(( كلمة سعادة الدكتور حمد بن ناصر الدخيل |
الأستاذ بقسم اللغة العربية بجامعة الإمام |
محمد بن سعود الإسلامية بالرياض ))
|
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. |
أصحاب المعالي، أصحاب الفضيلة، أصحاب السعادة. |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
أحييكم جميعاً في هذه الليلة المباركة، ويسعدني أن أحيي صاحب الاثنينية الأستاذ الأديب عبد المقصود محمد سعيد خوجه، وأشكر له جهوده الموفقة، المتواصلة، في خدمة الأدب والثقافة في هذه البلاد، وأستمحيه عذراً حين أشيد في هذا المقام بما قدمه للأدب والأدباء في هذه البلاد، من دعم وتشجيع، وأنا أعلم أنه من أزهد الناس في سماع كلمات الإشادة، والثناء، والإطراء، ولا ريب أن هذا نابع من تواضعه، ودماثة خلقه، وسجاياه الحميدة، أما فارس هذه الليلة ضيف الاثنينية فتربطني به صلة وثيقة قديمة، سأحاول أن ألقي الضوء حولها في هذه الأسطر القليلة التي تتضمنها هذه الورقات: |
عرفت الزميل الدكتور محمد بن سعد الدبل منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمن، حين كنا طالبيْنِ في السنة الأولى في كلية اللغة العربية في الرياض، التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وأمضينا في الكلية أربع سنوات نتلقى العلم واللغة والأدب، ثم زاملتُه في التدريس في معهد الرياض العلمي، وقضينا في المعهد بضع سنوات، ثم انتقلنا سوياً إلى كلية اللغة العربية، ولم تنقطع صلتي به منذ ذلك الحين، زاملته طالباً، ثم مدرساً، ثم عضو هيئة تدريس، عرفته طالباً في قاعة الدرس، حسن السمت، هادىء الطبع، كثير الصمت، يحسن التلقي والاستماع، يقتعد كرسي الطلب، لا يعبث ولا يكثر الحركة، ولا ينشغل بما ينشغل به الطلاب عادة، ولا أذكر أن أحد المدرسين وجه إليه كلمة تحثه على وجوب الانتباه والإنصات والاستماع والإقبال على الدرس، ثم استبان لي من معالم شخصيته ما لم أكن أعرف، فإذا هدوء الطبع يخفي وراءه عاطفة متأججة، وفكراً نيراً، غذّاهُ بالقراءة المختارة في كتب الأدب، وذهناً طُلْعة وشعوراً هو أقرب إلى شعور الشاعر ونفس الأديب، وأدركت أن الزميل نضو أدب وحلس شعر، يمارس القريض يُودِعُ فيه مشاعره وعاطفته وأفكاره، ولم يكن الفصيحُ بعضَ همِّه، وإن كان في المقدمة بل كانت له جولات في الشعر العامي حين يرى أن المقام يتطلب ذلك، فبعض من يعنيهم الخطاب الشعري ربما يقصر فهمهم لما ينظم بالفصحى، وعلمت أن صلته بالقريض قديمة، منذ أن كان طالباً في المعاهد العلمية، والموهبة تفصح عن ذاتها في وقت مبكر، ولكنه لم يقتصر على ديوان الشعر العربي، وحفظ ما ينسجم مع مزاجه ويلائم ذوقه، ومضى على ذلك زمن، وشاعرنا يحبر القصيد دون أن ينشر منه شيئاً، فبقيت شاعريته معروفة في محيط أساتذته وزملاءه وأصدقاءه، ومن يتصلون به أو يتصل بهم، فلم يغشَ الصحافةَ بشعرهِ ابتداءً، مثل بعض الشعراء المبتدئين الذين ما أن يقولوا قصيدة حتى يبادروا، بعثها إلى هذه الصحيفة أو تلك، دون أن يأخذوا أنفسهم بنضج الموهبة واكتمال الاستعداد. |
ولكن يبدو أن قراءاتِ أبي سعد كلها أو معظمها في الشعر القديم فلم يصرف كثيراً من وقته في قراءة الشعر الحديث، وأظنه توقفَ عند أحمد شوقي، وحافظ إبراهيم، وأحمد محرم، ومعروف الرصافي ومَنْ ماثلهم من شعراء الرصانة والقوة، فلم يتجاوزهم إلى غيرهم من الشعراء المحدثين، والتزم في جميع قصائده بالشعر الموزون المقفى، وهذه منقبة تحمد له، وبودي لو أن شاعرنا اطلع على التجاربِ الشعرية التي نادت بها مدرسة الديوان وجماعة أبولو، ليكون أكثر اتصالاً بتطور الشعر في موضوعاته ومعانيه وصياغته. |
شاعرنا المكرم هذه الليلة من ذوي الاتجاه الإسلامي في شعره، فقد أطلق على أول ديوان أصدره عنوان (إسلاميات) وعايشت هذا الديوان منذ أن صدرت طبعته الأولى في القرن الماضي، حينما أفضل بإهدائي نسخة منه مجلدة، ثم طبع الطبعة الثانية والثالثة، ويضم قصائده التي قالها في مناسبات دينية ووطنية، معظمها في مناسبات عاشتها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، في مسيرتها العلمية والثقافية، واستحق بانتمائه إلى الجامعة وتوظيفه شعره في تدوين منجزاتها أن يحظى بلقب شاعر الجامعة، ولا يزال سائراً على هذا المنهج في إلقاء قصيدة في كل مناسبة تعرض للجامعة، ولم يتوقف إنتاجه الشعري على ديوان (إسلاميات) بل تابع مسيرته الشعرية، واستغل موهبته في قرض الشعر في مختلف الموضوعات الوطنيات، والوجدانيات، وقبل ذلك الإسلاميات، فصدرت له بعد ديوانه (إسلاميات) ستة دواوين أو مجموعات شعرية، هي ديوان (ملحمة نور الإسلام) وديوان (أناشيد إسلامية) وديوان (معاناة شاعر) وديوان (خواطر شاعر) وديوان (في رحاب الوطن) وديوان (هاتف من الصحراء)، وسوف يصدر له ديوان (صدق المشاعر) وشاعرية ضيف الاثنينية في هذه الليلة المباركة تحتاج إلى وقفة خاصة متأنية، لا تتسع لها الدقائق المحدودة لإلقاء هذه الكلمة، بل إن شعره يستحق أن تفرد له دراسة منهجية. |
ولم يقتصر أدبه الإبداعي على قرض الشعر، بل اتجه إلى الإبداع في أدب الأطفال أيضاً، فكتب ثلاث قصص إسلامية تاريخية عن أبطال مؤته، هي (جعفر بن أبي طالب) و(زيد بن حارثة) و(عبد الله بن رواحة)، نشرتها له إدارة الثقافة والنشر بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وليس هذا كل إنتاج ضيف الاثنينية ومجالات إبداعه واهتماماته، بل كانت له مشاركة ملحوظة في ميدان الدراسات البلاغية والنقدية والأدبية، لأنه بعد انتقاله من معهد الرياض العلمي إلى كلية اللغة العربية انتظم دارساً في مجال الدراسات العليا، في قسم البلاغة والنقد ومنهج الأدب الإسلامي، فكتب أطروحته للماجستير في علم البلاغة وعنوانها (النظم القرآني في سورة الرعد) بإشراف الأستاذ الدكتور بدوي أحمد طبانة، الذي سبق أن كرّمَتْهُ هذه الاثنينية، ثم أعد أطروحته للدكتوراه وعنوانها (الخصائص الفنية في الأدب النبوي) وقد نُشِرَتْ هاتان الرسالتان وهما تنبئان عن اتجاه الضيف نحو الأدب الإسلامي وترسيخ أسسه ومقاييسه في ظل التيارات الأدبية الوافدة. |
وواصل مسيرته العلمية في العطاء العلمي والتأليف المنهجي، لإصدار عدداً من الكتب والدراسات، أذكر منها (من بدائع الأدب الإسلامي)، والمقاييس البلاغية والنقدية في قراضة الذهب في نقد أشعار العرب، (لابن رشيق القيرواني) و(خصوصية الإبداع في الشعر الإسلامي المعاصر) و(معجم البلاغة القرآنية) و(الحريق ماضيها وحاضرها)، وكل هذه الكتب منشورة، وله تحت الطبع (شعر أحمد فرح عقيلات - دراسة نقدية). |
ولم تشغله أعماله العلمية والأكاديمية أن يكون إمام لمسجد جامع، يتولى الخطبة في كل جمعة، وجمع الخطب التي ألقاها على جماعة المصلين، ونشرها في كتاب عنوانه (من المنبر - خطب وتوجيهات)، وإلى جانب هذه الاهتمامات والأعمال الكثيرة أسهم في الإشراف على عدد من رسائل الماجستير والدكتوراه ومناقشاتها، ومثّل الجامعة في بعض الملتقيات الأدبية والثقافية، وشارك في عدد من الأماسي الشعرية، فضيف الاثنينية هذه الليلة متعدد الجوانب والاهتمامات إبداعاً وتأليفاً وتدريساً وإشرافاً على البحوث والرسائل العلمية، وله حضوره في كثير من المناسبات الوطنية. |
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
عريف الحفل: طبعاً نحن نتلقى الأسئلة والاستفسارات التي توجه لضيفنا الكريم عقب إعطاء الكلمة له في نهاية كلمتي المتحدثين. |
|
|