شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الدكتور حسن عبد الكريم الوراكلي
الأستاذ بجامعة أم القرى ))
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، حضرات السادة الكرام، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
في مفتتح هذه الكلمة أحب أن أتوج بالشكر وهو على كل حال شكر موصول غير مقطوع لأستاذنا الشيخ عبد المقصود خوجة الذي أتاح لنا وليَّ بصفة خاصة أن أتحدث في هذه الليلة ببضع كلمات موجزات لكنها مليئات بالحب والمودة لرجل أحببناه لأنه أحب ما نحبه من هاتيكم المبادئ والقيم والمثل التي كان قبل قليل يحدثنا عنها معالي الدكتور محمد عبده يماني، هذا الحديث نشترك فيه معاً أنا والحضور وأسـتأثر منه بجزءٍ وأشاطر الحضور فيه بجزءٍ ثانٍ، أما الذي أستأثر به فهو يتعلق بمعرفتي بالدكتور عبد العزيز التويجري وهي تعود إلى أزيد من عشر سنوات بالضبط خلال الندوة التي دعت إليها الـ (إيسسكو) في الرباط عن "استراتيجية جديدة للثقافة الإسلامية"، وكان من حسن حظي أنني تعرفت فيها على طائفة من الباحثين والدارسين كان في مقدمتهم أخي وصديقي الدكتور عبد العزيز التويجري وألقيت يومئذٍ كلمة أو محاضرة بعنوان (الثقافة والهوية أيهما يشخص الآخر) ثم توالت بعد ذلك لقاءاتنا في ندوة رحاب الدروس الملكية التي كان يدعو إليها الراحل جلالة الملك الحسن الثاني في القصر الملكي في الرباط والحق أنني كنت أجدد بكثير من الزملاء والأصدقاء وفي مقدمتهم الدكتور عبد العزيز التويجري العهد وأصل الرحم، وللعِلمِ رَحِمٌ وللدعوة رحمٌ وللدعوة إلى المبادئ والقيم والمثل التي نؤمن بها وتؤمن بها أمتنا في مشرق من أرضها والمغرب رحمٌ كذلك، وأحب هنا أيضاً أن أشير إلى أنني مثلما أحببت الدكتور عبد العزيز التويجري ونحن جميعاً نعلم إذا وهذا من الهدي النبوي الشريف "إذا أحب أحدكم أخاه فليصارحه بذلك" مثلما أحببت أخي عبد العزيز التويجري لحبه ما أحب أحببت كذلك أخاه قبل أن أراه ولم أره إلا هذه الليلة، شقيقه الدكتور أحمد لأنه أحب ما أحب كذلك، أحب التي أحب مدينتي ومسقط رأسي (تطوان) وقال فيها قصيدةً سحرت العين وأخذت باللُّب ومن أسفٍ أنني لا أستحضر الآن منها شيئاً ولكنني أشرت إليها في عمل لي سميته (تطوانيات مَشْرقيات) أوردت به هذه القصائد التي سالت بها حناجر شعراء من أقطار العالم الإسلامي في مشرق البلاد العربية.
لا أطيل بهذا الجزء المتعلق من هذا الحديث قبل أن يداهمني الوقت وأنتقل إلى الجزء الذي نحن فيه شركاء ويتعلق بهذا الجهد الذي ما فتئ أخونا الدكتور عبد العزيز التويجري يستفرغه ويبذله، الأيام تلوَ الأيام والسنين تلو السنين، ومَنْ حوله ممن يساعدونه في هذه المنظمة الثقافية الحضارية العلمية التربوية العتيدة يتعلق الأمر إذاً بالثقافة والتربية والعلوم، وربما لا أكون بحاجة إلى أن أذكِّرَ بأن عيب الثقافة كثرة تعريفاتها، ومع ذلك فإن بالوسع أن نردَّ كل تلك التعريفات الكثيرة إلى تعريفين اثنين: أحدهما: يرى أن الثقافة ترتبط بالأفكار والمعارف فهو إذاً مجال نظري، وثانيهما: يرى أن الثقافة منهج حياة تتبلور من خلاله أنماط السلوك والفعل والموقف، وإذاً فإن الثقافة معرفةٌ بجميع مستوياتها ثم أنها بعد ذلك صورة أي سلوك وفعل وتصرف، وإذا كانت الثقافة بهذا النحو وعلى هذا المفهوم فإننا لا نكون بحاجة إلى أن نناقش فيما يطرح غير مرة في مجال الجدل والنقاش هل من سبيلٍ إلى ثقافة عالمية؟ إن لِكُلٍّ ثقافته إن لكل من الأقطار والأمم على وجه الأرض ثقافته ومن هنا فإن للأمة الإسلامية ثقافتها المتميزة، مصدرها الأصلان والسلوك الذي ينبثق من هذين المصدرين هو الوجه الإجرائي للثقافة، لا أطيل بهذا إن الدكتور عبد العزيز التويجري فيما كتب، وفيما سعى إليه فيما بذله من جهود في مشرق من بلاد الإسلام، ومغربها إنما كان يحاول جاهداً وما زال يحاول موفقاً بإذن الله تعالى ومنْ حوله من مساعديه على أن يكرس هذا المفهوم، ويبلور للثقافة وجهها الإسلامي، ليس فقط للمسلمين الذين هم المقصودون بأن يستوعبوا هذا المفهوم وينتجوا وينجزوا وفقه وفي ضوئه، ولكن أيضاً للآخر حتى يقتنع الآخر أن لنا ثقافتنا، على أن هذه الثقافة المتميزة وذات الخصائص المتميزة المتفردة ليست تمنعنا من أن نفتح نوافذنا على الآخر، ونحاور الآخر محتفظين بهذا الحوار وفي هذا الانفتاح على ثوابت ذاتيتنا وأصالتنا.
تأتي الفقرة الثانية وهي المتعلقة بالتربية، رؤية الخطاب التربوي خطاب ليس مقصوراً على مجال معرفي دون آخر، ولا على ميدانٍ اجتماعي دون آخر، إن الخطاب التربوي في الإسلام خطاب شامل مستوعب لا يترك صغيرة ولا كبيرة إلاّ وهو يتولاها ويصبغها ويوجهها، ومن هنا فإنما اصطُلِح على تسميته "بالتربية الإسلامية" ليست فقط مادة تُدَّرَس، ويوضع لها مقرر، ويُزوّدُ فيها الطلبة في هذا المستوى أو ذاك بجملة معلومات تتعلق بالمعتقَد أو بالعبادة أو بالمعاملة ولكنها منهج أو إذا شئت قلت معرفة تتولى جميع المواد الدراسية، بما فيها المواد التي قد يُظَنُّ أنه لا علاقة ولا شأن للتربية بها، من هنا كانت التربية الإسلامية رؤية متميزة تصدر عن ثقافة متميزة سبقت الإشارة إليها وفي ضوء هذه الرؤية، وبمقتضى هذا الخطاب الذي يرتد في مصدريته إلى الأصول الإسلامية من الوحي ومن الفهم السوي للوحي في الكتاب والسنة، هذه التربية بهذا المفهوم هي التي يستفرغ الدكتور عبد العزيز التويجري السنين تلو السنين، يُشرِّقُ في دعوته ويغرّبُ، ويدعو إلى المؤتمر وإلى المؤتمر وينشر المقالة والبحث، ويكتب الكتاب والآخر ليكرس مفهوم التربية على هذا النحو عند المسلمين، وليشعرَ الآخرين أن خطابنا التربوي خطاب متميز، ليس شرقياً ولا غربياً ولكنه خطاب إسلامي وفي ضوئه وبمقتضاه يكون على المسلمين أن ينجزوا وينتجوا كذلك.
وتأتي الكلمة الثالثة وهي كلمة (العلوم) وأحسب أنه قد يتبادر إلى الذهن بأن العلوم وخاصة العلوم البحتة أو ما يشبهها هي علوم من المشترَكِ الإنساني، وحقيقة إنها من المشترك الإنساني ولكنها مع ذلك لا بد أن تصبغَ بصبغةٍ إسلامية، فالعلوم التي تُدَرّسُ بجامعات بتوجهٍ ماركسي أو اشتراكي هي هذه العلوم التي تدرس في جامعات ليبرالية أو غربية لأن لكلٍ من الجامعتين الجامعة الشرقية بين قوسين أو الجامعة الماركسية والجامعة الليبرالية فهماً للعلوم، فهماً لِمَا تدل عليه دراسة العلوم في ارتباطها بالكون وبالناس بالإنسان وبالحياة وبالتاريخ، من هنا لا بد أن تصبغ العلوم صبغةً إسلامية، وأن تُرْبَط العلوم بمفاهيم الإسلام، وبقيمة وبمثله وبمبادئه، وإلى هذا يدعو الدكتور عبد العزيز التويجري فيما يكتب، وفيما يحاضر، وإلى هذا وحول هذا يعقد الندوات والمؤتمرات في مركز المنظمة في الرباط وفي غير مركزها في الرباط، أقول إنّ هذا الجزء من الحديث الذي اختصرته اختصاراً نحن فيه شركاء، حقيقة إنه حينما ينفق هذا الوقت وهذا الجهد ينفقه من أجل نشئنا ومن أجل جيلنا القادم، ولذلك فجزى الله الأستاذ الشيخ عبد المقصود خوجه على هذا التكريم الذي كنت أحب أن يشارك فيه ليس فقط صوتٌ من المغرب، أنا سعيد بأن أمثلة ولكن أن تشارك فيه أصوات من أقطار إسلامية أخرى لأن هذا العمل الذي ينهض به هذا الرجل، للأرض التي أنبتت هذا الرجل وللأرض التي أقلته هناك ودعوات مخلصات بالتوفيق والنجاح في مهمته السوية الهادفة التي ستقطف منها الأمة الإسلامية إن شاء الله تعالى كل خير، ومعذرة على الإطالة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :746  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 113 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.