عريف الحفل: لا زلنا نتلقى أسئلتكم واقتراحاتكم الموجهة لسعادة ضيفنا ونأمل التكرم بأن يكون سؤالاً واحداً حتى نتيح الفرصة لأكبر عدد ممكن. |
|
السؤال الأول ورد من الأستاذ محمد الحسن يقول |
|
هلاّ تكرمتم بشرح موجز ومبسط للمصطلحات الآتية والتي وردت في كتابكم (معنى المعنى وحقيقة الحقيقة)؟ السيموطيقا، الهرمانيطيقا، السيمانطيقا. |
|
الأستاذ عابد خزندار: أولاً: كلمة السيمانطيقا تعني: يمكن تترجم بالسيمائية من كلمة سِماء أي علم الدلالات، وهي في الحقيقة... يعني هذا العلم يبحث عن كيف تتكون الدلالة وكيف يتكون المعنى، لماذا مثلاً أسمي هذا كأساً ولا أسميه كوباً ولماذا تعني الجملة ما تعنيه؟ وهو علم حديث ومراجعه في اللغة العربية قليلة جداً، وأعتقد أن هناك كاتبين في العالم العربي كتبا في هذا العلم أولهما: الكاتب المغربي الدكتور محمد مفتاح، وثانيهما: الدكتور كريم سميح الدين في القاهرة، وما هي المصطلحات الأخرى؟ الهرمانيطيقا تعني علم التأويل أو علم التفسير، السيموطيقا الحقيقة تعني علم الشعر أو علم الشعريات أو تعني علم الأدب نفسه، وهي كلمة في الأصل يونانية وأرسطو له كتاب بهذا العنوان. |
|
عريف الحفل: سؤال آخر من الأخ محمد المحسون يقول: |
|
لماذا اقتنعتم بمجرد اكتشاف علماء الحفريات لمدينة (طروادا) أن الإلياذة والأوديسة حقيقة وإبداع وليست أسطورة؟ مما ينسف مقولة أن شعر الملاحم يعتمد على الأسطورة، ولهذا السبب لم يُعتبر ديوان (مجد الإسلام) لأحمد محرم إلياذة إسلامية. |
|
الأستاذ عابد خزندار: أولاً عندنا شيئان: التاريخ والأسطورة، ما هو الفرق بين التاريخ والأسطورة؟ التاريخ: له شواهد وأدلة تثبته سواء أماكن أو آثار أو غير ذلك، فمثلاً عندما نتحدث عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم نجد أنها تاريخ لماذا؟ لأن هناك أماكن وآثاراً تدل على هذه الحياة، وأما الأسطورة: فهي تفتقر إلى أي دليل مكاني أو تاريخي أو أثري. فلماذا تحولت الإلياذة مثلاً إلى أسطورة لأنه تم اكتشاف مدينة طروادا وهي في غرب تركيا التي اشتهرت فيها الحروب. والعالِم الأثري الذي اكتشفها قرر حين قال: أن هذا لا يمكن أن يكون عملاً أسطورياً أو خيالياً لا بد أن يكون حقيقة لأن الأدب الأصيل هو حقيقة أو كما سميته حقيقة الحقيقة، فاكتشاف هذا الأثر هو الذي أثبت أن الإلياذة تاريخ وليس أسطورة، أما عن أحمد محرم فمع الأسف لم أقرأ كتابه. |
|
عريف الحفل: المربي الأستاذ حسين عاتق الغريبي يسأل قائلاً: |
|
بناء المجتمع المتحضر يعتمد على تنمية الفكر الاجتماعي وتهيئة أفراده للممارسة المتجاوبة مع مراحل التطوير، وهذا دور الكاتب المثقف والأديب المبدع، وأستاذنا الكريم يجمع بلا شك بين الدورين، السؤال: هل المثقف لدينا يضع في الحسبان إعداد خطة متكاملة لأفكاره التنويرية تجاه ما يخدم طموحات مجتمعه؟ أم يكتفي بما يثار من قضايا الساعة؟ وما مدى تجاوبكم مع هذا الاتجاه؟ |
|
الأستاذ عابد خزندار: هو طبعاً المثقف في رأيي صاحب قضية وبالتالي صاحب منهج، وليس مجرد كاتب يتجاوب مع أهداف الساعة، يعني ليس كاتب رد فعل، وإنما كاتب فعل، أو كاتب فاعل، وهذا هو الفرق طبعاً بين المثقف وبين أي كاتب عادي. |
|
عريف الحفل: هذا في الحقيقة سؤالان من الأستاذ عبد الحفيظ محمد أمين مدير النادي العلمي بجدة، والمهندس المحامي هاني إبراهيم زهران، الحقيقة ربما مضمونهما واحد، يقول السؤال: |
|
ما مناسبة إيقافكم للكتابة لأول مرة في حياتكم؟ ما السبب؟ ولماذا توقفت عن الكتابة في جريدة (الوطن)؟ ومتى ستعود؟ |
الأستاذ عابد خزندار: والله في الحقيقة أنا لم أتوقف عن الكتابة فأنا أكتب كل يوم بمعدل ثلاث أو أربع ساعات، وأنا حالياً أؤلف ثلاثة كتب في نفس الوقت، اثنان منهما ترجمة والثالث رواية، وآمل إن شاء الله أن أعود قريباً إلى الكتابة اليومية من خلال صحيفة (عكاظ) وأرجو أن يكون ذلك قريباً. |
عريف الحفل: الأستاذ عبد الحميد الدرهلي في مقدمة طويلة نصل إلى سؤاله يقول: |
هل من علاج ناجع ترونه للنهوض بصحافتنا كي تخرج من كبوتها سيما وأنها تواجه ديوناً متعاظمة يصعب تسويتها؟ وهل بإدماج البعض المتعثر بأخريات ناجحات يقوي عضدها؟ وأعتقد جازماً أن ثلاث جرائد وثلاث مجلات محلية يكفي لإشباع نهم القراء. |
|
الأستاذ عابد خزندار: والله الصديق الدكتور عبد العزيز الصويغ أجاب على هذا السؤال بشكل ما أو بشكل وافٍ، الصحيفة إذا تجاوبت مع قضايا الناس وهمومهم ومشاكلهم فإنها تنجح وتوزع، ولكن إذا لم تتجاوب مع قضايا الناس فلا بد أن تفشل، وأنا لا أعتقد أن عدد الصحف في بلادنا كثير بل بالعكس قد يكون قليلاً، أما تعثر بعض الصحف فهذا يرجع لأسباب كثيرة، في رأيي أن أهم سبب هو عدم علاج القضايا الاجتماعية بصراحة وجرأة. |
|
عريف الحفل: الأستاذ غياث عبد الباقي يسأل قائلاً: |
|
قال الأديب الدكتور عاصم حمدان في مقاله المشهور في مجلة (الإعلام والاتصال) الصادرة في شهر شعبان عام 1421 ما يلي: الناقد عابد خزندار أول من تعرض للنقد الثقافي قبل أقل من عقدين من الزمن في صحافتنا المحلية، ما رأيكم في ريادتكم هذه وهل تحدثوننا عن ذلك؟ |
|
الأستاذ عابد خزندار: والله هذا من حسن ظنه في الحقيقة أنا لا أعتبر نفسي رائداً في أي شيء، والحقيقة أن النقد الثقافي نقد قديم ومتجذر في تاريخنا العربي، وأنا أعتبر الجاحظ في كتابه (البخلاء) أول ناقد ثقافي، فقد نقد العادات الاجتماعية السائدة في عصره، وبالمناسبة أنا درست كتاب (الحيوان) للجاحظ في باريس على يد المستشرق المشهور (أندريمي كِل) وهذا الناقد اعتبر كتاب (الحيوان) نقداً ثقافياً وسياسياً في نفس الوقت وقرأت بعد ذلك أبو حيان التوحيدي، فلو قرأنا كتابه أو كتبه نجد أنه أيضاً ناقد اجتماعي تعرض لكل جوانب الحياة في مجتمعه، فلذلك إذا اعتبرني الصديق عاصم حمدان ناقداً ثقافياً فأنا لم أجد أي شيء جديد وإنما تأثرت بهؤلاء الرواد واقتفيت خطاهم. |
|
عريف الحفل: سؤال من الأستاذ عبد الإله عبد الرزاق عبد المجيد يقول: |
|
لقد وُلِدَ الكاتب والمبدع والمفكر والفيلسوف عابد خزندار في حارة (القشاشية) بمكة المكرمة بعد خمسين عاماً من مولده الحقيقي، كيف ذلك؟ |
|
الأستاذ عابد خزندار: والله العظيم هذا سؤال فيه تورية واضحة، الحقيقة يعني أريد أن أردد بيتين لابن الرومي. |
وحبب أوطان الرجال إليهمُ |
مآرب قَضّاها الشباب هنالك |
إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهمُ |
عهود الصبا فيها فحَنُّوا لذلك |
|
فهذا ربما السبب في عودتي إلى (القشاشية). |
عريف الحفل: الأخ أشرف السيد سالم يقول: |
بصراحة وموضوعية ودون اتهام لنوايا السؤال أو السائل، ألا ترون أن المدارس الحديثة في الفن والنقد والأدب أوصلتنا إلى اللانقد واللاأدب؟ |
|
الأستاذ عابد خزندار: والله كل مذهب أدبي أو مدرسة أدبية أو فكر أدبي أو الفكر بوجه عام وليد ظروف تاريخية معينة، وأنا أعتقد طبعاً شهدنا في الفترة الأخيرة وبالذات في الخمسين عاماً الأخيرة أو حتى في العشرين عاماً الأخيرة ولادة مذاهب أدبية عديدة كالحداثة وما بعد الحداثة وغير ذلك، وكلها لم تعش إلا لفترة بسيطة ثم اندثرت بعد ذلك، نظراً لتغير الظروف والموضوعية، فعندما نتكلم مثلاً عن اللافن أو اللاأدب أو نهاية الشعر أو موت الفن أو حتى نهاية التاريخ فهذه كلها تيارات تعكس الواقع الذي نحياه، طبعاً ستندثر هذه المدارس إذا أسميناها مدراس بعد إظهار الظروف الموضوعية وولادة ظروف موضوعية جديدة. |
عريف الحفل: محبكم عثمان يوسف الرويلي كما ذيل هذا السؤال يقول: |
ما دوركم في الأدب والثقافة الإسلامية في العالم الإسلامي والعربي؟ |
|
الأستاذ عابد خزندار: والله أنا لا أزعم أن لي أي دور مهم، أنا مجرد يعني أساهم.. أسهمت بشيء قليل، وأعتقد أن بعض كتبي وبالذات (معنى المعنى.. وحقيقة الحقيقة) فيه دراسة وتأصيل للتاريخ العربي، وبالذات عصر ما قبل الإسلام الذي كان بالطبع إرهاصاً لما بعده. |
|
عريف الحفل: الأخ علي الشهراني يقول: |
|
استبشرنا خيراً بصدور جريدة (الوطن) وظهر جلياً اختلافها في الشكل والمضمون، ثم ظهر بعد ذلك تراجع مخيف في كثير من الأمور، فما رأي الكاتب عابد خزندار؟ |
|
الأستاذ عابد خزندار: والله ربما تكون شهادتي مجروحة لأني من الذين كتبوا أيضاً في صحيفة (الوطن) أعتقد أنه كان هنا الأستاذ فهد الحارثي وقينان الغامدي وسُئلا عن هذا الموضوع وأجابا عليه ولعلَّ في إجابتهما -لو كنتم موجودين-.. الرد الكافي. |
|
عريف الحفل: الأخ السائل علي المنقري يقول: |
|
من المعروف أن المقال اليومي من أصعب أنواع الكتابة، لما يحتاج هذا المقال من فكرة جديدة يومية، وتزداد الصعوبة إذا اقتُرِن هذا المقال اليومي بموضوعات تحتوي على نقد اجتماعي تسبب العديد من الإحراج للكاتب، فكيف استطاع سعادتكم تجاوز هذه الصعوبة وهذا الإحراج؟ وما هي المقومات الأساسية التي تساهم في نجاح المقال اليومي غير الفكرة والموضوع الجديد؟ |
الأستاذ عابد خزندار: طبعاً من الواضح أنني لم أتجاوز هذه الصعوبة، ولكن على الكاتب أن يكسب ثقة القراء والوسيلة الوحيدة لذلك هو أن يكون أميناً معهم، ويهتم بمشاكلهم وهمومهم، وهذا هو أصعب ما في المعادلة.. معادلة الكتابة اليومية. |
عريف الحفل: الأستاذ عبده خال يقول: |
الأستاذ عابد أنت أهل لما أنت فيه، كنت أحد دعائم الحداثة ومبشراً لما بعد الحداثة، ألا ترى أن الحداثة لدينا أصيبت بالضمور قبل أن تثمر مرحلة ما بعد الحداثة؟ نعرف جزءاً من العراقيل التي أسهمت في تراجع التيار الحداثي، هل يمكن للتاريخ أن يتوقف؟ ثانياً: رحيلك إلى الكتابة الاجتماعية، يقول الأصدقاء القريبون منك: إنك نادم على مكوثك في جنبات الأدب مقارنة بالنجومية التي منحتك القضايا الاجتماعية. |
الأستاذ عابد خزندار: والله الحقيقة الحداثة عندنا بكل صراحة ولدت بعد أن ماتت في الغرب، ولهذا لم يقدَّر لها بالطبع أن تعيش، هذه حقيقة يجب أن نواجهها، ونحن دائماً مع الأسف الشديد نستورد المدارس الأدبية والمذاهب الأدبية بعد أن تموت في بلادها، وكذلك الشعر فيما بعد الحداثة، أنا في يوم من الأيام بشَّرت بميلاد ما بعد الحداثة، ولكن حتى تيار ما بعد الحداثة انتهى الآن وأصبحنا الآن أمام تيارات جديدة، لعلَّ من أهمها ما يسمى بـ (بوست كولنيولزم) أو ما بعد الاستعمار، ورائد هذه المدرسة الأدبية كاتب عربي وناقد عربي هو الدكتور إدوارد سعيد، وطبعاً دائماً المدارس الأدبية تنشأ نتيجة ظروف موضوعية تاريخية وتنتهي بزوال هذه الظروف، أما انتقالي للكتابة الاجتماعية فالحقيقة كان من قبيل، لا أدري كيف أفسر ذلك فقد بدأت أكتب في (الندوة) عموداً أسبوعياً ثم تفضل... صحيفة (عكاظ) وطلبت مني أن أكتب كتابة يومياً فوجدت نفسي أنجر إليها، وكما قال الشاعر: |
لم أكن من جناتها علم اللَّه |
ولكنني بحرِّها اليوم صالِ |
|
|
عريف الحفل: الأستاذ عجلان الشهري يقول: |
عرفتكم ساحة الأدب فارساً من فرسانها لفترة طويلة من الزمن في مجال النقد، وبالسنوات الأخيرة لوحظ عليكم الاهتمام بالعديد من القضايا الاجتماعية في الصحافة المحلية عبر صحيفتي (عكاظ) و (الوطن)، ما سر هذا الاهتمام؟ |
الأستاذ عابد خزندار: والله طبعاً أي كاتب أو مثقف يجب أن تكون له اهتمامات كثيرة، أنا شاركت في يوم من الأيام أظن أن الأخ عبد المقصود أشار إلى هذه النقطة، أنني أكتب لفئة أو أتوجه لفئة خاصة وهذا صحيح ووجدت أن عليَّ أيضاً واجباً أكبر هو أن أصل إلى جمهور عريض من القراء أو إلى أكبر جمهور عريض من القراء، وأتمنى أن أكون قد أديت بعض الواجب عليّ في هذا المجال، أما مجال النقد، فأنا لا زلت أكتب في النقد وربما في نهاية هذا العام سيظهر لي كتابان مترجمان في النقد الأدبي. |
عريف الحفل: الأخ هاشم الجحدلي يقول: |
العمر محطات ومراحل، ما هي المحطة التي تتمنى ألا تعود لها ولا تتذكرها ولماذا؟ |
الأستاذ عابد خزندار: والله ليست في حياتي على صعوبة بعض مراحلها مرحلة أندم عليها، ولو استعدت من حياتي ما مضى لكنت نفس الشخص، ولمررت بنفس المصاعب والتعب، فأنا وُلدت هكذا. |
عريف الحفل: الحقيقة هناك بعض الأسئلة المتشابهة في المضمون، وطبعاً فضلنا حتى لا تتكرر لكن بقي سؤال في الحقيقة لي إذا سمحت لي يا أستاذ، البارحة قابلت رجلاً كبيراً في السن وقال لي: |
الحقيقة سؤال أريد أن أجيره لسعادتك ربما أجد الإجابة عندك، قال لي: يا ابني الأيام هذه لا نسمع كلمة (عيب)، أول كنا دائماً عيب يا ولد عيب يا كذا.. كذا، ما السبب في هذا؟ لا أدري ماذا ترد يا أستاذ؟ |
|
الأستاذ عابد خزندار: والله هو طبعاً أولاً هناك معايير أخلاقية وآداب شرعية ورثناها وتعلمناها وما زالت متأصلة في حياتنا، فالقرآن الكريم هو القرآن الكريم وسيظل بما فيه من قيم وتوجيهات وأخلاقيات خالداً لأبد الدهر، الحقيقة أنا لاحظت أن النشء الحديث يفتقر إلى ثقافة عميقة في تراثنا أو علم بتراثنا، ولعل هذا هو السبب فيما نلاحظه من انفلات بين الشباب وهذا هو السبب في اختفاء كلمة (عيب)، فالصغار الآن أو الناشئة الآن عندما نقول لهم عيباً يتمردون على ذلك، ولعلَّ في هذا الإجابة. |
|