شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( الحوار مع المحتفى به ))
الشيخ عبد المقصود: وردتنا أسئلة كثيرة ولضيفنا أن يختار، إما الإسهاب وستكون الأسئلة عندها قليلة، وإما الإيجاز فلن يستطيع أن يغطي كل الأسئلة ولكن الأكثر منها، أترك له الخيار.
عريف الحفل: معالي الدكتور سؤال وردنا من الأخ عزيز ردنة يقول:
من خلال معرفتي بمعاليكم أثناء عملي كصحفي ومسؤول مكتب بجريدة المدينة بالمغرب في الثمانينيات عرفت منكم شخصياً أن هناك تعاون بارز بين المنظمة (إسيسكو) ومؤسسة الملك عبد العزيز للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية في الدار البيضاء نود إعطاءنا فكرة حول التعاون في مجال البحث والعلم والثقافة؟
الدكتور عبد العزيز التويجري: شكراً جزيلاً، في الحقيقة مؤسسة الملك عبد العزيز التي توجد في الدار البيضاء تعاوننا معها محدود لأنها تعنى بالدراسات الإنسانية من منظور يختلف نوعاً ما عن المنظور الذي تعمل فيه المنظمة، والحلقات الدراسية أو الندوات التي تعقدها المؤسسة تعالج قضايا أعتقد أنا ليست ذات أولوية بالنسبة لنا، نحن نهتم بتعليم اللغة العربية ونشر الثقافة الإسلامية ودعم البحث العلمي في الدول الأعضاء، والمؤسسة التي توجد هناك معنية بقضايا فكرية وتنظيرية نحن بعيدين عن التنظير وعن هذه المسائل، مع أنها مؤسسة عتيدة أنا لا أقلل من قدرها لكن اهتماماتها في إطار آخر غير الإطار الذي تنشط فيه المنظمة الإسلامية لأنها مؤسسة بحثية صرفة، الذين يأتون إليها لا يتدربون ولا يحصلون على مهارات معينة ولا توفد خبراء، ولا تقدم مساعدات مادية أو مساعدات عينية، إنما هي تعقد حلقات دراسية ولديها مكتبة جيدة، النشاط الحقيقي هو بيننا وبين مؤسسة الأمير سلطان بن عبد العزيز الخيرية، وبيننا وبين مؤسسة "اقرأ" الخيرية، وبيننا وبين رابطة العالم الإسلامي، وبيننا وبين البنك الإسلامي للتنمية، وبيننا وبين الهيئة الإسلامية الخيرية العالمية، وبيننا وبين المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة، وبيننا وبين مؤسسة زايد الخيرية، هناك مؤسسات كبيرة تعنى بالمجالات التي نعمل فيها وهي: نشر اللغة العربية، تدريب المعلمين، تأليف الكتب، ترجمة الكتب، العناية بالمخطوطات وبالتراث الإسلامي، تطوير المؤسسات التربوية العلمية والثقافية، عل كل حال نتمنى أن يتوسع النشاط مع هذه المؤسسة في مجالات اختصاصنا.
عريف الحفل: سؤال آخر من الأستاذ عبد الرحمن المعمر ناشر مجلة عالم الكتب يقول:
للقرآن الكريم الآن أكثر من سبعين ترجمة أليس هذا جهد ضائع بديل تعلم العربية؟ السؤال الثاني يقول: الأرقام التي في المغرب العربي ألف أحدهم كتباً في عدم صحتها أليس هذا نموذج لانشغال الأمة بقضايا جانبية؟
- الدكتور عبد العزيز التويجري: فيما يخص ترجمات القرآن في ظل الظروف الحالية لا بد أن تكون هناك ترجمات للقرآن، لأن أكثر المسلمين من غير العرب لا يعرفون إلا لغاتهم التي يتحدثون بها ولذلك فلا يستطيعون فهم معاني القرآن الكريم إلا من خلال هذه الترجمات، وكما تفضل معالي الدكتور محمد عبده يماني فإنه لا بد من تعليم اللغة العربية ونشرها على أوسع مجال وتوظيف كل القدرات والطاقات لتحقيق هذا الهدف لكي يستطيع أبناء المسلمين من غير العرب قراءة القرآن الكريم باللغة العربية والتعبد بهذه القراءة، لكن في الظروف الحالية لا بد أن نتدرج مرحلياً حتى نتمكن من الوصول إلى الهدف السامي الذي تحدث عنه معالي الدكتور.
أما فيما يخص الجانب الآخر وهو بلا شك على قدر كبير من الأهمية لكن ما لا يُدركُ كُلُّه لا يُترك جله، نحن نبذل الجهد فيما نستطيع ومشكلات العالم الإسلامي واحتياجاته متنوعة وكثيرة، ومنظمة مثل المنظمة الإسلامية لا تستطيع لوحدها أن تنهض بكل هذه المهام، أعتقد أنه لا بد من أن يكون هناك نوع من التكامل والتعاون في هذه المجالات، والنشاط الذي نحرص على أن نتعاون فيه في الوقت الحالي هو محو الأمية، العالم الإسلامي الأمية فيه متفشية بشكل كبير وأمة اقرأ نصفها لا يقرأ هذا يعتبر عيب حقيقة في هذا الوقت الذي اخترقت فيه كل الحواجز وكما يقال العولمة، العولمة هي حركة لثقافة غالبة تريد أن تفرض قيمها وأنماط حياتها وكل ما لديها من نماذج ومناهج على المجتمعات الأخرى، لما كانت الثقافة العربية الإسلامية هي المسيطرة، وكانت الأمة الإسلامية هي الأمة الغالبة نشرت لغتها وثقافتها في كل أنحاء العالم، اليوم نحن متراجعون فاهتمامنا أن نزيل أسباب هذا التراجع، أهم أسباب هذا التراجع الأمية المتفشية، أهم أسباب هذا التراجع الضعف التعليمي في جميع مراحله ومستوياته، أهم أسباب هذا التراجع الضعف في مجال العلوم والبحث العلمي، أهم أسباب هذا التراجع الضعف الاقتصادي وعدم التكامل الاقتصادي بين الدول الإسلامية، أهم أسباب هذا التراجع الفرقة والاختلافات التي تمزق الجسد الإسلامي، أمور ضعيفة وتافهة تجد حولها خلافات جذرية مع الأسف الشديد، بينما الغرب الذي دوله تحاربت في حروب، الحربان العالميتان اللتان قامتا، قامتا في أوربا واقتتل فيها الأوروبيون، العرب كانوا بعيدين عن هذه الحروب، والمسلمون كانوا بعيدين عن هذه الحروب، الحروب بين الدول الأوروبية نفسها بين فرنسا وبريطانيا وبين عدد كبير من الدول الأوروبية كانت حروب طاحنة دُمرَتْ فيها المدن وقتل فيها مئات الآلاف، هذه الدول التي تختلف عقائداً ولغاتٍ وأجناساً وحدّت صفوفها في تكتلات اقتصادية وثقافية وحضارية وأصبحت الدول تزار بتأشيرة واحدة الآن، ونحن في العالم الإسلامي أو على الأقل شيء في العالم العربي الذي يجمعنا إسلامنا وتجمعنا لغتنا العربية وتجمعنا مصالحنا المشتركة وقضايا كثيرة تجمعنا لا نستطيع أن نتوحد في مثل هذا العالم الذي لا تصمد فيه إلاّ التكتلات القوية، فهذه هي اهتمامات المنظمة ونرجو الله سبحانه وتعالى أن يعيننا على تحقيقها.
عريف الحفل: سؤال من الأخ علي محمد الشهري يقول:
في مجال التقريب بين المذاهب الإسلامية ما هو تصوركم لمستقبل هذا المشروع الهام خاصة بعد التطور الكبير للاتصالات وانحسار الإقليميات وتسيّد العلم وأيضاً تقارب المفاهيم السياسية للشعوب؟
- الدكتور عبد العزيز التويجري: التقريب بين المذاهب الإسلامية ضرورة اليوم، فالعالم الإسلامي ما مزقه إلا هذا الاختلاف وهذا التنابز بالألقاب، الخلافات التي كانت ليس لها اليوم انعكاس فعلي على واقع المسلمين، ماذا يفيدنا ماذا كان في الماضي من اختلافات حول السياسة وحول الحكم وحول العصمة وحول غير ذلك، ما يفيدنا اليوم هو أنْ يكونَ المسلمون متضامنين متعاونين، يقفون في وجه التحديات الحضارية كأمة واحدة، هذه المذاهب كلها تنتمي إلى دين واحد، القرآن الكريم هو واحد بالنسبة للجميع ليس هناك قرآنان يقرأ أهل السنة قرآناً ويقرأ غيرهم قرآناً آخر، هناك قرآن واحد ونبيهم واحد وقبلتهم واحدة وفيهم عقلاء، يجب على هؤلاء العقلاء والقادرين من علمائهم أن يمنعوا السفهاء من أن ينشروا فكرهم الذي يحدق الفرقة ويحدث الضغائن والتدابر والفرقة التي تقصم ظهر هذه الأمة، ولذلك المنظمة نشطت في هذا المجال بنت على ما قام به مجمع التقرير في مصر وعقدنا ندوتين متخصصتين شارك فيهما علماء من المذاهب السبعة، المذاهب السنية الأربعة والمذهب الإمام الأثنا عشري، والمذهب زيدي، والمذهب الإباضي، كان هناك توجس ماذا تريد المنظمة من هذا العمل؟ نحن لا نريد أي شيء، المنظمة منظمة ثقافية وتربوية ولكي تنجح المنظمة في رسالتها لا بد أن تكون الأرضية التي أمام المنظمة أرضية متجانسة متوائمة فيها نوع من الطمأنينة النفسية وأن يكون هناك نوع من حسن الظن بين المسلم وأخيه، فكل هذه الدول الأعضاء في المنظمة سواء الدول التي فيها سنة أو دول التي فيها شيعة أو غير ذلك، والندوة الثانية كانت أكثر نجاحاً لأن الأولى أسست لذلك، ثم عقدنا بالتعاون مع مؤسسات أخرى ندوة في دمشق في العام الماضي لوضع استراتيجية للتقريب بين المذاهب الإسلامية، وما دام أن العالم الإسلامي يريد أن يدخل في حوار مع الغرب وهناك حلقات حوارية تمت وحلقات حوارية في طريقها إلى التنفيذ بين المسلمين وبين النصارى، وشاركتُ أنا في عدد من هذه اللقاءات الحوارية في الفاتيكان وغيرها، إذا كنا نتحاور مع النصارى كاثوليكاً وغير كاثوليك أليس الأحرى بنا أن نتحاور فيما بيننا نحن المسلمين لنزيل الخلافات ونصحح الأوضاع ونعيد التقارب والتواد بين المسلمين؟ قد تكون هناك خلافات كيف نحل هذه الخلافات بإبقائها كما هي وبإساءة الظن بعضنا ببعض وبإثارة البلبلة هنا وهناك؟ ثم إن المؤتمر الإسلامي الذي هو الإطار الذي يجمع الدول الإسلامية كلها رئاسته اليوم لدولة شيعية وعلى رأسها رئيس شيعي للجمهورية الإسلامية الإيرانية فرئيس القمة الإسلامية يدعو إلى الحوار وإلى فتح الأبواب وإلى تصحيح الأخطاء هل نقول له: لا؟ لا يمكن ذلك لا بد أن تكون نظرتنا بعيدة المدى بحيث أنه إذا كان هناك أخطاء تاريخية ليس لها انعكاسات على واقع المسلمين اليوم فإنه يجب أن نصحح تلك الأخطاء بالحكمة والموعظة الحسنة، والقرآن الكريم حثنا على التحاور والمجادلة مع غير المسلمين بالحكمة والموعظة الحسنة، فما بال المسلمين بعضهم مع بعض لا يتجادلون بالحكمة والموعظة الحسنة.
عريف الحفل: فضيلة الشيخ محمد علي الصابوني يسأل قائلاً:
هل هذه المؤسسة (الأسيسكو) التي تنتسبون إليها يرأسها ويديرها أناس منصفون محايدون من شتى الأجناس والأديان، أم أن زعماء هذه المؤسسة ممن يحملون سموم الأفكار الصهيونية والماسونية وممن يكيدون للإسلام والمسلمين، أرجو التكرم بإلقاء الضوء لتنوير الأذهان وشكراً؟
- الدكتور عبد العزيز التويجري: المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة منظمة حكومية أسستها الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي ولها مؤتمر عام يحضره الوزراء المعنيون بقضايا التربية والعلوم والثقافة من هذه الدول، ولها مجلس تنفيذي تعين أعضائه الدول الأعضاء يحضرون إلى المنظمة كل عام لمراجعة تقاريرها وحساباتها وأعمالها التخصصية المختلفة، والذين يعملون في الإدارة العامة كلهم مسلمون ولله الحمد لا علاقة لهم بكل هذه المؤسسات التي ذكرتهم لا من قريب ولا من بعيد.
عريف الحفل: يقصد اليونسكو.
- الدكتور عبد العزيز التويجري: (آه اليونسكو أنا ظننت أنا أتكلم عن الإسيسكو، اليونسكو أنا سمعتها الإسيسكو.
- الشيخ عبد المقصود: لا لا الإسيسكو.
- الدكتور عبد العزيز التويجري: أنا سمعت الإسيسكو، هل (الإسيسكو) أم اليونسكو، فالإسيسكو منظمة إسلامية يعمل فيها مسلمون وأنا رئيسهم.
- الشيخ عبد المقصود خوجة: ده سؤال طريف، لماذا لا.
- الدكتور عبد العزيز التويجري: الله يبارك فيك.
عريف الحفل: سؤال من الأخ سامي خميس يقول:
بهذا التاريخ الأكاديمي المتخصص لمعاليكم أود أن أعرف رأيك في نظام التعليم الحالي لدينا بأقسامه الابتدائي، الإعدادي، الثانوي، وهل بهذا الوضع الذي تناولته الأقلام بكثير من النقد هل يمكن لنظام كهذا أن يخدم المجتمع خصوصاً في هذه الفترة ونحن في قرن جديد يحتاج إلى كثير من التخصص والتحدي؟
- الدكتور عبد العزيز التويجري: والله يا سيدي الكريم النظام التعليمي في المملكة نظام أخرج أجيال كثيرة من المتعلمين ومن القادرين ومن أهل الرأي ومن أهل الفكر، وقد تكون بعض نقاط الضعف كغيرهم من الأنظمة ليس هناك نظاماً مثالياً أو نظاماً كاملاً، ولا بد أن يُعادَ النظر في كثيرٍ من السياسات والمناهج لتطويرها وللبحث عن ما هو أفضل ولمواكبة التطورات التربوية والعلمية والثقافية التي تستجد كل يوم، فالمعرفة تتنامى وتتجدد وليس هناك شيء ثابت في هذه الحياة كل شيء لا بد أن يسير من حسن إلى أحسن وأن يكون نموه في الاتجاه الصحيح، فأعتقد أن هذا النظام قام بدوره في تكوين الأطر المقتدرة في المملكة وأخرج هذه الأجيال الكبيرة والكثيرة التي تنهض اليوم بأعباء المسؤولية في هذه المملكة وتتحمل المسؤوليات في مرافقها المختلفة، وهو يحتاج بلا شك إلى أن يعاد النظر في كل ما رأت الجهات المسؤولة الحاجة إلى إعادة النظر ليتطور وليتجدد وليخدم أهداف التنمية الشاملة في المملكة العربية السعودية، وبلا شك نحن نحرص في المنظمة كجهة معنية بقضايا التربية والعلوم والثقافة على التعاون مع الجهات المسؤولة في المملكة العربية السعودية، وفي مقدمتها وزارة التعليم ووزارة المعارف، نتعاون في تقديم الخبرة والمشورة وإشراك أكبر عدد ممكن من المختصين من المملكة العربية السعودية في النشاط الذي تنفذه المنظمة للاستفادة من خبرات المنظمة ومن الأعمال التي تنفذها.
عريف الحفل: الأخ أشرف السيد سالم يقول:
بالرغم من أن الـ (إسيسكو) منبثقة من منظمة المؤتمر الإسلامي ويفترض أن لها قنوات اتصال مباشر مع صناع القرار في العالم الإسلامي إلا أننا نلاحظ أنها متقوقعة في إطار التنظير الأكاديمي وليس لها إسهامات فاعلة ومؤثرة في المشكلات الثقافية الكبرى في العالم الإسلامي كتفشي الأمية، والتسرب المدرسي، وضعف ميزانية التعليم والبحث العلمي، والأمية الدينية، وانخفاض نسب توزيع الكتب، وتردي أوضاع المسرح والسينما، وغيرها من المشكلات التي لا تخفى عليكم، نأمل الإيضاح؟
- الدكتور عبد العزيز التويجري: لو نظر الأخ الكريم في الوثيقة التي وزعناها اليوم والتي تبين الجهود التي بُذلت والأنشطة التي نفذت في مجالات اختصاص المنظمة أعتقد أن ذلك سيقنعه لأننا لسنا متقوقعين ونشاطنا وفق الإمكانات المتاحة لنا، كان نشاطاً جيداً في كل المجالات التي ذُكِرتْ، سواء في مجال الفكر ومجال الثقافة بعامة وفي مجال الفنون وفي مجال العناية بالتراث، والعناية بمعالم الحضارة الإسلامية، وفي مجال الترجمة، وفي مجال تحقيق المخطوطات ونشرها، وفي مجال إعداد الأطر العلمية في مجالات اختصاص المنظمة، أعتقد أن هذه الجهود بالنظر إلى ما تحصل عليه المنظمة من موارد مالية ومن إمكانات، ومن وسائل عمل، أعتقد أن هذه الإنجازات وهذه البرامج التي نُفِّذت هي بلا شك مثيرة للتقدير لأنها نفذت ونمت في ظروف صعبة، وفي أجواء غير مشجعة، فكما ذكرتُ في بداية حديثي نحن نواجه صعوبات كثيرة في تنفيذ خطط عمل المنظمة، ولا نعتقد أن ما وصلنا إليه هو غاية ما نريد فهذه خطوة في طريق طويل، ولكي تنجح المنظمة في إنجاز برامجها والوصول إلى أهدافها لا بد أن تتضافر الجهود معها لإنجاح هذه الرسالة، لا يمكن لمنظمة فريدة وحيدة بوسائل محدودة أن تنقذَ الأمة الإسلامية المترامية الأطراف في كل مكان والتي يبلغ تعداد سكانها ما يربو على بليون وثلاثمائة مليون نسمة، منظمة مثل الإسيسكو بوسائلها المحدودة وبقدراتها المحدودة لا تستطيع أن تنقذ هذه الأمة، المنظمة هي جهاز واحد من أجهزة كثيرة يجب أن توجد لكي تتضافر جهودها جميعاً لتحقيق هذا الهدف النبيل.
عريف الحفل: محبك عبد العزيز قاسم من قناة "اقرأ" يقول:
بكل الحب نلقاك في عروس البحر وكما عهدناك دائماً متألقاً بسماحة وجهك وابتسامتك، سؤالي: أنت أحد الذين يدعون إلى التقارب بين المذاهب الإسلامية وشاركتَ في ندوات عدة في هذا الخصوص بَيْد أنَّ ما تدعو إليه سبَّب لغطاً كبيراً في مجتمعات عدة، ووقفوا ضد هذا التقارب بكل قتالية هلا شرحت بإيجاز وجهة نظرك البعيدة في هذه القضية التي ربما كان معارضوها قد نظروا إليها من زاوية واحدة؟
- الدكتور عبد العزيز التويجري: قضية التقريب ليست قضية تُنْجز في يوم أو سنة أو في عشر سنوات، قضية التقريب هي نتيجة الاختلافات المذهبية، نتيجة تراكمات تاريخية خلال الأربعة عشر قرن الماضية، الحل لهذه المعضلة هو في الرجوع إلى الأصول، الرجوع إلى القرآن الكريم وإلى السنة الصحيحة وإلى حقائق التاريخ الإسلامي، هناك أشياء كثيرة مدسوسة في التاريخ الإسلامي، وهناك أحاديث موضوعة، وهناك روايات باطلة لأشخاص مقدوح في عدالتهم ونزاهتهم لا بد من الرجوع إلى الحقائق التاريخية والرجوع إلى الأصول لكي نعرف كيف نزيل هذا الركام من الأوهام ومن المغالطات، والعقلاء من أتباع المذاهب الإسلامية إذا ما رأوا الحقيقة لا بد من أن ينصاعوا لها وأن يعملوا لتحقيق التقارب بين المسلمين، أما إذا تُرِكَ الأمر للغوغاء وللجهلة لكي يثيروا الاضطرابات ويؤججوا الخلافات فيقتتل المسلمون ويتفرج عليهم العالم فهذا مصيبة من المصائب، أعتقد أن الاستراتيجية المثلى هي أن ينهض العلماء والأعلام المخلصون من أبناء هذه الأمة لتنقية هذا الإرث الحضاري وهذا الإرث الفقهي وهذا الإرث التاريخي مما علق به من شوائب، وأن يُنَقَّى وأن تخرج منه الحقائق ناصعة لكي يعرفها من شُوِّهتِ الحقائق بذهنه ولكي نصحح المعلومات الخاطئة التي لدينا عن غيرنا والتي لدى غيرنا عنّا، فالاستراتيجية لا تقوم بها المنظمة لوحدها يجب أن تتضافر الجهود لتحقيقها، والمتخوفون من التقريب قد يكون لهم بعض الحق لأنه في أذهانهم أفكار كثيرة ولهم الحق في أن يتوجسوا من مثل هذه الحركة، لكن الذين يقومون بهذه الحركة إذا عُرفوا معرفة حقيقية واطمُئِن إلى نزاهتهم وعدم وجود أي دافع آخر غير الدافع العلمي ودافع الغيرة على الأمة الإسلامية لديهم، فأعتقد أن العملية ستنجح وأنا شخصياً متفائل أنه إذا ما قام العلماء بمثل هذه الحركة ووُضِعتْ استراتيجية للتقريب تنفذ على مراحل لعلّنا في خلال عشرات السنين المقبلة نجد أجيالنا القادمة تعيش وضعاً أفضل مما نعيشه نحن وأفضل من الوضع الذي عاشه آباؤنا، فهذه الخلافات التي ننقلها جيلاً بعد جيل إلى الأجيال المقبلة ستكون حجر عثرة في سبيل توحد العالم الإسلامي وقوته وصموده في ميدان المعترك الحضاري.
عريف الحفل: الأستاذ عبد الحميد الدرهلي يقول:
صدرت نداءات متوالية من المفكرين العرب ومن المؤرخين تدعو إلى إعادة متابعة التاريخ الإسلامي حيث يطغى عليه طابع الكذب والاجتهاد الشخصي ما لا يصدقه العقل والمنطق، ونحن بدورنا نؤيد هذه المطالبة الحثيثة هل بوسع المنظمة الإسلامية العتيدة الإطلاع بهذه المهمة الجليلة بواسطة بحاثة ومؤرخين عباقرة تجنباً للوقوع أو الانغماس في الشطط والزلل؟
- الدكتور عبد العزيز التويجري: تصحيح التاريخ وتنقيته من الكذب أو إعادة كتابته من جديد عملية لا يمكن أن تقوم بها المنظمة لوحدها لأننا سنكتب تاريخ أمة وهذا تاريخ ضخم يجب أن تُنْشَأَ له مؤسسة خاصة، العملية عملية جادة وليست عملية هزلية لأنه إذا أردنا أن نكتبَ التاريخَ بطريقة علمية وموضوعية يجب أن يتفرغ لهذا العمل المؤرخون والعلماء والمختصون وأن توفر لهم الإمكانات وأن توفر لهم وسائل العمل وأن يُفرّغُوا لهذا العمل، التاريخ الإسلامي بالطبع فيه دس كبير وفيه روايات مختلفة وكتاب الأغاني وأمثاله من الكتب المملوءة بالكلام السخيف عن سير الخلفاء وعن غيرهم حتى أنهم جعلوا من هارون الرشيد ماجناً والآن الناس إذا تكلموا عن هارون الرشيد فإنما هم يقرنونه بالشخصية الماجنة إذا كان هناك إنسان لديه بعض المجون قالوا أنت مثل هارون الرشيد معاذ الله أن يكون هارون الرشيد كذلك، هارون الرشيد كان يحج عاماً ويغزو عاماً، وكان عالماً، وكان فقيهاً وكان حاكماً قوياً، أنشأ دولة إسلامية وحقق انتشاراً للدولة الإسلامية جعله يقول: (أمطري حيث شئت فسيأتيني خراجك) هذا الرجل يكون ماجناً بهذا الشكل؟ هذا التاريخ مكذوب، الكلام الذي كُتِبَ غير صحيح، وغيره من الأمثلة، لكي نعيد كتابة تاريخ يجب أن يتصدى لهذا العمل محققون وعلماء مخلصون نزيهون، وأن نخرج كل ما كتب من روايات الوضّاعين والشعوبيين والزنادقة وأعداء الأمة وما واجهه المستشرقون وتلامذتهم من دسٍ وتحريفٍ وتشويه لتاريخ الأمة الإسلامية وأعتقد أن المنظمة يمكن أن تساهم في هذا العمل ولكن لا تستطيع أن تقوم به لوحدها.
عريف الحفل: معالي الدكتور الأسئلة كثيرة، الله يعطيك الصحة والعافية، السؤال من الأخ إيهاب الريس يقول:
كيف تهتم المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم بأطفال يفترشونَ طرقات وأرصفة الشوارع العربية والإسلامية، ويلتحفون سماءها، أم أن اهتمامها يقتصر على أطفال تتوفر لهم الحدود الدنيا من التربية والثقافة والعلم، وهم أبناء المثقفين والمتعلمين الذين يتمتعون بهذه الحدود الدنيا، المشردون من أبناء الأمة الإسلامية والعربية جيش جرار بحاجة حقيقية ليد تمتد إليهم، هل تلعب المنظمة هذا الدور وكيف؟
- الدكتور عبد العزيز التويجري: في أولويات عمل المنظمة الاهتمام يوجه للدول ذات الاحتياجات القصوى وللمجموعات الإسلامية التي تعيش في دول غير إسلامية التي لديها نقص في الجوانب التربوية والثقافية والعلمية، فالأولوية لهؤلاء وليست لأبناء الموسرين أو لأبناء الأغنياء، وحقيقةً هناك دول تساهم في موازنة المنظمة تصرف كثيراً من الأنشطة التي تخصص لها لكي تنفذ في الدول الفقيرة ومن بين هذه الدول المملكة العربية السعودية، وفي مقدمتها أيضاً، فلذلك أؤكد أن اهتمامنا هو منصب وموجه نحو الدول الفقيرة والأطفال، والمهمشين من أبناء المسلمين، ولدينا برامج خاصة أيضاً لهذه الفئات وقد ذكرت أمثلة عن النشاط الذي تنفذه المنظمة في جمهوريات أفريقيا مثل مالي والنيجر وبوركينافاسو وجامبيا وتشاد وجزر القمر والجابون وغينيا بيساو ومالي وغيرها، ولنا مكتب تربوي متخصص موجود في إنجامينا في جمهورية تشاد لتخريج معلمي اللغة العربية والدراسات الإسلامية، وسننشئ مراكز أخرى في إطار برنامج تعليم اللغة العربية الذي تمكنا ولله الحمد من الحصول على تمويل جيد له في عدد من الدول الإفريقية في النيجر وفي مالي وفي غينيا وفي بوركينا فاسو، وبالطبع هذه الدول أبناؤها هم من الفقراء، كذلك أيضاً لنا نشاط كبير في إندونيسيا وبنجلاديش والمالديف وطاجاكستان وكازاخستان وقرغيزستان، ولنا نشاط أيضاً في جمهورية سورينام التي توجد في أمريكا اللاتينية والتي انضمت عضواً في المنظمة، هذا النشاط يركز على الدول ذات الاحتياج وإلى الجماعات ذات الاحتياج، وعلى كل حال الجهود التي تبذل هي غير كافية لأنني ذكرت ذلك قبل قليل ولكن هذا هو المستطاع في الظروف الحالية.
عريف الحفل: الدكتور حسين سندي يقول:
تبنت القمة الإسلامية التي عُقِدتْ في طهران منذ ثلاث سنوات خطة لنقل العالم الإسلامي إلى مصاف الدول المتقدمة عبر نقل وتوطين العلوم الحديثة والتقنية، أهم بنود تلك الخطة كان هو تبني استراتيجية بأن لا حل أمام العالم الإسلامي للخروج من أزمته الحضارية سوى الحل العلمي والتقني، السؤال هو ماذا حصل لهذه الخطة ولماذا لم نر أية نتائج ملموسة؟
- الدكتور عبد العزيز التويجري: هذه الاستراتيجية وضعتها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة بالتعاون مع اللجنة الدائمة للعلوم والتكنولوجيا التي يوجد مقرها في إسلام أباد بالباكستان، والتي يرأسها رئيس جمهورية باكستان، وكما هو معروف فإن في منظمة المؤتمر الإسلامي أربع لجان دائمة، لجنة للشؤون الإعلامية والثقافية في السنغال يرأسها رئيس السنغال، ولجنة للشؤون الاقتصادية في تركيا يرأسها رئيس جمهورية تركيا، ولجنة كما ذكرت في باكستان، ولجنة القدس التي يرأسها عاهل المملكة المغربية، هذه الاستراتيجية أقرتها القمة الإسلامية السابعة في طهران عام سبع وتسعين وبعد إقرار هذه الاستراتيجية عقدت المنظمة الإسلامية في العام الماضي اجتماعاً تنسيقياً للوزراء المسؤولين عن التعليم العالي والبحث العلمي في دول منظمة المؤتمر الإسلامي على هامش المؤتمر الدولي للعلوم الذي عُقِدَ في (بوادبست) في المجر، وفي هذا الاجتماع التنسيقي تم إقرار آليات تطبيق الاستراتيجية التي وضعناها في المنظمة، وتم تشكيل لجنة من ست دول من الدول الأعضاء لمتابعة تنفيذ هذه الاستراتيجية، وبالأمس وأنا في الرياض أبلغني معالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري بموافقة المقام السامي على عقد المؤتمر الإسلامي الأول لوزراء التعليم العالي والبحث العلمي في المؤتمر الإسلامي في الرياض في هذا العام إن شاء الله، وفي هذا المؤتمر سيتم تطبيق بنود هذه الاستراتيجية وتحديد الجهات التي ستتكفل بأجزائها المختلفة وستفعِّل اللجنة التي شكلت في المؤتمر التنسيقي وهذه خطوات مهمة جداً، وقد سعدت كثيراً البارحة عندما علمت بصدور الموافقة على عقد المؤتمر، فرحت لأن المملكة ستأخذ قصب السبق والريادة في هذا المجال وهذا يدل على أن المسؤولين في المملكة العربية السعودية يقدرون العمل العلمي والتكنولوجي ويعرفون دوره ومكانته في تدعيم التنمية الشاملة في المجتمعات الإسلامية.
عريف الحفل: الأستاذ مصطفى عطار يقول:
لعلَّ أخانا معالي الدكتور عبد العزيز يفيدنا عن أسباب عدم تواجد مطبوعات المنظمة العظيمة في مخازن بيع الكتب؟
- الدكتور عبد العزيز التويجري: في الحقيقة التوزيع هذه مشكلة معروفة لدى كل الناشرين، وكل المؤلفين لا بد أن تكون هناك حلول جذرية لقضية الكتاب، عندما سئلت قبل ثلاثة أيام قبل بدء برنامج الاحتفالات باختيار الرياض عاصمة للثقافة العربية لعام ألفين، سئلت من قِبَلِ جريدة عكاظ عن أهم الأمور التي ترى ضرورة القيام بها في إطار هذه الاحتفالات، قلت أنه أول ما يجب أن نفعله أن نعقد ندوة متخصصة لمعالجة مشكلة الكتاب وتوزيعه في الدول العربية، الكتاب لا يأتي وهناك حواجز كثيرة تحول بين الكتاب وبين الوصول إلى قارئه، ومشكلة التوزيع أيضاً مشكل عويص ومؤرق للكاتب المؤلف وللناشر وللقارئ، والرقابة على رأس هذا الشيء، لكن العجيب في الأمر أن العالم الإسلامي ودعنا نترك العالم الإسلامي جنباً ونتحدث عن العالم العربي الذي يبلغ تعداد سكانه ما يقارب الآن من مئتين وثمانين مليون نسمة، أفضل كتاب يوزع لا يصل إلى خمسة آلاف نسخة، في الغرب الكتاب الواحد تُطبعُ منه ملايين النسخ ويعاد طبعه ويوزع، طيب لماذا نحن لا نوزع الكتاب بنسخ أكبر؟ السبب في هذا أن هناك حواجز وأن هناك سوء تصرف في توزيع الكتاب ونشره، الكتب الضارة لا بد أن تمنع لأنه نحن في ثقافتنا ليس كل شيء مباح المباح هو ما أباحته الشريعة، قد تكون هناك أفكار هدامة وإباحية وضارة بالمجتمع ومخربة هذه لا يمكن أن يسمح لها بأن تُرَوّجَ في المجتمعات الإسلامية ولكن الكتب النافعة الكتب الفكرية الكتب الحضارية الكتب العلمية، الكتب التي تنمي الإبداع وتحفزه وتشجع المبدعين يجب أن توزع وأن تنتشر، ولذلك فكتب المنظمة تعاني كغيرها من كتب المنظمات الأخرى والهيئات الأخرى من سوء التوزيع وقلته وعدم وجودها في أكثر نقاط التوزيع أو المكتبات المتخصصة.
عريف الحفل: كتاب "البناء الحضاري للعالم الإسلامي" مترجم لعدة لغات:
كيف يجد معاليكم الوقت والجهد لمثل ذلك رغم مسؤولياتكم ومهامكم الجسام وارتباطاتكم العملية؟
- الدكتور عبد العزيز التويجري: في الحقيقة الكتب التي ألفت هي كتابان: (الحوار من أجل التعايش) وهو باللغة العربية وطُبِعَ في دار الشروق في القاهرة، والكتاب الثاني هو كتاب في (البناء الحضاري للعالم الإسلامي) وفي رصد لمجموعة من المقالات والأبحاث والدراسات التي شاركت بها في مؤتمرات كثيرة، وتناولت فيها جملة من القضايا الأمور التي تهم المنظمة وتدخل في إطار اختصاصاتها، أما الدراسات التي ذكرت في النبذة التي قرأت عن شخصي الضعيف فهي دراسات متخصصة ليست كتباً كبيرة وإنما دراسات مخصصة في موضوعات محددة وترجمتها تتم في الإدارة العامة، لدينا في المنظمة الإسلامية قسم للترجمة وحرصنا على أن هذه الدراسات تترجم إلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية لكي يتم التوزيع في الدول الناطقة باللغتين الإنجليزية والفرنسية في أفريقيا وفي الدول الإسلامية في آسيا وفي أوساط غير المسلمين في أوربا وفي الولايات المتحدة الأمريكية وفي أنحاء أخرى من العالم، وهذه الكتب لا أبيعها ولا أتقاضى عنها موارد مالية وإنما هي فقط اجتهاد مني ومساهمة في العمل الثقافي الذي تنهض به المنظمة ويمكن الحصول عليها بمكاتبة الإدارة العامة في المنظمة في مركز المعلومات والتوثيق وترسل مجاناً لكل من يطلب الدراسات أو حتى إصدارات المنظمة، إصدارات المنظمة نحن حتى الآن أصدرنا أكثر من ثلاثمائة كتاب في مناحي المعرفة المختلفة ويمكن للأخوة الذين يرغبون أو الأخوات اللاتي يرغبن في الحصول على هذه الكتب، الكتابة إلى الإدارة العامة والحصول على هذه الكتب مجاناً.
عريف الحفل: الأخ علي المنقري يقول:
التربية والثقافة والعلوم هي هم الفرد والأسرة والمجتمع والدول وهي عناصر مهمة مكملة لبعضها البعض. السؤال: كيف يمكن الارتقاء بهذه العناصر للوصول بها إلى ما وصلت إليه الدول الغربية المتقدمة ولكن في إطار إسلامي يحفظ على المسلمين هويتهم وأخلاقهم الإسلامية الرفيعة؟
- الدكتور عبد العزيز التويجري: نسيت أن أجيب على جزء من سؤال الأخ الكريم الذي سأل قبل قليل كيف أجد الوقت، الوقت هو 24 ساعة في اليوم جزء منها للنوم وجزء للعمل وهناك وقت للفراغ، فأنا أستغل أكبر وقت ممكن من وقت الفراغ لكتابة ما يعن في ذهني من أفكار ومن هموم، ومن توفيق الله سبحانه وتعالى أن الوقت الذي أقضيه في هذا الفراغ أنني أستغله في هذا الجانب، وبلا شك أن الإنسان الذي يتصدى لعمل إداري مثل العمل الذي أقوم به ويتعرض لمسؤوليات تجبره على السفر المتواصل والانتقال من مكان إلى آخر قد لا يجد الوقت الكافي ولكن الحمد لله الذي منَّ عليّ بهذا وأعتقد أن هذا شيء أفخر به وأرجو الله سبحانه وتعالى أن يعينني لكي أستمر في هذا الجانب.
وأنتقل من هذا لأقول لأخي السائل الذي سأل قبل قليل أن النهوض بالأمة الإسلامية لا يمكن أن يتم إلا بإحداث تغيير جذري في بنية العقل الإسلامي، بنية العقل الإسلامي لا تزال تعيش في حالة من الاضطراب، الهوية غير واضحة والانتماء مشوش، والاختيارات غير مستقيمة غير منتظمة، لعلنا من خلال كتابات مفكرينا وعلمائنا أن نركز كل التركيز على إيضاح هذه النقطة هي كيف يمكن لنا أن نتعامل مع الأشياء من خلال المنهج الذي اختطه لنا هذا الدين العظيم، ومن خلال هذا الأسلوب الذي صنع به علماؤنا وأعلامنا الكبار هذه الحضارة العظيمة التي تفيأت الأمم كلها ظلالها، إنني أعجب ويعجب معي كل الإخوة هنا وغيرنا من أولئك العلماء الأفذاذ الذين ألفوا تلك المجلدات الكبيرة الغنية بعلمها وفكرها في تلك الظروف الصعبة التي لم تكن فيها حواسيب ولم تكن فيها أجهزة طباعية ولم يكن فيها كهرباء ولم تكن فيها وسائل اتصالات ومواصلات كما هو موجود اليوم، كتبوا بالمداد وتحت أضواء الشموع وعلى الرق وعلى أوراق بسيطة وعلى لحاء الأشجار وفي كل ما يقع في أيديهم من وسائل وأدوات لكي يؤلفوا تلك المؤلفات الضخمة فنجد عالماً واحداً يكتب أكثر من عشرين كتاباً والكتاب الواحد قد يكون فيه أكثر من ثلاثين أو عشرين جزء مجلد أظن. وهناك أمثلة كثيرة تعرفونها فالمشكل هو كيف نعود إلى تلك المكانة، كيف يمكن لعلماء اليوم وشباب اليوم أن يعودوا إلى تلك المكانة؟ هي مكانة الفكر لدى الأمة، الأمة كانت أمة حضارة، وكان عقلها عقلاً حضارياً وكانت رؤيتها رؤية استراتيجية ولذلك فنحن نريد اليوم أن نعود إلى تلك القواعد التي انطلقنا أو ابتعدنا عنها، لكي نستطيع أن ننهض اليوم، ولكن بوسائل العصر وليس بالوسائل القديمة، أنا أريد أن أقول إننا لا بد أن نبني حضارة على ثوابت الماضي ولكن بوسائل العصر.
عريف الحفل: المشرف التربوي الأخ محمد طه خلف الناصر يقول:
كان لمنظمة (اليونسكو) العالمية ومقرها باريس إنجازات ثقافية هامة على مستوى العالم كله فما هي أهم الإنجازات الثقافية التي كانت لمنظمة (إيسسكو) الإسلامية على مستوى العالم الإسلامي وهل أعطت هذه المنظمة الإسلامية القارئ العربي شيئاً ما كما فعلت المنظمة العالمية بإصدارها كتاب في جريدة؟
- الدكتور عبد العزيز التويجري: اليونسكو عمرها أطول من الإيسسكو لأنها أنشئت في الأربعينات على ما أظن الإنشاء كان في خمس وأربعين في بريطانيا ثم بعد ذلك انتقلت إلى باريس، تجاوزت اليونسكو الخمسين من عمرها، الإيسسكو لا تزال في الثامنة عشرة لازالت غضة فتية، فلا نظلم الإيسسكو بمقارنتها باليونسكو، اليونسكو فيها 186 دولة أعضاء، وموازنة اليونسكو 560 مليون دولار، ويصل اليونسكو مبلغ كبير من هذه الموازنة، إن لم يكن 70% فأكثر من ذلك (ونحن الله أعلم بحالنا) فعلى الرغم من ذلك استطعنا أن نضع استراتيجية ثقافية للعالم الإسلامي وأن نضع كتباً مرجعية عن الثقافة والحضارة الإسلاميتين في سلسلة من الكتب التي صدر منها حتى الآن ثمانية كتب، واستطعنا أن نحقق عدداً كبيراً من أمهات كتب التراث، واستطعنا أن نترجم كتباً كثيرة في الثقافة الإسلامية ونوزعها، واستطعنا أيضاً أن نكلف خبراء بوضع دراسات عن التنمية الثقافية من منظور إسلامي، وعن النشاطات السكانية بمنظور إسلامي، وعن أوضاع المرأة في العالم الإسلامي، قضايا كثيرة، وأوضاع الطفل والشباب، هذه جهود كثيرة ومتخصصة في مجال العمل الثقافي العام، المشكلة أنها لا تصل إلى كل المتلقين ولا يعرف عنها الكثيرون في أنحاء العالم الإسلامي، ومن أسباب هذا التقصير في وصول المعلومات هو بالطبع وسائل الإعلام، أو أكثر وسائل الإعلام لا تهتم بالنشاط الإسلامي، وتعتقد أن كل منظمة إسلامية هي منظمة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع الأسف الشديد هناك تشويه لكل ما هو إسلامي، لأن هذه الموجة التي تسري في العالم اليوم، كل ما هو إسلامي متهم، حتى كلمة إسلامي صاروا يخافون منها، مع أن الإسلام هو دين الحضارة، ودين العلم، ودين المدنية، ودين التسامح، ودين السماحة، وكل القيم الفاضلة، فالإعلام له دور في عدم إيصال المعلومة ولا أقول الإعلام في المملكة لأن المملكة في الحقيقة يخدمنا خدمة جيدة، جريدة عكاظ، المدينة، والندوة، والرياض، والجزيرة، حتى الشرق الأوسط والحياة، وهاتان الجريدتان محسوبتان على المملكة أيضاً، كل هذه الجرائد تكتب عن المنظمة، لكن أتكلم عن وسائل إعلام أخرى أيضاً، في عدد كبير من دول العالم الإسلامي لا تهتم بعمل المنظمة، النقطة الثانية: أن هناك أيضاً عدم قدرة لدى المنظم لكي تطبع عدداً كبيراً من هذه الإصدارات وتوزعها، الموارد المالية محدودة، فإذا طبعنا آلاف النسخ فإن هذا سيرهق كاهل المنظمة، جانب ثالث: وهو أن المنظمة تعمل بلغات ثلاث، مجبرة على أن تكتب وتؤلف وتنشر بهذه اللغات الثلاث هي العربية والإنجليزية والفرنسية لأنها لغات عمل منظمة المؤتمر الإسلامي والعمل في هذا المجال بهذه اللغات الثلاث يستنزف جهود كبيرة وأموالاً كثيرة، فلعلَّنا إن شاء الله في المستقبل نستطيع أن نوازن الأمور وأن نصل إلى أكبر عدد ممكن من المتلقين إن شاء الله.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :750  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 116 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج