شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الدكتور فهد العرابي الحارثي ))
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.
أود أن أبدأ حديثي إليكم هذه الليلة أصالة عن نفسي ونيابة عن جميع منسوبي مؤسسة عسير للصحافة والنشر جريدة "الوطن" بالشكر الجزيل لصديقي وأخي الأستاذ عبد المقصود خوجه، أن أتاح لنا هذه الفرصة للالتقاء بكم وللحديث إليكم، هذا الحديث الذي سأعتبره حديثاً أخوياً ودياً، ولهذا فإنني لم أحضّر له ورقة أو كلمة، بل سيكون حديثاً مباشراً من القلب إلى القلب، كما أود أن أشكر هذا الحضور الجميل الذي سعدت فيه برؤية أصدقاء ومعارف لم تتهيأ الفرصة للقاء بهم منذ مدة طويلة، فكانت هذه المناسبة الجميلة من المناسبات التي أعادت لقاءنا بهم.
مرة أخرى الشكر لصاحب الاثنينية والشكر لكم أيضاً، وأرجو ألا أطيل في حديثي إليكم، لكني
سأحاول أن أتحدث كما قلت بصفة عفوية، ربما أن حديثي إليكم يغطي بعض الاستفسارات التي قد تدور في أذهان البعض فإذا لم تكن هناك نقاط واضحة مما أقوله أو مما سيقوله زميلي الأستاذ قينان الغامدي رئيس تحرير الصحيفة فلا يمنع هذا من إعادة طرحه مرة أخرى.
في الحقيقة حتى يكون الموضوع منهجياً ومتسلسلاً، كتبت بعد أن جلست إلى هذه الطاولة وقسمت الحديث إلى أربعة أقسام، وسميت كل قسم بالتحدي، لأنه في الحقيقة ميلاد صحيفة مثل صحيفة "الوطن" لم يكن سهلاً على الإطلاق وستلاحظون هذا من خلال الكلام الذي سنقوله لكم، إلى درجة أن تقديراتنا لمستويات التحديات التي واجهناها في إصدار الصحيفة كانت أقل بكثير مما واجهناه على الواقع.
 
التحدي الأول: سيكون عن مرحلة الترخيص وهذه مرحلة إجرائية لن أطيل فيها كثيراً.
التحدي الثاني: هي مرحلة التحدي الذي يمثل الخروج بصيغة بنية صحيفة فيها بعض الاختلاف عما هو موجود في الساحة.
التحدي الثالث: هو تحدي مرحلة التطبيق والإنجاز، الخروج من النظري إلى التطبيقي.
التحدي الرابع: هو التحدي الذي نحن فيه الآن، المستوى الذي نحن فيه الآن هو تحدي الصمود والاستمرار.
بالنسبة للتحدي الأول هذا خاضه صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل الأب الروحي لهذا المشروع، خاضه وحده في البداية حينما تقدم قبل أكثر من عشرين سنة لطلب ترخيص لإصدار صحيفة في منطقة عسير، ولا يعنينا كثيراً الآن في هذه الأمسية أن نتحدث عن المراحل التي مرت بها الإجراءات الإدارية والرسمية إلى أن صدر الترخيص بعد حوالي عشرين سنة لصدور الصحيفة، ولا شك أنه في حساب حياة الأفراد وخصوصاً في منطقة مثل منطقة عسير فإن عشرين سنة ليست قليلة، ولكن الأمير خالد الفيصل استطاع أن يكسب هذا الرهان وأن يكسب هذا التحدي، فاستطاع أن يستصدر هذا الترخيص بعد مرور يمكن أكثر من خمس وثلاثين سنة على الأقل، لآخر مؤسسة صحفية أو ثلاثين سنة لآخر مؤسسة صحفية أقيمت في المملكة العربية السعودية.
التحدي الثاني: وهو يمكن أكثر ثراء في المرحلة التي مرت فيها الصحيفة، وهو يمثل الخطوة الأولى التي بدأت منذ صدور الترخيص، أولاً أريد أن أطلب منكم العذر إذا كان هناك بعض الأخوان قد سمعوا من قبل بعض كلامي التالي يعذرني في التكرار إذ إن بعض الأخوة الموجودين يسمعونه لأول مرة.
أتذكر بداية هذه المرحلة من التحديات التي مرت فيها صحيفة "الوطن" أنني ذهبت في مدينة الرياض للسلام على الأمير خالد الفيصل، إذ تربطني به علاقة قديمة قبل مشروع جريدة "الوطن"، فذهبت للسلام عليه وللمباركة له بصدور الصحيفة، وكان من أول ما طرحه على ما أذكر كان في المجلس الأستاذ أو الشيخ حيف بن عبود القحطاني ربما تسمعون به رجل أعمال معروف ومن أهل المنطقة، ولا أذكر الآن من كان موجوداً من أصدقاء الأمير الذين كانوا والمحيطين به، فطلب رأيي في المشروع كصديق له فكنت أول المترددين أو الخائفين من المشروع، وقلت لسمو الأمير لأني لم أكن أعرف مستوى التطلعات أو الطموحات التي في ذهنه، إن إصدار صحيفة يومية ليس بالأمر السهل، إصدار صحيفة يومية يحتاج إلى إمكانات هائلة جداً خصوصاً من منطقة بِكر مثل منطقة عسير، ولكن أقترح عليك أنك تعمل مجلة أسبوعية، بل أنصح أن تكون شهرية ويكون موضوعها الأساسي الذي تتحدث عنه السياحة بالدرجة الأولى، لأنك تريد أن يكون هناك مطبوعة تخدم هذه الفكرة في البداية، وتكلفتها لن تكون عالية واستعداداتها لن تكون عالية. أول ما سيصادفك مسألة المطابع أمرها سهل أنت تستطيع أن تتتبع مشروع مثل هذا في أي مطبعة وفي أي مكان، لا يحتاج إلا إلى تكوين جهاز إداري وعمل دراسة فنية مبدئية لتحديد الشخصية التحريرية والشخصية الفنية للمشروع والتكاليف لن تكون كبيرة حتى فيما بعد، لا أظن أن منطقة أبها ومنطقة الإصدار هي منطقة ثرية فيما يتعلق بتحقيق موارد للمشروع.. موارد إعلانية، فالتفت عليَّ الأمير خالد الفيصل وقال لي: طبعاً ليس في ذهني مشروع كهذا المشروع وسبق أني حصلت على الترخيص بإصدار مجلة، ولكني انتظرت هذه المدة كلها عشرين سنة لكي أحصل على ترخيص جريدة يومية، والجريدة التي في ذهني ليست جريدة لمنطقة عسير، جريدة للمملكة العربية السعودية، تصدر من عسير نعم، ولكنها لا تخص منطقة عسير، فهي لن تكون إقليمية ولا محلية.
وبدأنا نتكلم في هذا الموضوع، وأصدقكم القول بأنني رشحت له مجموعة من المؤسسات التي تستطيع أن تقوم بالدراسات التأسيسية لهذا المشروع مستبعداً نفسي أولاً، والشركة التي أملكها مع بعض الإخوان الآخرين، وقلت له: لا أصلح أن أقوم بمثل هذا المستوى من الدراسات لأنني صديقك بالدرجة الأولى، ولكن أقترح لك فلان وفلان لا أريد أن أسمي الآن حتى لا يحسب أني (أكسّبهم جميلة) -كما يقولون- وأنا سأكون سفيرك معهم -سأكون معك طبعاً الأمير اختار أو أصر أن نقوم نحن بالدراسات ربما للعلاقة التي تربطنا مع بعض، وربما لأنه يشعر أني أقرب من الذين سميتهم إلى فهم ماذا يريده، ومن أيسرهم إلى تناولات الأمير نفسه.
الحقيقة كان هذا تحدياً صعباً جداً، لأنه في نفس اللقاء قال الأمير خالد الفيصل ما يأتي: في المملكة الآن صحف يومية باللغة الإنجليزية وباللغة العربية، إذا كنتم تعتقدون أننا سنضع صحيفة أخرى فتصبح الصحيفة التاسعة بين الصحف التي تصدر بالعربية، فأنا أعتقد أنه ليس هذا هو المنتظر منا بعد هذه المدة الطويلة من الانتظار، فلا بد أن يُكوَّن فريق علمي للخروج بصيغة مختلفة، ليس من أجل التنافس أو من أجل سحب القراء من الصحف الأخرى أو حتى سحب المعلنين من الصحف الأخرى لا. ولكن تقديم صيغة يشعر القارئ بأن هذه المؤسسة التي انتظرها الناس طويلاً أنها تريد أن تضيف شيئاً مهما كان هذا الشيء وليكن شيئاً متواضعاً ولكن يجب أن يكون فيها شيء يحقق هذا النوع من التمييز.
شكَّلنا فريقاً علمياً يتكون من حوالي تسعة من المتخصصين في الإدارة، وفي الاقتصاد، وفي الإعلام، وفي الإعلان، وفي النواحي المختلفة لمثل هذا النوع من الصناعة. وحول هذا الفريق تكوَّن حوالي ثلاثة وأربعين باحثاً ومساعدين باحثين ومدخلي البيانات ومحللين، وبدأنا العمل على مشروع الدراسات التأسيسية للصحيفة وشملت ربما سبع دراسات، الدراسة الأولى: تتعلق بالشخصية التحريرية، الدراسة الثانية: تتعلق بالشخصية الفنية، الإدارة الصحفية الحديثة، مركز المعلومات، مركز الدراسات الاستراتيجية، دراسة تتعلق بالتسويق، تسويق الجريدة، وتسويق المساحات الإعلانية في الجريدة، إلى آخر الدراسات التي وضع لها برنامج، استمرت هذه الدراسات ربما حوالي ثمانية أو تسعة شهور، اُسْتُخدم فيها العديد من المنهجيات العلمية وتحليل المضمون، للدراسات المسحية، الدراسات الاستطباعية، عمل الفوكس قروب Focus groupالمختلفة في المدن الرئيسية في المملكة وبالذات في جدة والرياض والدمام، الالتقاء بكثير من أصحاب التجربة والخبرة في المجال الصحافي وعمل لقاءات مباشرة معهم. ثم الذهاب أو اللجوء إلى البيئات الصحافية الحديثة في العالم، ومن هذه البيئات التي زارها الفريق العلمي: فرنسا وبريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وهناك استمرت الرحلة حوالي أكثر من شهر ونصف، من شهر ونصف إلى شهرين لا أتذكر الآن بالتحديد ولكن ليس أقل من شهر ونصف ولا أكثر من شهرين.
واستطاعت مجموعة هذه المنهجيات التي استخدمت في الخروج ببنية صحفية فيها شيء من الاختلاف، خرجت إلى خلاصات متعددة ربما بعضها يكون واضحاً بشكل مباشر للقارئ، وبعضها يكون أقل وضوحاً بالنسبة للآخرين من غير المهنيين أو من غير القريبين من الميدان الصحافي، من الأشياء الواضحة جداً ربما لاحظتم حجم الصحيفة، إخراج الصحيفة، من الأشياء التي ربما تكون أقل وضوحاً بالنسبة للقارئ العادي لكنها واضحة بالنسبة للمثقفين والمهنيين، وهي طريقة الأداء في الصحيفة سواء من حيث الصياغة، أو من حيث تنوع الاهتمامات في الصحيفة، طبعاً خلال هذه المرحلة كنا نتمثل أمرين: الأمر الأول: هي طموحات الرجل الذي كان وراء هذا المشروع وهو الأمير خالد الفيصل، نسيت أن أشير إلى نقطة أنه كيف جاءت تسمية جريدة "الوطن" لأنه ربما يثار هذا السؤال بعد قليل من الحضور أنّ "الوطن" متكررة هناك "وطن" في الكويت وفي "وطن" في عُمان وهناك "الوطن" في قطر وهناك "الوطن" في الجزائر، أكثر من صحيفة تصدر باسم "الوطن".
أتذكر عندما ذهبت اللجنة التأسيسية للسلام على الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولشكره على التفضل بدعم مرحلة الترخيص قال للجنة التأسيسية أنا لا أريد أن تكون الجريدة التي ستصدر من عسير هي جريدة لعسير، لا أريدها أن تكون إقليمية، لأننا نحن لا نريد أن نكرس الإقليميات في المملكة العربية السعودية نحن وطن واحد، فواحد من الإخوان قال طبعاً نحن (طال عمرك) التطلعات التي لدينا هي أن نصدر جريدة تُعنى بشؤون المملكة العربية السعودية كلها وشؤون الوطن، فقال الأمير: حسنا نسميها "الوطن"، فمن ذلك اليوم أصبح اسمها جريدة "الوطن" وأخذنا هذا الموضوع على أساس أنه إن شاء الله يكون اختياراً مباركاً من صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد.
فهذان الموضوعان كنا نتمثلهما في أثناء إعداد الصيغة التي خرجت بها جريدة "الوطن" سواءً من حيث الإدارة الصحفية أو الشخصية التحريرية أو طريقة الأداء والأسلوب إلى آخره. وأضفنا إليها شيئاً آخر، أيضاً في محاولة أن نعدد أوجه الاختلاف عن الصحف المحلية، وهي أن تكون صحيفة من الداخل للخارج أيضاً. وهي التجربة التي قام بها الإعلام السعودي في السابق هي صحف محلية أو صحف من الخارج إلى الداخل، وهناك تجربة الشرق الأوسط والحياة. نحن قلنا نحاول أن نزاوج بين الاثنتين، بين أنها تكون صحيفة وطنية محلية لكنها أيضاً من الداخل إلى الخارج، فكان في الذهن من البداية أن تتعدد المراكز الطباعية للصحيفة، وأنتم تلاحظون اليوم نحن نصدر من المملكة العربية السعودية طبعاً لكن نصدر أيضاً من عمّان في الأردن، فنوزع في الأردن وسوريا ولبنان، ونطبع في لندن، ونوزع في كل دول أوروبا الغربية أسبانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا ودول شمال أفريقيا وكل الدول التي هناك، طبعاً نصدر أيضاً في أمريكا، ونوزع في أكثر من ثلاث عشرة ولاية أمريكية، ونحاول أن نستمر في التوسع في هذا المجال، وما دام الاستطراد يستدعي هذا وجدت الصحيفة في الحقيقة ترحيباً طيباً من الأوساط الصحفية الموجودة في الخارج وكثير من الناس، وجدنا أن الصيغة التي طرحت كانت صيغة لها نوع من التأييد لأن الذين في الخارج يريدون أن يعرفوا ماذا يحدث في المملكة العربية السعودية، ليس من الموضوعات المغرقة في المحلية أو التي تهم فقط المواطن السعودي، ولكن هناك اهتمامات لكثير من الشركات وكثير من رجال الأعمال وكثير من السياسيين يهمهم أن يعرفوا ماذا يدور داخل المملكة العربية السعودية، وليس صحيحاً أنه عندما يكون الموضوع محلياً صرفاً أنه ما يُقرأ في الخارج لأنه عن السعودية ليس صحيحاً، هناك كثير من الناس لهم اهتمامات بما يدور في المملكة العربية السعودية لمصالح سياسية أو مصالح اقتصادية. هذه الدراسات طبعاً أنا أقول معلومة لأنه أيضاً يثار حولها بعض اللغط، استمرت كما قلت حوالي من ثمانية إلى تسعة أشهر اشترك فيها ثلاثة وأربعون شخصاً كان من ضمنها رحلات إلى الخارج، طبعاً الكلام الذي يتردد عنها لا تؤاخذوني يقال: بأنها كلَّفت الملايين وأنه دُفعت ملايين، أحياناً تقال هكذا عموماً ملايين وأحياناً بعض الإخوان يتطوعون ويضعون أرقاماً، أقول رقما سمعته ربما 6 ملايين ريال كلفت الدراسات وأنا الذي وقَّعت على العقد، دخلت في "الوطن" على فكرة مقاول في البداية، لست مساهماً ولا رئيس مجلس إدارة ولا منتمي للأسرة، الدراسات من فوق هذا المنبر كلفت مليون ومائة وثمانين ألف ريال فقط لا غير، فأرجو أن يُحْتَفظ بهذا الرقم لو سمعتم الستة والثمانية والعشرة ملايين في التهويل حول الصرف الذي تكبدته المؤسسة فهو ليس صحيحاً، هذا الكلام أقوله على مسئوليتي، طبعاً وهناك ناس ربما يصححون لي ربما كانت لديهم معلومات أكثر من ذلك.
وعندما تحسبها بيني وبينك شهر ونصف فريق علمي يتكون من ثلاثة وأربعين شخصاً يدورون البلدان هذه كلها داخل ضمن تكاليف الدراسة، وثلاثة وأربعين شخصاً يعملون.. أقلهم اشتغل ثلاثة شهور.. بعضهم اشتغل كل الثمانية شهور مدة الدراسة.. والمصروفات، أعتقد مليون ومائة وثمانين ربما صُرف منها ثمانون في المائة، لا أقول لكم لم تربح الشركة، ربحت.. ولكن ليس أكثر من خمسة عشر إلى عشرين في المائة فقط على أساس هذا أسمع كثيراً عن موضوع مصروفات المؤسسة، وأكيد لديكم بعض الاستفسارات سنقولها بعد قليل.
الحقيقة المرحلة هذه ربما كانت المرحلة الأكثر صعوبة، أكثر صعوبة من مرحلتها السابقة، لكن المرحلة التي كانت أصعب قليلاً هي مرحلة الإنجاز، الأمر النظري شيء، أنك تكتب دراسات وتكتب نظريات وتكتب أفكار شيء، لكن عندما تطبقها شيء آخر، وأنا أقول دائماً لأصدقائي أنا أعتبر تجربتي في جريدة "الوطن" تجربة مريرة جداً، لكنها لذيذة جداً في نفس الوقت، وكثير من التوقعات التي كانت في الذهن يعني ربما خمسين في المائة كان صحيحاً منها لكن الخمسين في المائة الأخرى كانت مفاجئة بالنسبة لنا وبالنسبة لي شخصياً، ربما لأن لأول مرة أشترك في تأسيس صحيفة من البداية، فكنا نعتقد أن بعض الأمور سهلة لكننا اكتشفنا أنها صعبة وكنا نعتقد أن بعض الأمور ربما تكون صعبة لكننا اكتشفنا أنها سهلة، فكثير من الحسابات.. أو التوقعات بالأحرى فاجأتنا،... ومن ذلك على سبيل المثال موعد الإصدار كنا نتوقع أن نصدر بعد انتهاء الدراسة بخمسة أو ستة شهور، لكن فوجئنا بأن هذه التقديرات غير صحيحة، فاستمرت بعد الدراسة لأكثر من سنة، وربما تأجل الصدور مرة أو مرتين،.. أقلها توريد المعدات التي كانت لازمة للجريدة، بعضها صُنِّع تصنيعاً، بعضها يستحق فترة تصنيع إلى سنة وشهرين أو ثلاثة شهور من أجل الإنجاز فقط، قبل أن تُوَرَّدَ.
في الحقيقة لا أريد أن أدخل في هذه التفاصيل ولكن تأتينا المرحلة الأكثر صعوبة من سابقتها وهي مرحلة التطبيق أو الإنجاز، وهذه نقسمها إلى عدة أقسام منها: أول تحدي هو جمع المال اللازم، عندما وُضعت هذه الدراسات هي وضعت في الصحيفة فعلاً تستطيع أن تأخذ مكاناً ملائماً لها بين زميلاتها ورصيفاتها الصحف الأخرى، تُنشأ هذه الصحيفة في منطقة بكر، مثل مدينة أبها، لا يوجد فيها المبنى الذي يستطيع أن يستوعب مثل هذا المشروع، هذا ليس انتقاصاً من مدينة أبها لكن تعرفون أبها ليست جدة وليست الرياض.
توجد أيضاً تجربة صحيفة يومية بتطلعات إخراجية وفنية لا تتلاءم معها أكثر التقنيات الموجودة في الساحة الصحافية، وربما لاحظتم أن كثيراً من المؤسسات الصحافية اليوم حدَّثت كل إمكانياتها التقنية والطباعية بملايين الريالات، أنا أعرف إحدى المؤسسات صرفت إلى اليوم حوالي ستة وثمانين مليون ريال للمطبعة الجديدة التي استوردتها، لأنه من ضرورات الصحيفة اليومية أن تطور إمكاناتها التقنية والمادية، لم يكن هناك أي خيار آخر بأن نطبع الوطن في ماكينات صحيفة أخرى مثلاً، لأن بعض الإخوان يؤاخذنا فيقول أنتم صرفتم أكثر الفلوس في شراء معدات وتجهيزات، ربما لم يكن لها لزوم، ولكن حتى عندما قمنا بالدراسة الميدانية للإمكانات الموجودة في المملكة.. أولاً لا يُوجد مطبعة تستطيع أن تطبع الصحيفة اليومية إلا مطابع المؤسسات الصحفية نفسها، لأن هناك مطابع "ويب" وهناك مطابع "الشيت" التي لا تطبع إلا المجلات الأسبوعية، ولهذا كان اقتراحي للأمير عندما قلت له اعملها مجلة على أساس ألا يشتري لا مطابع ولا يشتري تقنيات، لأنها موجودة.. بكل سهولة، لكن مطابع صحيفة لا توجد إلا في المؤسسات الصحافية، المؤسسات الصحافية المكائن الموجودة عندها أكبر مؤسسة صحافية يمكن أن تكون (capacity) القدرة الإنتاجية للمطبعة من عشرين إلى خمس وعشرين ألف نسخة في الساعة، هذا إذا اشتغلت بشكل طبيعي طبعاً، هذه السرعة الموجودة من بلدها، لكن على الواقع العملي هي من خمسة عشر إلى ثمانية عشر ألف نسخة في الساعة، فإذا افترضنا أننا سنطبع عند صحيفة أخرى، أول ما ستبدأ الصحيفة تطبع جريدتها هي في الأول، فإذا أخذت الساعات الأولى أو الساعات الحساسة ساعات الذروة من إصدار الصحيفة، لا أستطيع أن أطبع فيما بعد، لأنني مرتبط برحلات طيران يجب أن تذهب للخطوط العربية السعودية كلها، أنا مرتبط بحركة توزيع يومي وأنتم تعرفون لو يتعطل عدد واحد عن الوصول إلى المدينة في الوقت الملائم هذا يخسرك مجموعة قراء، شريحة كبيرة من القراء ويفقدك ثقة المعلنين، ولهذا إن المجلة الأسبوعية إن لم تجدها اليوم تأخذها غداً ليس لديك مشكلة فيها إطلاقاً، لكن الجريدة اليومية إذا لم تأخذها في نفس اليوم وقبل صلاة الظهر تكون مشكلة كبيرة جداً.
هذا النوع من التحدي عدم إمكانية طبع الصحيفة في أي مكان آخر إلا أن يكون لها مطبعتها الخاصة خصوصاً أنه ليس هناك شركات طباعية، في الغرب هناك شركات طباعية، تطبع أكثر من صحيفة لكن هذه الشركات لديها أكثر من خط إنتاج، خط ينتج صحيفة صحيفتين وخط ينتج... إلى آخره، لكن هنا ليس سوى خط إنتاج واحد في المؤسسات الصحافية على الأقل في وضعها السابق، فكان هذا أول تحدي وهو جمع المال اللازم لعمل التجهيزات كاملة للصحيفة، لا تستطيع أن تستغني ولا عن أي شيء ابتداءً من جهاز الكمبيوتر البسيط، النقطة الأخرى أنك مادمت ستصرف هذه الفلوس أو هذه الملايين في تجهيزات وهذا لا يمثل فرقاً كبيراً في السعر، فالأفضل لك أن تبدأ من حيث ما انتهى الآخرون، لأنه لو صرفت الآن في أشياء متوسطة التقدم في التقنية أنت ستضطر بعد خمس أو ست سنين تصرف مصاريف أخرى ربما تكلفك تكاليف إضافية، فوُضِع في المنهج أنه لا بد أن نأخذ آخر ما توصلت إليه الطباعة، نضمن لمدة خمسين سنة.. عشرين سنة.. ثلاثين سنة، حتى لو حصل هناك تغييرات ستكون تغييرات تشمل الإكسسوارات بالدرجة الأولى أكثر من الأشياء الأساسية عملية تحقيق أو تطبيق التصورات الموجودة في الدراسات كانت تستدعي مثل هذا التحدي الذي هو التحدي المادي بالدرجة الأولى. الظروف المحيطة بمنطقة الإصدار والظروف المحيطة بالصناعة الصحافية في المملكة كانت تتطلب أن توفر كل هذه الإمكانيات وإلا لا إصدار أساساً، لن يكون هناك إصدار للصحيفة، بأي مواصفة كانت.
 
الحقيقة أن الحماس في بداية الموضوع، أريد أن أقول نقطة مهمة، هذه الصناعة التي نحن بصدد الحديث عنها اكتشفنا في مرحلة من المراحل أنها صناعة محاطة بكثير من المخاطر ولا سيما عند البنوك وأصحاب المال، وأحسسنا بهذا عند المساهمين أيضاً على أنهم تحمسوا للفكرة ومثل ما قال الأستاذ عبد المقصود خوجة عندما طرحت عليهم التصورات التابعة للصحيفة كان هناك ناس ربما يساهمون بمقدار قليل لكنهم ساهموا بمقدار أكثر، لكن في ناس أيضاً على فكرة ساهموا بمقدار أقل مما قيل، لأنّ هنالك اعتقاد ويمكن هذا الاعتقاد له شرعية وله جانب كبير من الصحة وهو أن الصناعة الصحافية صناعة محاطة بكثير من المخاطر، فالذي يريد أن يحافظ على رأس ماله ويستثمر لمجرد الاستثمار يتردد كثيراً قبل أن يستثمر في هذا المجال، لكن يمكن وجود الأمير خالد الفيصل على رأس المشروع من جهة، ونوعية الدراسات والتصورات التي قدمت للمساهمين الذين حضروا اللقاء الأول لتكوين الجمعية العمومية، ساعد كثيراً في أن تكون الاستكتاب نسبته طيبة، وأتذكر أنه استكتب في نفس الليلة بمائة وسبعة وأربعين مليون ريال، لكن الواقع الفعلي الذي حدث أن المائة وسبعة وأربعين مليون تحولت إلى حوالي سبعين مليون ريال فقط، بعضهم انسحب لعدم إيمانه بالمشروع، بعضهم انسحب لأنه يمكن فلوسه استغلت في أنواع تجارية أخرى، منهم واحد أمامي منهم على فكرة لن أقول اسمه، وبعضهم ربما لأنه عندما سمع ضرب الملايين اللي بخمسة ملايين واللي بثلاثة ملايين استحى طبعاً وقال أنا أيضاً بخمسة ملايين أو ثلاثة ملايين ولكن عندما جاء عدّ الفلوس صارت الثلاثة ملايين خمسمائة ألف، وأحياناً صارت مليوناً.. واحداً فطبعاً كنا نؤمل أملاً كبيراً على البنوك لكن كانت هناك ظروف كثيرة أحاطت بالمشروع من ضمنها ربما أن سياسات بعض البنوك، وقيلت لنا من بعض البنوك صراحة مثل البنك السعودي الأمريكي قال لنا بصراحة أنا في سيتي بنك في أمريكا الذي هو الشريك الأساسي وفي الرياض من ضمن السياسات لا نناقشها أساساً هو الاستثمار أو دعم أو إقراض أو عمل تسهيلات لمشاريع محاطة بالمخاطر، ومن ضمن القائمة المشروعات الصحافية، فأساساً من سياسة البنك أن لا يبحث الموضوع بغض النظر عن الجدوى الاقتصادية بغض النظر عن نجاح المشروع أو غيره.
 
فكانت طبعاً المرحلة الأخرى هي أن نحضر قائمة أخرى بدلاً عن الأخوة الذين اعتذروا، وفعلاً هذه من المواقف المشرفة للأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية ورئيس المجلس الأعلى للإعلام أنه كان دائماً متجاوباً معنا في كل القوائم التي نقدمها له، لأنه يعرف أن المشروع يحتاج إلى دعم مالي حقيقي، فقُدمت القائمة الثانية وقدمت القائمة الثالثة وكان دائماً يوافق عليها على أساس أن يحقق لهذا المشروع الدعم الحقيقي المطلوب لمثل هذا المشروع، نفس الشيء القائمة الثانية والقائمة الثالثة تعرضت لنفس المشكلات بعضهم انسحب وبعضهم دفع نصف المبلغ.
كانت المرحلة الثالثة لمحاولة تلافي العجز الموجود الذي كانت تواجهه الصحيفة خلال التأسيس هو أنه لا زال التصور الموضوع للمشروع وهو في حدود حوالي مائتين وخمسين مليون ريال، لم نصل إلى هذا الرقم فُوضع زيادة في رأس مال الشركة بإضافة خمسة وعشرين في المائة من كل مساهم، بعض الإخوان كانت ظروفه تسمح فزاد، بعضهم كانت ظروفه لا تسمح فاعتذر، بعضهم يمكن قلَّ إيمانه بالمشروع أيضاً وقال الذي جاءكم يكفيكم لن أدفع أكثر أنا أعرف أن هذا أيضاً مما يدور في المجالس حالياً، ونحن ليس عندنا شيء نغطيه، نحن مؤمنون أنه ما دمنا نقول أننا صحيفة حديثة ولنا تصورات حديثة ولنا فكر جديد وحديث أن يكون أيضاً عندنا قدر من الشفافية في بعض الأمور لأني أعتقد أنها ليست سراً، دُفع من المشروع حوالي مائة وسبعة وتسعين مليون ريال، معناها أن يكون هنالك حوالي ثلاثة وخمسين مليون ريال عجز أصلاً في رأس المال، هذا يجب أن تغطيه بأي طريقة، إما مرةً أخرى من المساهمين، أو تحاول مع بعض البنوك بعد أن بدأ يكون لك تاريخ مالي، أصبح لنا الآن تاريخ مالي عند بعض البنوك من خلال المبيعات سواء مبيعات الجريدة أو من خلال الإعلانات الموجودة في الجريدة، فيمكن هذا يعزز أو يقلل حجم المخاطر التي كانت تخاف منها البنوك في بداية التأسيس، ونحن الآن في سبيل تلافي مثل هذا الموضوع، لكن هذا الموضوع شيء طبيعي يمكن بعضكم من رجال الأعمال يعرف أن أي مشروع لا يمكن أن يقوم كله على فلوس (cash) لا بد أن يكون هناك نوع من الاقتراض، ليس هناك رجل أعمال أو شركة ترونها من الشركات إلا وفي جانب منها مقترض كتمويل من بنوك، بعضهم بنسبة ثلاثين في المائة بعضهم خمسين في المائة، بعضهم أكثر من خمسين في المائة تمويل.
ربما من حسنات مشروع جريدة "الوطن" أنها لم تتحمل المؤسسة ديوناً أو قروضاً كبيرة بحيث تدفع عليها فوائد كبيرة وإلى آخره، بل بالعكس المشروع ربما يضمن له شيء من الأمان أن ثمانين في المائة من قيمته دُفعت كلها، فإذا كان هناك مجال للاقتراض فهي عشرون في المائة، وهذا على فكرة يزيد من فرص نجاح المشروع اقتصادياً، فرُبَّ ضارة نافعة كما يقال، صحيح أننا تعبنا ولكن يمكن هذا في مصلحة المساهمين، طبعاً أريد أن أقول أيضاً أنه على قدر ما واجهنا صعوبات على قدر ما واجهنا أشياء أيضاً خدمتنا بكل صدق وأمانة، ربما من حسن طالع هذه الصحيفة أنها وجدت كثيراً من المؤازرة، أنا لا أقول هذا الكلام لمجرد أن المناسبة تستدعي أن أقول هذا؛ لكن أقوله لأنه كانت فعلاً عناصر مهمة في دعم المؤسسة، وهو الدعم الحقيقي الذي وُجد من الدولة، وأشياء أكيد سمعتم عنها وعرفتوها، أول شيء الأمير سلطان بن عبد العزيز قدَّم أرض للمؤسسة قدرت قيمتها بحوالي عشرين مليون ريال، أربعين ألف متر مربع على أهم شارع في أبها الذي هو شارع المطار، ربما شاهدتم الأرض التي أقيم المشروع على جزء منها، والجزء الآخر لا زال موجوداً إلى الآن، وقُدرت عقارياً من المكاتب من أجل أن تدخل في رأس مال المؤسسة بحوالي عشرين مليون ريال، الأمير عبد الله بن عبد العزيز قدَّم أيضاً أرضاً في مدينة أبها للاستثمار، ليست قريبة من هذه الأرض وإنما في نفس مدينة أبها قُدرت قيمتها أيضاً بحوالي عشرة ملايين ريال، إلى جانب الدعم الذي أتحدث عنه بالنسبة للأمير نايف بن عبد العزيز.
أيضاً كان من حُسن الصُّدف لهذه الصحيفة أن الذي وضع حجر الأساس في أبها الأمير عبد الله بن عبد العزيز، ومن افتتح المركز الطباعي الأمير سلطان بن عبد العزيز، الذي رعى العدد الأول وإصدار العدد الأول الأمير نايف بن عبد العزيز وإن كانت ظروفه حالت أن يحضر شخصياً فأناب عنه الأمير خالد الفيصل. كل هذه الأشياء كانت من الأمور على قدر ما وجدنا صعوبات ومشكلات على قدر ما وجدنا بعض العزاء في المؤازرة التي وجدناها من جانب الدولة. طبعاً أعرف أنه أثيرت مسألة أن المؤسسة صحيح ربما بعضكم يقول طيب أنتم صرفتم على المعدات الطباعية والمعدات التقنية لأنه لا حل آخر، لكن كيف توظفون أناساً لمدة سنة وبعضهم يقولون سنتين وتصرفون عليهم رواتب شهرية ورواتب عالية جداً والصحيفة لم تصدر بعد؟. بل بعض الأخوان جزاهم الله خيراً ذهب إلى أننا استكتبنا كتَّابا.. الآن محرر (آخذه من صحيفته) وأحضره عندي من واجبي أن أدفع له مرتبا، لن أقول لك سوف أجلسه عندي ولن أدفع له مرتباً. لكن كاتب استكتبه يكتب عندي والصحيفة لم تصدر بعد تجلس سنة مثلاً ما صدرت أصرف له راتبا من الآن، طبعاً هذا شيء أصلاً لا يدخل العقل!! فأولاً أريد أن أوضح أن الكلام الذي يقال غير صحيح من حيث التوظيف لم يكن هناك موظفون في مؤسسة عسير إلا دور واحد يتكون من حوالي أربع غرف كان يعمل فيها فهد الحارثي، عبد الله أبو ملحة وقينان الغامدي وبعض السكرتارية وبعض المهندسين الذين لهم علاقة بالمبنى، المبنى يحتاج إلى إشراف ومحاسب أو محاسبين فقط لا غير، لم يبدأ التوظيف في الصف الأول الذين هم نواب رئيس التحرير يمكن بعضهم موجودون معنا في القاعة، إلا قبل الإصدار بحوالي خمسة أو ستة شهور لأن هذه كفاءات بجب أن تستقطبها قبل الإصدار، ويجب أن يساهموا معك في عمل البنية الأولى، البنية الأولى للجريدة، الجريدة يومية سوف تصدر بعد ستة شهور، كثير من المحررين سبعون في المائة يمكن لم يوظفوا إلا قبل الإصدار بشهر ونصف أو شهرين، والسبب أننا كنا نعمل أعداد تجريبية للجريدة وللصيغة التي اخترناها وللمطبعة نفسها دون أن تخرج إلى خارج المؤسسة.
كنا نصدر ولمدة شهر إصداراً يومياً أنا ومعي هنا الدكتور حسن السريحي، والأخ رفقي الطيب ومجموعة من الزملاء الذين كانوا معنا، كنا نصدر عدداً يومياً وكأنه يصدر للسوق وهو لا يخرج للسوق بكميات قليلة طبعاً، نوع من التدريب ونوع من تجربة المكائن وإلى آخره. سبعون في المائة من منسوبي الصحيفة لم يتعينوا إلا في الشهر الأخير الذي سبق الإصدار فقط، مسألة كبر الرواتب طبعاً أنا أرجع إلى أشياء بعضكم يعرفها طبعاً، وهي أن نائب رئيس تحرير في جريدة "الوطن" أقل مرتباً من نائب رئيس تحرير في الصحف الأولى الصف الأول، نحن نزلنا على أساس أن ننافس صحف الصف الأول بصراحة... فراتب نائب رئيس تحرير أقل وراتب رئيس التحرير أقل...
 
أسامه السباعي: لي تعليق عليها...
 
الدكتور فهد العرابي الحارثي: طيب علِّق عليها بعد قليل، الأرقام موجودة والكشوف موجودة.
أحد الحضور: سَمِّ صحف الصف الأول؟
 
الدكتور فهد العرابي الحارثي: عندما أقول صحف الصف الأول في ذهني أقولها بكل اعتزاز هن رصيفات لنا ونعتقد أنها أضافت إضافات ممتازة إلى الوسط الصحافي، وهي جريدة (عكاظ) وجريدة (الرياض) على سبيل المثال، و (الشرق الأوسط) من الخارج و (الحياة)، و (المدينة) إلى حد كبير، (المدينة) و (الجزيرة) مرت عليهما مراحل صعود وهبوط ولظروف ليست بأيديهم، لكن ربما لديهم مشكلات داخلية أو إلى آخره، ليس هذا حديثنا على كل حال، نحن نكن الكثير من الاحترام والتقدير لكل الرصيفات الأخريات، لكن فيما يتعلق بهذا الموضوع أنا مستعد حتى لو اضطرني الأستاذ أسامة السباعي أن أقول أرقام رواتب رئيس التحرير، صحيفة من الصحف كتبت قبل يومين أن راتب رئيس التحرير سبعون ألف ريال، هذا الكلام غير صحيح ولا حتى بمميزاته، صحيفة من الصحف الثانية قالوا أنهم يعطون نواب رئيس التحرير خمسة وثلاثين ألف أو ثلاثين ألفاً هذا الكلام أيضاً غير صحيح، وعندي نواب رئيس التحرير موجودون الآن إذا قلت غير الأرقام التي يأخذونها بإمكانهم يصححوني، على كل حال هذه من الأشياء التي كنت دوماً حريصاً أن أوضحها أيضاً.
هذه المرحلة كانت مرحلة عصيبة ونحن ما زلنا الآن نعاني منها إلى اليوم، وهي مسألة العجز الذي ظهر عندنا في رأس مال المؤسسة، طبعاً عدا حشد الإمكانيات المادية، التي خرج فيها الجانب النظري للمشروع وهو الدراسات كان لا بد أن يواكب هذا استعداد، إعداد كوادر بشرية، فكان من ضمن المناهج التي استخدمتها المؤسسة هو "التدريب" التدريب في بيئات التقنية، والتدريب في بيئات الصحافة الحديثة، التي شملت أمريكا أيضاً وبريطانيا على وجه الخصوص في مجال التدريب، دُرِّب رئيس التحرير ودُرِّب نواب رئيس التحرير ودُرِّب المدير العام نفسه الأستاذ عبد الله أبو ملحة، لم تكن تكفينا تجربة كل واحد فيهم له تجربة ثرية، في الجانب الإداري أو في الجانب التحريري، لكن في مواكبة التصورات التي كانت موجودة والتطلعات كان لا بد أن يمروا بهذا التدريب، ولم تكن تكلفته كبيرة إطلاقاً يعني رُصد للتدريب في المؤسسة حوالي أربعة ملايين ريال، هذه الأرقام أقولها وأنا مرتاح وأعرف أنه يقال حولها أرقاما مهولة، أربعة ملايين ريال لم يصرف منها خمسين في المائة، أي أقل من مليوني ريال.
لمّا صدرت الصحيفة كنا وما زلنا في المرحلة الحالية، وسميتها التحدي الرابع وهو تحدي الصمود والاستمرار، وهذه من أشرس مراحل التحدي التي مرت علينا ولن أطيل فيها الكلام، لأنكم شاهدتموه وعرفتموه، صحيفتنا وجدت ترحيباً طيباً من أكثر الأوساط، هناك من استحسن الكثير من أفكارها، وهناك من لم يستحسن العديد من الأفكار التي خرجت بها سواء من ناحية الأداء الفني فيها أو الأداء التحريري والمسؤولية المجتمعية والوطنية التي خرجت بها الجريدة، نحن وضعنا في السوق وضع جيد ومبشّر، صحيح أنكم ربما تلاحظون أنه ما في إعلانات كثيرة، ربما أحدكم يسألني بعد قليل عن الإعلانات، ربما لا ترون إعلانات بحجم الإعلانات الموجودة في الصحف الأخرى، وهذا يعود لأسباب واضحة بالنسبة لنا.
أولها وأسهلها: أن الصحف التي ننافسها على الإعلان هي ثلاث أو أربع صحف لها ثلاثون سنة في السوق وبعضها لها أربعون سنة في السوق قبلنا.
ثانياً: بكل صدق نحن حرصنا أن يكون لنا موقع مميز في مجال الإعلان بالدرجة الأولى وأن نحافظ على شخصية تليق بهذا المشروع، أولاً أن يكون السعر مناسباً وملائماً للإمكانيات التي تتوفر في الصحيفة ولا تتوفر في غيرها، إمكانيات تقنية على وجه الخصوص والطباعية، والشيء الآخر أن لا ندخل في نخاسة سوق الإعلان، أنا رأيت الأستاذ محمد الفال قبل قليل عندنا هنا وهو يدرك هذا الموضوع تمام الإدراك، فحاولنا أن يكون لنا نصيب منها.
الآن أصبحوا أكثر منا قليلاً، وهذا أيضاً عائق بالنسبة للمعلن، وهناك عائق آخر وهو أنه يحصل على حسومات كبيرة.. أنا لا أستطيع أن أقول كلاماً، ومعي في المجال رؤساء تحرير سابقين وأناس مسؤولون في مجالات الإعلان، بعض الصحف تعطي إلى 70٪ تخفيض في الإعلان، وبعضها 60٪ وبعضها 50٪ وبعضها 40٪، وللأمانة والصدق لأني أقول هذا الكلام أكيد في الصحف كلهم، ربما الجريدة الوحيدة المتقيدة بالأسعار وبنوع التخفيضات وباحترام قواعد السوق هي جريدة الشرق الأوسط، أنا لا أقول هذا تفضيلاً وانحيازاً لها، لكن هذه حقيقة ليتنا كلنا في المؤسسات الصحفية نحاول أن نمشي بنفس الطريقة، لما فيه مصلحة سوق الإعلان نفسه، هذه من الأشياء التي الآن تواجهنا في جريدة "الوطن" أنهم الحقيقة بعض المعلنين يريد وهذا حق من حقوقه أن يلوي ذراع الجريدة قليلاً حتى تعطي تخفيضات أكثر أو تنـزِّل في السعر أكثر، نحن نحاول أن نقنعهم ونقول لهم أنه ترى مهما كان الأمر أنت لن تستطيع في يوم من الأيام أن تغفل من ميزانيتك الإعلانية صحيفة بمستوى جريدة "الوطن" لا بد أن تعطيها نصيبها وأن ما يأتينا منها خير وبركة. طبعاً فإذا لاحظتم بعض المساحات القليلة تساوي مساحات كبيرة في بعض الصحف الأخرى من حيث الدخل، ولا بأس أن أقول أن نصف صفحة في "الوطن" أحياناً بقيمة صفحة أو صفحة ونصف في صحف أخرى، بعد التخفيضات وبعد السعر.
وضعنا الإعلاني طيب ونطمح أن يكون أفضل، هناك مؤسسات صحفية باعت في السنة الماضية -والسوق غني وثري- باعت بحدود مائة وسبعين مليون ريال مبيعات إعلان، نحن لا نريد بعد سنتين إلا أن نأخذ 50٪، نبيع 50٪ من هؤلاء مثلاً، لسنا متهورين كثيراً، وربما بعد أربع أو خمس سنين نريد أن نصبح مثلهم، نحن لا نشعر بأننا أفضل من الآخرين وأننا سنأخذ السوق لا بالعكس هؤلاء رصفاء وأصدقاء وزملاء لنا وموجودون في السوق قبلنا وبالتأكيد أنهم متمكنون من زبائنهم، لكن نحن نريد أن نجد لنا مكاناً بينهم.
في الحقيقة أريد أن أترك الجانب التحريري للأستاذ قينان الغامدي، وفي هذا المقام أود أن أحييه وأحيي زملاءه في التحرير، لأنهم استطاعوا بكل صدق وأمانة أن يكونوا أوفياء للدراسات التي وضعت لهذه الجريدة، لأنهم لو خرجوا عن الدراسات للانطباعات الشخصية ربما رأينا صيغاً مختلفة عن الصيغة التي ظهرت بها، ومن جهة أخرى، أنهم أضافوا إلى الجانب الجاد في هذه الدراسات إبداعهم الشخصي، فأنا شديد الاعتزاز بأن يكون في هذه الصحيفة شخص مثل الأخ قينان في تجربته الثرية الذي استطاع بصراحة أن ينميها تنمية كبيرة جداً، أنا من خلال إحساسي وقربي له في عمله في الصحيفة، وزملاؤه الذين فاجئونا لو أقول لكم عندنا نائبا رئيس تحرير لم يشتغلا صحافة على الإطلاق، وأول تجربة لهما كانت في جريدة "الوطن" وجريدة يومية، لم يعملا في الصحافة قبل ذلك على الإطلاق وهم الآن المساعدان الرئيسيان لقينان الغامدي في الصيغة التي ترونها، الأول منهم الأستاذ الدكتور عثمان الصيني، والثاني الأستاذ الدكتور سعد بن مالك، أحدهما متخصص في اللغة العربية والآخر متخصص في الاقتصاد، ولكنهم بالتدريب الذي مرا فيه بنوعية استيعابهما لصيغة الصحيفة الجديدة استطاعا أن يؤكدا بأنه يمكن أن تخلق كوادر صحفية جديدة ليس من الضروري أن يكون لها تاريخ طويل، على العكس ربما بعض الناس الذين لهم تاريخ طويل، بعضهم ربما اكتشفنا إما أنه لم يستطع أن يتواءم معنا نحن في صيغتنا التي نطرحها، أو نحن لم نستطع أن نتواءم معه، أو أن تراثه القديم لم يستطع أن يطوره بالشكل الملائم، وهذا ربما نتكلم عنه بعد قليل إذا أثير الموضوع، لماذا هناك أناس خرجوا من مؤسسة عسير؟ لأني أعرف أن هناك كلام كثير عن الذين خرجوا من مؤسسة عسير، ولكن سأرجئ هذا إلى ما بعد قليل حتى لا أطيل أكثر.
أشكر أيضاً كل الزملاء الذين ساعدونا في المؤسسة في فترة التأسيس، الدكتور حسن السريحي موجود معنا الآن وهو الذي أنشأ مركز المعلومات في الصحيفة مع فريق عمل هو الذي اختاره، هو الذي اشتغله، وهو الآن عاد إلى جامعة الملك عبد العزيز بعد إعارته من الجامعة، هناك أصدقاء كثيرون ساعدونا ومدوا أيديهم لنا بعضهم بقي معنا وبعضهم تركنا لأن مهمته التي جاء من أجلها انتهت، أشكرهم كلهم سواء الذين بقوا في المؤسسة أو الذين غادرونا والذين لا زالت قلوبهم معنا ونرجو أن تظل قلوبهم معنا.
مرة أخرى شكراً للأستاذ عبد المقصود خوجه، شكراً لكم ولإنصاتكم لا أدري ربما تكون هناك بعض الأشياء لم أغطِّها، فأنا مستعد بعد قليل أنا وزميلي للإجابة على استفساراتكم، شكراً.
 
عريف الحفل: نشكر سعادة الدكتور فهد العرابي الحارثي، رئيس مجلس إدارة مؤسسة عسير للصحافة والنشر، ونرجو من الأساتذة الأفاضل قفل الهواتف الجوالة لأنها تشوش على التسجيل.
الآن أترك المجال لسعادة الأستاذ قينان الغامدي رئيس تحرير جريدة "الوطن".
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1487  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 4 من 85
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.