالتحرر من نير الاستعمار البريطاني الغاشم من أهالي حضرموت وعدن وقبرص وغيرها من البلدان التي تئن تحت وطأة الإنجليز الخونة!!!
وفرنسا هي الأخرى كيف يحق لها أن تحتفل بهذه الذكرى وهي التي شمرت عن سواعدها الآثمة لتقتل وتسجن الآلاف من أبناء الجزائر الأحرار!! لقد رأينا من بين الصور التي استطاع مندوب مجلة (المصور) التقاطها في الجزائر صورة شيخ طاعن في السن ألقت عليه دورية فرنسية القبض هو وأبناؤه الثلاثة وفتشته لا لتبحث عن الذخيرة فقط بل وعن الطعام وبعد أن وجدت معه (بطيخة واحدة) أرادت أن تفتح شهيتها التي - اعتادت أن لا تنفتح إلا بعد شم دم الضحايا الأبرياء وعمدت قبل أكل (البطيخة) التي لا يعلم إلا الله سبحانه مقدار ما تكبده ذلك الشيخ من عناء في سبيل الحصول عليها ليسد بها رمق أبنائه الجياع عمدت إلى شد وثاقه بالحبال وأطلقت عليه النار وأبناؤه ينظرون إليه بذهول وبعد أن خر صريعاً تجمع أولاده عليه ينادونه لعلّه يجيب نداءهم ولم يفطنوا لصغرهم إلى رصاص الدورية التي اخترق جسده الطاهر ومزقته إرباً!!! هذه بعض من أعمال بريطانيا وفرنسا اللتين احتفلتا بالذكرى الثامنة لإعلان احترام حقوق الإنسان!!!
إن مجرمي الحرب يقولون -وهذا ما تدل عليه أعمالهم- بأن احترام حقوق الإنسان أقر في وقت كنا فيه نحن صفراً على اليسار، كما وإنما إذا أردنا أن نرضى بهذا الإقرار فلن نحترم سوى سكان أوروبا لأنهم هم بنو الإنسان!!! أما سكان آسيا وإفريقيا فإنهم (وحوش)!! وليسوا من بني الإنسان.
هذا هو منطق الاستعماريين ولقد نسوا أن من بين الوحوش (الأسد) وسنكون كما أرادوا لنا أسوداً ضارية تفتك بكل من تسوّل له نفسه أن يكون وصياً علينا ليتحكم بأرزاقنا ومصائرنا، وسننال نحن العرب في مشارق الأرض ومغاربها حقنا كاملاً غير منقوص وسنكون كتلة واحدة لا تفرقنا أي قوة بإذن الله إن شاء المستعمرون أم أبوا.
والمقال الثاني نشر في صحيفة "الخليج العربي" للأستاذ عبد الله شباط في العدد 16 الصادر يوم الأربعاء 29/5/1378هـ بعنوان (خواطر نحو الإصلاح) يعلق فيها على مقال لعبد العزيز العبد الله الربيعي نشر في العدد (8) من الخليج بصدد الخدمات والإصلاحات المبذولة لسكان القرى... فقال (فهد العلي): أما أنا فأقول بأن الخدمات التي تبذل لسكان القرى هي عبارة عن مخصصات سنوية (شرهات) لا ترفع من مستوى أبناء القرى إطلاقاً بل قد تكون من العوامل التي تشجع على الكسل وتجعل من مستلمها عالة يعتمد على الغير، وحبذا لو توجه هذه المبالغ توجيهاً صحيحاً فترصد كميزانية سنوية لوزارة تتولى إصلاح القرية أو بالأحرى انتشالها من الجهل والفقر والمرض وتسمى (وزارة الشؤون القروية).
لا أحد ينكر دوره في إنعاش مؤسسة اليمامة الصحفية وإنقاذها من العجز المالي عندما تولى مسؤولية الإدارة قبل سبعة عشر عاماً وذلك لشدة تمسكه بالنظام ومتابعته لكل صغيرة وكبيرة وترشيده للإنفاق. ومن خلال عمله هذا تم إنشاء الشركة الوطنية للتوزيع كشركة مساهمة تشارك بها كل المؤسسات الصحفية بالمملكة لسد عجز ومشكلة نقل وتوزيع الصحف في الداخل، فله دور كبير في تأسيس هذه الشركة.
نسيت أن أقول إنه كان يعمل مديراً للعلاقات العامة بوزارة الداخلية قبل خمسة وأربعين عاماً وقد أصدر ورأس تحرير مجلة (حماة الأمن) وكان وقتها منتسباً للدراسة بجامعة الملك سعود. وقد أصدر كتابين، الأول (من وراء الحدود) مشاهدات - خواطر - ذكريات، طبع بالنادي الأدبي بالرياض عام 1401هـ. والثاني عن مدينة (حائل) طبعته الرئاسة العامة لرعاية الشباب ضمن سلسلة (هذه بلادنا) وقدم له الشيخ حمد الجاسر رحمه الله 1403هـ.
في الختام أجدني سعيداً بتكريم هذا الرجل، فمثله يستحق مثل هذا وليس كثيراً على الرجال المخلصين أن يقدروا ويشكروا فشكراً للجميع وللداعي والراعي والحاضر.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عريف الحفل: وبعد أيها السادة ننتقل الآن إلى سعادة الأستاذ فهد السلمان مدير مكتب مؤسسة اليمامة الصحفية بمنطقة حائل فليتفضل..
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :608  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 43 من 145
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.