يا لساناً مثل الضحى عربياً |
تشرب العين حسنه العبقريا |
وتصيخ الآذان عشقاً وشوقاً |
لغواليه بكرة وعشيا |
سيداً للبيان كنتَ وتبقى |
سيداً مالكاً وهوباً غنيا |
تهب الفكر كل معنى جميل |
حين تكسوه من حلاك حُليا |
تأسر الذائق العصيَّ رضاه |
إذ تلقاهُ ساحراً سامريا |
ويجيء المعنى البعيد المرامي |
فيك يزهو مثل الصباح بهيا |
كل نعمي على بساطك راحٌ |
كل حسني على رواقك ريا |
كالدنان المعتقات اللواتي |
طبن طعماً وفُحنَ مسكاً شذيا |
أنت نهر أكواب مترعات |
وشرابٌ مثل الرحيق نقيا |
وبساط مثل الربيع الموشّى |
ضاحَكَ الغيثَ حسنه الموشيا |
شهد الأعصر الطوال ولما |
يخبُ حسناً وما يزال صبيا |
إنه الضاد شمسُ كل بيان |
كان مذ كان ملهماً وسريا |
سرق الحسنَ كلّه واكتساه |
وجلالَ النُهى وكان حريا |
ومضى يملأ الحياة طيوباً |
ويجوب الآفاق طَلْقَ المحيا |
ما تملّى بيانه ذو بيان |
وذكاء إلا اعترته الحُمَيّا |
وأعارته جذوة تترى |
وأصارته ضاحكاً أو شجيا |
مستعيداً ما راقه واستباه |
مستهاماً به شغوفاً حفيا |
وكفى الضاد عِزةً وفخاراً |
ما أطل الصباح يوماً وحيَّا |
أن فيه الكتاب يتلوه قومٌ |
ملأوا الرحب دانياً وقصيا |
ربما هبت البشارات فيه |
فسرى فيهم الرضاء نقيا |
أو توالت قوارعٌ فتهاووا |
حذرَ النارِ سجداً وبكيا |
ستشيب الحياة والناس تبلى |
وسيبقى غضاً ويبقى طريا |
أنا للضادِ عاشق فسلوه |
كيف أحببته زماناً مليّا |
وحباني من وده ما حباني |
واصطفاني فكنت براً وفيا |
سكن الضاد كاللبانات قلبي |
وبناني وخاطري والمحيا |
ولساناً يراه أحلى وأشهى |
من كؤوسِ الطِلى وفي شفتيا |
هو ضيفي في يقظتي ومنامي |
ورفيقي أحنو ويحنو عليّا |
هو في كل ذرة من كياني |
وأخو خلوتي وفي مقلتيا |
هو ألفي وصبوتي ونديمي |
جئته مغرماً وجاء إليّا |
وهو لحن في مسمعي عبقري |
وشذاً فاح طيبه ورديا |
عشتَ يا ضادُ سيداً وسرياً |
مثلما كنت سيداً وسريا |