(( كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه ))
|
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على نبي الخيرات وعلى آل بيته الطاهرين وصحبه الغر الميامين. |
الأساتذة الأكارم.. |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يسعدني أن تستضيف اثنينيتكم هذه الأمسية ضيفاً كريماً من بلدٍ عزيزٍ على قلوبنا جميعاً، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بأستاذنا الكبير أحمد محمد السقاف، الأديب والشاعر والدبلوماسي المعروف لدى كثيرين، على امتداد الوطن العربي ومنطقة الخليج بصفة خاصة، كما نرحب بنجله المفضال المهندس أسامة أحمد السقاف، فلقد لبَّى أستاذنا مشكوراً دعوة الاثنينية رغم شواغله المتعددة التي يفرضها عليه التفرغ لخدمة أعماله الأدبية والفكرية، غير أنه رأى بثاقب بصره وبصيرته أن الاثنينية جزء من خدمة الكلمة لأنها ليست ملكاً لأحد بل عمل توثيقي بجهد المقل نهدف من خلاله إلى إثراء مكتبتنا السمعية والبصرية والمقروءة، بتراجمَ وسيرِ بعض الأساتذة الأفاضل الذين أسهموا بدورٍ فاعلٍ في حركتنا الثقافية المعاصرة. |
|
وضيفنا الكبير شأن كثيرينَ ممن خدموا السلك الديبلوماسي عاشق للشعر، جياش العاطفة، مطبوع بحب الكلمة، ولعل الذاكرة تسعفني ببعض الأعلام الدبلوماسيين الذين تعرفونهم بكل تأكيد ومنهم مع حفظ الألقاب :الدكتور غازي القصيبي، والأساتذة السيد محمد حسن فقي، وأحمد المبارك، وحسن عبد الله القرشي، وأحمد الغمراوي، وعمر أبو ريشة، ونزار قباني -رحمهم الله-. |
|
وسيتحفنا الضيف الكريم مشكوراً بقراءات من شعره في هذه الأمسية التي تأتي واسطة عقد موسم الاثنينية الحالي، وكما أن ضيفنا مسكون بحب الكلمة فهو مفتون بحب العروبة.. وحدة الصف العربي ولا غرو في ذلك، فقد تبحر في التاريخ العربي ووجد أن ما يوحد هذه الأمة حتى قبل ظهور الإسلام أكبر بكثير مما يفرق شملها، فقد مورست عليها كل الضغوط الممكنة من الفرس شرقاً والروم شمالاً والأحباش جنوباً، فصمدت وتماسكت في تلك الظروف رغم شظف العيش والإغراءات الكثيرة التي كانت تحاول استقطاب بعض القبائل وهذه وقائع تاريخية معروفة، نستلهم منها العبرة ونرى من خلالها أن المصير الواحد الذي يجمع الشعوب أقوى بكثير من مظاهر الضعف والوهن الذي يعتريها بين آونة وأخرى. |
|
ومع ظهور التعقيدات الحديثة في الساحة السياسية والاقتصادية والاجتماعية برزت بصورة أكبر أهمية التنسيق والتشاور، لرأب أي صدع وتوفير المناخ الملائم لتنقية الأجواء العربية، وصولاً إلى تلاحم الصفوف وتبادل المنافع وإيجاد الآليات التي تحفظ وتصون وحدة هذه الأمة المتميزة في دينها ولغتها وعاداتها وتقاليدها وأعرافها، وأين منها شعوب ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي التي انفرط عقدها بمجرد أن سقطت نظرية الحكم التي كان يسيطر بها على تلك الشعوب؟ وأين منها الشعوب الأوروبية التي وحَّدها الاقتصاد وتبادل المنافع بينها أشياء أخرى يصعب حصرها؟ وأين منها المجتمع الأمريكي الذي يفرض سيطرة القطب الواحد على العالم؟ بينما يرقد على عدد لا بأس به من المشاكل الاجتماعية الموقوتة!. |
|
أيها الأحبة، إن أمتنا العربية بخير وستظل كذلك ما نبذت أسباب الفرقة والاحترام في غير ما طائل، ولدى ضيفنا الكبير ما يلقي الضوء على تجربته العلمية في هذا السياق، وهي تجربة تضيف بعداً جديداً للعمل التنموي الذي يستهدف النهوض بالمجتمعات لتواكب العصر في ضوء مستجدات العلوم التطبيقية والمستحدثات الطبية والتطور التقني. |
ونحن إذ نستحث الخطى على طريق التقدم والازدهار ووحدة الصف المنشودة لا نفتأ نذكر العدوان العراقي الغاشم على دولة الكويت الشقيقة، ذلك العدوان الذي دخل كل بيت على امتداد الوطن العربي من الماء إلى الماء. وحتى هذه الأمسية لم تسلم من شواظه ولظاه، فقد استمرت هذه الاثنينية كواحة صغيرة في معترك الحياة اليومية وازدهرت بفضل الله سبحانه وتعالى، ثم تواصل ضيوفها الأفاضل وروادها الكرام منذ عام 1403 الموافق 1982م، ولم تتوقف موسماً واحداً بعد ذلك إلى أن باغتنا الخبر المشئوم باستيلاء جند دولة عربية على دولة عربية أخرى ذات سيادة، وهو حدث عاد بنا القهقرى إلى عهود التتار وقانون الغاب، فتوقفت فعاليات الاثنينية تضامناً مع الأخوة الكويتيين في محنتهم. |
|
ثم التقت إرادة الاثنينية مع توجه مجلة (المنهل) لإصدار عمل توثيقي يضم ما أبدعته أقلام الشعراء والأدباء والمفكرين لإحداث ثغرة في جدار الغزو اللئيم، فجاء الإصدار في ثلاثة أجزاء تحت عنوان واحد (أحاسيس اللظى) بينما حمل الجزء الأول عنوان (خميس الكويت الدامي)، والجزء الثاني بعنوان (تداعيات الغزو العراقي الغادر)، وحمل الجزء الثالث عنوان (حزازات تأريخية محمومة)، هذا هو الإصدار الذي صدر آنذاك، ويسعدني أن أقدم نسخة من هذا العمل لضيفنا الكبير بعد هذه الكلمة مؤكداً أن الاثنينية التي أفردت موسماً كاملاً للتضامن مع الشعب الكويتي الشقيق حفية بتشريفه هذا الملتقى الذي يكنّ له ولكل المثقفين الشرفاء وافر المحبة وعظيم الامتنان ودائم الوفاء. |
نقطة أخيرة لا بد منها، وهي تحية خاصة لمجلة (العربي) التي تتلمذنا عليها وتتلمذ عليها أجيال من محبي الحرف في معظم أرجاء الوطن العربي، وأذكر أيام كنا نحتفي بها وتتداولها مجموعات الطلاب من يد إلى يد، ونقرؤها بشغف شديد من الغلاف إلى الغلاف، وكم بهرتنا واستولت على إعجابنا بما تحتويه مادةً وإخراجاً وتحقيقات ملونة، والتحية والتقدير موصولان لضيفنا الكبير الذي ساهم في إرساء قواعد مجلة (العربي) كصرح ثقافي جدير بالتكريم والإعزاز، مع تمنياتنا لها وللقائمين عليها بدوام النجاح والتقدم. |
مرة أخرى نرحب بضيفنا الكريم، متمنياً لكم أمسيةً مترعةً بالأحاسيس الصافية، على مرافئ الشعر والأدب، وعلى أمل أن نلتقي مساء الاثنين القادم لتكريم عميد الأدب العربي للمملكة المغربية الشقيقة معالي الأستاذ الدكتور عباس الجراري، وهو من الأعلام الكبار الذين حملوا لواء العربية في المغرب، وأيده الله سبحانه وتعالى بتوفيقه فصنّف الكثير من الكتب والمؤلفات الجادة التي تزيد عن أربعين كتاباً، آملاً أن نلتف حوله ونحتفي به كفاء ما قدم للغة القرآن الكريم وذوده عن حياضها، في مناخ تنافسي شديد القسوة مع اللغة الفرنسية التي وطَّدت أركانها في الشارع المغربي في محاولة مستميتة لاقتلاع العربية من جذورها وحصرها في نطاق ضيق من المعاملات المحدودة، لولا أن قيض الله لها رجالاً يحرسونها بحق القرآن العظيم الذي نزل بلسان عربي مبين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
عريف الحفل :أيها الأحباب، الحقيقة الاثنينية دائماً ترجو وتطلب من حضراتكم الحضور مبكرين حتى نتمكن من الانتهاء أيضاً مبكرين، وندع المجال ونفتح الحوار إن شاء الله مع ضيفنا في نهاية كلمات المتحدثين كالمعتاد. دائماً الشيخ عبد المقصود يقول بأن الاثنينية ليس لها رقاع دعوة وإنما ترحب بالجميع. كذلك من يرغب الحديث بتكريم أي ضيف في الاثنينية عليه أن يخطر سكرتير هذه الاثنينية... قبلها بأسبوع، حتى يتسنى إدراج اسمه ضمن المتحدثين، ونتمنى أيضاً أن يكون الحديث الذي يود الإدلاء به محصوراً في رحلة الضيف وما يتعلق به شخصياً. نبدأ كلمات المتحدثين وهي ثلاثة بإذن الله في تكريم وفي حضرة ضيفنا هذه الليلة ونبدأ بسعادة الأستاذ السفير عبد الله الحبابي. |
|
|