(( الحوار مع المحتفى به ))
|
عريف الحفل: جاء دور الحوار وطرح الأسئلة على ضيفنا الكريم: أستاذ سمير هذه ثلاثة أسئلة حول الصحافة العربية في الوطن العربي. مشابهة لبعضها في الصحافة العربية: |
- سؤال من الأخ غياث عبد الباقي يقول حرية الصحافة كيف هي أحوالها؟ |
- ومن الأخ عبد الله زنجير يقول كيف ترون مستقبل الصحافة العربية في ظل زحمة الفضائيات وسهولة المعرفة والإنترنت؟ |
- والأستاذ الأديب عبد الحميد الدرهلي هل تعانون وتتألمون وتحزنون لحال صحافة العرب وهـل سيستمر هذا الحال بدون أن يتبعه علاج حاسم؟ ما هو برأيكم ربما كان أجدر أن تندثر الصحافة العربية اقتصاداً في الجهد والمال لتزول المعاناة هذه؟ |
الشيخ عبد المقصود: في البدء أرجو أن نوضح لضيفنا الكريم أن هناك كثير من الأسئلة، فلذلك أعطيه فكرة كم سؤال حتى على ضوئها يستطيع أن يحدد. |
عريف الحفل: (يعني في حوالي 20 سؤالاً تقريباً). |
- الأستاذ سمير عطا الله: (إذا سمحت أضل أتذكر لأن الذاكرة عم تروح) بدي رد على آخر سؤال إنه أليس أفضل للصحافة أن تندثر لا خلينا لنوصل للتقاعد مع نشتغل مستوردين يعني بكير علينا تندثر يعني ع مهلكم علينا شوي. |
عريف الحفل: نعم حال الصحافة العربية اليوم رأيك فيها وكذا؟ |
- الأستاذ سمير عطا الله: أولاً الصحافة العربية اليوم نحن كلما كبر بالسن الواحد يقول أن أيام زمان كانت أحسن يعني ومن قبل كان الكتاب أحسن، وكانوا المطربين أحسن قبل كذا الصحافة العربية اليوم الحقيقة أولاً صحافة رائعة ممتازة ما بعمرها كانت الصحافة العربية بهذا الغنى صحيح ما عاد لدينا عدد كبير من الكتّاب قد ما كان قبل، الصحافة العربية اليوم وخصوصاً الصحافة السعودية لأنه في الخارج الحقيقة ما في وجود حقيقي إلا للصحافة السعودية خصوصاً "الشرق الأوسط" و "الحياة" و "المجلة" بالإضافة طبعاً إلى الفضائية أما بالنسبة هل الفضائيات ستأخذ محل الصحافة المكتوبة أنا عندي قاعدة بسيطة تقول الفضائيات تعطي المعلومات يعني الفضائيات بتخبرنا أنه حدث الليلة كذا كذا كذا. الصحافة المكتوبة تعطي المعرفة وهذا الأمر لن يتغير. والصحافة الأميركية بالذات نيويورك تايمز تقدمت 7 % العام الماضي بالرغم أن الفضائيات بأميركا أهم من لدينا بكثير طبعاً يعني إذا صاحب السؤال خايف على الصحافة اطمئن إذا تستعجل أن تغيب أيضاً باعتذر ما هي رايحة. |
عريف الحفل: سؤال من الأخ إبراهيم يقول: |
ترى هل وجدتم الميناء الذي كنتم تبحثون عنه؟ |
- الأستاذ سمير عطا الله: الحقيقة الميناء في الحياة هو ميناء رمزي أنا وضعت هذا الكتاب "مسافر بلا ميناء" هو الأستاذ سمير أول كتبي بالعربي وكان مجموعة مقالات عن السفر لذلك اخترت له هذا العنوان الميناء الحقيقي دائماً في النفس عندما يعثر عليه الإنسان لا يعثر عليه في الوجود إنما في نفسه. |
عريف الحفل: الدكتور هاني العمري يُقَالُ: |
نحن في العالم العربي نحتاج إلى لغة حوار الحضارات، حوار الشمال مع الجنوب في معادلة وموازنة أيدلوجية لم تتضح معالمها في عصر العولمة بكل مكوناتها، كيف ترى التحضير لتلك اللغة الحوارية المزعومة، إلى مصادرة حقيقة وليس إلى جواب عاجل. |
- الأستاذ سمير عطا الله: لا مفر من الحوار بين الشمال والجنوب، بين الشرق والغرب، ولكن نحن مثل بقية العالم نبحث الآن عن وضعنا السياسي، يعني عن موقعنا في هذا العالم كما تفضل الأستاذ وأشار إلى سقوط قوة كبرى مثل الاتحاد السوفيتي بعد ما كانت قد بلغت من الجبروت حداً خافت معه الولايات المتحدة والغرب برمته والآن العالم يبحث عن نظام اقتصادي، أقصد العالم يعني في الغرب خصوصاً، يبحث عن مواقع الآخرين ضمن ما يسمى بالعولمة، يبحث عن طرق يتواصل بها، أو أيضاً يتقاتل بها مع بعضه البعض، لقد حلت في هذا العالم الذي نعيش فيه، قضى في بلد واحد الذي هو بلد أفريقي، قضى 800،000 ألف إنسان بالسواطير، في حين أن في هيروشيما التي مضى عليها خمسون عاماً قُتل 60،000 ألف إنسان بقنبلة ذرية لا يكف الإنسان عن البحث عن التطور والنمو في آلات التدمير، المهم أن نبحث عن أن يكون هدف الحوار هو كيف نبني عالماً أفضل لأنفسنا ولأولادنا. شكراً. |
عريف الحفل: الأخ ماهر سرمين يقول: |
من المعروف أن مجلة "المستقبل" كانت من المجلات الرائدة عبر الوطن العربي من حيث مقالاتها وتحقيقاتها والفكر الحر الذي تحمله بين طياتها ثم نفاجأ بانفراط عقدها وتشتت محرريها في أنحاء المعمورة، هل لنا بمعرفة الأسباب الحقيقية التي كانت وراء هذا الانفراط؟ |
- الأستاذ سمير عطا الله: الأسباب الحقيقية لا أعرفها كلها بالتأكيد، ولكن السبب الأساسي آنذاك كان مادياً الذي هو دائماً السبب الأول، إن ما حدث آنذاك شعور السبب الأساسي جداً أن الدولار ارتفع كثيراً على الفرنك الفرنسي حيث كانت أو بالعكس (يعني أنا بالاقتصاد مع الأسف ما كتير). |
الشيخ عبد المقصود: (هو صحيح أصبح الدولار الأيام تلك ينهار إلى الساعة). |
- الأستاذ سمير عطا الله: فواجهت (المستقبل) الذي كان دخلها وإقامتها في فرنسا وكذا واجهت وضعاً صعباً جداً، ولكن الوضع الذي واجهه الاقتصاديون عندما انخفضت أسعار العقار في أوروبا كان هذا أحد الأسباب، وهناك طبعاً أسباب إدارية وهناك أسباب كثيرة أخرى لكن المؤسف في النهاية أن "المستقبل" كانت تجربة رائعة جميلة جداً سواء في المهجر أو في الوطن العربي، ومع الأسف أنها غابت والآن تصدر في بيروت جريدة يومية يصدرها الرئيس رفيق الحريري نتمنى له التوفيق. |
عريف الحفل: الأخ أشرف السيد سالم يقول: |
تعجبنا كتاباتكم أنها تتميز بالثقافة الموسوعية والمعالجة الموضوعية وأسلوب السهل الممتنع لذا نريد أن نعرف تقييمك لتجربة الصحافة العربية المهاجرة وأثرها على الثقافة العربية؟ |
- الأستاذ سمير عطا الله: مع الاحترام الشديد للصحافة المقيمة وفيها من الكتّاب ومن الصحفيين من هم أساتذة كبار أنا بعض منهم لن أسمي خوفاً من أن أنسى، مَنْ أحب أن أسميه أيضاً خصوصاً هنا في السعودية، ولكن الصحافة المهاجرة أو بالأحرى أدق الصحافة المقيمة في الخارج لأن الصحافة المهاجرة كانت الصحافة اللبنانية التي هاجرت أو تركت لبنان بسبب الحرب، أما "الشرق الأوسط" أو "الحياة" فهي صحافة تُطْبَعُ وتُنْشَرُ في الخارج وليست صحافة مهاجرة، همومها ليست هموم المهجر ولكن هموم البلاد العربية وأعتقد أن سبب وجودها في الخارج أعطاها نوعاً من التميز في النظرة البانورامية إلى الأشياء، كما أعطاها شيئاً آخر وهو لجوء عدد كبير من الكتّاب العرب إلى الكتابة فيها من لبنانيين ومصريين وفلسطينيين وسوريين وخلاف ذلك، في حين أن الصحف المحلية الأخرى سواء في مصر أو في السعودية أو في الكويت صحف كبرى جداً وممتازة ولكنها ليست في حاجة أو لم يأت إليها للعمل لم يطلب العمل فيها كل هذه الكوكبة من الناس جريدة مثل "الشرق الأوسط" فيها 56 كاتباً على الأقل كتاب من المغرب العربي الكبير من المغرب نفسه من تونس من الجزائر من فلسطين، من كل (هذا بعتقد هو التميز الأساسي بالنسبة للصحافة المهاجرة التي هي مقيمة بينكم ما أقام عسيب). |
عريف الحفل: الأخ أيمن السيد سالم يقول: |
توقعتم عدم انقطاع الحروب من العالم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وكتبتم مقالكم الشهير "عالم بلا حروب يا للهول" ففي أي بلورة سحرية استشرفتم الغيب الذي أصبح واقعاً مأساوياً نعايشه؟ |
- الأستاذ سمير عطا الله: أولاً هذا السؤال في منتهى الذكاء (بعدين أريد المقال) (أريد نسخة عن المقال لأرى لماذا أنا وقتها لماذا توقعت هذا العالم بلا حروب) أعتقد المقصود آنذاك كان نهاية الحرب الباردة التي أُعلِنتْ في مالطا أعلن نهايتها جورباتشوف وجورج بوش لم أقل الطبع البشري لا يمكن أن يتخلى عن الحروب أنا قصدت الحروب بمعنى القطبين أو بمعنى المحاور الكبرى كما حدث في الحرب العالمية الثانية، لكننا رأينا منذ ذلك الوقت منذ كتبت المقال إلى الآن سقط عشرون مليون إنسان في الحروب الجانبية التي هي أسوأ بكثير مع الأسف من الحروب الكبرى. |
عريف الحفل: الأخ منصور حسين عطار يقول: |
ما هو في رأيكم الطريق والوسائل للعمل على حياد الإعلام الغربي نحو دور العرب والمسلمين وما هو الواجب على الإعلام العربي والإسلامي في هذا الخصوص خاصة بما لكم من دور في عالم الصحافة العربية على المستوى الدولي؟ |
- الأستاذ سمير عطا الله: في الحقيقة أنا لا أستطيع أن أعمل خيراً للآخرين لست أقول هذا الكلام يعني من نوع الاستعجال أو الازدراء أو كذا قبل أن نغير نحن صورتنا في العالم العربي والإسلامي لا يمكن أن تتغير هذه الصورة في الغرب، الغرب أولاً غرب يدعي الموضوعية وهو ليس بموضوعي على الإطلاق الغرب متحيز ويحتقر الآخرين ويزدري بهم، ويزدردون بعضهم البعض، فيجب ألا ننتظر الحسنة من الغرب يجب أن ننتظر من أنفسنا أن تثبت (سئلتُ مرة هذا السؤال على التلفزيون السوري ما هو أفضل ما نفعله بالنسبة إلى صحافة الغرب؟ فقلت أفضل ما نفعله هو الأداء في العالم العربي. يعنيي إذا أراد الغرب أن ينكر علينا شيئاً فهناك أشياء لا يمكن أن تنكر، ولكن الغرب يستغل ضعفنا ويستغل انقساماتنا يستغل مع الأسف الشديد النكسات التي بُلينا بها، هل استطاع الغرب مثلاً أن ينكر انتصار حرب تشرين ولو كان مع الأسف انتهى بعدين بجسر عسكري قطع علينا هذا الانتصار، لا يستطيع الغرب أن يُنْكِرَ ما لا يُنْكَرُ. لذلك كل ما بيننا نحن في أنفسنا وفي ذواتنا وفي أمتنا كل ما كان هذا هو الانتصار المنشود. |
عريف الحفل: الأستاذ أحمد عايد فقيهي من جريدة عكاظ يقول: |
لماذا أثرت أخيراً الغبار حول عدم أحقية العرب لجائزة نوبل على المستوى الإبداعي والأدبي خلال حواركم مع الأستاذ الناقد رجاء النقاش؟ |
- الأستاذ سمير عطا الله: أولاً يثير الغبار الفرسان، أنا لست بفارس، أنا لم أثر الغبار حول أحقية العرب بجائزة نوبل هذا مع الأسف سوء فهم لكتابي واضح، أنا قلت أن الأدباء العرب لا يصورون العالم العربي لا يصورون الواقع العربي كما يفعل الذين فازوا بجائزة نوبل من لاتينيين أو من غيرهم هذا ما قلته، أنا قلت أن الكتّاب العرب يلجأون دائماً إلى تقليد الآخرين إلى تقليد الشعب الفرنسي، إلى تقليد الشعب الإنجليزي، في حين أن مثلاً رجلاً مثل نجيب محفوظ لأنه صور واقع مصر، صور جزءاً من حياة مصر أُعْطِي نوبل على هذا الأساس، لو كان نجيب محفوظ يكتب عن فرنسا لماذا لا نوبل، أما أنا لم أقل أنا قلت أتمنى أكثر من التمني أن ينال أن يستحق العرب جائزة نوبل ولكن من خلال الكتابة أو التعبير عن حال العالم العربي، والإنسان العربي. |
عريف الحفل: الأخ علي المنقري يقول: |
يرى البعض أن تفرغ الأديب احترافه للأدب سواء كان صحفياً أو كاتباً أو شاعراً ينتج آثاراً إيجابية على أعماله كماً ونوعاً بينما يرى البعض الآخر أن هذا الرأي ليس صحيحاً على إطلاق، فقد ينتج هذا التفرغ نصاً من السأم الملل الأدبي ناهيك عن مخاطر الاحتراف وخاصة الناحية المادية التي هي من ضروريات الحياة، وبالتالي فإن عدم التفرغ للأديب تعطيه نوعاً من الاستقرار النفسي والمادي مما يؤثر إيجاباً على أعماله الأدبية الإبداعية، ما تعليق سعادتكم على ذلك وإلى أي الرأيين تميلون؟ |
- الأستاذ سمير عطا الله: سُئلت مرة في إحدى المجلات الزميلات العربية أنه ما هو الفرق بين سمير عطا الله الأديب وسمير عطا الله الصحفي؟ فقلت أن سمير عطا الله الصحفي يشتغل عند سمير عطا الله الأديب لكي يعينه، الأديب في العالم العربي لا يستطيع أن يتفرغ، بالنسبة إلى هذا الجزء من السؤال هناك استحالة تامة، طبعاً هناك بعض أدباء العرب الذين تفرغوا لست أدري كيف أمنوا المعيشة، ولكن بالتأكيد ليس من التفرغ، أما الأديب في الخارج فهو قادر على التفرغ تماماً وليس من الضروري أبداً أن المتفرغ أن يشعر بأنه أصبح كسولاً، بالعكس يستطيع كل رجل أن يمارس التفرغ وكأنه يمارس العمل اليومي أو العمل الصحفي وهكذا يفعل معظم الأدباء في العالم، لم تعد الأيام كما كانت في الماضي ينتظر أن تهبط فكرة عليه من محضر أو من تأمل أو كذا يدونها ثم ينتظر أن يسمع فكرة أخرى أو أن يعرف بحادثة، هذا الأمر لم يعد الآن، كذلك التفرغ أمر جدي وشاق ويومي مثل العمل الصحفي تماماً، ولكن مع الأسف التفرغ في العالم العربي للأدب عملٌ صعب وشبه مستحيل، ولذا قدر معظم الكتاب قسموا الأمر قسمين أن يعملوا في الصحافة لكي يؤمنوا حياة كريمة وأن يصدروا الكتب التي لا تبيع أكثر من ثلاثة آلاف نسخة في أكثر حال. (يعني أنا بعتذر أعطي متل كتابي "قافلة الحبر" لعلّ الرحالة الذين جاءوا للمملكة وعلى الجزيرة وعلى الخليج أخد معي جمع كتب، جمع لأجمع فقط بمكتبتي طبعاً جمعتها لمتعتي الشخصية لأن ما قرأت أجمل من ذلك، والحقيقة ما كان فكرة الجمع من أجل الكتابة، فقط لما تجمع لدي تلك الكمية شعرت أني أقدر أعمل كتاب، فهذا الكتاب أخذ جمعه معي يمكن عشر سنوات، طبعاً مش كل يوم، ووضع الكتاب أخد يمكن سنة ونص طبع إلى الآن طبعتين للكتاب لم يتعدا ثلاثة آلاف نسخة حصتي منهم ألف وخمسمائة دولار، (يعني كل كتب ميخائيل نعيمة سمعت الرقم ما أدري إذا صحيح، ما بعرف قديش بقيته أنه باع من كل كتبه سبعين ألف نسخة خلال سبعين سنة عارف كيف من كل مجموعة كتبه) أنا طبعاً يعني نعيمة لي موقف أدبي شخصي منه كتب مرة رد علي الأخ عبد السلام بقالي من المغرب لأنه هو يحبه كثيراً وأنا بسائله لا أحبه كثير ولكن أعطيته كمثل في العالم العربي، طبعاً في كتاب عرب يبيعون، ولكن لا يُعَدّون على الأصابع وغالباً في السياسة، يعني ليس في الرواية أو في الأدب أو الشعر. |
عريف الحفل: الأخ سعيد الخوتاني محرر صحيفة عرب نيوز يقول: |
ما نصيحتكم لصغار الصحفيين لكي يصبحوا كباراً أمثالكم؟ |
- الأستاذ سمير عطا الله: أولاً شكراً، صار لنا أن نكون كباراً نحن الصحافيين. |
عريف الحفل: (هذا تواضع الكبار يا أستاذ). |
- الأستاذ سمير عطا الله: (يطول عمرك) بالصحافة الحقيقة للكتابة الصحافة أمر آخر الصحافة صناعة، مهنة يمارسها الواحد وراء المكتب بيعرف يحط عنوان، أما إذا كان المقصود الكتابة وليس الصحافة هناك قاعدة واحدة لا تخطئ ما في قاعدة بالنسبة لي أنا لا إذا كان هناك قاعدة ما عندي فكرة عنها، أن تقرأ ثم أن تقرأ ثم أن تقـرأ وبعدين تكتب فقط ما في غيره، يعني لكي يصبح المرء صحافياً أكبر مما هو يجب أن يقرأ باستمرار ليس هناك من حل آخر. |
عريف الحفل: الأخ أحمد الناشر يقول: |
نرجو أن تذكر لنا موقفاً طريفاً في زاويتكم المعروفة في "الشرق الأوسط"؟ |
- الأستاذ سمير عطا الله: في الزاوية نفسها يعني السؤال (نعم) الحقيقة الطرائف كثيرة أنا كتبت يوم عن الملك الراحل الحسن الثاني عن (أنا باعتباري إنسان منبهر باللغة طبعاً لغة الأم ثم باللغات) كنت معجباً فيه شديد الإعجاب بطاقته الهائلة على التحدث بالعربية طبعاً باللكنة المغربية التي تعطيها نكهة خاصة وكنت أحضر مؤتمراته الصحفية في فرنسا، وأُذْهَل بالطاقة أذهل كيف الفرنسيون يتأملون هذا الرجل أو يصغون إليه وأنا طبعاً فكتب "مقال اليوم" عن مقدرته اللغوية وقلت نحن نستخدم في لبنان مع الأسف (الشيخ عبد المقصود تحدث عن دقتي، أحياناً تخالفني الدقة في اختيار التعابير فقلت استخدمت تعابير شائعة عامة أنه الحسن الثاني "مهووس" باللغة) مهووس في المغرب لها معاني أخرى، طبعاً واضح أن المقال كله مديح في الملك، وبعد سنتين أو ثلاثة ذهبنا إلى المغرب من أجل توقيع كتابه ذاكرة ملك، فكان الزميل عثمان العمير رئيس تحرير "الشرق الأوسط" آنذاك يقدمنا إلى الملك واحداً بعد الآخر، ولما وصل الأمر إليَّ قال له فلان فتطلّعَ فيَّ وبعد سنتين أو ثلاثة ولم يقل سوى هذه الجملة قال: (أنا مفتون باللغة ولست مهووساً بها). |
عريف الحفل: الأخ سعيد الهادي يقول: |
ما هي مقومات كتابة العمود الصحفي الذي يسهل هضمه هل يمكن اكتسابها؟ |
- الأستاذ سمير عطا الله: الحقيقة يمكن اكتساب أي شيء، يعني يمكن التدرب على كل شيء الإنسان يولد ومعه أسلوب لا فضل له فيه إطلاقاً، ولكن الكتابة مثل أي عمل آخر إذا جَدَّ الإنسان استطاع بلوغ أي شيء. أعود هنا فأكرر الجواب الذي أعطيته عن القراءة، الكاتب الذي لا يقرأ عشرين كتاباً من أجل وضع كتاب واحد أو مئة كتاب يعني طبعاً سهل رجعه سهل إنما يجب أن نعرف أن القراءة واجب لا مناص منها. |
عريف الحفل: هذا سؤال آخر تقريباً في العمود اليومي يقول: |
ما الفرق بين العمود اليومي والأسبوعي والشهري (محمد صبحي). |
- الأستاذ سمير عطا الله: الفارق أعتقد مثل اليوم والأسبوع والشهر تماماً، العمل اليومي لا أحب الادعـاء، أو التذمر، لكن الكتابة اليومية عمل فعلاً مرهق خصوصاً الكتابة اليومية من أجل كما قلت في المطالعة من أجل مجموعة كبرى من الناس والأذواق والمحافظة في الوقت نفسه على مستوى معين، الكتابة الشهرية مثل كتابة كُتُبٍ ممكن تعطي الإنسان كل الوقت من أجل الأبحاث ومن أجل كذا، لكنها في الوقت نفسه تفقـد الكاتب متعة التعليق على الحدث اليومي ومتابعاته، والكتابة الأسبوعية يمكن أقل تعباً من الكتابة اليومية لكنها أيضاً عمل صعب. أنا في "الشرق الأوسط" أمارس الإثنين معاً، لي مقال أسبوعي ولي مقال يومي، المقال الأسبوعي يتطلب المزيد من البحث ربما يتطلب نظرة أخرى إلى الأشياء لا يفترضها الزاوية اليومية لأن القراء يعرفون دائماً أنها تكتب لمتعتهم ولفائدتهم إلى حد ما. |
عريف الحفل: الأخ حسام علي محمد يقول: |
أسألك بصراحة إلى أين تسير لبنان في مجال الثقافة وما أثر المثقفين فيها؟ وهل تمثل الفضائيات لبنان وما علاقة ذلك بالثقافة؟ |
- الأستاذ سمير عطا الله: مرت بلبنان حربٌ طويلة توقف فيها كل شيء حتى الحياة، بالنسبة إلى من رحمهم الله توقفت فيها الثقافة توقف فيها الاقتصاد، توقف كل شيء تقريباً توقفت الحياة الطبيعية، لذلك نحن اليوم مع أنّ بيروت أعلنت عاصمة ثقافية لهذا العام عندما أُعلِنَتْ بيروت الحقيقة شعرنا نحن الذين عرفنا بيروت في الماضي بأن في ذلك شيئاً مما لا نستحق، مع أن هنالك عواصم عربية كثيرة أقل من بيروت يمكن مع الاحترام أعلنت أيضاً عاصمة ثقافية، أصبحت قصة العاصمة الثقافية شبه لقب أو رتبة، إنما لا تزال بيروت طبعاً الجواب هنا متحيز وفيه الكثير من العاطفة يمكن يكون بعيداً عن الموضوعية، ولكن بيروت سوف تظل متنفساً وملتقىً لا نزال الآن أو عندما نذهب إلى المقهى في بيروت فنجد أن أكثرية الموجودين طبعاً المقاهي الثقافية ليسوا لبنانيين، إنما من مجموع العالم العربي عُدْنا الآن في بيروت نرى أن مانشيت الجريدة عادت عربية، أنا عندما كنت في "النهار" أوضع المانشيت هذا الكلام حرفي ودقيق، كان يرجوني "غسان تويني" صاحب الجريدة لأنه كان "يحرتئ" إذا عرفتم التعبير "يحرتئ" محلياً كان يقول لي يترجاني ويتلفن (الله يخليك بس اليوم مرق لنا مانشيت محلي مرق لنا عنوان محلي) لأن القارئ اللبناني والعربي المقيم كانت النهار بالنسبة له جريدة عربية، الآن بعد الحرب أصبح كل يوم مانشيت النهار خبر لبناني، يعني لا يهم سوى اللبنانية، الآن نعود شيئاً فشيئاً تعود بيروت إلى دورها كعاصمة عربية، كمرآة عربية ومن الآن إلى أن نعود بحق عاصمة ثقافية ربما الوقت طويل. |
عريف الحفل: الدكتور خالد محمد باطرفي يقول: |
بين كاتب القصة وكاتب الواقع خيط رفيع إذا اختلطت دفتاه تداخلت الأكذوبة بالحق والحقيقة بالخيال، وفقد كلا الطرفين مصداقيته في عالمنا العربي الذي اختلطت فيه كثير من الأصول والمهن والمواقع سياسة وأدباً وصحافة ودعاية وعلاقات عامة ومحاماة بأجر وبدونه، أين تضع نفسك؟ وأين تحسب أنه انتهى إليه المثقف العربي وسط هذا الخلط والاختلاط؟ |
- الأستاذ سمير عطا الله: أين أضع نفسي هذا عائد لصاحب السؤال وللقراء، أما تخالط الواقع بالحقيقة، وعلاقة الرواية بالواقع هنالك مَثَل معليش أكثرنا الأمثلة الفرنسية اليوم لأنه صدفة إنما كبير الروائيين في فرنسا في الأدب الفرنسي الذي هو بلزاك، كان كل ما احتاج إلى رواية ينزل إلى الشارع ينزل إلى الواقع لا يجلس يتصور شغلة ويتخيل الرواية الحقيقية أعظم رواية أو أهم رواية هي الإنسان، لأن الإنسان وما يحدث له وما يحيط به فيه أشياء أحياناً لا تحدث في الخيال. أما واقع المثقف العربي المثقف العربي بخير نحن اعتدنا أنه لازم ننتقد كل شيء لازم نقول كنا أحسن لازم لا لا لا المثقف العربي بخير، عدد المثقفين كتير عدد المتعلمين ما شاء الله مئات الألوف، نحن أفضل اليوم بكتير ما عندنا "العقاد" صحيح ما عندنا "طه حسين" لكن هناك عدد هائل من الكتّاب، أنا بامسك صحيفة سعودية اليوم ألاقي فيها تلاتين زاوية مش ضروري يكون العقاد بينهم، لكن فيهم كتّاب جميلين فيهم ناس مفكرين، لذلك حال المثقف العربي أو طلب الإنسان العربي للثقافة وموقعه، هنالك الكثير من المثقفين العرب من الذين نعرفهم والما بنعرفهم وكلهم الحقيقة أو معظمهم لديهم امتياز هائل. |
عريف الحفل: هذه المهنة الشاقة حتى اضطررتم إلى إلغاء هذه الدار أرجو أن تحدثونا عن تجربتكم في النشر ومستقبل الكتاب في الوطن العربي. |
- الأستاذ سمير عطا الله: أولاً أريد عنوانك لتبقى تنشر لي كتبي، أما الحقيقة أنا لم أؤسس دار نشر إطلاقاً، أنا كلما حاولت، مرة إحدى المرات أسسنا مؤسسة في باريس كان الشريك الأكبر فيها الشيخ عبد المقصود جزاه الله خيراً، تجربة كانت غير ناجحة بسببنا وليس بسببه، أنا كلما فكرت ويخطر لي ذلك كثيراً في تأسيس أي مشروع أدبي أو فكري أو صحافي، أرجع وأقول أن هذا أمر غير مضمون في العالم العربي، لذلك لماذا أهدر أموال أصدقائي، لو كان لدي مشروع تجاري ممكن أن أذهب إلى صديق وأقول له إتفضل شاركني، أما المشاريع الأدبية في العالم العربي غير مضمونة هذا لا يمنع أن هناك مشاريع هائلة اليوم موازنة "الأهرام" كطباعة ونشر تكاد تكون موازنة دولة من الدول يعني جريدة مثل "الشرق الأوسط" طبعاً أقولها باعتزاز ليس لأني منتمي إليها فقط لكن لأن هذا واقع، هذه جريدتكم ليس جريدتي، جريدة مثل "الشرق الأوسط" اليوم تنتج لها جدوى اقتصادية، مثلها مثل كبار الصحف في العالم الغربي، أما دور النشر بالذات الكتب، لن أكرر ما قلته عن حال الكتاب العربي ربما الأخ أدرى مني بذلك. |
عريف الحفل: الأخ محمد الفايدي يقول: |
لماذا لا تعطي الصحافة المقيمة في الخارج الكاتب الصحفي السعودي كما تعطيه لبقية الكتاب العرب لدرجة أن كاتباً غير معروف عربياً من بلد آخر لو كتب موضوعاً عادياً تُعْطَى له صفحة كاملة، بينما كاتب سعودي ومتمكن بالكاد يعطى له عمود وعلى استحياء أحياناً؟ |
- الأستاذ سمير عطا الله: هذه معلوماتك مع الاحترام الشديد، ما أعرفه أنا عن الصحافة العربية في المهجر في أوروبا أنها تبحث عن أي كاتب سعودي أو خليجي لكي تقدمه على أي كاتب آخر، هذا الكلام مثلما يقول رفيق الحريري لديه جملة يقول (هذا الكلام ما هو دقيق) أبعتقد بعيد عن الدقة. |
عريف الحفل: الأخ عجلان الشهري يقول: |
لا شك أن لكم تاريخاً حافلاً في ميدان الصحافة والكتابة من خلاله رصدتم واقع الأمة العربية خلال فترة زمنية طويلة وما مر بها من محن وإحن، فما أسباب ذلك؟ وهل للدول الكبرى التي تعلن صداقتها لهذه الأمة أثر في تلك النكبات؟ وهل من مستقبل مشرق لأمتنا في وجهة نظركم؟ وكيف يكون ذلك؟ |
- الأستاذ سمير عطا الله: أيضاً في حاجة إلى مصارحة للرد على الجزء الأخير من السؤال، وأيضاً لا أريد أن أكرر (النكسات) نحن نصنع النكسات، لا أحد مسؤول، والفرح والإنجاز نحن نصنع الفرح، لماذا لم يقل صاحب السؤال هل الدول الأجنبية هل هي المسؤولة عن هذا الإنجاز العظيم الذي مثلاً اسمه جدة؟ لا، لماذا نريد أن نحمل دائماً الآخرين الكوارث التي تحل بنا، قلنا يجب أن نقول دائماً: الآخرون لا يريدون خيراً سوى لأنفسهم منذ أيام الاستعمار ثم أسميناه الانتداب ثم سمه المكسيك، نحن يجب أن نعي أن كل مسؤولية تقع علينا، وعن ما إذا الأجنبي استطاع أن يلعب بنا، فمسؤوليتنا، إذا استطاع الأجنبي أن يخرب علينا فهي دائماً مسؤوليتنا، يجب أن نعرف كيف نكون مستقلين من الداخل ومسؤولين عما نفعل وعن ما نتلقى وعن ما نأخذ وعم نعطي. |
الشيخ عبد المقصود: في الحقيقة الشكر الجزيل لضيفنا الكريم على إعطائنا هذه المساحة الكبيرة من الوقت سواء بما تفضل به علينا من الكلمة القيمة الشاملة التي استمتعنا بها كثيراً، أو من خلال الحوار، وأحب أن أنوه أن هناك أسئلة كثيرة تلقيتُها ومع الأسف لو استمرينا في طرح الأسئلة لما انتهينا لا بعد ساعة ولا أكثر، لذلك أتعذر للأخوة الكرام الذين تفضلوا مشكورين بإرسال أسئلتهم إليّ ولم أحجبها إلا كما ترون لضيق الوقت فعلى أمل إن شاء الله أن نلتقي بهم مرة أخرى وأنت تتلقى أسئلتهم وأن تتاح فرصة لطرح هذه الأسئلة والإجابة عليها من ضيف آخر، وطبعاً أنا متأكد من تقديركم لذلك وبالتأكيد أيضاً لئلا نتعب أستاذنا وضيفنا الكريم أكثر مما تعبناه، في الحقيقة أنا أقدر كل التقدير الوقت الذي أعطانا إياه، لأنه يعاني أيضاً من تعب شديد ومن ألم في جلسته، ولكن مع كل هذا أعطانا هذه المساحة التي نشكره عليها ونقدرها له، والشكر بالتأكيد موصول للجميع كما تفضلوا علينا من كلمات في هذه الأمسية وبمشاركتكم جميعاً وأترك الكلمة للزميل الأستاذ كتوعه. |
|
|