شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الدكتور عبد الله مناع ))
أسعد الله مساءكم بكل خير، يسعدني حقيقة أن أشارك في الاحتفاء والاحتفال بنجم من نجوم الصحافة العربية بلا جدال، وقلمٍ بارعٍ من أقلامه، وقلمٍ كان وما يزال سيد نفسه، الأستاذ سليم نصّار ظهر أول ما ظهر بالنسبة لي شخصياً من خلال المجلات الأسبوعية، وكان لبنان صاحب ريادة في صناعة المجلة الأسبوعية، وإذا كان التاريخ يقول بأن الصحافة العربية ولدت في موقعين وفي عاصمتين هما بيروت والقاهرة على التوالي، قد يكون القاهرة أولاً بأيامٍ قليلة بشهورٍ قليلة، وقد تكون بيروت أولاً بشهور أو أيام قليلة، فالذين يعرفون هذا التاريخ يعرفون أن حديقة الأخيار هي أول صحيفة لبنانية ظهرت في منتصف القرن التاسع عشر في حوالي 1858م وهو نفس التاريخ الذي صدرت فيه الأهرام أو تقريباً، فالصحافة العربية ولدت في موقعين، أول ولادة لها كانت في هذين الموقعين في مصر وفي لبنان، لكن صحافة المجلات رغم أنها ربما بشكل أو بآخر بدأت في مصر من خلال مجلة "روز اليوسف" ومن خلال مجلات سبقتها "الهلال" والعديد من المجلات لكن الحقيقة المجلة الأسبوعية الحديثة لغة وشكلاً وطرحاً إنما كانت الريادة فيها للبنان، ولذلك كنت أقول أن الصحافة اليومية مصرية وأن الصحافة الأسبوعية لبنانية.
الأستاذ سليم نصار تعرفت على قلمه من خلال مجلة "الحوادث" وقد كنا صغاراً ولا نريد أن نكبّره الآن، لكن كنا نقرأ للأستاذ سليم نصار ونستمتع بما يكتب، وعندما دارت الأيام وأصبحتُ رئيساً لتحرير مجلة "إقرأ" كان أحد اتجاهاتي أن أستكتب عدداً من الأقلام العربية، من الأقلام التي كنت أعتقد وما زلت أعتقد أنها أقلام بارزة من أمثال الأستاذ سليم نصّار، من أمثال الأستاذ الدكتور يوسف إدريس، من أمثال الأستاذ المحامي المصري وصاحب رئاسة حقوق الإنسان في مصر، الأستاذ وزير الإرشاد القومي المصري السابق.
حاولت أستكتب عدداً من الكتاب في مجلة "إقرأ" وكان من بينهم الأستاذ سليم نصّار، واتصلت به واتفقنا، وكتب عدداً من المقالات ثم توقف، التوقف كان بأسباب خاصة جداً (الفكة ما كانت مناسبة) إحنا ما كنا نقدم "فكة" مناسبة، كنا نقدم "فكة" متواضعة، فتوقف، لكن لم تتوقف صلتي به ولا محبتي له، ولا اتصالاته بي، ولا اتصالاتي به، وأذكر مرة إذا كنت استعنت به قلماً في مجلة "إقرأ" فقد استعرت إحدى قصصه وهو يكتب مقالاً عن العلاقات اللبنانية الإسرائيلية في أزمتها، وقد ذكر في هذا المقال وأسترجع القفشة التي كتبها واستعرتها أنا، كان ذلك في عهد رئاسة الرئيس الأمريكي الأسبق، رونالد ريغان الذي ذهب لزيارته وفد لبناني، يبحث في أزمة الخلاف مع إسرائيل والاحتلال الإسرائيلي، فخرج الرئيس ريغان عن موضوع القضية السياسية إلى قضية أخرى تجارية، فسأل عن شطارة اليهود وشطارة اللبنانيين أيهم أشطر، باعتبار أن هناك مقولة نكررها دائماً أن التجارة هي أحد شاطر وأن التاجر السوري تاجر شاطر، ويمكن في سنوات الوحدة ذكر هذا الكلام، وكانت أحد الأزمات، لكن سأل هذا السؤال الرئيس رونالد ريغان فتولى الرد عليه أحدهم من خلال القصة التالية:
قصة جميلة كانت الحقيقة، قال أن هناك أحد جنود الاحتلال الإسرائيلي أراد أن يضحك على تاجر لبناني، فقال له هناك مجموعة من (السنتيانات) بسعر جميل وسعر مناسب ويمكن جلبها إلى لبنان لبيعها، الهدف أن يضحك التاجر اليهودي على التاجر اللبناني من خلال هذا الجندي الذي والده في تل أبيب يتلقى التعليمات من ابنه الجندي، فقال اللبناني فليرسل إليَّ بعض العينات، أحضر بعض العيِّنات حتى أشوف كيف يمكن تسويقها، أرسل العينات كرتون فيه مئة... مئتين حبة، بعد أسبوع التاجر اللبناني قال لعسكري الإسرائيلي أرجوك كمان كمية أخرى، قال أوه يعني أعجبتك، قال: نعم، والحقيقة أن التاجر اليهودي في تل أبيب من خلال ابنه أراد أن يبيع أسوأ أنواع (السنتيانات) وأقدمها وأكبرها حجماً على اللبناني، فلذلك دهش عندما قال أن (السنتيانات) جيدة جداً وجميلة جداً، ومطلوب كمية أخرى فطلب من والده قال له: يا ميخائيل.. يا ميكائيل أرسل لي كمان كمية، أرسل كمية أخرى، أعطاها للتاجر اللبناني، بعد حين باعها أيضاً وقال له: كمان كمية أخرى، وهكذا، فتوقف العسكري اليهودي وسأل التاجر اللبناني قال له: يعني إيه الحكاية؟ الحقيقة هذه (استوكات) تالفة وكبيرة وأحجام كبيرة واعتقدنا أننا نحن بس يعني...، فكيف أنت تصرفها هنا؟ قال والله أبداً، أنا أقص (السنتيانة) إلى قطعتين وأبيعها كوافي يهودية لجنود الإسرائيليين في لبنان، فكان طبعاً واضح أن التاجر اللبناني كان أشطر من التاجر اليهودي، وأنا أعتقد أنه كان وما يزال أشطر من التاجر اليهودي.
الأستاذ سليم نصّار قلمه كما قلت بارع، وجميل وشديد الاستقامة وشديد النزاهة ولا يتوقف عند الخلافات بل يقفز إلى ما وراءها ويعرف أن أي خلاف عربي سوف لا يبقى أبد الدهر ولكنه يزول بعد حين.
الأستاذ سليم نصّار فاجأنا الأستاذ عبد المقصود بهذه القراءة الأدبية عن حياته، والحقيقة أنني سعدت بهذه القراءة وأضافت إليَّ الكثير من المعلومات وربما قدمت لي تفسيراً لماذا تكون كتابات الأستاذ سليم بهذه اللغة الأدبية الجميلة التي نلمح فيها أو كأنها على ضفاف الكلمة الأدبية شعراً؟ مقالات الأستاذ سليم نصَّار نلمح فيها نَفَساً أدبياً وروحاً أدبية وفكراً جميلاً إلى جانب السياسة بكل مصاعبها ومتاعبها.
سعيد بأن أشارك في الاحتفاء بالأستاذ سليم نصّار فهو كما قلت قلم من الأقلام النزيهة والنبيلة، والتي لم تنساق وراء أغراضها وأهدافها، وكانت دائماً مشرقة وكانت دائماً معبرة، وكانت دائماً محطة أيضاً من محطة التلاقي للعرب في شِد خلافاته، أتمنى للأستاذ سليم ليلة من الليالي الجميلة في جدة، وأتمنى لقلمه الاستمرار، وأتمنى أن نحظى به كاتباً مرة أخرى في مجلة (الإعلام والاتصال) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :691  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 180 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.