شكوت الهوى العذري مـن لوعة الوجـد |
وأنت أسير في التغرب والصد . |
تحل جديب الروض في عقر داره |
وتهجر معـنى الطلـح والشيـح والرنـد |
تصور زيف الحب في ليل غربة |
وتدلي بـأن سـوزان أفضـل مـن دعـد |
وهل يستـوي الضدان إن كنـت منصفـاً |
وتفضل نبع الطهر آسنه الورد |
فسوزان باعت عرضها وجمالها |
بتعليل كأسٍ في غوائلها تردي |
ودعد رعاك اللَّه صان جمالها |
وقومها الشـرع الـذي للهـدي يهـدي |
تلوم القوافي حين شق رويها |
عليك فراح الهزل يطعن في الجد |
* * * |
تقول لك الفصحى وأنت غريمها |
أنا الكوكب الـدرى لا القـدح بالزنـد |
تعال وصاحبني فلست غريبة |
أرى غربتي فيما أعاني من البعد |
أيصحبني مستشرق ومقلد |
وأنت أمين والوصي على عهدي |
أنا لغة الأحرار من يعرب الأُلى |
أصالتهم صانت كياني من المهد |
سماوية قدسية وأرومتي من |
الأوس علياها ومن ذروة ا لأزد |
ترعرعت في أم القرى يعربيةً |
وفي طيبةِ المختار حلقتُ للمجدِ |
وسرتُ بآفاقِ الجزيرةِ حرةً .. |
تألقَّ حجرُ اليمامةِ من نجدِ |
أيرمونَ بالتعقدِ لفظيْ وما درْوا |
بأني في الإبداع واسطةُ العقدِ |
أمج الدخيل الأجنبي وإن أبى |
سوى معدني زودت معنـاه مـن رفـدي |
إذا ما نبا طوعتهُ بمهارتي |
وداويتُه من عُجمة داؤها يعدي |
وإن شئتَ فاضتْ بالقديم أصالتي |
وإن شئتَ سايرتُ الجديدَ بلا حدِّ |
أنا الضادُ يا هذا كفاني زيادةً |
بأن عبابَ الذكرِ فجرتُه وحدي |
وأهديتُ منـه الـدر يغـري ذوي النُّهـى |
بمـا تحت أسراري مـن الفيـض والمـدِّ |
وسرت بعـرض الكـون شرقـاً ومغربـاً |
وأنطقت صمـتَ البكـم والطفل في المهدِ |
وأُمْهرتُ بالخلدِ احتفاءً بأمة |
رعتني في الترتيل بالحفظِ والحمدِ |
وتمشي لغاتُ العالمين قصيرةً |
ورائي لما أُخفي مـن الفضـلِ أو أبـدي |
وساميةٌ سبّاقةُ العهد والخطى |
فما لغةٌ في الأرض إلا أتتْ بعدي |
رويدَك يا ابن العُربِ إني أبيّةٌ |
تحضُّرْك المزعوم في الفكرِ لا يجدي |
تنقصني من غير علم وفطنةٍ |
لأنك مبهورٌ بمجلوبة ضدي |
أترمي قناتي بالجمود جهالةً |
وتستلهمُ الإبـداعَ مـن عبـثِ المُرضـي |
عدوك يخفي مصدرَ الشرِّ |
عنـده بليـلٍ وإنّ الخيرَ مصـدرُه عنـدي |
عطائي في حرفي ولفظي وجملتي |
وربـك مـا اخلولقـتُ مـن كثرةِ الردِ |
أترمي بضعفٍ قدرتي وجزالتي |
وأنتَ الـذي ألبستـني ضعفَـك المعـدي |
بياني حواهُ الذكرُ في كلِّ لفظةٍ |
عذوبتُها تنسابُ أحلى من الشَّهْدِ |
وأقطابُ أعلامي بفضلي تحدثتْ |
وما زلْتُ للأجيالِ مـن حِكَمـِي أُهـدي |
ولله أسلافٌ أحلّوا مكانتي محاريبَهم |
واللــيلُ يشكـو مـن السُّهْـدِ |
نشيدهم الله أكبرُ كلما عدا |
فارس يختالُ بالسيف والغمدِ |
على صهوات الخيل هزت منابري |
صناديدُ تدعو العالمينَ إلى الرشدِ |
أراك.. أراك.. أراك مجدَّاً في عقوقي |
ومبرِماً صدودَك إذ تَلْويه فـي الحـلِ والعقدِ |
أيبكي هـُزارُ النيـل أمسـي وحاضـري |
وتُسرعُ بي غدراً إلى ظلمةِ اللّحدِ |
أهذا وفاءٌ للتي بِلَبَانِها غذتْكَ |
وزادتْ في التعهدِ والجهدِ |
عقوقي وطعني يا لبيبُ سفاهةٌ |
يفوهُ بها في المنتدى زائفُ النقدِ |
ملـوكُ البيـانِ استلهمـوا فيـضَ حكمتي |
بخبرتهم والنّدُّ يُقرَعُ بُالنِّدِّ |
أسير وتسري بي حروفي إلى النُّهى |
ويمتعها مني خَيالٌ بلا كدِّ |
على صفحاتِ الكونِ ريشةُ شاعرٍ |
تجلِّي ربيعَ الروض يختالُ في البُردِ |
وكم ناحَ قُربي طائرُ الفجرِ شده |
جمالٌ دعى النيروز يُنشدُ للوردِ |
إذا ما عَروبٌ نادمَتْها شواردي |
فسميتها الإنصافُ والصـدقُ فـي الوعـدِ |