شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عريف الحفل: نسأل الله العلي القدير أن يؤيدنا بتأييدٍ من عنده، الأسئلة حقيقة كثيرة.
 
الشيخ عبد المقصود خوجه: الأستاذ عبد الحميد الدرهلي رجاء دائماً تعودنا نحب أن نطرح الطرح الذي تقدمه والآن سأحجب السؤال لكن بصراحة عندما يكون السؤال كبير جداً وطويل، بعدين لا يوجد وقت للآخرين، أرجوك.. أنا أكرس نفسي ووقتي في خدمتك وخدمة الآخرين ولكن بشرط أن نتساوى والآخرين، أما أن تطرح سؤالاً طويلاً لا أستطيع أن أقدمه الآن سأعطيك وقت لثلاثة أو أربعة أسئلة.
 
السؤال هو: أكبر علماء الآثار الفرعونية الهيروغلوفية في مصر من مصريين وألمان مؤخراً إنهم لم يعثروا في المخطوطات الفرعونية التاريخية على أي أثر لما ذكر عن سيدنا موسى ويوسف، وعلَّق أحد قائل ربما كانت قصة يوسف وموسى من نسج اليهود، وظهر في كتاب المؤرخ كمال صليبي "البحث عن المسيح" من أن عيسى ولد في وادي الجليل بالطائف، هذا مدخل.
 
ما تفسيرك لهذه الأحداث والتقلبات على التاريخ؟ ولماذا ظهرت في هذه الآونة بالذات بعد مضي زمن بعيد على ظهور الأديان السماوية؟ وهل هي بداية انتكاسة للدين الإسلامي والمسيحي والاتجاه نحو العلمانية؟
 
الدكتور محمد عمارة: بالنسبة لهذا السؤال أريد أن أقول في بعض الكتابات تريد أن تحاكم الوحي الإلهي إلى الآثار وإلى الكتب التاريخية، وهذا منهج خاطئ كيف؟ هب أن هيرودوت لم يكتب عن موسى هل معنى ذلك أن موسى غير موجود؟ هل كل ما حدث كتبه المؤرخون؟ وهل كل ما كتبه المؤرخون بقي لنا؟ وهل الآثار كلها سجلتْ كلّ ما حدث؟ وهل كل الآثار بقيت؟ إذاً أنا عندما أحتكم إلى القرآن الكريم فأرى فيه قَصَصِ الأنبياء الذي لم يرد في كتب التاريخ ولا في الآثار المنقوشة لا أحاكم القرآن الكريم إلى هذه الكتب أو إلى بقايا التاريخ وبقايا الآثار، أريد أن الذين لا يؤمنون إلا بما ورد في الحفريات وإلا بما جاء في البرديات، هؤلاء مثل الذين لا يعترفون إلا بما ترى حواسهم وعيونهم يعني ينكرون ما وراء الحواس وما وراء العيون، إذا كان لدي وحي معجِز فما جاء به صدق، وهذا هو المصدر الذي أحاكمُ له الآخرين وليس الذي أحاكمه إلى الآخرين، ونحن عندنا بعض الكتابات في مصر واحد اسمه سيد القممي يرمي إلى هذا الكلام الذي كتبه بعض المستشرقين، أن موسى ليس له وجود، أن إبراهيم ليس له... إلى آخر كل هذه الأمور.
 
طالما أننا آمنا بعقلنا أنّ هذا الوحي الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم نزل به الروح الأمين على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا صدق، وهذا معجز إذاً ما جاء به هو العُمْدة، هو المصدر الأصلي، أنا كباحث عندما يكون لدي مصدرين: مصدر ثقة، ومصدر أقل ثقة، أيهما أعتمد؟ أعتمد مصدر الثقة. ولذلك أنا رددت على سعيد العشماوي عندما يشكك في القرآن الكريم، يشكك في أخطاء وإلى آخره، يأتي بروايات تاريخية عن موضوع جمع القرآن وتشكيك في جمع القرآن، عندما يقول القرآن الكريم: إن علينا جمعه وقرآنه إذاً جمع القرآن ليس جمع أبي بكر وليس جمع عمر وليس جمع عثمان، أبو بكر جمع الصحائف المكتوبة.
 
أنا قرأت أخيراً ونحن كل يوم نكتشف الإعجاز في القرآن، أخيراً واحد كتب كتاباً، واحد لا أذكر اسمه وبعث لي نسخة من القرآن، ظهر أن هناك إعجازاً حتى في رسم القرآن الكريم، هذه ثقة لا يمكن أن تخطر ببال إنسان، يعني لماذا بسم الله الرحمن الرحيم تُكتب بسم بشكل عندما تكون مضافة لله سبحانه وتعالى، وإذا أضيفت إلى كلمة أخرى تكتب كتابة أخرى؟ لماذا كلمة "رأى" في القرآن الكريم لها رسم إذا كانت رؤيا بالبصيرة، ولها رسم إذا كانت بالبصر؟ إعجاز. حسناً، من علَّم كتبة الوحي أن يكتب "رأى" هنا بشكل و "رأى" هنا بشكل آخر. بسم هنا بشكل وبسم هنا بشكل آخر، أنا أقول نحن أمام وحي وحيد صحيح لا نحاكمه إلى كتابات المؤرخين ولا كتابات الآثاريين، لأنه بالضبط أي المراجع أكثر ثقةً ويقيناً هو القرآن الكريم. إذاً نحاكم إليه النصوص الأخرى، فما قاله علماء الآثار على العين والرأس لكن إذا أنكروا شيئاَ من الوحي لا يمكن أن نسمع كلامهم في هذا، لأنه كما قلتُ ليس كل ما حدث دَوَّنه المؤرخون وليس كل ما دَوَّنه المؤرخون قد وُجد، وبالتالي ليست المرجعية لهذا الذي كتبوه في الآثار.
السؤال الثاني هو: لماذا ظهرت في هذه الآونة، هذه الأحداث والانقلابات والتقلبات على الإسلام؟ أنا أقول:
 
في بعض ما قرأت وكتبت، الغرب أدرك مع الصحوة الإسلامية الحديثة أنّ الإسلام كما قالوا بالنص أكثر قوة في قلوب أبنائه الآن منه من مائة سنة، وأنّ الإسلام يمثل ثقافة فريدة استعصت على العلمنة، ومن ثم فإنها تمثل الثقافة الإسلامية تحدياً للثقافة الغربية، الثقافة المادية والوضعية. إذن الغرب يريد تطويع هذه الأمة بعلمنة ثقافتها، والذي يحول دون ذلك هو الإسلام، ومن هنا اشتداد نغمة العداء للإسلام وأن الإسلام هو العدو، وأنه العدو الأخضر الذي حل محل الخطر الشيوعي إلى آخره. لأن الآن هذه اليقظة الإسلامية توقظ أمة لتحرر وطن الأمة واقتصاد الأمة، وحضارة الأمة من هذه الهيمنة الغربية، ولذلك تتصاعد موجات العداء للإسلام، أيضاً انتصارات الإسلام مع ضعف أهله تجعل هؤلاء يزدادون عداءً للإسلام. إذاً هناك ظروف موضوعية معاصرة تجعل هذا الهجوم على الإسلام يتزايد في الوقت الراهن.
 
عريف الحفل: شكراً يا دكتور، أشرف سالم كاتب صحافي، نريد أن نعرف موقف سعادتكم الشخصي بما يسمى بتيار اليسار الإسلامي، وكذلك بما يسمى "بعصرنة" و "عقلنة" الإسلام، وجزاكم الله خيراً.
 
الدكتور محمد عمارة: بالنسبة لليسار الإسلامي أنا يعني حتى على مستوى المصطلح، المصطلح خطأ، أنتم تعرفون أن اليسار في اللغة العربية هو اليُسر والغنى، وليس اليسار بالمعنى الذي هو الفقر والبلوروتاريا كما هو موجود في الحضارة الغربية، الإمام عبد الحميد بن باديس من الجزائر، كان يدعو الله سبحانه وتعالى يقول: "اللَّهم اجعلني في الدنيا من أهل اليسار، وفي الآخرة من أهل اليمين"، يعني كلمة اليسار نفسها لا تدل على مصطلح اليسار في الحضارة الغربية، الإسلام في قضية العدالة الاجتماعية، والعدالة الاجتماعية في الإسلام يعني جزء من نظرية وفلسفة إسلامية متميزة، فريدة ليس لها وجود في الحضارات الأخرى، في الحضارة الغربية الإنسان سيد الكون، بينما الإنسان في الإسلام خليفة لله سبحانه وتعالى، المالك الحقيقي - هو الله سبحانه وتعالى، والإنسان مستخلف في هذا، الإنسان له ملكية الحيازة وملكية التصرف والاستثمار والانتفاع، في حدود الشريعة الإسلامية، يكسب من حلال وينفق في حلال ويستثمر في الحلال، إذاً عندنا قضية للعدالة الاجتماعية وللتكافل الاجتماعي كل هذا نظرية متكاملة نابعة من قضية ونظرية الاستخلاف وبالتالي لا حاجة لنا بموضوع اليسار الإسلامي أو غير اليسار الإسلامي، لأنه كما قلت حتى المصطلح مصطلح غير دقيق.
 
عريف الحفل: الشيخ محمد علي الصابوني يسأل ويقول: هل ترون باعتبار دخولكم معترك الحركات الوطنية واشتغالكم بالسياسة إمكان السلام مع الصهاينة الغاصبين، أم أن هذه دعوة إلى الركوع والاستسلام أمام شذاذ الآفاق؟ أفيدونا عن رأيكم الصريح.
 
الدكتور محمد عمارة: أولاً: قضية المصطلحات قضية في غاية الأهمية، وأنا أوليت هذه القضية بعض الاهتمام، كتبت كتاباً عن معركة المصطلحات بين الغرب والإسلام وكتاباً عن الوسيط في المذاهب والمصطلحات، لأننا نحن أمام استخدام لمصطلحات، المصطلح كالوعاء مثل هذا الكوب، وكل الناس يستخدمونه ولكن المشكلة في مضمون ومفهوم المصطلح، ولذلك نحن نخلط الآن بين مصطلح "السلام" ومصطلح "التسوية"، المعروض الآن بالنسبة للنظم والحكومات العربية قضية تسوية، التسوية شيء والسلام شيء، لأن السلام معناه أن يعود الحق كاملاً إلى أهله، نحن في فلسطين أمام استعمار استيطاني كما في جنوب أفريقيا، أربعة ملايين أو خمسة ملايين يهودي جيء بهم وزرعوا واقتُلع بدلاً منهم أربعة أو خمسة ملايين من الفلسطينيين مشتتين في الآفاق الآن. إذاً إذا عاد أهل فلسطين إلى بيوتهم وأرضهم هنا يصبح هناك سلام، إنما المفاوضات تتم الآن حول قرارات الأمم المتحدة 242 و 338 حول 22% من أرض فلسطين، وحتى 22% لا يريد الصهاينة أن يتركوها لأهل فلسطين، إذاً حتى هذه التسوية تسوية عرجاء، ونحن نعرف طبعاً التفاصيل كلها في هذا الموضوع، إذاً المعروض ليس سلاماً، الحديث يدور حول تسوية وحتى هذه التسوية في ظل موازين القوى غير المتكافئة مطلوب من عرفات ومن السلطة الفلسطينية أن توقع على إنهاء النزاع وليس في يدها لا دولة ولا سيادة ولا قدس... إلى آخر كل هذه الأمور. إذاً المعروض ليس سلاماً على الإطلاق.
 
عريف الحفل: غياث عبد الباقي يسأل ويقول:
 
حرية الإبداع شعار يرفعه مجموعة من أدباء ورجال الصحافة العربية ومن خلال هذا الشعار نال البعض من مقدسات المسلمين وتطاولوا، وقام آخرون بنشر الفساد في صور شتى، فهل الإبداع سيدي الفاضل هذا الذي يجري؟ وأين حدود الإبداع وكيف السبيل لوقف ما يجري على الساحة الثقافية من انتهاكات لحرمة الإسلام؟
 
الدكتور محمد عمارة: مرة أخرى نعود إلى مرجعية الإسلام، أنا أقول كثير من الخلط وخاصة في قضية الإبداع مصدره أننا في مجتمع فيه مرجعيتان: هناك مرجعية وضعية علمانية ترى الإنسان سيد الكون، إذا كان الإنسان سيد الكون إذن لا سقف على حريته، يستطيع أن ينتهك كل الحرمات. المرجعية العلمانية والوضعية، يتراضى الناس على شيء... يتراضون على الشذوذ يصبح قانوناً، يتراضون على الربا يصبح قانوناً، يتراضون على النهب والسلب يصبح قانوناً، إذن الإنسان إذا كانت المرجعية الوضعية العلمانية تقول إنه سيد الكون يصبح هذا الإنسان الإبداع عنده لا سقف على حريته فيه، أما إذا كان هذا الإنسان خليفة لله سبحانه وتعالى فهو مثل المحامي عندما توكّله، أنت توكل المحامي فلا تقيد حريته إنما حريته مقيدة بالتوكيل، يعني لا يستطيع أن ينهبك ولا أن يأخذ مالك ولا أن يجردك من ثيابك، لأنه حر في حدود التوكيل، فالخليفة حر في حدود بنود عقد وعهد الاستخلاف، إذن حقوق الإنسان المسلم محكومة بحقوق الله سبحانه وتعالى. في النظام الوضعي الزنا بالتراضي ليس جريمة لأنه لا سقف على حرية الإنسان واختيارات الإنسان، المرأة تقول جسدي أنا حرة فيه، لكن إذا كنت خليفة لله سبحانه وتعالى فحريتك وفعلك وحقوقك محكومة ببنود عقد وعهد الاستخلاف، ولذلك لا يمكن أن تكون هناك حرية في نقض ما اتفقت الأمة على أنه مقوّم من مقوّمات المجتمع. هل هناك مجتمع في الدنيا يبيح حريةَ الخيانة للوطن؟ هذا لا يحدث، الناس تقدس قطعة القماش إذا جعلتها علماً للوطن. إذاً كل مجتمع فيه عَقْد اجتماعي وله رموز وله مقدسات.
 
إذا ارتضينا في دساتيرنا وفي معتقداتنا أن الإيمان الديني مقوم من مقومات الاجتماع الإنساني لا يمكن أن يكون هناك بحجة الإبداع نقض واجتياح لهذه المقدسات، إذن مفهوم الإبداع الذي يجعل الحرية.. كل الحرية للمبدع ولا رقيب على المبدع إلا هذا المبدع أنا أقول هذا ثمرة لمرجعية عزلت السماء عن الأرض وجعلت الإنسان سيد هذا الكون. ليست هذه هي المرجعية الإسلامية، لنا مفهوم للحرية، الإسلام مع الحرية وأنا أقول نحن فقراء للحرية في مجتمعاتنا، لكن هناك مفهوم للحرية إنّ حرية الإنسان محكومة بضوابط الشرع وبحدود الإيمان بالله سبحانه وتعالى ومقدساته.
 
عريف الحفل: حامد المرزوقي يقول:
 
سعادة الدكتور صدر منذ سنوات كتاب بعنوان "محمد عمارة في ميزان الإسلام" لأحد أتباع المدرسة السلفية ثم صدر للكاتب عدة كتب بنفس العنوان من آخرها "يوسف القرضاوي في ميزان الإسلام" فما رأيكم بهذه الردود التي تعرض لرموز الفكر الإسلامي وتحتكر الحق لنفسها وتدعي أنها تملك ميزان الإسلام.
 
الدكتور محمد عمارة: هذا الكتاب هو خصني الكاتب بالنصيب الأكبر، عمل كتاب سبعمائة صفحة وعشرة عني، وكان كتابه عن فهمي هويدي والدكتور يوسف القرضاوي أقل حجماً، هذا الكتاب كتب عنه الشيخ الغزالي عليه رحمة الله، لما رأى الكتاب اندهش وكتب قال لمصلحة من يكتب هذا؟ إن محمد عمارة يغير على العلمانيين والملاحدة والشيوعيين، عليه رحمة الله كتب كلاماً طيباً حول هذا الكتاب، أنا حقيقة تصفحت الكتاب ووجدت فيه جهداً كبيراً، لا أتصور أن أقل من خمس سنوات واحد يشتغل في هذا الكتاب، وأسفتُ أسفاً شديداً على أنه واحد يضيع عمره أو يضيع سنوات من عمره في هذا، طبعاً يعتبر العقل تهمة كثير من الأمور، لكن حقيقة لا أكتمكم منذ منَّ الله عليَّ بالعمل في الحقل الفكري آليتُ على نفسي ألا أرد على مثل هذه الأمور، عندما أكتب كتاباً يصبح ملكاً للناس، كما أن بعض الناس يمكن أن يمدحني فالبعض الآخر يمكن أن يقدحني وأن ينتقدني، لكنني على يقينٍ ودعوتُ الله سبحانه وتعالى أن يجعل مثل هذه الكتب يعني في ميزان حسناتي يوم القيامة، وسوف يكون مقاصة إن شاء الله بيننا وبين مثل هؤلاء الكتَّاب، وأنا أيضاً يطمئنني كثيراً أنني على صراط الوسطية الإسلامية أن هناك عشرات من الكتب في التيار العلماني تهاجمني، وأيضاً في تيار الغلو الديني والجمود تهاجمني، وإذا كان إنسان يُهاجَمْ من هذا الفريق ومن هذا الفريق فدليل على أنه ليس هنا وليس هناك، وإنما هو في وسط بين هذين الفريقين.
 
أنا لا أغضب من مثل هذه الكتب التي تهاجم وأعتبر أنّ من حق الناس أن يفكروا، لكن أتمنى على الله أن الإنسان يستثمر وقته فيما هو مفيد، نحن المفروض أن نكون جميعاً في خندق واحد في مواجهة التحديات، في مثل ما يقول الشيخ يوسف القرضاوي في فقه الأولويات أنا اليوم أترك شارون وأترك التحديات والهيمنة الغربية وأشغل نفسي بالخلافات في داخل الساحة الإسلامية نحن حول نُرَشِّد الساحة الإسلامية، لكن لا نجعل منها ساحة هجوم على بعض التيارات الفكرية الأخرى.
 
عريف الحفل: الأخ عثمان مليباري يقول:
 
الكثير من المعجبين بتاريخ الغرب وحضارته يرددون هذا القول بأن تاريخنا العربي الإسلامي تاريخ صراعات دموية واغتيالات جسدية في صورة فتوحات فهل هذه المقولة صحيحة؟ نحن في شوق إلى تعليقاتكم.
 
الدكتور محمد عمارة: أنا أولاً قريباً كتبت وضمّنت هذا في كتاب (الإسلام والآخر)، لاحظت كلاماً كثيراً، وأن الإسلام انتشر بالسيف والعنف وإلى آخره، وهذا الكلام تيار العنف انطلق منه، ولاحظت أن ما كُتب عن غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم حجمه كبير جداً، تسع سنوات في المدينة لو عددنا الغزوات والسرايا والبعوث التي حدث فيها قتال أو لم يحدث تزيد عن ستين سرية وغزوة وبعث من البعوث، وما كُتب عنها حجمه ضخم، يوهم من لا يعرف أن العنف والسيف والقتال له مكان كبير في الإسلام، فعنَّ لي أن أقوم بدراسة ميدانية فأتيت بكتب الغزوات والوقائع وفي هذه الكتب فيها إحصاءات للذين قتلوا من المسلمين ومن المشركين، ستُدْهشون أن كل الذين قتلوا في غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم على امتداد تسع سنوات في كل هذه الغزوات والبعوث والسرايا من الفريقين ثلاثمائة وستة وثمانين واحداً، وأنا نشرت في كتابي (الإسلام والآخر) جدول الغزوة وتاريخها والذين قتلوا من المشركين والذين استشهدوا من المسلمين، ثلاثمائة وست وثمانين واحداً، عدد المساجد التي بنتها الجيوش ذهاباً وجيئة أكثر من عدد الذين قُتلوا، عدد البعوث العلمية التي خرجت تعلم القرآن والفقه من المدينة أكثر من عدد الذين قتلوا، شاء الله وأنا أجمع هذه الإحصائية قرأت في جريدة "الشرق الأوسط" مقالاً لكيسنجر أشار فيه للحروب الدينية بين الكاثوليك والبروتستانت التي استمرت أكثر من قرنين وقال: أبيد فيها أربعون في المائة من شعوب وسط أوروبا، انظروا الإسلام يقهر الشرك وكل الضحايا ثلاثمائة وست وثمانين واحداً، وحروب داخل دين واحد بين مذهبين في دين واحد يباد فيها أربعون في المائة من شعوب وسط أوروبا وفولتير يحصيهم ويقول أنهم عشرة ملايين، ومع ذلك يتحدثون عن أن تاريخنا كان تاريخ صراعات وتاريخ عنف وإلى آخره.
 
الدولة في التاريخ الإسلامي انحرفت من وقت مبكر، انحرفت عن الشورى وانحرفت عن العدل الاجتماعي، وقال العلمانيون وبعض العلمانيين إن تاريخنا تسع وتسعين في المائة منه ظلام، وهذا كلام قاله فرج فوده وغيره من الذين حاورناهم، وأنا لفتُ النظر في دراسة كتبتها عن الأوقاف في كتاب (هل الإسلام هو الحل) إلى أن الانحراف عندما تم في الدولة كان محدوداً، حتى الجهاد في سبيل الله كانت الأمة هي التي تموله، كانت الأوقاف هي التي تموله، الأوقاف كانت مؤسسة تمويلية كبرى لصناعة الحضارة، كل الحضارة الإسلامية التي نباهي بها الدنيا والتي تعلمت من الدنيا، بنيت في ظل انحراف الدولة لماذا؟ لأن العلماء والفقهاء والصوفية وكل قيادات الأمة والأمة كانت هي التي تبني الحضارة وليست الدولة، حتى الرباط في سبيل الله كان يمول من الأوقاف وكان الناس هم الذين يتطوعون إلى الجهاد، إذاً انحراف الدولة في التاريخ الإسلامي ليس معناه أن هذا التاريخ أصبح ظلاماً كما يزعم الآخرون، لأن كان هناك تعظيم للأمة وكان هناك تحجيم للدولة، نحن لم نعرف الدولة الغول التي تطعمك وتسقيك وتعلمك وتعالجك وتأخذ حتى حريتك إلا مع من الدولة القومية التي جاءتنا في العصر الحديث هذا والقومية الأوروبية، ولذلك أنا أقول إن تاريخنا كي ندرس التاريخ دراسة حقيقية ومتوازنة لا بد أن ندرسَ تاريخَ الأمة، وليس فقط تاريخَ السلطةِ والسلطان والدولة في تاريخنا، لازم ندرس الكتب الطبقات وطبقات العلماء والفقهاء والمحدثين هذه هي الأمة، لكن ندرس مؤسسة الأوقاف وكيف كانت تمول كل صناعة الحضارة من نقطة الحليب في الرضاعة إلى الجهاد في سبيل الله، لا بد أن يكون هناك رؤية لتاريخ الأمة كي ندرك أن تاريخنا ليس بهذا الشكل الذي يقوله العلمانيون.
 
عريف الحفل: الدكتور يوسف حسن العارف يقول:
 
في ندوة مستقبل الثقافة العربية المنعقدة بالرياض في مكتبة الملك عبد العزيز العامة، في شهر شعبان الماضي كانت لكم طروحات حول هذا الموضوع ولكن الإشكال الذي تعيشه ثقافتنا العربية اليوم هو هذه الازدواجية بين تحديث مؤدلج وتفصيل منزوع الهوية فكيف ترون مستقبلاً متحولاً إلى نزعة إسلامية فكرية وعروبية تحديثية في ظل عولمة واحتواء لتراثنا وثقافتنا المتميزين؟
 
الدكتور محمد عمارة: مرة أخرى نعود للمصطلح أنا أقول مصطلحنا الأصيل هو التجديد، تجديد يستصحب الثوابت ويجدد في المتغيرات، الحداثة بالمعنى الغربي قطيعة معرفية مع الموروث، لا بد أن نحرر مضامين المصطلحات، ولذلك الحداثيون إذا فهموا الحداثة بمعناها الغربي هؤلاء يقيمون قطيعة معرفية مع الموروث ومع الموروث الديني في الأساس، إنما التجديد هو سنة من سنن الله، يبعث الله لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها أو أمر دينها. إذاً التجديد هو مصطلحنا إذا عدنا كما قلنا إلى الأصول وفقهنا واقعنا المعاش واستشرفنا مستقبلنا إذن عندنا يعني عصرية مناسبة للأصولة عندنا، نكون أصوليين وعصريين في ذات الوقت، الأصولية عندنا متميزة ومن هنا العصرية أيضاً عندنا متميزة، الذين فهموا الأصالة والمعاصرة بمعنى أن نأخذ قيمنا الإسلامية الموروثة ونأخذ الحضارة الغربية وتبقى هذه هي المعاصرة هؤلاء يفهمون تميز النسق الفكري الإسلامي، نحن أبناء أصول متميزة تحتاج إلى عصرية وتجديد متميز أيضاً، طبعاً العولمة هذه مرحلة اجتياح، يعني الاجتياح الغربي للعوالم الغير الغربية وأنا كتبت فيها يعني أمرين: "مستقبلنا بين العالمية الإسلامية والعولمة الغربية" ودراسة أخرى عن "خطر العولمة على الهوية الثقافية".
 
عريف الحفل: عفواً دكتور على المقاطعة، عدنان فقي محامي ومستشار قانوني يقول:
 
ورد من خلال سيرتكم الذاتية قيامكم بالدفاع عن القضايا الإسلامية، كيف يقيم الدكتور عمارة الدكتور شحرور التي وُزِّعت كتبه مجاناً.
 
الدكتور محمد عمارة: أن شحرور -الشهادة لله- كتب كتابه الأول (الكتاب والقرآن) وقبل أن ينشره عرضه على شيوخ كلية الشريعة في دمشق، لكن للأسف وهذه تثير نقطة ضرورة أن يكون عندنا قدرة على فهم الآخر وفهم ما لدى الآخر من مفاتيح فكرية، يبدو أن الشيوخ الذين عرض عليهم الكتاب لم يستطيعوا أن يفهموه، أو المهم رفضوه دون أن يقدموا له نقداً مكتوباً وموضوعياً، شحرور مشكلته أنه يقف في المصطلحات عند المعنى اللغوي للمصطلح، وهذا أيضاً وقع فيه سعيد العشماوي، وبالمناسبة الأمريكان عملوا من سنة أو أكثر ندوة كان مقررها ريتشارد ميرفي الذي كان وكيل وزارة الخارجية الأمريكية عن الأصولية والإرهاب والتطرف، وميرفي عمل تصريح قال: ليس صحيحاً أن الإسلام كله إرهاب وتطرف، هناك إسلام مستنير يمثله سعيد العشماوي ومحمد شحرور، يعني هذه شهادة لهذين الاثنين.
 
الفهم للمصطلح بمعناه اللغوي فقط يمثل كارثة، لأننا نحن نعرف وهذا أي دارس يعرفه أن المصطلحذ له معنى لغوي، وله معنى اصطلاحي، وله معاني تختلف باختلاف الكلمة لها معنى لغوي لكن لها معنى عند الصوفية، لها معنى عند المتكلمين، لها معنى عند الأدباء، يعني أي واحد يغفل المعاني الاصطلاحية والفنية والمتخصصة للمصطلحات يصل إلى كارثة، لماذا؟ لأنك لو فهمت الصلاة على أنها الدعاء ممكن أن تكون الدعاء لهبل، لو فهمت الحج على أنه مجرد القصد يبقى القصد إلى (كابري) يبقى حج.. لو فهمت أن العمرة هي الزيارة تبقى الزيارة للمحبوبة، لو وقفنا عند المعاني اللغوية فقط للمصطلحات تبقى كارثة، شحرور يقف عند المعنى اللغوي للمصطلح، ولذلك الجيب الذي هو بالنسبة للحجاب رأى أن المطلوب حجابه في المرأة هو ما بين الإليتين والفرج وتحت الإبطين وتحت الثديين، ومع ذلك تمشي عريانة وتبقى عال العال يعني ما في أي شيء، إذن هذا رجل كارثة، وبعد ذلك يرى الإسلام ليس فيه دولة وليس فيه سياسة وطبعاً هذا كلام مكرور منذ علي عبد الرازق إلى آخره، فأنا أقول أن مأساته أنه وقف في معاني المصطلحات القرآنية عند المعاني اللغوية وأهدر المعاني الشرعية والمعاني الاصطلاحية، وهذا الفكر يُوَظّفُ في مواجهة التوجه الإسلامي توظيفاً علنياً كما قلتُ لكم أن ميرفي يعتبره هو وسعيد العشماوي هما اللذان يمثلان الإسلام المستنير.
 
عريف الحفل: الدكتور عبد اللطيف محمد علي يقول:
 
نسمع ونقرأ كثيراً تعبير "الإسلام السياسي" الذي يُذكر باستهجان ونعلم أن الإسلام دين ودولة، ما هي رؤيتكم لمكان السياسة في الإسلام وما هو تعليقكم على تعبير الإسلام السياسي؟
 
الدكتور محمد عمارة: أنا لست مع هذا التعبير، لأن الإسلام ظاهرة عامة، هو دين ودنيا، دين ودولة، دنيا وآخرة، عقل ونقل، ذات وآخر، يعني أن الإسلام دين شامل، السياسة بُعد من الأبعاد الإسلامية، ونحن عند أهل السنة السياسة من الفروع، السياسة ونظام الحكم والدولة، كل ذلك من الفروع يعني ليس من أصول العقائد هي فرائض مدنية يتوقف عليها إقامة الفرائض الدينية، ولذلك أبو حامد الغزالي له كتاب صغير، كتاب نفيس، كتاب منهجي هو (فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة) يتكلم على أنه وفي غيره من الكتب أنه وهذا كلام قاله ابن تيمية وقاله الجويني وقاله الغزالي كل هؤلاء في إجماع من أهل السنة أن السياسة والإمامة والخلافة ليست من أمهات العقائد ولذلك ليس فيها تكفير، والخلاف فيها ليس فيه تكفير، ومن هنا كانت خلافات الصحابة حتى قتال الصحابة لا يُخرِج أي طرف من الأطراف من الملة، لأنه ليس خلافاً في العقائد ليس خلافاً في التنزيل وإنما هو خلاف في التأويل.
 
انظر إلى الإمام علي في موقعة (صفين) عندما يُسأل عن رأيه في أهل الشام في معاوية ومن معه، يقول: والله لقد التقينا وإلهنا واحد ونبينا واحد وقرآننا واحد وقبلتنا واحدة وديننا واحد ولا نستزيدهم في الإيمان ولا يستزيدوننا وإنما الخلاف بيننا وبينهم في دم عثمان ونحن منه براء، إذن سألوه ما رأيك في قتلانا وقتلاهم؟ قال: إني لأرجو لقتلاهم وقتلانا الجنة، لأن هذا خلاف في الفروع، الإسلام يعتبر أنه حتى إذا وصل الخلاف بين المسلمين إلى درجة القتال في هذه الفروع لا يخرجهم من الملة، وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا من المؤمنين لم يخرجهم القتال عن الإيمان، ولذلك أنا لست مع الذين يقولون عن الفتنة الكبرى أن هذه أمور برّأ الله منها أيدينا فنبرِّئ منها ألسنتنا، إذا لم تتكلم أنت سيتكلم الآخرون، إنما يكون عندنا منهج نقول هذا خلاف في الفروع، هذه اجتهادات يؤجر عليها المخطئ كما يؤجر عليها المصيب، ولذلك السياسة بُعدٌ من أبعاد الإسلام وليست كل الإسلام والذين يتكلمون عن الإسلام السياسي إذا أرادوا البُعد السياسي للإسلام نحن معهم وإنما إذا أرادوا اختزال الإسلام في السياسة نحن لسنا معهم ولذلك هذا مصطلح يحتاج إلى ضبط.
 
عريف الحفل: الدكتور علي العمري يقول:
 
(العولمة) هل هي مشروع حضاري يستهدف الإسلام؟ كيف يمكن التعامل معها من قِبَل الأمة المسلمة؟
 
الدكتور محمد عمارة: (العولمة) هي مرحلة في علاقة النظام الغربي بالعالم الغير غربي، الغرب في مرحلة الاستعمار التقليدي كان هناك أنا أسميها مرحلة غواية الترغيب والترهيب، كان في غزو فكري وفي غواية وفي تغريب واستلاب حضاري، لكن عندما كان هنالك انقسام في الحضارة الغربية بين النظام الشمولي والنظام الليبرالي، كان هذا الانقسام يتيح فرصة للعالم الثالث الذي مثلنا للعب على هذه التناقضات، بعد انهيار النظام الشيوعي وتوحد قبضة الحضارة الغربية، مع وجود تقنيات ثورة الاتصال الحديثة، اقترنا فأصبح هناك المزيد من هيمنة الغرب وصلت إلى درجة الاجتياح، منظمة التجارة العالمية.. الغزو الفكري إلى آخر ذلك، تقنين منظومة القيم الغربية وعولمتها في مؤتمرات تحت علم الأمم المتحدة مثل مؤتمر السكان، ومؤتمر بكين، ومؤتمر المرأة ألفين إلى آخره، كل هذه الأمور تمثل المرحلة التي ظهر فيها مصطلح (العولمة).
 
(العولمة) تعني فرض النموذج الغربي قسراً على الآخرين، حتى المصطلح أنتم عندما تقولون (السعودة) تبقى كل الوظائف سعودية، عندما نقول (الجزأرة) تبقى كلها جزائرية، (الأسررة) تبقى كلها إسرائيلية، الفرنسة، هذا المصطلح يعني صب الكل في قالب واحد، (فالعولمة) هي عولمة النظام الغربي منظومة القيم الغربية سواء كان في المسائل الاقتصادية أو حتى العسكرية أو حتى اللغوية إلى آخره، كل هذا يمثل مرحلة (العولمة) فهي مرحلة اجتياح، وأنا أقول هذا واقع، لكن الخطأ أن بعض المثقفين يريدون منا الرضا بالواقع والتسليم به، نحن المفروض أمام الواقع كيف نتعامل مع هذا الواقع؟ ولذلك أنا أقول نحن مطلوب منا.. طيب إذا كان العالم قرية واحدة طيب نريده قرية واحدة، حسناً لمَ لا نجعل العالم العربي أيضاً قرية واحدة؟ نعولم العالم العربي والعالم الإسلامي حتى نكون كتلة نستطيع أن نتعامل مع الآخرين، نحن مهما قلنا في شجب (العولمة) وغيرها من التحديات لن يُسمع كلامنا ولن يكون له أثر إلا إذا رتبنا بيتنا العربي والإسلامي وتعاملنا مع العالم ككتلة عربية وإسلامية هنا يمكن أن يكون هناك قدر من التوازن في التعامل مع (العولمة).
 
عريف الحفل: عجلان أحمد الشهري يقول:
 
سعادة الدكتور هل تعتقد أن الجهات التعليمية والتربوية في البلاد الإسلامية قد نَشَّأت الأجيال على فكر إسلامي متنور يعكس واقع الإسلام الحق؟ وإن لم يكن فما الحلول العملية لإبراز هذا الفكر الذي لن يكون للأمة شأن بدونه؟ وشكراً.
 
الدكتور محمد عمارة: طبعاً التعميم دائماً في أي أمر من الأمور خطأ، نحن في دوائر العلم والتعليم نجد في بعض المؤسسات قريبة من المنهج الذي نريده لكن بشكل عام، نحن عندنا التعليم في العالم العربي والإسلامي تعليم فيه فصام نَكِد بين العلم الشرعي والديني والتراثي وبين العلم المدني الحديث، ولذلك لا بد من إعادة اللُحمة مرة أخرى إلى مؤسسات التعليم وإلى مناهج التعليم بحيث كما قلت نفقه تراثنا وتاريخنا، ونفقه المدنية والعلوم المدنية الحديثة، ويصبح عندنا المتخصص في العلوم المدنية الذي ليس غريباً على العلوم التراثية والشرعية، وأيضاً يصبح عندنا عالم الدين الذي يعيش العصر ولا يعيش فقط في التاريخ، فهناك قصور شديد في كثير من مناهج ومؤسسات التعليم سببه هذا الفصام ما بين التعليم الشرعي والذي يقف عند التراث، والتعليم المدني الذي يقف عند الحضارة الغربية ومعطياتها.
 
عريف الحفل: الكاتب والصحفي خالد أسعد يقول:
 
ما هي رؤيتكم ونظرتكم باتجاه التصدي وكيفية المواجهة للحرب العالمية الثالثة الغير معلنة والتي انطلقت شرارتها من القدس مسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الألفية الثالثة، والتي تؤكد وتثبت لنا أحداثها وأبعادها وأسرارها أنها حرب إبادة ضد الجنس العربي الشرير الحقير كما أعلنها حاخام اليهود الأكبر في حضور العنصر اليهودي الأكبر شارون بكل وقاحة واستخفاف؟
 
الدكتور محمد عمارة: أقول نحن أشرنا إلى ضرورة تكامل وتضامن العالم العربي والعالم الإسلامي وهذا هو الذي يغيّر موازين القوى بيننا وبين القوى الصهيونية والذين يظاهرون القوى الصهيونية، أيضاً في قضية أساسية في ثقافتنا أنا في كتاب (الإسلام والآخر) ناقشتُ هذه القضية، نحن بعد حرب سبعة وستين رفعنا شعار (أعرف عدوك) وهذا كان طيباً، لكن للأسف وقفت المعرفة عند الجانب الاقتصادي، الجانب العسكري، الجانب التكنولوجي، يصدر كم؟ يستورد كم؟ إلى آخر كل هذا، لكن ثقافة العدو الثقافة التي تكوِّن الشخصية التي نواجهها الآن، يعني الجندي الذي يضرب النار من المدفع الرشاش، خمساً وأربعين دقيقة على الطفل (محمد الدرة)، ما هي الثقافة المكوِّنة لهذه الشخصية؟ الحاخام الذي يعتبر أننا شذاذ ولا بد من الإبادة. إلى آخره، هذه الثقافة... ولذلك أنا اهتممت في هذا الكتاب أن أعرض رؤية الإسلام للآخر، ثم أعرض ثقافة اليهود، انطلاقاً من التلمود ومن العهد القديم، كيف أن هناك آيات في العهد القديم المحرَّف طبعاً تطلب من اليهود أن يأكلوا الشعوب الأخرى أكلاً؟ كيف أن الربا بينهم حرام لكنه واجب مع الآخر؟ الكذب بينهم حرام، لكنه واجب مع الآخر، العبودية بينهم حرام، لكنها واجبة مع الآخر، السرقة بينهم ممنوعة، لكنها واجبة مع الآخر، المرأة اليهودية وهذا الكلام في (التلمود) المرأة اليهودية وهي خارجة من الحمام، من (العادة الشهرية) تحذر أن تمر على كلب أو خنزير أو حمار أو غير يهودي، فإذا مرت على واحد من الأربعة تعود وتستحم مرة أخرى، تعيد الاستحمام. كيف أنهم عندما يمرون على بناية يسكنها غير اليهود يلعن، أموات.. يلعن، إلى آخر...، هذه الثقافة مطلوب أن ندرسها أن نحن نكون واعين بها، الغرب أحس بأن هناك ابتزازاً للغرب أصبح الآن الغرب يعامل اليهود كما يعامل إخواننا الشيعة المهدي أو الإمام المنتظر، معصوم لا يُسأل عما يفعل ولا يخطئ، أيضاً اليهود الآن ما يقررونه يصبح مقدساً، حتى أن واحد مثل جارودي في بلد الحريات وبلد النور والليبرالية يحاكم لأنه يراجع رقماً، لا يراجع ديناً، يراجع رقماً. ونحن نرى الآن أن الإعلام الغربي يتحدث عن أن اليهود هم المجني عليهم وأن الفلسطينيين هم العنف وإلى آخره.
 
فلذلك أنا أقول لا بد أن ندرس الثقافة التي أصبحت تكوِّن هذه الشخصية التي نواجهها، وبدون دراسة هذه الثقافة لن نستطيع أن نتعامل مع هذه الشخصية، إلى جانب ترتيب البيت العربي والإسلامي، ومساندة الجهاد الفلسطيني، فلا بد من دراسة هذه الشخصية، لأننا نقول بعضنا يُخدَع في الشخصية اليهودية ويميز ما بين اليهودية وما بين الصهيونية، لكن لو درسنا هذه الأصول المكوِّنة لهذه الشخصية لا بد أن نستعين بهذه الدراسة في هذه المواجهات أيضاً.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :683  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 24 من 85
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.