شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة فارس الاثنينية الأستاذ أحمد محمد السقاف ))
بسم الله الرحمن الرحيم، أصحاب المعالي والسعادة.. الأخوة الأفاضل الحضور... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حقاً أهل الأحبة ومن القلب أقولها دون مبالغة أو مجاملة، إنني لسعيدٌ جداً بأن أُحيي هذا المساء هذه الأمسية الشعرية معكم وبينكم، في إقليم عزيز، وقطر عزيز من أقاليم المملكة العربية السعودية، إقليم أنجب محمداً وآل محمدٍ وصحب محمد صلى الله عليه وسلم، وانطلق منه صوت العقل والحق والعدالة والكرامة، فأنار الطريق للبشرية جمعاء، وإنها والله ليدٌ كريمة تلك اليد التي أنشأت الاثنينية في وقتٍ نحنُ محتاجون فيه أشد الحاجة إلى النهوض بالشعر واللغة والأدب والثقافة، كي لا تعصف العجمة والتغريب بمقومات الأمة، فلك الشكر يا سعادة الأخ عبد المقصود خوجه ولن ينسى المنصفون هذا الفضل.. ولن يضيع لدى العارفين والنابغين.
مَنْ يصنعِ الخَير لا يعدَم جوازيهِ
لا يذهبُ العرفُ بينَ الله والناسِ
 
إن لساني لا يستطيع أن ينقل ما يختلج في صدري من تأثر بالغ تجاه الكلمات النبيلة الكريمة التي سمعتها في هذا المقام، فقد أطنب المطنبون كثيراً وحلَّق المحلقون كثيراً، وليس لدي إلا أن أقول لقد استسمنتم ذا ورم ونفختم في غير ضرم، شكراً لكم على هذه الكلمات النبيلة.
 
لي تعقيب محدود حول حمل السلاح للدفاع عن حق عربي، حدث هذا ولكن في غير هذا المكان الذي ذكره الأخ العزيز، ذات يوم تطوعت تحت قيادة أبي موسى عبد القادر الحسيني -رحمه الله- شهيد القسطة، ولكن على تلال أبي غريب شمال غرب بغداد، لدفع الهجوم الإنجليزي الذي انطلق من معسكر (الحبانية) كان ذلك في ثورة رشيد عالِي الجيلاني، في ربيع 1941م وكنت طالباً حينذاك، أريد أن أصحح هذه المعلومة... حقيقة أهملتها وأهملها متعمداً، لأن على العربي أن يقدم ما استطاع لأهله.. لقومه وقت الحاجة ولا يذكر ما قدَّم، هذا واجب فقد استطعنا أن نعمل هذا ونحن في سن الشباب المبكر، ولكن اليوم لا نستطيع إلا أن نقاتل بأقلامنا.. بأفكارنا.. بما يجود به الفكر، لأن الصراع بيننا وبين العدو الذي حاول أن يهيمن على البلاد العربية بطرقه المختلفة، وأن يجعل قرارات الدول العربية مرهونة بيده، إن لم نحتاط إن لم ننتبه منذ الآن وإلا سيقول قائلنا :
 
نصحتكم ونصحي بمنعرجٍ لي فلم
تستبينوا النصح إلا ضحى الغد
 
هذا بالنسبة للخطر الذي يتهددنا اليوم، لقد وقف الرئيس الأمريكي كما تعلمون، الرئيس الأمريكي عام ألف وسبعمائة وثمانية وتسعين وقف في الكونغرس الأمريكي ويحذر الأمريكان من الهجرة اليهودية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ويقول لهم إن هؤلاء سيتحكمون في القرار الأمريكي في المستقبل وسيتولون العملية الاقتصادية من أولها إلى آخرها، أحذركم من هذه الهجرة ومن هجرة هؤلاء الأشرار، وقد صدق ولكنهم لم يسمعوا نصيحته.
 
نحن اليوم في ذلك الوضع الذي وقف فيه الرئيس الأمريكي يُحذر ونحن نُحذر من الخطر الداهم الذي يهدد الأمة العربية جمعاء، ومعركة فلسطين ما هي إلا معركة الأمة العربية، وسنضيع إن لم نقف موقفاً حازماً ونقلص هذا الخطر قدر الإمكان قدر المستطاع، اعذروني إذا أطلت في هذا الحديث ولا أحب أن أطيل، ثم ورد في كلمة أحد الأخوة أنني تركت الأمانة العامة لرابطة الأدباء عام ثمانية وأربعين، عام ثمانية وأربعين قضية الندوة المتنقلة لم تكن لدينا أندية، ولم تكن لدينا جمعيات في ذلك الوقت، هذا حدث بعد الاستقلال رابطة الأدباء أُنشأت عام 1965 بعد الاستقلال، وبقيت أميناً عاماً لها إلى عام 1988، ثم تركت القيادة للشباب، وهذه طبيعة الأمة يجب أن نقدم الشباب لأن لهم
المستقبل، شكراً لإصغائكم ولنستمع إلى شيء من الشعر. فلا أريد أن أطيل.
معكم أن نحيي جدة، كيف تقام أمسية شعرية دون أن نحيي هذه المدينة العظيمة؟ برجالها وأدبائها وشعرائها والطيبين من أبنائها :
 
سلامٌ رائعُ النفحاتِ عاطر
على أهلِ الحميّة والمآثرْ
لعشاقِ الثقافةِ وهي نورٌ
يضيء القلبَ فينا والبصائرْ
أتيناهُم ونحنُ على يقينٍ
بأنَّا قادمونَ على أكابرْ
لهم في المرفأ المرموقِ ذكرٌ
ترددُه العواصمُ والحواضرْ
وجدةُ قد غدتْ أزهى المواني
وأحلى ما تَقرُّ به النواظرْ
تَعَشَّقتِ الرُقِي فأبرزتْهُ
رُقياً لا يجولُ بأي خاطرْ
ودرَّبتِ الشبابَ على المعالي
فحازوها جهابذة عباقرْ
سلوا عنها الحجيج وقد توالوا
كسيلٍ من أعالي الشُمِّ هادرْ
تلفُ جموعهم بحنانِ أمٍ
وأمٍ تستبدُ بها المشاعرْ
خُطا أمِّ القرى التزمتْ فزالتْ
متاعبُ في المناسكِ والشعائرْ
وما البيتُ العتيقُ سوى ملاذٍ
لكل مُقَصِّرٍ ولكلِّ عاثرْ
دعاءُ التائبين به مُجابٌ
لدى ربٍ عظيمِ الشأنِ غافرْ
أجدةُ لا أراكِ الله بَغْياً
ولا عانى بَنُوكِ عذاب غادرْ
غزانا ناكر المعروفِ فجراً
بقومٍ ظالمين بلا ضمائرْ
فصالوا كيفما شاءوا وجالوا
وهاموا في المآثم والمجازرْ
ولو لا من انبراه الله فهداً
ليدفع عن جزيرتنا المخاطرْ
لَكُنَّا لم نزلْ أسرى المآسي
نُجَرَّعُ علقماً من كفِّ آسرْ
أجدةُ والحديثُ له شجونٌ
وبعضُ القولِ يُحبَسُ في الحناجرْ
مضى عقدان والجلساتُ تَتْرى
ولم نر في التعاونِ من بشائرْ
طموحُ الناسِ مدفونٌ عليه
لا تُعدُّ من المحاضرْ
حرامٌ أن نقيمَ على شتات
ونحنُ أولو الوشائج والأواصرْ
وعارٌ أن نُطأطأ لابتزازٍ
صفيقٍ يستعين بضعفِ حاضرْ
جزيرتنا متى اتحدتْ أقامتْ
صروحاً للمهابة والمفاخرْ
لها بالأمس تاريخٌ عظيمٌ
تَحارُ له المصادرُ والمنابرْ
فصرنا في الحضيضِ وما سلمنا
من الأرذال أبناءِ الفواجرْ
أتوْنا من مواطنهم تِباعاً
بخطةِ حاقدٍ وقرارِ كافرْ
وكنعان الأبي شموخُ طودٍ
يقاتل في المدائن والدساكرْ
سيلفظهم كما لُفظوا قديماً
ويُبطِل بالإرادة سحر ساحرْ
بني قومي على الأبوابِ عهدٌ
جديدٌ يا أحبةُ غيرُ حاذرْ
فهبوا مُبدعينَ فمن توانى
يجد ترتيبه بين الأواخرْ
وما يُجدي الحديثُ عن الخوالي
وعن أسيافنا وعن القساورْ
فولى كلُ ذلك وهو عهدٌ
مضيءٌ ليس يجحده المكابرْ
فنحنُ اليومَ نُقْحَمُ في حياة
تنوءُ بكل نادرة ونادرْ
حياةٍ لا يواكبها جهولٌ
ولا يدنوا إليها أيُّ قاصرْ
وقالوا إنها شرٌ فقلنا لقد
جهلوا فهذا الحكمُ جائرْ
أتُجتنَب البحار لعُنفِ موجٍ
وفيها الخير يسبحُ والجواهرْ؟
ويُحجمُ عن فضاءِ الله خوفاً
ويُتركُ للمقامِر والمغامرْ
رِدُوها يا بني قومِي
وإلا بقيتم في الهوامش والمظاهرْ
سباقُ العلمِ يُطربُ كلّ شعبٍ
يُصرُّ على التنافس وهو قادرْ
فمرحى للذي يقضي الليالي
يَفكُ رموزه والطرفُ ساهرْ
ويا منْ كرَّموا شعري حللتم
بركنٍ دافئٍ في قلبِ شاعرْ
فأنتمْ للثقافةِ خيرُ عونٍ
وفضلكمُ على الإبداعِ ظاهرْ
وهل أنسى الحفاوةَ حين جاءتْ
بحفلٍ زانه الفضلاءُ باهرْ
سلِمتمْ أيها الأحبابُ إني
مغادرُكم وقلبي لنْ يُغادرْ
 
قضية الأسرى يا أخوة تشغل كل كويتي وكويتية، وتشغل المحبين في كل مكان، من الأرض العربية :
 
(( أسرى الكويت ))
القلبُ من شدةِ الآلام يعتصرُ
والنفسُ تلهو بها الأحزانُ والفِكرُ
كيف السلوُ وأحبابٌ لنا خُطِفوا
ظُلماً وعزَّ علينا عنهمُ الخبرُ
هم الحديثُ لدى سُمَّارِنَا ولَكَمْ
تنغصَّ السامرُ المحزونُ والسَّمرُ
من كل عينٍ يسيلُ الدمعُ منهمراً
والحزن يعصفُ لا يُبقي ولا يذرُ
وما سُررنا بما نلناه فهل علموا
أنّ الحياةَ وهمْ في أسرهم كدرُ
في كل بيتٍ دعاءٌ للأسيرِ
وفي كلِّ المساجدِ تُتلى الآي والسورُ
من يُخبرُ القومَ في بغدادَ أنهمُوا
أخسُّ ممن أضاعوا العرفَ أو غدروا؟
شدوا بنا في سِني الحربِ أزرهمُ
فليعلنوا كيف لما حاربوا انتصروا؟
جاروا علينا فيا أرضُ اقذفي لهباً
ويا سماءُ اهبطي وانشقَ يا قمرُ
نحن الذين سقيْناهم مودَّتنا
ولم نخفْ غضبَ الجيران لو ذكروا
قالوا العروبةُ، قلنا لا نصدقكم
فبرهنوا إن قدرتم أنكم بَشرُ
من فكرِ (عفلقَ) من أحقاده رضعوا
والشرُ في طبعهم يغلي ويستعرُ
دمُ الشهيد طريٌّ في رقابهُمُو
جيلاً لجيلٍ عقاباً للأُلى كفروا
ذاق العراق عذاباً من تسلطهم
وطنطنوا بالذي يلقاه وافتخروا
جاءوا سُكارى بأفكارٍ مضلِّلةٍ
تسابقوا نحوها بالأمسِ وابتدروا
حتى أتتهم من الصحراء عاصفةٌ
وما تصدوْا سوى يومين وانكسروا
تعملقَ الجاهلُ المغرورُ منتفخاً
وراح تحفزه الأحلامُ والهَذرُ
وسار في ركبه قومٌ ذوو طمعٍ
وحينما فقدوا آمالهم جأروا
هم الأفاعي فلا يغررك ملمسهم
وكل ما جاء من أقوالهم قَذَرُ
دعهم يسفون في حقدٍ وفي عمهٍ
أما الكويتُ ففي منهاجها ظفرُ
* * *
أسرى الكويت وأنتم في جوانحنا
صبراً فإنّ انقشاعَ الليل يُنتظرُ
صبراً، فأنتم حديثَ الناسِ قاطبةً
لا يُهمل الناسُ من عانوْا ومن صبروا
لا تحسبونا نسيناكم فحالتُنا
والله حالٌ له الجلمودُ ينفطرُ
هانحن نرنو إلى يومٍ سنجعله
عيداً بعودتكم يزهو ويزدهرُ
 
الشيخ عبد المقصود خوجه :سلمت يا سيدي.
 
(( شعب الخليج ))
إليك ترنو عيونٌ ملؤها الحسدُ
شعب الخليج حماك الواحدُ الأحدُ
ترنو إليك وما في الأمر من عجبٍ
فانهض كما نهضت أجدادُك الأُسدُ
وقُمْ إلى وحدةٍ شمَّاءَ رادعةٍ
تحميكْ من عاصفٍ يدنو ويبتعدُ
لا يخدعنكَ من أبدى بشاشته
فكم تبسَّمَ مَنْ بالحقد يتَّقدُ
والنفطُ خيرٌ إذا ما صانَ حوذته
بأسٌ تظلُ له الأعداء ترتعدُ
بأسٌ يُعدُّ على عِلمٍ وتقنيةٍ
ورِفده القادران المال والعِددُ
هذا التشرذمُ ضَعفٌ لا يؤيده
إلا الذي غابَ عنه الوعيُ والرَّشَدُ
كل الأمورِ نراها اليوم واضحةً
فلا مجالَ لمن قدْ جاءَ يجتهدُ
وفي الجزيرة إخوانٌ ذوو شَممٍ
وهم لدى النائباتِ العونُ والسّندُ
فاحزم أمورك وابن الاتحادَ تجد
خيراً ففي الفرقة الأحزانُ والنكدُ
ما من أناسٍ أقاموا صرحَ وحدتهم
إلا تراهم إلى العلياءِ قد صعدوا
والعصرُ عصرك فاصنعْ ما يخلده
لك الزمان إذا ما معشرٌ خلدوا
* * *
يا من يقيمون في كانون مؤتمراً
ببحثِ بعض القضايا كلما احتشدوا
إن كان أتعبكم أمرُ الحدود فلا
حلٌ سوى أن تزيلوها وتتحدوا
 
(( ثورة الحجارة ))
ليس عندي كناية واستعارة
فقريضي مستلهم من حجاره
هؤلاء الصغار قد أيقظوا الشعـ
ـبَ وهاجوا إباءه واقتداره
وتنادْوا من أجل صوت فلسطيـ
ـن فطوبى لمن يحررُ داره
عُزَّلٌ أذهلوا العدوَ ببأسٍ
يَعرُبيٍ وغارة بعد غارة
لم يخافوا، وكيف يخشى المنايا
من تحدى الردى ليطلبَ ثاره
كفروا بالسكوتِ واستعذبوا المـو
تَ وأعطوه ليله ونهاره
ورموا خلفهم شعارات قومٍ
لم يروا في الكفاحِ إلا شعاره
وتراهم مضرجين دماءً
والأيادي بالنصر تُعلي الإشارة
إنْ هوى منهُمُ شهيد تعالت
زغردات النساء في كل حارة
مثلُ عمرِ الزهورِ مثل العصافيـ
ـر ولكنهم لفجرِ بشاره
أخرجونا من القنوطِ وأقسى
ما نلاقي احتقارُ أهل الحقارة
الطغاة الذين لم يعرفوا الله
وعاشوا على الربا والدعارة
من نفايات هتلرٍ جمع الغر
بُ حثالاتهم بأرض الطهارة
مادَ مسرى النبي واهتزت القد
سُ وكادتْ تغور تلك المغارة
وألِفنا الخنوعَ حتى نسينا
ما ورثنا من جرأة وجسارة
يا بنيَ الصغارَ بُورِكَ فيكم
أنتم اليوم للنضال منارة
قد قصمتم ظهر العدو فأضحى
محبطاً لا يذوق غير المرارة
ونزلتم في كل عين وقلبٍ
من بني قومكم بكل جدارة
ورفعتم رؤوسنا وعليكم
وبكم نالت الحجارُ نضارة
فاسلموا وارقبوا فعمّا قريبٍ
يقطف الجودُ بالنفوسِ انتصاره
 
 
(( كُن كما أنت ))
كن كما أنت دون أيِّ اهتزاز
وارفض الذُل لا تخف بطش نازِي
كن كما أنت فالزرازيرُ مهما
حلقت فالسماء مُلكُ البوازي
كن كما أنت يا شباباً تنادَى
لاقتحام الردى بكل اعتزازِ
دربُكَ الصعب دربَ كلِ أبيٍّ
هَبَّ مستبسلاً لتمزيق غازي
وضحاياك للمعالي فداءٌ
لا حدادٌ لفقدها لا تعازي
أيُ عيشٍ يفيد إن ضاعت الأرضُ
وأصبحتَ هائماً في المغازي
عودة الأرض في رقاب المياميـ
ـن وليست تجارةً لانتهازِ
أنتَ.. أنتَ الرجاءُ يا ابن فلسطيـ
ـنَ فلا تكترث لصوتٍ نشازِ
وارفعِ الصوتَ هاتفاً لبلادي
من ثراها هويتي وجوازي
ومن العارِ أن يُعربدَ فيها
هؤلاء اللئام أهلُ المخازي
فتية العُرب، يا شباب فلسطين
لقد حزتم العُلى بامتيازِ
إن هذا الفداءَ سرٌ من الله
وإعجازُ منتهى الإعجازِ
فارفضوا خطة العدوِ وصونوا
وحدة من تآمرٍ منحاز
ولكم في نضالكم مطلع الفجـ
ـر وفيه بشائر الإنجازِ
 
(( قانـا ))
سَكتُّ وقلبي يمدُ الدِما
ليعلمَ من شاء أن يعلمَا
سَكَتُّ ورُبَّ فصيحٍ غدا
من الهول أخرسَ مُستعجما
سكتُ و(قانا) تهزُ الجبالَ
وإعوالها قد تخطى السما
وأبناءَ يَعرُبَ لا يُبصرون
كأَنَهُمُو من ضحايا العمى
فأين الإباءُ وأين الشموخُ؟
وقد آنَ للبغيِّ أن يُلجما
وقل للوسيط الذي يُرتجى
دع الظلم والموقف المؤلما
وكن حكماً عادلاً إنني
رأيتك في غيِّهم مُسهِما
فليس الذي ذاد عن أرضه
تحدى القوانينَ أو أجرما
فما الجرم إلا اعتداءُ الغزاة
وقتل الأهالي وسفك الدما
وما الجرم إلا احتلالٌ كريه
يُشارُ إليه علاما وما؟
ولبنان ما كان سهلَ المنال
وهيهات يركع مستسلما
له الفخر إذ ظل صلب القنا
يُحطم آمالهم مُقْدِما
* * *
أُفَدِّي صغاراً قضوْا نحبهم
برمي المُغامر لما رمى
تهاوْوا وكل صغيرٍ مضى
إلى اللَّه يصرخ مستفهما
و(بيريز) ينكر حق الحياة
فكيف يجوزُ بحقِ احتمى
عرفنا يهود فما من مزيد
وتاريخها الأسود المظلما
تربى على الغدر أبناءها
وتستلهم الفلس والدرهما
لها الشهد في كل قطر ثوت
ويشرب أبناؤه العلقما
فليت الذي راح مستعجلاً
إليها يُطبِّعُ قد أحجما
* * *
ويا أهلَ لبنان إني حملتُ
فؤاداً بحبِّكُم مفعما
فواللَّه ما غاب عن خاطري
جمالٌ توطَّنَ ذاك الحِمى
ولم أنسَ كوكبةً مبدعين
عروبتهم فوق كل أنتما
يذودون عنها بسن اليراع
فوارس حقاً وليسوا دُمى
ولبنان نادى بها في الظلام
وأيقظ فيما مضى النُوَّما
وغنّى لها في جميعِ الديارِ
فخوراً بأمجادِها مُغرما
 
هذه آخر قصيدة وهي بعنوان (الطفل المشرد)، وللطفل المشرد قصة، فقد كنت ماشياً في أحد الشوارع في شارع من الشوارع المشهورة في مدينة كبيرة ضخمة، ومشى خلفي طفل وهو يقول (حاجة لله يا بيه)، لم ألتفت إليه وإنما أطلقتُ كلمة على عواهنها وقلتُ ارجع إلى بيتك ولا تتسول، قال لي: يا بيه أنا لا أريد دراهم لا أريد فلوس، وإنما أريد أن آكل لقد مضى يومان ولم أذق الطعام، التفت إليه فوجدت أن هناك هيكلاً عظمياً يجر نفسه خلفي، يلبس أسمالاً بالية مقطعة فقلتُ له :وأين أبوك؟ قال :إن أبي قد توفي، قلت :أين أمك؟ قال :تزوجت، قلت :ولمَ لم تقعد لدى أمك، قال :إن زوجها لم يقبلني في البيت، وأخذ يضربني صباح مساء، وأنا متشبث بأمي، وبعد ذلك ذهب إلى المطبخ ذات يوم وأحضر السكين وقال :سأذبحك إن رأيتك في البيت، وفتح الباب وطردني، قلت :لماذا لا تذهب إلى الملجأ؟ قال :الشرطي قادني إلى الملجأ وسلمني إلى الملجأ، وبعد أسبوع طردوني من الملجأ، قلت :ولِمَ؟ قال :لأنني أبول في النوم، كل ليلة أبول، أنا الآن أمشي وأنا أبول، نظرت إليه فوجدت البول قد وصل إلى أصابع رجليه.
كنت في هذا الحديث قد وصلت إلى محل صغير لبيع ما يُسمى (بالسندوتش) قلت له :كُل، وأخذتُ أفكر ما العمل مع هذا الطفل وأنا في الغد في اليوم الثاني متوجه إلى الجزائر لحضور مؤتمر الأدباء ومهرجان الشعر العربي؟ ما أكل.. أكل خمس مِصل كبيرة من السندوتش، اهتدى تفكيري أنني في هذه اللحظة أنا مدعو للعشاء لدى رجل كريم فاضل وصديق، لم يرزقه الله بأبناء وزوجته امرأة فاضلة غنية وهو غني أيضاً، ومن كبار المحامين، فقلت :إن هذا الطفل سيُقبل دون شك لدى هذه الأسرة الفاضلة، قلت للطفل :في الساعة العاشرة من يوم غد نلتقي هنا، ونقدته بعض النقود ومشيت إلى شقة صديقي، المسافة كانت قريبة، وصعدت ثم دققت الجرس فحضرت السيدة وفتحت الباب وهي تحمل كلبها الأنيق الأبيض وتمد يد الكلب وتقول للكلب سلِّم على أحمد بيه، أنا في حالة نفسية متعبة جداً، وهي تريد من الكلب أن يسلِّم عليّ وأنا أسلِّم على الكلب!، فقلت لها ابعدي عني هذا القرف، سمع صوتي زوجها وحضر، رحب بي ودخل فنظر في وجهي قال: لديك مشكلة، قلت له: نعم لدي مشكلة، المشكلة هي: كيت وكيت وكيت، قالت: وما المطلوب منا؟ قلت: إن الكلب هذا تتخلصي منه ونأتي (بالكلب) الذي هو من فصيلتنا، قالت: (فَشَرْ)، خليهم يموتوا، نحن أُهِنَّا بسببهم، قلت لها: يا ستِّي خلِّي الكلب ونأتي (بالكلب) الذي هو من فصيلتنا، فيأكل من فتات المائدة والخير كثير، رفضت رفضاً قاطعاً، أثناء حديثها قالت: البارح تصور أنت كسرت خاطري، ولِمَ كسرت خاطرك؟ قالت: لأنك لم تسلِّم عليه، البارحة في الليل كان مزكوماً وأحضرنا له الطبيب، وهو مزكوم، كلب مزكوم تحضرون له الطبيب في منتصف الليل، نوع من العبث والفسق والفجور، قلت لهم: أنا أستأذن، قالوا: العشاء، قلت: إن أكلت في الفندق فأنا ليس لدي ذوق، من واجبي أن أتعشى عندكم، لكني لا أستطيع أن آكل إطلاقاً بعد هذا المشهد الذي رأيت، فانصرفت إلى الفندق وأخذت حماماً منعشاً، وحاولت أن أنام لم أستطع النوم، فقعدت على الكرسي وكتبت (الطفل المشرد):
 
جوعانُ لم يذق الطَّعاما
غدرَ الزمانُ به فَهَامَا
مُتسربِلٌ بالبُؤسِ يسـ
ـحبُ في تشردهِ عِظاما
مات الذي يحنُو عليـ
ـهِ فصار في عددِ اليتامى
وتنكَّرتْ أمٌ فما
رضيتْ معاناةَ الأيامى
وزواجُ بعض الأُمّها
تِ يكادُ يفتتحُ الحرَامَا
* * *
نُكِبَ الصبي فما رأى
إلا العداوة والظلاما
يتجرعُ البطشَ الألـ
ـيم َويعلِكُ الموتَ الزؤاما
وأبى عليه الظلمُ أنْ
يبقى وما أشْقى المُقاما
لم تحمِهِ أمٌ ولَمْ
يرعَ الزّنيمُ له ذِمَاما
رمَيَاهُ دون أذىً جنا
هُ إلى الشوارع مُسْتَضَاما
يمشي يمد يداًودمـ
ـع العين يذرفه سِجاما
لا يعرف المأوى ولا
يجد الأمان ولا المناما
* * *
ولقيتُهُ.. فلقيتُ بعـ
ض طفولةٍ مُلئتْ سَقاما
حافٍ بأسمالٍ ممزقةٍ
تبدَّى لي حُطاما
لا يستطيعُ المَشْيَ مِنْ
تعبٍ ولا يبغي الكَلاَمَا
وسمعت ما يُدمي الفؤا
دَ وما يؤججُهُ اضطِراما
ومسحتُ من عينيه دمــ
ــعةَ جائعٍ وجد الطَّعاما
لهفي عليه على الطُّفُو
لةِ حينَ تمتحِنُ اللِّئاما
هي نعمةُ المولى وأجمـ
ـلُ نعمةٍ حازتْ مقاما
يلهو بها التشريدُ لا
عطفاً تنالُ ولا اهتماما
عارٌ يجلجِلُ في عوا
صِمِنا ويصفعنا انتقاما
هبَّت شعوبُ العلمِ تَمْـ
حُوه وما زلنا نِياما
والمال طوفانٌ ومنـ
ـهُ سحابةٌ تُرْوي الأناما
لا ذنبَ للمالِ البريء
إذا الضمير به تعامى
* * *
كم في البيوتِ من الكلا
بِ تعيشُ في رغدٍ ترامى
اللـحــمَ نُطـــعـمــها وإن
شاءتْ دَجَاجاً أو حماما
ونلفهُا بالحبِّ رقـ
راقاً ونسكُبُهُ هُيَامَا
نشكو إذا عطستْ ونسـ
ـهرُ إن تصنعتِ الزُّكاما
ماذا يضرُّ لو أنّ هـ
ذا الكلب نجعله غلاما؟
نعطيه ما نعطي الكلا
ب من الرعاية ما أقاما
ونُعِدُّهُ رجلاً نحقـ
ـق فيه آمالاً جساما
 
وشكراً لإصغائكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ عبد المقصود خوجه :لا فُضَّ فوكَ يا سيدي.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :769  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 43 من 85
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.